وزير الري المصري يصل إلى الخرطوم في زيارة غير معلنة

TT

وزير الري المصري يصل إلى الخرطوم في زيارة غير معلنة

وصل وزير الري المصري محمد عبد العاطي إلى العاصمة السودانية الخرطوم، في زيارة مفاجئة، أجرى خلالها مباحثات مع وزير الري السوداني ياسر عباس، تناولت مفاوضات سد النهضة، وسبل الوصول لموقف مشترك بين مصر والسودان من النزاع المائي باعتبارهما دولتي مصب، مقابل إعلان إثيوبيا من طرف واحد الشروع في الملء الثاني للسد يوليو (تموز) المقبل.
وتأتي زيارة عبد العاطي، بعد أيام من فشل آخر جولة مباحثات سداسية بين البلدان الثلاثة، تمسك السودان خلالها بإعطاء دور أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي، وأعلن انسحابه من التفاوض، وعدم الرجوع إليه قبل أن تتوافق الأطراف الثلاثة على دور أكبر لوساطة الاتحاد الأفريقي. وبحسب مصادر صحافية، فإن عبد العاطي بحث مع عباس توحيد المواقف المصرية والسودانية، كدولتي مصب، مقابل إعلان إثيوبيا بدء الملء الثاني لسد النهضة دون توقيع اتفاق بين الأطراف، مثلما فعلت في الملء الذي قامت به من طرف واحد العام الماضي، وأثر سلبا على منشآت ري ومياه شرب سودانية، وينتظر أن يصعد الطرفان الأمر للاتحاد الأفريقي.
ويرعى الاتحاد الأفريقي الذي تترأسه دولة جنوب أفريقيا مفاوضات سد النهضة، لكن المفاوضات وصلت لطريق مسدود قبل نهاية رئاسة الدولة الأفريقية الأقوى، والأكثر تأثيراً على الاتحاد الأفريقي، وينتظر أن تؤول الرئاسة إلى دولة الكونغو بعد مؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي المنتظر عقده في مقر الاتحاد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا 5 فبراير (شباط) المقبل.
وكان المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية حمل السودان مسؤولية تعثر الجولة الأخيرة من المفاوضات، وتوقع أن يقدم رئيس المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي تقريراً بشأن تطور المفاوضات لرئيس الاتحاد، وقال إن كلا من إثيوبيا ومصر اتفقتا على اقتراح الاتحاد الأفريقي بعقد اجتماعات ثنائية مع خبراء الاتحاد لمدة ثلاثة أيام قبل عقد الاجتماع الثلاثي الذي رفضه السودان. واشترط السودان مسبقاً إعطاء دور أكبر لخبراء الاتحاد القاري، فيما رفضت القاهرة المقترح السوداني تحت ذريعة أن خبراء الاتحاد الأفريقي غير «مؤهلين فنياً وهندسياً، لبلورة مثل هذا الاتفاق».
ودون إعلان مسبق، حطت طائرة وزير الري المصري محمد عبد العاطي في مطار الخرطوم، ونقلت تقارير صحافية، إن الهدف من الزيارة إجراء مباحثات ثنائية مع المسؤولين السودانيين تتناول مفاوضات سد النهضة. ويخشى السودان من تأثير ملء وتشغيل سد النهضة دون اتفاق مسبق، على «سد الروصيرص» الذي يبعد نحو 40 كيلومترا من سد النهضة، دون اتفاق قانوني ملزم، وأن تتحول المنافع التي تتوقعها الخرطوم من تشييد السد إلى مضار.
ونقلت «الشرق الأوسط» أمس، عن مسؤول سوداني، قوله «حين نتمسك بالخبراء، نعني أن يلعب الاتحاد الأفريقي دور الوسيط... لتسهيل التفاوض»، وأضاف: «ما تبقى من مفاوضات أمر فني، والقرار بشأنه سياسي عند الدول الثلاث، وأن الأطراف اتفقت في الجولات السابقة على ما نسبته 90 في المائة من القضايا الخلافية، وتبقى فقط القرار السياسي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.