الصومال: مقتل العشرات من عناصر «الشباب»

إثر مواجهات عنيفة في إقليم مدغ

TT

الصومال: مقتل العشرات من عناصر «الشباب»

في تصعيد جديد لعلاقاتها مع كينيا، قالت الحكومة الصومالية إن «جماعة (الشباب) المتمردة والمدعومة من كينيا، عبرت إلى حدود البلاد، وشنت هجوما على مدينة بلد حواء بمحافظة جدو، تزامناً مع مقتل 26 شخصاً بينهم 20 من مسلحي (حركة الشباب)، إثر مواجهات عنيفة بإقليم مدغ وسط البلاد».
وقالت وزارة الإعلام الصومالية في بيان لها، إن «جنود الجيش الوطني تصدوا بشجاعة للعدوان (غير القانوني) على مدينة بلد حواء من قبل الجماعات المتمردة والمدعومة من كينيا»، مضيفة «ندين بشدة هذا العدوان الغاشم الذي تم تنظيمه من داخل كينيا وينتهك مصالح التعايش السلمي لشعوب المنطقة والأعراف الدولية القائمة على حماية السيادة الوطنية والحفاظ عليها».
وخلال الشهر الماضي، أعلن وزير الإعلام الصومالي، عثمان دبي، قطع العلاقات مع كينيا بسبب «تدخلها في الشؤون السياسية»، في تصعيد للتوتر الذي تشهده علاقات البلدين منذ العام الماضي على خلفية نزاع بشأن الحقوق البحرية.
وقالت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية، إن «الحكومة الفيدرالية تحقق حالياً بشأن ما وصفته بـ(معلومات مهمة) تلقتها مؤخراً، حول محاولة منظمات ودول أجنبية وحلفاء صوماليين إدخال أسلحة ثقيلة وذخائر إلى أراضي الصومال بطريقة غير شرعية ودون علم وموافقة مختلف المؤسسات الحكومية في البلاد».
وأوضحت، أن «الحكومة تقوم حالياً في التحقيق في مصدر هذه الأسلحة الثقيلة والذخيرة ووجهتها والغرض منها»، مشيرة إلى أن «الحكومة ترى هذه الخطة لإدخال الأسلحة غير مشروعة وكل ما يمس سلام البلاد واستقرارها، انتهاكاً صارخاً لسيادة البلاد واستقرارها وستتخذ موقفاً صارماً بهذا الشأن».
وكان أحمد معلم، وزير الأمن في إقليم جیمدوج بوسط البلاد، قد أعلن أن «عناصر من (حركة الشباب) شنّت هجوماً مباغتاً على بلدة بعدوين بالإقليم، قبل أن تتصدى لها القوات الحكومية بالتعاون مع سكان محليين؛ ما أدى إلى مقتل 20 مسلحاً من (حركة الشباب)، وإصابة 50 آخرين بجروح متفاوتة»، لافتاً أن «6 أشخاص آخرين لقوا مصرعهم وأصيب 10 آخرون، دون تحديد ما إذا كانوا من السكان المحليين أو القوات الحكومية في الاشتباكات العنيفة التي اندلعت مساء الأحد الماضي».
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مسؤول محلي، أن «أكثر من 13 مسلحاً قتلوا في الاشتباكات التي وقعت في بعدوین والعمارة بمنطقة مودوج»، قائلاً إن «السكان المحليين منعوا الإرهابيين من السيطرة على بعدوین والقرى المجاورة». ونقلت تقارير محلية عن «حركة الشباب» إعلانها مقتل 10 جنود من القوات الحكومية خلال هذه المواجهات. إلى ذلك، أعلن الجيش المالي، مقتل ستة من جنوده على الأقل في وسط البلاد في هجومين على موقعين أمنيين في بولكيسي وموندورو، بالقرب من الحدود مع بوركينا فاسو، وقال في بيان، إن «الحصيلة المؤقتة هي ستة قتلى و18 جريحاً» في صفوف قواته، مقابل «نحو ثلاثين قتيلاً في صفوف الإرهابيين». وقال مسؤول محلي في موندورو، إن الهجمات بدأت في حين «كان الجميع نائمين»، لافتاً إلى أن المواجهات استمرت نحو ساعة، في حين قال مصدر طبي، إن «مروحية أجلت العديد من العسكريين الجرحى إلى سيفاري» قرب العاصمة الإقليمية موبتي، حيث للجيش معسكر كبير.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.