حسابات الربح والخسارة في السقوط الحر لأسعار النفط

الخام الرخيص به انعكاسات إيجابية وأخرى سلبية على الاقتصاد

حسابات الربح والخسارة في السقوط الحر لأسعار النفط
TT

حسابات الربح والخسارة في السقوط الحر لأسعار النفط

حسابات الربح والخسارة في السقوط الحر لأسعار النفط

يستفيد المستهلك الأميركي، والكثير من الشركات واقتصاد البلاد ككل، من الانخفاض الحاد في أسعار النفط. فلماذا يتعامل المستثمرون في أسواق الأسهم كما لو كانت أسعار النفط عند مستوى 50 دولارا للبرميل وأسعار الوقود التي تحوم حول دولارين للغالون من قبيل الأنباء المزعجة؟
يعكس التراجع العام في الأسواق أكثر من مجرد السقوط الحر في أسعار النفط. تتصارع الاقتصاديات الخارجية، خلال الأسبوع الماضي، إثر تخفيض البنك الدولي لتوقعاته للنمو العالمي إلى 3 في المائة من واقع 3.4 في المائة.
لكن المخاوف من الخسائر الناجمة عن هبوط أسعار النفط كان لها آثارها الكبيرة على مؤشرات الأسهم، على حد وصف خبراء الاستثمار. وتتجه تلك الاستجابة لأن تكون حالة من المستثمرين الذين لا يشاهدون إلا الخاسرين الواضحين للعيان في تلك الصناعة فيما يغضون الطرف عن عدد هائل من الفائزين.
يقول بول آشورث، كبير الاقتصاديين في فرع أميركا الشمالية لدى مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» في تورونتو: «وصل سوق الأسهم إلى حافة السلبية، وبعض من ذلك يرجع إلى حقيقة مفادها أنه يمكنك أن ترى التأثير الواضح على شركات الطاقة العملاقة. ومن الصعوبة بمكان ملاحظة الأثر الإيجابي الذي يمتد إلى مختلف مناحي الاقتصاد الأخرى. فإن الفوائد الكبرى التي يتمتع بها المستهلكون ليست ملحوظة إلى حد كبير».
منذ بداية 2015 فقد متوسط السوق الواسع ما قيمته 2 في المائة من قيمته، فإن سقوط أسهم الشركات النفطية، بطبيعة الحال، كان واسعا وعميق الأثر.
انخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز» لعدد 80 شركة للتنقيب عن النفط والغاز بقيمة 11.14 في المائة في 2015، وهبط بنسبة 35.4 في المائة عبر الـ52 أسبوعا الماضية. كما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز» لعدد 6 شركات نفطية عملاقة أيضا بنسبة 5.2 في المائة لهذا العام، وبنسبة 12.4 في المائة خلال العام الماضي.
يعكس كلا المؤشرين حالة الألم التي يمر بها منتجو النفط والغاز، جنبا إلى جنب مع المستثمرين، والموردين، وموفري الخدمات، والعمال، والمقرضين جميعا.
تعتبر إعلانات البطالة، والإفصاح عن تخفيضات الإنفاق الرأسمالي وانخفاض حسابات حفر الآبار من الوضوح بمكان إلى المستثمرين. وكذلك الحكايات القصصية عن الخراب والمصائب من مدن شمال داكوتا المزدهرة.
وليس من الواضح، مع ذلك، وجود فائزين في عالم النفط الرخيص، على حد زعم الاقتصاديين. أما الأنباء الجيدة فتقول: إنهم يفوقون الخاسرين بكثير.
يقدر ديفيد آر. كوتوك، وهو كبير مسؤولي الاستثمار لدى مؤسسة «كمبرلاند الاستشارية» في ساراسوتا بولاية فلوريدا، أن الناتج الاقتصادي بين شركات النفط والشركات ذات الصلة قد ينخفض بمقدار يبلغ 150 مليار دولار نظرا للهبوط في أسعار النفط. ولكن هناك زيادة متوقعة بمقدار 400 مليار دولار في مناحٍ أخرى من الاقتصاد. أما الأثر الصافي فيساوي ضعف القيمة السنوية لنقطتين مئويتين انخفاضا في ضريبة الرواتب لعام 2011 و2012. والتي أدت إلى زيادة كبيرة في إنفاق المستهلكين.
يقول السيد كوتوك: «إن أول رد فعل للسوق على أي صدمة هو كراهيتها بسبب أنها تثير حالة كبيرة من عدم اليقين. في نفس الوقت، فإن الآثار المفيدة لتلك الصدمة تبدأ في البروز على المدى الطويل، حينما يتماسك التغيير ويتوقع أن يكون مستديما. والفارق بين ما هو مؤقت وما هو دائم يفسر سلوكيات السوق هنا».
