تونس: اقتراح نقابي بانسحاب وزراء يرفضهم رئيس الجمهورية

بهدف حل الأزمة الدستورية بين سعيّد والمشيشي

الرئيس قيس سعيد يوم الخميس خلال جنازة جنود قُتلوا في مواجهة ضد جماعة إرهابية قرب الحدود مع الجزائر (أ.ب)
الرئيس قيس سعيد يوم الخميس خلال جنازة جنود قُتلوا في مواجهة ضد جماعة إرهابية قرب الحدود مع الجزائر (أ.ب)
TT

تونس: اقتراح نقابي بانسحاب وزراء يرفضهم رئيس الجمهورية

الرئيس قيس سعيد يوم الخميس خلال جنازة جنود قُتلوا في مواجهة ضد جماعة إرهابية قرب الحدود مع الجزائر (أ.ب)
الرئيس قيس سعيد يوم الخميس خلال جنازة جنود قُتلوا في مواجهة ضد جماعة إرهابية قرب الحدود مع الجزائر (أ.ب)

أجمعت أطراف سياسية واجتماعية تونسية على ضرورة تجاوز أزمة التحوير الوزاري الأخير وأداء الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمام الرئيس التونسي قيس سعيد الرافض لهذه الخطوة الدستورية على خلفية شبهات بالفساد تحوم حول أربعة وزراء مقترحين.
لكن حل الأزمة الدستورية المستفحلة يختلف من طرف إلى آخر، وفي هذا المجال تتناقض الدعوة التي وجهها نور الدين الطبوبي، رئيس اتحاد الشغل (نقابة العمال)، لأربعة وزراء عيّنهم رئيس الحكومة هشام المشيشي كي ينسحبوا من الحكومة بهدف إنهاء الأزمة السياسية المحتدمة في تونس، مع ما عبّر عنه المكتب التنفيذي لحركة النهضة الذي أعلن دعمه لحكومة المشيشي ودعا إلى استكمال مسار التحوير الوزاري وتمكين 11 وزيراً من مباشرة مهامهم لـ«مواجهة التحديات والمصاعب التي تمر بها البلاد لاستعادة الدورة الاقتصادية ومعالجة الإشكاليات الاجتماعية وكسب المعركة ضد الوباء، وحسن إدارة المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية وكسب ثقة الشركاء الاقتصاديين للبلاد»، وهو ما يوحي بتضارب المواقف واختلاف التقديرات، على الرغم من بحث أكثر من طرف عن مخرج للأزمة.
ويرفض الرئيس التونسي قيس سعيد أداء أربعة وزراء اليمين الدستورية أمامه وهم وزراء الصحة والطاقة والتشغيل والرياضة بدعوى وجود شبهات فساد وتضارب مصالح لديهم، مؤكداً أنه لن يتراجع عن موقفه، وهو ما خلّف أزمة بين المؤسسات الدستورية ما زالت متواصلة منذ أكثر من أسبوع.
وكانت حركة «النهضة» قد شددت على أهمية احترام مختلف مؤسسات الدولة وتكاملها خدمة لمصلحة تونس، واستهجنت مخططات «إرباك» العمل البرلماني عبر الحملات الدعائية «المغرضة والمضللة» أو عبر ممارسات «التهريج والتشويش التي دأبت على افتعالها أطراف معادية للحرية والديمقراطية»، على حد تعبيرها، في إشارة إلى «الحزب الدستوري الحر» المعارض.
وتلقى مواقف اتحاد الشغل دعماً لا محدودا من أحزاب المعارضة حيث دعا المكتب السياسي لحزب «المسار الديمقراطي الاجتماعي» (يساري) الوزراء الذين تحوم حولهم شبهات فساد وتضارب مصالح إلى الانسحاب من التعديل الحكومي كخطوة أولى لتجاوز الأزمة السياسية. وحمّل فوزي الشرفي، رئيس حزب «المسار»، المسؤولية كاملة للائتلاف الحاكم ولرئيس الحكومة ورئيس الجمهورية فيما آل إليه الوضع السياسي من تأزم والوضع الاجتماعي من تردّ، وتراجع للمقدرة الشرائية ومن تعطل لمؤسسات الدولة ومن ارتفاع حالة الاحتقان التي تنذر بانفجار اجتماعي قوي، كما قال.
