طهران تتجنب المواجهة مع مقتدى الصدر

بردّ موارب على دعوته لإبعاد العراق عن صراعها مع واشنطن

«صدريون» في طريقهم إلى مظاهرة بساحة التحرير في بغداد دعماً لزعيمهم مقتدى الصدر الجمعة الماضي (أ.ب)
«صدريون» في طريقهم إلى مظاهرة بساحة التحرير في بغداد دعماً لزعيمهم مقتدى الصدر الجمعة الماضي (أ.ب)
TT
20

طهران تتجنب المواجهة مع مقتدى الصدر

«صدريون» في طريقهم إلى مظاهرة بساحة التحرير في بغداد دعماً لزعيمهم مقتدى الصدر الجمعة الماضي (أ.ب)
«صدريون» في طريقهم إلى مظاهرة بساحة التحرير في بغداد دعماً لزعيمهم مقتدى الصدر الجمعة الماضي (أ.ب)

من بين زعامات الخط الأول الشيعية في العراق، يعدّ زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر هو الأكثر وضوحاً في التعبير عن مواقفه، وتسعى كل القيادات العراقية؛ الرسمية منها والدينية، إلى التعامل مع إيران من منطلق أنها دولة جارة، وصديقة أحياناً، توضع في ميزان واحد مع علاقات العراق مع دول الجوار العربية والإسلامية مع الإبقاء على مسافة مفتوحة بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية بوصفها الدولة الأكثر ارتباطاً بالعراق بعد أن احتلته عام 2003، وتغيير نظامه السياسي والمجيء بكل الطبقة السياسية الحالية بديلاً لنظام صدام حسين.
وفي حين لا تخفي أطراف شيعية عمق علاقتها مع إيران، مثل «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري، و«ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، فإن الصدر يحاول دائماً أن يضع ما يعدّه أولوية عراقية في سياق علاقاته مع الآخرين؛ سواء أكانوا دولاً عربية أم أجنبية، مع رفضه التام الوجود الأميركي في العراق.
رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي الذي لا ينتمي إلى الإسلام السياسي، يحاول من طرفه تأسيس علاقات جديدة للعراق تأخذ طابع التوازن مع الخارج؛ بما في ذلك مع إيران والولايات المتحدة الأميركية. ومع أن خطوات الكاظمي ليست مرغوباً فيها من قبل الأطراف القريبة من طهران، فإن زعامات بارزة، مثل الصدر وعمار الحكيم وحيدر العبادي، ينظرون إلى خطوات الكاظمي من منطلق قدرتها على ضبط إيقاع هذه العلاقات بما يحقق مصالح متوازنة مع الخارج مع استمرار انتقاده في ملفات الداخل؛ ومنها الأزمة الاقتصادية وطريقة تعاطيه مع ملف الانتخابات والإصلاحات.
وبالنسبة للكاظمي، الذي يبدو عليه الآن أنه بصدد مواجهة قد تكون مفتوحة مع الفصائل المسلحة المقربة من إيران، فإن دعوة الصدر الأخيرة إيران إلى إبعاد العراق عن صراعها مع الولايات المتحدة الأميركية، جاءت في مصلحته؛ لأنه الآن بحاجة إلى دعم ولو ضمني من زعيم بحجم الصدر وكتلته «سائرون» التي هي الكبرى في البرلمان ولديه جمهور في الشارع هو الأقوى بين كل الأحزاب والقوى السياسية الأخرى.
دعوة الصدر التي ردت عليها إيران رداً موارباً، جاءت في مرحلة بالغة الحرج بالنسبة لطهران؛ لكنها في الوقت نفسه تمثل فرصة ذهبية للكاظمي في إطار محاولاته تثبيت الهدنة الهشة بين طهران وواشنطن عبر الفصائل المسلحة في العراق، لا سيما أن إيران بدت في حل من التزاماتها حيال هذه الفصائل؛ الأمر الذي يمكن أن يجعل من دعوة الصدر الدعوة العملية الأولى التي ستتعامل معها إيران بجدية.
مع ذلك؛ فإن رد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، على تغريدة الصدر لم يكن واضحاً أو مباشراً؛ ففي معرض جوابه عن سؤال حول دعوة الصدر، جاء رده مخاتلاً إلى حد كبير، قائلاً إن «المنشآت الدبلوماسية الإيرانية لدى العراق تعرضت في وقت سابق إلى الهجوم»، داعياً الدول المجاورة إلى «القيام بدورها في مواجهة (تمرد) البيت الأبيض». وأشار إلى أن «إيران لم تحل مطلقاً خلافاتها في منطقة أخرى، والعكس ليس صحيحاً»، مبيناً أن «الولايات المتحدة جعلت الدول المجاورة قواعد لانعدام الأمن ضد إيران». وقال زاده: «لقد طلبنا مراراً وتكراراً من الدول المجاورة والصديقة أن تقوم بواجبها في مواجهة تمردات نظام البيت الأبيض، رغم أنه ليس لدينا شك في دفاعنا الشرعي بموجب ميثاق الأمم المتحدة»، حسب تعبيره. وحيث يبدو هذا الرد بعيداً إلى حد كبير عن مضمون دعوة الصدر، فإنه يؤكد من جانب آخر أن طهران الرسمية لا تود الاحتكاك المباشر مع الزعامات الشيعية المهمة؛ ولعل في المقدمة منهم مقتدى الصدر.
وإذا كان الرد الرسمي الإيراني على دعوة الصدر موارباً، فإن أغلب المواقع الإخبارية الإيرانية عدّته «رداً حازماً». وعدّت صحيفة «آرمان ملي» المؤيدة لسياسات حكومة روحاني، أن بيان الصدر «ذو وجهتين، ومضمونه متناقض» و«جزء من الخطوات الغامضة لمقتدى الصدر». بدورها، رأت صحيفة «إيران» الحكومية أن بيان الصدر جاء بعد مواقف من المسؤولين الأميركيين وجهت أصابع الاتهام إلى إيران بالوقوف وراء الهجوم على مقر السفارة الأميركية.