صارت الأخبار الواردة عن الشركات التي تجمد أو تؤجل مشاريعها التي لم تعد ذات جدوى اقتصادية، شائعة خلال الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، ألغت شركة «رويال ديوتش شل» صفقة لبناء مصنع للبتروكيماويات بقيمة 6.5 مليار دولار كانت قد وقعت عليها مع مؤسسة قطر للبترول عام 2011.
ومع ذلك، فإن القليل من شركات النفط العملاقة - والتي يتعين عليها التخطيط عبر فترات زمنية كبيرة، تبني توقعاتها على أن الأسعار سوف ترتد مرة أخرى مرتفعة في نهاية المطاف - قد أفصحت عن خطط إنفاقها لعام 2015.
إحدى تلك الشركات، وهي «كونوكو فيليبس»، تقول إنها تخطط لاستثمار 13.5 مليار دولار، مما يعتبر انخفاضا بنسبة 20 في المائة عن عام 2014. ويرجع معظم الهبوط إلى انخفاض الإنفاقات على مشروعات الطاقة غير التقليدية.
يشير آندرو هانتر من مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» في لندن إلى تحليل صادر الأسبوع الماضي يفيد بأن الكثير من مشروعات النفط الصخري لديها معاملات متوسطة الأجل وتتعامل على تكاليف أقل من 20 دولارا للبرميل الواحد. وليس من المرجح للإنتاج في مثل تلك المشروعات أن يتوقف بسبب أسعار النفط فحسب التي انخفضت إلى مستوى 45 دولارا للبرميل، كما استنتج.
بطبيعة الحال، فهناك انخفاض كبير في الإنفاق الرأسمالي لتلك الصناعة مع عدد العمال التي توظفهم الصناعة. إجمالي العمالة في مجال الصناعة النفطية - بما في ذلك استخراج النفط والغاز والخدمات المعاونة - يبلغ في المتوسط 528.000 عامل في 2014. وفقا لمؤسسة «ريغزون»، وهي من موفري البيانات الصناعية.
يقول إيان سيفردسون، كبير الاقتصاديين لدى «بانثيون ماكرو - إيكونوميكس»: «أعتقد أنه في 2014، أنفقت شركات الطاقة ما لا يقل عن 200 مليار دولار، معظمها على الهياكل وليس على المعدات»، وهو يتوقع الآن انخفاض ذلك الرقم بمقدار النصف أو يزيد.
ليس ذلك من قبيل الإنفاقات الطفيفة، ولكن تخفيضات الإنفاق الرأسمالي سوف تكون صغيرة عند مقارنتها بحجم اقتصادنا البالغ 17 تريليون دولار. وحتى مع فقدان الصناعة لنصف وظائفها - وهي لن تفعل - فإن ذلك سوف يتسق مع ما هو أقل من مكاسب شهر واحد لإجمالي اقتصاد البلاد، والذي أضاف ما يقرب من 275.000 وظيفة في الشهر خلال العام الماضي.
يقول السيد سيفردسون: «من شأن ذلك أن يُقزم أي اهتزازات في قطاع النفط، وقطاع إنفاق رأس المال، وقطاع الخدمات النفطية».
كما يبدو أن المستثمرين يتجاهلون كذلك فوائد النفط منخفض السعر للشركات الصغيرة. في ديسمبر (كانون الأول)، حال هبوط أسعار النفط، عاد مؤشر التفاؤل للاتحاد الوطني للأعمال المستقلة إلى الارتفاع لأعلى نقطة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2006.
يقول أصحاب تلك الشركات إنهم يرفعون من إنفاقاتهم الرأسمالية لهذا العام. أظهر المسح الفصلي الأخير للاتحاد الوطني للأعمال المستقلة، أن الإنفاق الرأسمالي لتلك الشركات يرتفع إلى أعلى مستوى له منذ 7 سنوات. وذلك، أيضا، سوف يساعد في تعويض الهبوط في إنفاقات النفط والغاز.
يقول السيد سيفردسون، إن «الفوائد الاقتصادية العامة للهبوط في أسعار النفط هي فوائد كبيرة». وتوقع أن تضيف ما يقرب من نقطة مئوية واحدة إلى النمو الفعلي للناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة هذا العام. وفي الاقتصاد المتجه نحو نمو سنوي بمعدل 2.25 في المائة، فإن ذلك يعتبر من المكاسب الكبيرة.
وأضاف: «إن قطاع النفط وما يحيط به من أعمال لا يمثل إلا نصيبا بسيطا من اقتصاد البلاد. ألا يمكن على الأرجح أن يشكل نسبة 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي؟ كلا، وترى نسبة 95 في المائة الباقية من الاقتصاد تقول لكم: نشكركم شكرا جزيلا».
* خدمة «نيويورك تايمز»



تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية تضغط على أسعار النفط

منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)
منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)
TT

تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية تضغط على أسعار النفط

منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)
منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)

انخفضت أسعار النفط يوم الثلاثاء، متأثرة بارتفاع الدولار، بعد أن هدد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك والصين، إضافة إلى تقييم المستثمرين تأثير وقف إطلاق النار المحتمل بين إسرائيل و«حزب الله».

وبحلول الساعة 01:06 بتوقيت غرينيتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً، أو 0.38 في المائة، إلى 72.73 دولار للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 32 سنتاً، أو 0.46 في المائة، إلى 68.62 دولار.

وهبطت أسعار الخامين القياسيين دولارين للبرميل عند التسوية الاثنين، بعد تقارير تفيد بقرب إعلان اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، وهو ما أدى إلى عمليات بيع للنفط الخام.

وقال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إنه سيوقع على أمر تنفيذي يفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع المنتجات المقبلة إلى بلده من المكسيك وكندا. ولم يتضح ما إذا كان هذا يشمل واردات النفط، أم لا.

وأثّر إعلان ترمب، الذي قد يؤثر على تدفقات الطاقة من كندا إلى الولايات المتحدة، على السلع الأساسية المقومة بالدولار. وتذهب الغالبية العظمى من صادرات كندا من النفط الخام البالغة 4 ملايين برميل يومياً إلى الولايات المتحدة، واستبعد محللون أن يفرض ترمب رسوماً جمركية على النفط الكندي، الذي لا يمكن استبداله بسهولة، لأنه يختلف عن الأنواع التي تنتجها بلاده.

وقالت 4 مصادر لبنانية رفيعة المستوى، إن من المتوقع أن يعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقفاً لإطلاق النار في لبنان بين «حزب الله» وإسرائيل خلال 36 ساعة.

وقال محللون في «إيه إن زد»: «وقف إطلاق النار في لبنان يقلل من احتمالات فرض الإدارة الأميركية المقبلة عقوبات صارمة على النفط الخام الإيراني». وإيران، التي تدعم «حزب الله»، عضوة في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، ويبلغ إنتاجها نحو 3.2 مليون برميل يومياً، أو 3 في المائة من الإنتاج العالمي.

وقال محللون إن الصادرات الإيرانية قد تنخفض بمقدار مليون برميل يومياً، إذا عادت إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى حملة فرض ضغوط قصوى على طهران، وهو ما سيؤدي إلى تقليص تدفقات النفط الخام العالمية.

وفي أوروبا، تعرضت العاصمة الأوكرانية كييف لهجوم بطائرات مسيرة روسية في وقت مبكر يوم الثلاثاء، وفقاً لما قاله رئيس بلدية المدينة فيتالي كليتشكو. وتصاعدت حدة الصراع بين موسكو، المنتج الرئيسي للنفط، وكييف هذا الشهر، بعد أن سمح بايدن لأوكرانيا باستخدام أسلحة أميركية الصنع لضرب عمق روسيا، في تحول كبير في سياسة واشنطن إزاء الصراع.

من ناحية أخرى، قال وزير الطاقة الأذربيجاني برويز شاهبازوف لـ«رويترز»، إن «أوبك بلس» قد تدرس في اجتماعها يوم الأحد المقبل، الإبقاء على تخفيضات إنتاج النفط الحالية بدءاً من أول يناير (كانون الثاني)، وذلك بعدما أرجأت المجموعة بالفعل زيادات وسط مخاوف بشأن الطلب.