بعد القصف الإسرائيلي... تحركات إيرانية «مريبة» قرب الحدود السورية ـ العراقية

فتاة كردية تشارك في سباق للدراجات الهوائية في بلدة عمودا بمحافظة الحسكة شرق سوريا أمس (أ.ف.ب)
فتاة كردية تشارك في سباق للدراجات الهوائية في بلدة عمودا بمحافظة الحسكة شرق سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT
20

بعد القصف الإسرائيلي... تحركات إيرانية «مريبة» قرب الحدود السورية ـ العراقية

فتاة كردية تشارك في سباق للدراجات الهوائية في بلدة عمودا بمحافظة الحسكة شرق سوريا أمس (أ.ف.ب)
فتاة كردية تشارك في سباق للدراجات الهوائية في بلدة عمودا بمحافظة الحسكة شرق سوريا أمس (أ.ف.ب)

عمدت الميليشيات الإيرانية والفصائل الموالية لها إلى إنزال راياتها وأعلامها من مواقعها ومقراتها العسكرية في مناطق واسعة من شرق سوريا، لترفع أعلام النظام السوري مكانها، وسط مخاوف من وقوع استهداف إسرائيلي جديد، بحسب مصادر محلية و«المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وقالت مصادر في مدينتي الميادين والبوكمال، بريف دير الزور الشرقي، إن «الحرس الثوري» الإيراني نقل ذخائر وأسلحة ثقيلة من بينها صواريخ، عبر برادات وشاحنات تحمل لوحات سورية، بهدف التمويه على عمليات نقلها، وذلك في إطار إعادة تموضع، بعد أيام على أعنف غارات إسرائيلية استهدفت شرق سوريا.
وكشفت مصادر مطلعة أن القوات الإيرانية والفصائل الموالية تواصل تغيير مواقعها في هذه البقعة الجغرافية من الأراضي السورية بمحاذاة الحدود العراقية، مشيرة إلى تحركات «مريبة» للإيرانيين وحلفائهم في تلك المنطقة. وأضافت أن الإيرانيين وحلفاءهم نقلوا عتاداً عسكرياً وكثفوا انتشارهم بعد الضربات العنيفة الأربعاء الماضي على مقراتهم بمدينة دير الزور وريف المحافظة. وأشارت هذه المصادر إلى نقل شحنة أسلحة من «حي الحويقة» وسط دير الزور، إلى ملهى «الأصدقاء» أو ما كان يعرف سابقاً بحديقة «كراميش» في المنطقة، وسط تشديد أمني كبير.
وفي الميادين، اتخذت ميليشيات «أبو الفضل العباس» تدابير مشابهة؛ إذ عمدت إلى نقل أسلحة ثقيلة وذخائر عبر سيارات مغلقة بـشوادر ليلة الجمعة- السبت الماضيين إلى جهة مجهولة، كما رشقت سياراتها بالطين والتراب لإعاقة رؤيتها من الطيران الحربي.
ونقلت صفحات إخبارية ومواقع محلية أن الميليشيات الإيرانية والقوات النظامية جلبت عائلات مدنية وأسكنتها بجانب حديقة «حويجة صكر» بدير الزور وسط نهر الفرات. وأفادت بأن محافظ دير الزور فاضل نجار أصدر قراراً يأمر بتسيير حافلات لنقل الركاب على نفقة الفصائل الإيرانية، لنقل الأهالي يوم جمعة من داخل المدينة إلى الحديقة لتشهد ازدحاماً بالمدنيين.
وبحسب مركز «جسور للدراسات»، ينتشر «الحرس الثوري» الإيراني في 125 موقعاً بعموم سوريا، موزعة على 10 محافظات تأتي في مقدمها محافظة درعا (جنوب) التي توجد فيها 37 نقطة عسكرية، تليها العاصمة دمشق وريفها بواقع 22 موقعاً، ثم مدينة حلب شمالاً؛ إذ توجد فيها 15 نقطة ومقراً عسكرياً. أما محافظة دير الزور فينتشر فيها نحو 13 مقراً إيرانياً أكبرها في مدينتي الميادين والبوكمال.
وتمثل إيران إحدى أكبر القوى العسكرية الداعمة للنظام الحاكم بسوريا، بعد روسيا، منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام الحاكم ربيع 2011. ونقل نشطاء محليون و«المرصد السوري لحقوق الإنسان» و«مركز جسور» معلومات مفادها أن أغلب المقاتلين الإيرانيين بسوريا يعملون في صفوف «الحرس الثوري»، وينتشرون في جنوب دمشق وريف حلب الجنوبي وريف حمص الشرقي، وريف دير الزور الشرقي. وتعد قاعدة «الإمام علي» قرب البوكمال من بين أكبر المقرات العسكرية الإيرانية، وتدير أنشطتها العسكرية وتدعم الفصائل الموالية لها، وتقع هذه «القاعدة» بالقرب من معبر القائم العراقي.
إلى ذلك، وصلت أمس قافلة عسكرية للجيش الأميركي وقوات التحالف الدولي قادمة من إقليم كردستان العراق، دخلت من معبر «سيمالكا» الحدودي، وتوجهت نحو نقاطها العسكرية المنتشرة في حقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي وقاعدتها بالقرب من بلدة الباغوز الحدودية. وتألفت القافلة من 50 آلية وشاحنة محملة بمعدات عسكرية ولوجستية. كما وصلت الأسبوع الماضي قافلة مماثلة من سيارات شحن كبيرة قصدت قواعد التحالف بدير الزور، في إطار تعزيز وجودها العسكري على الضفة الشمالية لنهر الفرات قبالة انتشار «الحرس الثوري» الإيراني والفصائل العراقية واللبنانية الموالية.
وتشهد هذه المنطقة توتراً وسباقاً محموماً بالتنافس الدولي والإقليمي بين طهران وموسكو وواشنطن، وسط تصعيد الهجمات الإسرائيلية على القوات الإيرانية هناك.