وفي السياق ذاته، أعلنت مجموعة من أحزاب المعارضة عن تحضيرها لمسيرة ضخمة. ودعت «حركة الشعب» (حزب قومي معارض) إلى المشاركة بكثافة في المسيرة المبرمجة اليوم (السبت) بمناسبة الذكرى الثامنة لاغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد سنة 2013. ويرى مراقبون أن المعارضة قد تستغل حالة الغضب المسيطرة على الشارع التونسي نتيجة مواجهة الاحتجاجات الاجتماعية بقوة الأمن، لمزيد من التعبير عن الغضب من الائتلاف الحاكم الذي تتزعمه حركة «النهضة».
وفي هذا الشأن، من المنتظر المطالبة بإطلاق سراح الموقوفين خلال موجة الاحتجاجات الأخيرة، والتمسك بالحق في التظاهر والاحتجاج السلمي، ومحاسبة المتورطين في انتهاك حقوق الإنسان والقتل العمد، وكشف حقيقة الاغتيالات السياسية.
من ناحية أخرى، يلقى موقف الرئيس قيس سعيد الرافض للتحوير الوزاري موجة من النقد الصادر عن عدد من القيادات السياسية ومن أساتذة القانون الدستوري. وفي هذا الشأن، أكد الصادق جبنون المتحدث باسم حزب «قلب تونس» الداعم للحكومة ضمن تحالف برلماني ثلاثي يضم «النهضة» و«ائتلاف الكرامة»، على ضرورة استقبال رئيس الجمهورية الوزراء الجدد الذين منحهم البرلمان التونسي أغلبية أصواته، معتبراً أن الدستور التونسي واضح في فصله 92 فهو يمكّن رئيس الحكومة من التسيير وتعيين وعزل وتغيير الوزراء والوزارات في إطار صلاحياته الدستورية وهو لم يتجاوزها في التحوير الأخير، على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، قال محسن مرزوق، رئيس حركة «مشروع تونس» (معارضة) إن المطلوب اليوم هو نزول رئيس الجمهورية قيس سعيّد من «وضع الزقفونة» حتى يمكن تجاوز الأزمة السياسية الخانقة التي دخلت فيها تونس، في إشارة إلى مواصلة رفض سعيد تنظيم موكب أداء اليمين للوزراء المصادق عليهم من قبل البرلمان التونسي. واعتبر أن الحل اليوم يكمن كذلك في قيام رئيس الحكومة ببادرة وخطوة أولى للخروج من المأزق الحالي، لأن سعيد هو رئيس الجمهورية المنتخب مباشرة من الشعب، وهو ما يعني الدعوة لالتقاء رأسي السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة) وتجاوز حالة التنافر السياسي.



مقتل عنصر من «الدفاع» السورية بإطلاق نار في حلب

أشخاص يسيرون على طول طريق في حلب بعد موافقة «قسد» على خفض التصعيد الأسبوع الماضي (رويترز)
أشخاص يسيرون على طول طريق في حلب بعد موافقة «قسد» على خفض التصعيد الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

مقتل عنصر من «الدفاع» السورية بإطلاق نار في حلب

أشخاص يسيرون على طول طريق في حلب بعد موافقة «قسد» على خفض التصعيد الأسبوع الماضي (رويترز)
أشخاص يسيرون على طول طريق في حلب بعد موافقة «قسد» على خفض التصعيد الأسبوع الماضي (رويترز)

أفادت قناة «الإخبارية» السورية، السبت، بمقتل عنصر من وزارة الدفاع إثر إطلاق نار من قبل مجهولين في حلب.

