الرئيس التونسي يدعو من ليبيا إلى «إحياء» اتحاد المغرب العربي

المنفي يبشّر المواطنين بقرارات تنهي مشاكلهم... ودبيبة يحاصر الوزراء السابقين بقرارات

عبد الحميد دبيبة خلال استقبال الرئيس التونسي والوفد المرافق له في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
عبد الحميد دبيبة خلال استقبال الرئيس التونسي والوفد المرافق له في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

الرئيس التونسي يدعو من ليبيا إلى «إحياء» اتحاد المغرب العربي

عبد الحميد دبيبة خلال استقبال الرئيس التونسي والوفد المرافق له في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
عبد الحميد دبيبة خلال استقبال الرئيس التونسي والوفد المرافق له في طرابلس أمس (أ.ف.ب)

دعا الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي حل أمس ضيفا على العاصمة الليبية طرابلس، إلى إحياء «اتحاد المغرب العربي»، وذلك خلال زيارة رسمية هي الأولى من نوعها لرئيس أجنبي أو عربي، منذ تولي السلطة التنفيذية الجديدة مقاليد الحكم في ليبيا.
وكان في استقبال الرئيس سعيد بمطار معيتيقة الدولي بطرابلس، رئيس المجلس الرئاسي الجديد، محمد المنفي، كما التقى الرئيس التونسي عبد الحميد دبيبة، رئيس حكومة الوحدة الانتقالية.
وقال الرئيس التونسي خلال مؤتمر صحافي عقده بحضور المنفي، بعد جلسة محادثات رسمية بينهما بطرابلس: «سنعمل على إعادة نشاط الاتحاد المغربي إلى سابق عهده باجتماع جديد على مستوى القمة، ووزراء خارجية دوله الأعضاء». مبرزا أن «العلاقات التونسية - الليبية تاريخية راسخة، لكنها شهدت في بعض الأحيان بعض الجفاء... وقد آن الأوان لتجاوز كل أسباب الجفاء بين البلدين». وأوضح الرئيس التونسي أنه ناقش مع المسؤولين الليبيين «جملة من القضايا، بما فيها التنسيق بخصوص التلقيح ضد فيروس كورونا، والشأن المالي والاقتصادي، وقضايا التعليم والصحة والنقل، وانسياب الأشخاص والسلع عبر المعابر الحدودية بين البلدين». كاشفا النقاب عن طرح قضية الصحافيين التونسيين المختطفين في ليبيا، سفيان الشورابي ونذير القطاري، مع مسؤولي السلطة الجديدة في ليبيا، قائلاً: «أنا واثق من أن السلطة الليبية ستكشف عن مصيرهما، ولقد تحدثت مع المسؤولين بشأنهما».
بدوره، قال المنفي الذي وصف زيارة الرئيس التونسي بالتاريخية» «لن ننسى وقفة الشعب التونسي مع شقيقه الليبي منذ 2011»، معربا عن أمله في أن «تشهد ليبيا انتخابات رئاسية وتشريعية هذا العام».
في سياق ذلك، قال بيان لحكومة دبيبة إن «مستقبل العلاقات مع تونس سيكون بقدر عراقة الروابط التاريخية معها»، مشيرا إلى أنه «تم التأكيد على مواصلة مساندة تونس للمسار الديمقراطي الليبي».
كما اتفق الجانبان على أن يعقد خلال الشهر الحالي الاجتماع التحضيري للجنة العليا المشتركة، وعلى تنشيط الغرف التجارية، وتفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين في مختلف المجالات، وتوقيع أخرى جديدة، والحرص على تيسير إجراءات العبور والتنقل للأشخاص وانسياب البضائع بين البلدين.
وبمناسبة هذه الزيارة، أعلنت السلطات القضائية الليبية، أمس، أنها ستسلم السلطات التونسية مجموعة ثانية من زوجات وأطفال متطرفين تونسيين مفترضين. وقال مكتب النائب العام الليبي {نتجهز لتسليم السلطات التونسية غدا الخميس (اليوم) الدفعة الثانية من نساء المنتمين إلى تنظيم داعش وأطفالهم}. دون أن يحدد عدد المعنيين بالتسليم.
إلى ذلك، أحال رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، أمس، نسخة من مشروع قانون الميزانية العامة للعام الحالي إلى خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، تمهيداً لاعتمادها من ‎مجلس النواب، الذي قالت مصادر برلمانية وحكومية إنه يستعد لعقد جلسة هي الأولى له منذ انتخابه عام 2014 في طرابلس، برئاسة رئيسه المستشار عقيلة صالح لتمرير الميزانية.
وعبر المشري، الذي التقى مساء أول من أمس بطرابلس كنعان يلماز، سفير تركيا الجديد لدى ليبيا، عن أمله في أن تشهد العلاقات الليبية - التركية مزيداً من التطوّر، لافتا في بيان إلى أنهما «ناقشا ما تمخض عنه لقاء جنيف»، بينما نقل عن يلماز «ارتياحه لنيل حكومة دبيبة ثقة البرلمان».
في غضون ذلك، سعى دبيبة إلى محاصرة الأنشطة والقرارات الأخيرة للوزراء السابقين في الحكومتين المنتهية ولايتهما، وذلك بإصدار قرار يحظر فيه اتخاذ أي إجراءات جديدة، منبها الوزراء في حكومة الوفاق (غرب)، والحكومة الموازية لها في الشرق، بعدم اتخاذ أي قرارات أو إجراءات بالمخالفة للصلاحيات التسييرية «تصريف الأعمال». كما أصدر دبيبة قراراً يقضى بالوقف المؤقت لاجتماعات مجالس الأمناء للمؤسسات الاستثمارية، والجمعيات العمومية للشركات العامة.
ومن جهته، أعلن المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، عن اتجاه لإصدار قرارات لصالح الوطن والمواطن خلال ساعات، مشيرا إلى إصدار توجيهات لحكومة دبيبة بالبدء في العمل الميداني وحلحلة المشاكل والعراقيل.
من جهة ثانية، شهدت العاصمة طرابلس توترا أمنياً جديداً، بعد تعرض شقيق عبد الغني الككلي (غنيوة)، آمر جهاز دعم الاستقرار الموالي للحكومة السابقة، للخطف في منطقة أبو سليم على يد أيمن الككلي (شنابو)، أحد القادة الميدانيين المنشقين عن «غنيوة» عندما كان رئيساً لجهاز الأمن المركزي.
وشاهد سكان محليون انتشاراً لمسلحين وآليات عسكرية ودبابات في محيط المنطقة، كما رصدت وسائل إعلام محلية تحشيدات لعناصر جهاز دعم الاستقرار، تحسبا لمزيد من التطورات في إطار الصراع التقليدي، والمحتدم بين الميليشيات المسلحة على مناطق السيطرة والنفوذ.
وعلى صعيد غير متصل، التزم مكتب المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني، الصمت حيال تقارير رجحت وصوله بشكل مفاجئ إلى القاهرة للقاء عدد من المسؤولين المصريين، بهدف مناقشة تطورات الوضع الراهن في ليبيا، بما في ذلك سبل توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، ومخرجات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5).



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».