إسرائيل والسودان لتوقيع علاقات كاملة في الربيع

إسرائيل والسودان لتوقيع علاقات كاملة في الربيع
TT

إسرائيل والسودان لتوقيع علاقات كاملة في الربيع

إسرائيل والسودان لتوقيع علاقات كاملة في الربيع

كشف وزير الاستخبارات الإسرائيلي، إيلي كوهين، أمس (الأربعاء)، بعد عودته من زيارة الخرطوم، أن قادة السودان الذين التقاهم، وبينهم رئيس المجلس السيادي، عبد الفتاح البرهان، ووزير الدفاع، ياسين إبراهيم، عبروا عن رغبتهم في تعزيز علاقات التطبيع مع إسرائيل، حتى بعد تغيير الإدارة الأميركية. وتوقع أن تتطور هذه العلاقات إلى تبادل سفارات في الربيع المقبل. وقال إنه اتفق مع البرهان على أن يتم التوقيع على العلاقات الدبلوماسية الكاملة في حفل رسمي في واشنطن، بصفتها الراعية الرسمية لهذه العلاقات.
وقال كوهن، في لقاءات مع الإعلام الإسرائيلي، أمس، إنه فوجي بمدى الحماس في السودان للتقدم في العلاقات. وأضاف: «في العادة، نبادر نحن في إسرائيل ونضغط حتى نتقدم في العلاقات مع نظرائنا العرب. لكن هذه المرة جاءت المبادرة من الخرطوم. نحن نعيش لحظات تاريخية حقاً». واعترف بأنه «دخلنا الخرطوم تساورنا مشاعر قلق وتحسُّب، وخرجنا بشعور من الاطمئنان. وأنا شخصياً بالغ التأثر حتى اليوم، لأن من حظِّي أنني كنتُ أول وزير إسرائيلي يزور السودان زيارة سلمية». وقال إن السودان ليس دولة عادية؛ إنها ثالث أكبر دولة في أفريقيا. وهي دولة عربية مهمة ذات جذور عريقة. «وهي الدولة التي اجتمع فيها القادة العرب واتخذوا موقفهم العدائي منا، وقرروا اللاءات الثلاث المشهورة... لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني».
وكشف كوهن عن عدد من تفاصيل لقاءاته في الخرطوم، منها أنه حمل معه هدية لمضيفيه، هي عبارة عن سلال تحتوي على خضراوات وفواكه من المزارع الإسرائيلية.
وفي المقابل، منحه وزير الدفاع السوداني بندقية «إم 16». وقد تسبب ذلك في تأخير رحلة العودة نحو نصف ساعة، إذ إن رجال الأمن في الطائرة الإسرائيلية التي أقلَّت كوهن في طريق العودة، رفضوا حمل السلاح. وفي النهاية اتفقوا على تفكيك البندقية وإفراغها من بيت النار. وهكذا سمح بالإقلاع.
اللقاء الأول جرى مع الوزير ياسين، وقد طال أكثر من الوقت المخطط له، وكذلك حصل مع اللقاء بالرئيس البرهان. وبسبب ذلك، ألغى الوزير كوهن الزيارة التي كانت مقرّرة له إلى المقبرة اليهودية في الخرطوم.
اتفق كوهن مع الرئيس البرهان على خطة مفصّلة لإعادة اللاجئين السودانيين في إسرائيل، البالغ عددهم 6500 شخص. فأولاً سيتم تمرير قانون سوداني يلغي العقوبات عليهم، والمقصود إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل وفروعه ذات الشأن. وثانياً، الاتفاق على عدد من المشاريع الاقتصادية، زراعة وصناعة وتجارة، تقيمها إسرائيل في السودان، ويتم تشغيل هؤلاء اللاجئين بها. وتباشر إسرائيل من الآن في عملية تدريب، وتأهيل لهؤلاء اللاجئين كل في مجال العمل الذي سيخصص له، وبالاتفاق معه.
الوزير ياسين إبراهيم فاجأ كوهن بتقديم مسودة اتفاقية للتعاون الاستخباراتي بين البلدين، باللغة العربية. فكان عليه ترتيب ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية. وعندما أم الأمر، أجرى الإسرائيليون تعديلات طفيفة عليها، ثم تم التوقيع عليها رسمياً.
خلال لقاء كوهين مع رئيس المجلس السيادي، البرهان، الذي كان يرتدي بزته العسكرية، اتفقا على تعاون استخباري وأمني في المستقبل القريب، لكبح المنظمات والنشاطات الإرهابية. وقام ضابط إسرائيلي برتبة عقيد بعرض تقرير مهني حول التكتيكات العسكرية العملية في الدفاع عن الحدود، خصوصاً عند الحديث عن حدود طويلة جداً، مثل حدود السودان، البحرية والبرية. وقال كوهن إن السودانيين أبدوا اهتماماً كبيراً بالإفادة من التجربة الإسرائيلية.
القادة السودانيون جميعاً، الذين استقبلوا كوهن، أو الذين عقدوا جلسات تداول مشتركة في مواضيع عينية أخرى (أمن واقتصاد وتجارة)، أكدوا أن السودان قرر إحداث انعطاف استراتيجي، والانتقال من المحور الإيراني إلى محور الانفتاح السياسي الشامل المقرب من الغرب، الذي يتسم بالاعتدال ويكافح الإرهاب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».