يأتي ذلك غداة إصابة عنصر من قوى الأمن الداخلي السوري جراء هجوم لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) استهدف حاجزا لوزارة الداخلية السورية في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب.

وأعلن قائد الأمن الداخلي في محافظة حلب، العقيد محمد عبد الغني، عن وقوع خرق جديد من قبل قوات "قسد" للاتفاقات المبرمة، مؤكدا أن الاستهدف وقع أثناء قيام عناصر الحاجز بمهامهم في تنظيم حركة المدنيين بمنطقتي الشيخ مقصود والأشرفية، مما أسفر عن إصابة أحد العناصر بجروح. بحسب ما أورده موقع «تلفزيون سوريا» على الإنترنت اليوم.

وأشار عبد الغني إلى أنه تم التعامل مع مصادر النيران وفق القواعد العسكرية المعتمدة، فيما جرى إسعاف الجريح ونقله لتلقي العلاج.

ووجه قائد الأمن الداخلي تحذيرا لقوات «قسد» في الحيين، مؤكدا أن استمرارها في خرق الهدن والاعتداء على النقاط الأمنية «سيقابل باتخاذ الإجراءات اللازمة»، مع تحميلها المسؤولية الكاملة عن أي تصعيد أو تداعيات تنتج عن هذه الانتهاكات.

وأكد عبد الغني أن الدولة السورية تواصل جهودها للحفاظ على التهدئة وحماية المدنيين، في إطار مسؤولياتها عن حفظ الأمن في المحافظة.


أنفاق ومنصات صواريخ… استحداثات حوثية تحاصر سكان إب

غبار تسببت به أعمال حفر وتفجيرات حوثية في مديرية السياني بمحافظة إب (إكس)
غبار تسببت به أعمال حفر وتفجيرات حوثية في مديرية السياني بمحافظة إب (إكس)
TT

أنفاق ومنصات صواريخ… استحداثات حوثية تحاصر سكان إب

غبار تسببت به أعمال حفر وتفجيرات حوثية في مديرية السياني بمحافظة إب (إكس)
غبار تسببت به أعمال حفر وتفجيرات حوثية في مديرية السياني بمحافظة إب (إكس)

تشهد محافظة إب اليمنية استحداثات عسكرية حوثية متواصلة منذ أسابيع، بحفر أنفاق وخنادق عميقة وشق طرقات جديدة، وتحويل عدد من المرتفعات إلى مواقع عسكرية معززة بأسلحة متنوعة، وسط العزلة التي تعيشها، في حين يحذّر خبراء عسكريون من أن تكون هذه التحركات وسيلة للتمويه على نشاط عسكري آخر.

وواصلت الجماعة الحوثية استحداثاتها العسكرية في عدد من مرتفعات محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، منذ أكثر من شهر، في جبال مديريات السياني وذي السفال والسبرة، وأرفقت ذلك بإجراءات أمنية مشددة في الطرقات، ومنعت السكان من الاقتراب، وإيقاف واختطاف عددٍ غير معروف منهم، بتهمة التصوير أو مراقبة تلك الأعمال.

وذكر سكان في المنطقة أن الجماعة الحوثية استحدثت، خلال الأيام الماضية، منصة صواريخ في معسكر لها في جبل المهلالة في منطقة النقيلين ضمن مديرية السياني، جنوب المحافظة، في حين استنكر الأهالي خداع القادة والمشرفين الحوثيين لهم، بادعاء أن تلك الإنشاءات تهدف إلى تقوية شبكات الاتصالات، في حين أدت إلى الإضرار بشبكات المياه الريفية وانقطاعها عن قرى في مناطق واسعة.

وتمنع الجماعة السكان من التنقل عبر الطرق القريبة من المعسكر، أو رعي المواشي جواره، وفي مناطق أخرى أوقفت عدداً ممن حاولوا الاقتراب من الإنشاءات دون علمهم بإجراءاتها، قبل أن تفرج عنهم، وأغلقت جميع الطرق المؤدية القريبة من مواقع أنشطتها.