ميزانية حوثية لكبار القادة وعائلاتهم لتعزيز طرق التخفي والحماية

القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
TT
20

ميزانية حوثية لكبار القادة وعائلاتهم لتعزيز طرق التخفي والحماية

القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)

أفادت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء بأن الجماعة الحوثية خصصت ميزانية مالية ضخمة من موارد المؤسسات الحكومية المختطفة، على هيئة نفقات يومية لكبار القادة وأُسرهم، وذلك منذ انتقالهم من صنعاء إلى وجهات غير معلومة ضمن إجراءات احترازية لتجنب الاستهداف المباشر من المقاتلات الأميركية.

وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن أن مكتب زعيم الجماعة الحوثية أصدر في أواخر مارس (آذار) الماضي توجيهات إلى وزارة المالية في الحكومة غير المعترف بها، وهيئتي «الزكاة» و«الأوقاف» المستحدثتين، إلى جانب مؤسسات مالية أخرى تُدير أموال الجماعة المنهوبة، بتخصيص مليارات الريالات اليمنية لصالح قادة الصفين الأول والثاني ولأسرهم، لتغطية نفقات فترة اختفائهم عن الأنظار. (الدولار بنحو 535 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة).

ووفق المصادر ذاتها، فقد شددت التوجيهات على أن يُقتطع جزء من هذه الميزانية من التبرعات الشعبية التي جمعتها الجماعة سابقاً في مناطق سيطرتها تحت لافتة دعم القضية الفلسطينية.

وفي وقت تستمر فيه الجماعة في رفضها صرف رواتب الموظفين الحكوميين منذ سنوات، اتهمت مصادر عاملة في وزارة مالية الانقلاب تورط ثلاث قيادات حوثية بارزة هم: محمد علي الحوثي، ومهدي المشاط، وأحمد حامد، في الاستحواذ على النصيب الأكبر من تلك المبالغ المخصصة لكبار القادة.

ضربات أميركية دمّرت ميناء رأس عيسى اليمني الخاضع للحوثيين (رويترز)
ضربات أميركية دمّرت ميناء رأس عيسى اليمني الخاضع للحوثيين (رويترز)

وأكدت المصادر أن القيادي محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، ومهدي المشاط، رئيس مجلس حكمها الانقلابي ومدير مكتبه أحمد حامد، حصلوا على الجزء الأكبر من تلك النفقات، رغم الأوضاع الإنسانية المتدهورة في البلاد.

نهب للموارد

في ظل هذا النهب المنظم للموارد، يعيش أكثر من ثلثي السكان في مناطق سيطرة الحوثيين على حافة الفقر والمجاعة، بينما تستمر الجماعة في التوسع في مشروعها المالي الخاص عبر استغلال الموارد العامة وتوظيفها لصالح القادة وأُسرهم.

كان ناشطون موالون للحوثيين قد كشفوا عن أن مصروفات أحد قادة الجماعة من الصف الرابع بلغت خلال عام واحد فقط أكثر من ملياري ريال يمني، وهو ما يعكس حجم الفساد المالي في صفوف الجماعة حتى في المستويات الدنيا من القيادة.

وتزامناً مع الإنفاق السخيّ على القيادات، كثّفت الجماعة من فرض الإتاوات والجبايات غير القانونية على المواطنين والتجار في مختلف المناطق الخاضعة لها، لتعويض النفقات المتزايدة للقادة المختفين عن الأنظار.

ومنذ بدء الغارات الأمريكية ضد الحوثيين في 15 مارس الماضي، نفَّذت قيادات حوثية عمليات نهب واسعة شملت مؤسسات حكومية ومقرات رسمية في صنعاء ومدناً أخرى، كما باعت أراضي وعقارات تعود ملكيتها إلى الدولة أو صودرت سابقاً من مواطنين.

تلاعُب بالمساعدات

في موازاة ذلك، اتهمت مصادر حقوقية الجماعة الحوثية بمحاولة وقف صرف المساعدات النقدية التي تقدمها منظمات أممية ودولية ضمن المرحلة الـ19 المخصصة للحالات الفقيرة في صنعاء وريفها، ومحافظات إب، وعمران، وذمار، وريمة، والحديدة.

نازح يحمل مساعدات غذائية على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)
نازح يحمل مساعدات غذائية على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)

وتستمر الجماعة الحوثية في وضع العراقيل أمام صرف هذه المساعدات، مما تسبب في حرمان مئات الأسر المستحقة في مديريات صنعاء مثل معين وبني الحارث وصنعاء القديمة وبني مطر وأرحب، إضافة إلى مناطق ريفية أخرى.

واشتكى عدد من المستفيدين في صنعاء ومحافظات أخرى لـ«الشرق الأوسط» من ممارسات حوثية تهدف إلى عرقلة عملية صرف المساعدات في بعض مراكز التوزيع، مما فاقم من معاناتهم في ظل أوضاع معيشية متدهورة.