الجيش السوداني يتخلى عن شركاته ومصانعه للمدنيين

العسكريون والمدنيون يتجاوزون الخلافات حول الشركات العسكرية والمدنية

TT

الجيش السوداني يتخلى عن شركاته ومصانعه للمدنيين

توصل مجلس الوزراء السوداني برئاسة عبد الله حمدوك، ومنظومة الدفاعات الصناعية التي تتبع للقوات المسلحة السودانية، ويديرها المكون العسكري في مجلس السيادة الانتقالي، إلى تسوية الخلافات القائمة بينهما بشأن تبعية الشركات العسكرية والمدنية، على أن تظل الصناعات العسكرية تابعة الجيش ويعمل على تطويرها، في حين تؤول الصناعات ذات الطابع المدني للحكومة المدنية تحت إدارة وزارتي المالية والصناعة.
وعقد رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، خلال زيارته أمس مجمع «اليرموك» جنوب العاصمة الخرطوم، اجتماعاً ضم وزراء الدفاع، والداخلية، والمالية، والعدل، والإعلام والثقافة، والشباب والرياضة، ووزير الصناعة، مع قيادات عسكرية رفيعة بالمنظومة، ناقش وضعية الشركات التابعة للجيش والأمن داخل المنظومة الدفاعية خلال المرحلة الانتقالية.
وللمرة الأولى تفتح منظومة الصناعات الدفاعية أمس أبوابها للإعلام والصحافة، حيث كان نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، يضرب سياجاً عالياً من السرية على المنظومة والشركات العسكرية والمدنية التابعة لها. وكشف المتحدث الرسمي باسم الحكومة، وزير الثقافة والإعلام، حمزة بلول عن مقترح تقدمت به منظومة الصناعات الدفاعية على اقتسام المنظومة، بحيث يمضي الاتجاه الأول في تطوير وتجويد الصناعات الدفاعية والتوسع الرأسي والأفقي تحت إدارة القوات النظامية، في حين تتحول الصناعات المدنية إلى شركة مساهمة عامة بمجلس يرأسه وزير المالية جبريل إبراهيم.
وقال في مؤتمر صحافي، إن هذا التوافق الذي تم في الاجتماع يعبّر عن روح الشراكة بين المكون المدني والعسكري في السلطة الانتقالية بالبلاد، وعدّها مرحلة جديدة ومتطورة في عمر الثورة.
وأضاف، أن منظومة الدفاعات الصناعية ظلت واحدة من القضايا التي يتحدث عنها الجميع، وتم التوافق على أن يتجه الجزء منها إلى وزارة المالية، على أن تظل الصناعات العسكرية تحت إدارة المكون العسكري لبناء جيش السودان القوي الموحد.
وقال بلول، تم التوافق على مجلس تنمية اقتصادية برئاسة وزير الصناعة، يشرف على كل الجانب المدني من المنظومة، ومجلس تمويل واستثمار، يرأسه وزير المالية، يشرف على تحويل المنظومة المدنية إلى شركات مساهمة عامة. وأشار إلى أن التوافق سيستمر إلى أن تكون الصناعات ذات الطابع المدني، تحت ولاية وزارة المالية، على أن يستمر المكون العسكري بشكل كامل في إدارة وتطوير الصناعات الدفاعية العسكرية.
وقال وزير المالية، جبريل إبراهيم، إن الناس مغيبون تماماً عما يجري في منظومة الصناعات الدفاعية، داعياً المنظومة إلى أن تكون أكثر شفافية مع المواطنين، حتى يعرفوا ماذا تقدم للوطن كافة وليس فقط للجيش أو القوات النظامية. وأضاف، أن الشعب السوداني قادر على الاستفادة من منظومة الدفاعات الصناعية لتطوير الكثير من المشروعات المدنية المهمة، في تطوير قطاع البترول والسكك الحديد وما تصنعه من قطع غيار للقطاعات المختلفة في الاقتصاد.
ونوه إلى أن هنالك اعتقاداً أن هذه المنظومة تملك أموالاً طائلة جداً، وتدور هذه الأموال خارج أطر الدولة، ومن المهم أن تقدم شرحاً للمواطنين بما تملكه من شركات، وماذا تريد أن تحقق من ذلك. وقال جبريل في المؤتمر الصحافي «تبين لنا أن المنظومة على استعداد كبير، الصناعات المدنية متاحة للشعب وللقطاع العام تحت إدارة الدولة»، مشيراً إلى أن كل الشركات المدنية التابعة للمنظومة تسدد ما عليها من ضرائب.
وعبّر عن سعادته بمستوى التقدم الإداري العالمي والذي تتعامل به هذه المنظومة، وقال «سنعمل على تشجيعهم على المضي في هذه الطريق لتطوير الصناعات الدفاعية والمدنية في البلاد». ومن جانبه، قال مدير الإدارة العامة والتخطيط بمنظومة الدفاعات الصناعية، عبد الجبار إبراهيم عبد الجبار «توافقنا على أن الأنشطة ومجالات عمل المنظومة دورها الفاعل في استدامة الجاهزية الدفاعية والأمنية وما تقوم به من إسناد للاقتصاد القومي».
وأضاف، تم الاتفاق على تكوين مجلس التمويل والاستثمار، الذي يهدف إلى توجيه الأموال والديون والاستغلال الأمثل لكل الواردات لضمان الإسهام في الاقتصاد القومي، يرأسه وزير المالية.
ويأتي التوافق بين المدنيين والعسكريين في السلطة الانتقالية على كيفية إدارة المنظومة الدفاعية بطابعيها العسكري والمدني، في أعقاب إجازة الكونغرس الأميركي، في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، قانوناً يدعم الانتقال الديمقراطي في السودان، ويشدد الرقابة على الجيش وقوى الأمن والاستخبارات لتعزيز السيطرة المدنية على القوات العسكرية.
ويطالب القانون بمراقبة أموال الجيش والأجهزة الأمنية والعسكرية، وأصولها، وميزانيتها، والكشف عن أسهمها في جميع الشركات العامة والخاصة، بجانب وضع لائحة بكل الأسهم في الشركات العامة والخاصة التي تديرها أو تملكها قوى الأمن والاستخبارات ونقل كل هذه الأسهم إلى وزارة المالية أو أي هيئة تابعة للحكومة السودانية والتي أسست لهذا الغرض، والتي تقع تحت السلطات المدنية.
وتعرض مصنع اليرموك للأسلحة في عام 2012 إلى غارة جوية إسرائيلية استهدفت حاويات داخل المجمع، بزعم تهريب سلاح من إيران إلى حركة «حماس» الفلسطينية و«حزب الله» اللبناني.
ويضم مجمع «اليرموك» عدداً من المصانع التي تنتج الأسلحة الثقيلة والخفيفة والآليات العسكرية الدبابات والمدافع، كما يزود الكثير من الصناعات المدنية بقطع الغيار.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».