القيادات الحوثية في إب أوهمت السكان أن الاستحداثات العسكرية لتقوية شبكات الاتصالات (إعلام حوثي)

ويتوقع عبد الرحمن الربيعي، الباحث العسكري والسياسي اليمني، أن يكون أحد أهداف الأنشطة العسكرية الحوثية في محافظة إب هو التمويه، في حين لم تتوقف عن الحشد والتجهيز في مختلف الجبهات القابلة للاشتعال في أي وقت.

احتمالية التمويه

يقول الربيعي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك حاجة ملحة لدى الجماعة الحوثية للأنشطة العسكرية الميدانية مثل بناء التحصينات والمناورة بالقوات وحشد المقاتلين لتلبية احتياجات طارئة وعملياتية، وهو ما يشمل مختلف الجبهات والمناطق الخاضعة لسيطرتها التي تطوقها القوات الموالية للحكومة الشرعية من كل الاتجاهات.

ويوضح أن الحالة المعقّدة التي تعيشها الجماعة بعد مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة المهرّبة إليها واستهداف المنشآت الحيوية التي كانت تدر عليها الأموال وعزلتها السياسية، قد تدفعها إلى التمويه والإيحاء بتنفيذ عمليات عسكرية في اتجاه محدد، فيما هي تنشط سراً في اتجاه آخر مختلف تماماً، وتسعى لتنفيذ هجمات على جبهات بعيدة عن مواقع هذه الاستحداثات.

الجماعة الحوثية تعاني تراجعاً في الإيرادات بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية على مواقعها (أ.ف.ب)

وتأتي هذه الإنشاءات ضمن حركة تحصينات واسعة لجأت إليها الجماعة في عدة مرتفعات وسلاسل جبلية وتكوينات جغرافية مختلفة، وتركزت، أخيراً، في محافظة إب والمناطق التي تسيطر عليها من محافظة تعز (جنوب غرب).

وأكّدت المصادر أن الجماعة كلّفت القيادي علي النوعة الذي عيّنته وكيلاً للمحافظة، بالإشراف على إنشاء طريق جديد يربط بين مديريتي السياني وذي السفال، مرجحة أن يكون خطاً لإمداد مواقع الجماعة ويسهّل تحركاتها في المنطقة المعقدة جغرافياً.

واقتحم قياديون ميدانيون في الجماعة، خلال الأسبوع الماضي، مسجد ومركز الفرقان للقرآن الكريم في منطقة محطب في المديرية، وطردوا الطلاب والطالبات منه، تمهيداً لتحويله إلى ثكنة عسكرية، ومركز لتحركات عناصرهم في المنطقة طبقاً لإفادات السكان.

قيادات حوثية تزور مركزاً لتحفيظ القرآن في إب للاستيلاء عليه وتحويله إلى ثكنة عسكرية (إعلام محلي)

ومنذ أشهر تنقل الجماعة أسلحتها إلى مخازن جديدة داخل أنفاق في تضاريس جبلية شديدة الوعورة، بعد استهداف مخابئها ومواقعها بهجمات جوية أميركية، رداً على هجماتها على الملاحة في البحر الأحمر.

اختناق وحصار

أدت الهجمات الأميركية التي استمرت قرابة شهرَين، منذ مارس (آذار)، وحتى مايو (أيار) الماضيين، إلى تدمير مواقع وأسلحة ومخازن ومنشآت تستخدمها الجماعة لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، وسقوط قيادات عسكرية، تكتمت الجماعة على مقتل العديد منهم، قبل أن تعلن تشييعهم أواخر الأسبوع الماضي.

وحسب الباحث العسكري الربيعي، فإن الجماعة تعيش حالة من القلق والترصد، وتتوقع حدوث عمليات عسكرية ضدها في أي لحظة، خصوصاً بعد ما تكبدته من خسائر بسبب الهجمات الأميركية والإسرائيلية على مواقعها، إلى جانب الاختناق السياسي والعزلة التي تعيش فيها، وفشل مساعيها للعودة إلى خوض مسار سياسي.

