«الحراك» الجزائري يندد بـ«مناورة لتشويه صورة المتظاهرين»

رداً على صدور مذكرات اعتقال دولية ضد معارضين في الخارج

جانب من المظاهرات التي تجددت بعد تخفيف إجراءات الحظر وسط الجزائر (رويترز)
جانب من المظاهرات التي تجددت بعد تخفيف إجراءات الحظر وسط الجزائر (رويترز)
TT

«الحراك» الجزائري يندد بـ«مناورة لتشويه صورة المتظاهرين»

جانب من المظاهرات التي تجددت بعد تخفيف إجراءات الحظر وسط الجزائر (رويترز)
جانب من المظاهرات التي تجددت بعد تخفيف إجراءات الحظر وسط الجزائر (رويترز)

أثارت مذكرات اعتقال دولية، أصدرها القضاء الجزائري ضد معارضين في الخارج، ردود أفعال متباينة في الداخل. فبينما استحسنها مقربون من الحكومة، عدها ناشطون بالحراك الشعبي مجرد «مناورة أخرى لضرب المتظاهرين وتشويه سمعتهم»، وذلك بسبب ربط وقائع تخصهم بالحراك الشعبي، المطالب بتغيير النظام.
وأصدرت محكمة في الجزائر العاصمة، ليلة أول من أمس، أربع مذكّرات توقيف دوليّة بحقّ أربعة ناشطين يوجدون في الخارج، متّهمين خصوصاً بالانتماء إلى جماعة إرهابيّة. والمستهدفون بمذكّرات التوقيف هم الدبلوماسي السابق، المقيم في المملكة المتّحدة محمد العربي زيتوت، رئيس تنظيم «رشاد»، المقرب من الإسلاميين، والمُدوّن أمير بوخرس الشهير باسم «أمير دي زد»، الذي يسبب إزعاجاً كبيراً للحكومة، وضابط جهاز المخابرات السابق، الصحافي المعروف هشام عبود، وشخص رابع غير معروف يُدعى محمد عبد الله.
وجاء في بيان للنيابة، نشرته وكالة الأنباء الحكومية، أن الأشخاص الأربعة متورطون، حسبها، في «وقائع جنائية خطيرة، تمس بالنظام العام وأمن الدولة واستقرارها، وهي حالياً محلّ معالجة قضائية بعد أن عرفت تحريات معمقة لعدة أشهر، توصلت للكشف عن مدبريها ومموليها، ومن بينهم نشطاء على الشبكة العنكبوتية».
وأشار البيان إلى شخص بذكر الحرفين الأولين من اسمه ولقبه (م. أ)، على أساس أنه المشتبه الرئيسي، مبرزة أنه «كان يستعمل وثائق مزورة، تمكن بفضلها من استخراج وثائق هوية ووثائق سفر، مع تأسيس شركات تجارية، مكنته من بناء شبكة تمويل خفية لنشاطات هدامة عبر حركة رشاد. ومن مدبري هذا التخطيط، المدعو زيتوت محمد العربي، الذي أثبتت التحريات والتحقيقات صحة التقائه بالمدعو (م. أ) عدة مرات ببلدان الجوار، بحيث تسلم منه أموالاً مهمة، تحت التغطية التجارية لشركاته لتستغل في النشاطات السرية لحركة رشاد، بغرض تمويل نشاطاتها، وكلاء عقارات لإيواء اجتماعاتها». ويفهم من البيان أن «الاجتماعات» كان يفترض أن تعقد في الجزائر.
وساهم زيتوت (57 عاماً) في عام 2007 في تأسيس حركة «رشاد» الإسلاميّة المحظورة في الجزائر. وكان يعمل في السفارة الجزائريّة في ليبيا عام 1991، ولما انتهت مدة عمله بها واستدعي للعودة، طلب اللجوء في لندن عام 1995، بعد استقالته من السلك الدبلوماسي. وأضاف بيان النيابة أن المشتبه به الرئيسي كان عضواً نشطاً في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» في تسعينيات القرن الماضي، ثم أصبح عضواً في الإرهاب، حسبها، وسجن قبل أن يستفيد من تدابير قانوني «الرحمة» (1994) و«الوئام المدني» (1999)، فألغيت الأحكام القضائية التي صدرته ضده. مشيراً إلى أنه «خطط» مع عبود وبوخرس، وثلاثة أشخاص آخرين غير معروفين، بهدف «تنفيذ مخططات ماسة بالنظام العام والسكينة، وبالأخص استغلال الحراك الشعبي الذي تعيشه البلاد لإخراجه من طابعه السلمي». وتم اعتقال «م. أ»، حسب البيان، نهاية الشهر الماضي، «وقد اعترف بجميع الوقائع، خاصة بعد مواجهته بالأدلة الفنية، وما تمت معاينته من خلال اتصالاته المختلفة والوثائق المحجوزة لديه».
واتهمت النيابة زيتوت بـ«تسيير جماعة إرهابية تقوم بأفعال تستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، وتمويل جماعة إرهابية تقوم بأفعال تستهدف أمن الدولة، وتبييض الأموال في إطار جماعة إجرامية». كما وجهت التهم نفسها لعبّود وبوخرس ومحمد عبد الله. علماً بأن زيتوت وعبود وبوخرس صدرت بحقهم أحكام غيابية بالسجن في الجزائر بتهم إرهاب.
وينشر أمير دي زد، المقيم في فرنسا، مقاطع فيديو مناوئة بشكل خاص للسلطة القائمة في الجزائر. فيما يملك زيتوت أتباعاً كثيرين في الحراك، بحسب الأجهزة الأمنية.
ولقيت هذه الاتهامات، وخصوصاً تلك التي وجهت لزعيم «رشاد» زيتوت، ارتياحاً وقبولاً لدى الأحزاب والناشطين السياسيين، الذين يدعمون سياسة الحكومة في مجال محاربة الإرهاب. في حين أبدى ناشطون بالحراك عبر حساباتهم في شبكة التواصل الاجتماعي، رفضاً شديداً لربط المتهمين بالحراك الشعبي، واعتبروا ذلك «خطة لتشويه المتظاهرين السلميين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.