اليمن يغلق منفذاً آخر لتهريب المهاجرين غير الشرعيين

ضبط المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
ضبط المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
TT
20

اليمن يغلق منفذاً آخر لتهريب المهاجرين غير الشرعيين

ضبط المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
ضبط المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)

أغلقت السلطات اليمنية منفذاً آخر لتهريب المهاجرين من القرن الأفريقي وضبطت أكثر من 560 منهم خلال أقل من أسبوع، وذلك بعد أيام منذ غرق أكثر من 180 شخصاً أثناء محاولتهم الوصول إلى البلاد عبر طريق استُحدث بعد إغلاق الطريق الرئيسي الواقع على سواحل محافظة لحج غرب مدينة عدن.

وذكرت وزارة الداخلية اليمنية أن قوات خفر السواحل ضبطت قارباً يحمل 194 مهاجراً غير شرعي وصلوا إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة، وهو الطريق الثاني المعروف لتهريب المهاجرين منذ سنوات عديدة، وبيّنت أن أغلب المقبوض عليهم من الجنسية الإثيوبية، 46 رجلاً و70 امرأة و5 أطفال، إلى جانب 73 شخصاً من حملة الجنسية الصومالية، معظمهم من الذكور.

ووفق الإعلام الأمني، اتخذت الشرطة الإجراءات القانونية حيال هذه المجموعة من الواصلين الجدد، لينضموا إلى من سبقهم؛ حيث تم اعتراض 3 قوارب كانت تحمل 374 مهاجراً غير شرعي من القرن الأفريقي خلال أسبوع واحد.

وقام المهربون - بحسب البيان - بتحويل رحلاتهم نحو محافظة شبوة بعد إغلاق الطريق المؤدي إلى محافظة لحج، الذي كان يُعد الشريان الرئيسي لرحلات المهاجرين من القرن الأفريقي إلى اليمن ومنها إلى دول الجوار العربي.