الخبراء العسكريون يحذّرون من أن تكون الأنشطة الحوثية في إب تمويهاً لتصعيد في جبهة بعيدة (أ.ف.ب)

من جهته، يبدي الكاتب باسم منصور خشيته من أن تكون هذه الاستحداثات مقدمة لمزيد من الانتهاكات التي تطول سكان محافظة إب، خصوصاً أنها بدأت بإجراءات مشددة ضدهم، ومنعتهم من ممارسة أنشطتهم المعتادة.

ويحذّر منصور، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، من أن تستخدم الجماعة تحركاتها العسكرية في إب مبرراً للتوسع في نهب الأراضي ذات الملكية العامة أو الخاصة، خصوصاً أنها قد جعلت المحافظة ساحة لنفوذ وثراء العديد من قياداتها من خلال السطو على الممتلكات، وأشاعت الانفلات الأمني فيها لإحكام سيطرتها عليها.

ويؤكّد أهالي المحافظة أن أعمال الحفر توسعت، خلال الأيام الماضية، لتشمل مواقع حاكمة في جبل الحيزم وجبل عميد الداخل في مديرية السياني، إلى جانب تلّ في منطقة السبرة.


العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

توالت التطورات الميدانية والسياسية في المحافظات الشرقية من اليمن، على وقع التصعيد العسكري الذي ينفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، ما دفع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى طلب تحالف دعم الشرعية في اليمن للتدخل عسكرياً لحماية حضرموت.

وتقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الانتقالي الداعي للانفصال عن شمال اليمن يستغل الظروف الناجمة عن وساطة التهدئة السعودية - الإماراتية للتوسع عسكرياً، على الرغم من أن الوساطة مستمرة، وهدفها إنهاء الصراع سلماً من خلال انسحاب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة، وعودتها إلى معسكراتها خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطة المحلية.

وفي هذا السياق، صرّح مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، رشاد العليمي، أُطلع، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس وأعضاء مجلس الدفاع الوطني، على مجمل الأوضاع في محافظة حضرموت، بما في ذلك العمليات العسكرية التي وصفها بـ«العدائية» التي نفذها المجلس الانتقالي خلال الساعات الأخيرة، وما رافقتها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.

العليمي طلب تدخلاً عسكرياً من تحالف دعم الشرعية لحماية حضرموت (سبأ)

واعتبر المصدر أن هذا التصعيد، المستمر منذ مطلع الشهر الحالي، يمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، فضلاً عن كونه تقويضاً مباشراً لجهود الوساطة التي تقودها السعودية والإمارات، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، بهدف خفض التصعيد وانسحاب قوات المجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة.

وبناءً على هذه التطورات، تقدم العليمي - وفق المصدر الحكومي - بطلب رسمي إلى قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، لاتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين في محافظة حضرموت، ومساندة القوات المسلحة اليمنية في فرض التهدئة، وحماية جهود الوساطة السعودية - الإماراتية، مجدداً دعوته لقيادة المجلس الانتقالي إلى تغليب المصلحة العامة ووحدة الصف، والامتناع عن مزيد من التصعيد غير المبرر.

المجلس الانتقالي الجنوبي اتخذ إجراءات عسكرية أحادية في حضرموت والمهرة (إ.ب.أ)

وفي السياق ذاته، قالت المصادر الرسمية اليمنية إن العليمي رأس اجتماعاً طارئاً لمجلس الدفاع الوطني، بحضور 3 من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورئيسي مجلسي النواب والشورى، ورئيس الحكومة، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت، لمناقشة تداعيات الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي، وانعكاساتها الخطيرة على الأمن الوطني والإقليمي.