مهربو الأفارقة إلى اليمن اتجهوا إلى سواحل شبوة بعد إغلاق سواحل لحج (إعلام حكومي)
مهربو الأفارقة إلى اليمن اتجهوا إلى سواحل شبوة بعد إغلاق سواحل لحج (إعلام حكومي)

وكان قاربان يحملان أكثر من 180 مهاجراً قد انقلبا، الأسبوع الماضي، قبالة سواحل مديرية ذو باب في محافظة تعز اليمنية وسط أحوال جوية لم تشهدها المنطقة منذ سنوات، عندما كانت المجموعة في محاولة للقيام برحلة خطيرة من القرن الأفريقي؛ حيث غرق المركبان في البحر الهائج، وهو خطر معروف خلال هذا الموسم. وكان من بين من كانوا على متنهما 124 رجلاً و57 امرأة على الأقل. وتم إنقاذ يمنيين اثنين من أفراد الطاقم.

ومع تأكيد المنظمة الدولية للهجرة عدم العثور على أي جثث حتى الآن، بيّنت أن الحادثة وقعت نتيجة تجاهل المهربين الاستجابة لتحذيرات الطقس الصادرة عن هيئة الطيران المدني والأرصاد الجوية في اليمن، التي نصحت بعدم السفر بسبب الرياح القوية والأمواج العالية. ونقلت عن مهاجرين وصلوا إلى نقاط الاستجابة للمهاجرين في اليمن أن المهربين أصبحوا أكثر تهوراً؛ حيث يرسلون القوارب رغم علمهم بالظروف الخطرة لتجنب الدوريات.

أوضاع مأساوية

بحسب المنظمة الدولية للهجرة، فإن الناجين من رحلة العبور إلى اليمن غالباً ما يجدون أنفسهم عالقين في أوضاع مأساوية. فالمهاجرون الذين يعبرون البلاد يتعرضون بشكل متكرر للعنف والاحتجاز والعمل القسري وأشكال أخرى من الاستغلال. كما يواجه كثيرون الاختطاف والابتزاز على يد المهربين والجماعات المسلحة، بينما تتقطع السبل بآخرين دون وسيلة لمواصلة رحلتهم أو العودة إلى ديارهم.

وعلى الرغم من هذه المخاطر، يواصل الآلاف القيام بهذه الرحلة كل عام؛ حيث وصل أكثر من 60 ألف مهاجر إلى اليمن في العام الماضي فقط. ومنذ عام 2014، سجل مشروع المهاجرين التابع للمنظمة وفاة أكثر من 3400 حالة واختفاء على طول الطريق الشرقي، بما في ذلك أكثر من 580 امرأة و100 طفل، وكان الغرق سبباً في 1400 من هذه الوفيات.

تحذير أممي من مغامرات المهربين وسط سوء الأحوال الجوية (إعلام حكومي)
تحذير أممي من مغامرات المهربين وسط سوء الأحوال الجوية (إعلام حكومي)

وتعهدت المنظمة بمواصلة تقديم المساعدات المنقذة للحياة للمهاجرين في اليمن، بما في ذلك الغذاء والرعاية الطبية وخدمات الحماية والعودة الإنسانية الطوعية. ومع ذلك، أكدت أن حجم الاحتياجات يتجاوز بكثير الموارد المتاحة.

وذكرت أنه ومع الانخفاض الذي أثر بشدة على الجهود الإنسانية، تخشى أن يظل المزيد من المهاجرين عالقين إلى أجل غير مسمى في اليمن، مع القليل من الوصول إلى الغذاء أو المأوى أو الرعاية الطبية.

وفي ظل تدهور الوضع الإنساني في اليمن بشكل عام، حثّت المنظمة الدولية للهجرة على اتخاذ إجراءات دولية أكبر لحماية المهاجرين ومعالجة الدوافع الأساسية للهجرة غير النظامية، وقالت إن هناك حاجة إلى دعم عاجل لإنشاء مسارات هجرة أكثر أماناً ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.