واطلع الاجتماع - بحسب الإعلام الرسمي - على تقارير ميدانية بشأن الانتهاكات التي طالت المدنيين في حضرموت والمهرة، وصولاً إلى الهجمات الأخيرة في وادي نحب، التي عدّها المجلس «مخالفة صريحة» لجهود التهدئة، وتمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأكّد مجلس الدفاع الوطني دعمه الكامل للوساطة التي تقودها السعودية، مشدداً على ضرورة عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف.

تحذير من العواقب

على وقع هذه التطورات، كانت السعودية أعادت رسم خطوط التهدئة شرق اليمن، عبر بيان واضح صادر عن وزارة الخارجية، شدّد على رفض التحركات العسكرية الأحادية، والمطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الموقف تُرجم ميدانياً بتوجيه ضربة جوية تحذيرية في حضرموت، حملت رسالة مباشرة بعدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة.

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت في إطار الردع الوقائي، محذرة من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أكثر صرامة، في مؤشر على انتقال الرياض من سياسة الاحتواء السياسي إلى ضبط ميداني حاسم لحماية الاستقرار.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي بياناً حاول فيه تبرير تحركاته، معتبراً أنها جاءت استجابة لـ«دعوات شعبية»، ومعلناً انفتاحه على التنسيق مع السعودية، رغم وصفه الضربة الجوية بأنها «مستغربة».

ويرى مراقبون أن أي تنسيق محتمل لن يكون مقبولاً إقليمياً ما لم يبدأ بإنهاء التصعيد، وخروج القوات، وتسليم المعسكرات، والعودة إلى طاولة الحوار، دون فرض الأمر الواقع بالقوة.

منطق الوهم

يحذر سياسيون يمنيون من أن تعنت المجلس الانتقالي وإصراره على عسكرة حضرموت، رغم الجهود الصادقة التي تبذلها السعودية والإمارات، يلحق ضرراً فادحاً بالقضية الجنوبية العادلة نفسها، عبر اختزالها في المدرعات والنقاط العسكرية، بدل تحويلها إلى مشروع سياسي قابل للحياة.

ويستدعي هذا السلوك مقارنات إقليمية مؤلمة، أبرزها تجربة حميدتي وميليشيات الجنجويد في السودان، التي اعتمدت السلاح والإرهاب لتنفيذ أجندات خارجية، وكانت النتيجة خراب المدن وانهيار الدولة. كما يستحضر نموذج جنوب السودان، الذي وُلد من رحم الصراع المسلح، لينتهي إلى دولة منهارة وصراعات داخلية مفتوحة.

رغم إقرار اليمنيين بعدالة القضية الجنوبية فإن المجلس الانتقالي يحاول أن يستغلها للتصعيد شرقاً (أ.ب)

ويؤكد خبراء أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بالدول والمؤسسات، لا بالميليشيات، وأن تجربة «أرض الصومال» مثال واضح على عزلة المشاريع التي تُفرض بالقوة، مهما طال أمدها. كما أن فشل محاولات انفصال كتالونيا عن إسبانيا يبرهن أن العالم لا يشرعن الانفصال الأحادي خارج الدولة والدستور.

ويجمع محللون على أن حضرموت أكبر من أن تكون غنيمة لميليشيا مناطقية (إشارة إلى هيمنة مناطق بعينها على قرار المجلس الانتقالي)، وأعمق من أن تُدار بالعنف والسلاح، وأن أي محاولة لجرّها إلى الفوضى تمثل جريمة بحق مكاسب الجنوب وفرصه السياسية.

ويرى مراقبون أن عسكرة حضرموت خطوة غير عقلانية، تعكس إصراراً على فرض الأمر الواقع بأدوات الترهيب ذاتها، التي يدّعي المجلس الانتقالي محاربتها، في تحدٍّ صريح لرغبات المجتمع الدولي الداعية إلى ضبط النفس، والحفاظ على استقرار الجنوب واليمن عموماً.

وكان البيان السعودي شدّد على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تكون عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، بما يحفظ وحدة اليمن ومركزه القانوني، ويمنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.