حصاد العام الثقافي (1 - 3): الثقافة السعودية 2020: الإبداع يقهر الوباء

الجائحة لم تنجح في إدخالها «دائرة الحجْر»

انطلاق نشاط مبادرة المسرح الوطني في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض
انطلاق نشاط مبادرة المسرح الوطني في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض
TT

حصاد العام الثقافي (1 - 3): الثقافة السعودية 2020: الإبداع يقهر الوباء

انطلاق نشاط مبادرة المسرح الوطني في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض
انطلاق نشاط مبادرة المسرح الوطني في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض

للمرة الأولى في التاريخ، يتشابه العالم كله. فيروس لئيم فرض عليه بؤساً وعزلة وحجراَ في البيوت، تجنباً لتسلله المميت في أي غفلة. حياة مضطربة لاهثة، تصارع من أجل البقاء، حتى تتجنب تسلله المميت في أي غفلة. ومع تصاعد وتيرته وسقوط آلاف الضحايا، وفرض الدول الحظر والغلق وتقنين التجول، انحسر كل شيء معاً وفي كل أرجاء المعمورة الرحبة. وإذا كانت بعض القطاعات الاقتصادية الصناعية والتجارية والخدمية قادرة على احتساب خسائرها المادية، فإن الخسارة الثقافية لا يمكن سبرها بالنسبة للقارئ، ومنتجي القيم المعنوية والروحية، على حد سواء. ومع ذلك، تحايلت المؤسسات، الفردية والحكومية، والجمعيات والنوادي المختصة، على هذا الفيروس الرهيب بابتكار وسائل متعددة نجحت نسبياً في التقليل من حجم الخسارة، وتعويض بعض الضرر، كما في معظم بلدان العالم، ومنها البلدان العربية.
أصابت جائحة «كورونا» المستجد النشاط الثقافي في عام 2020، لكنها لم تنجح في شل حركته أو إدخاله دائرة «الحجر»، مثلما دخل ملايين البشر، وبينهم المثقفون.
في عام 2020، تمّ إيقاف وتأجيل العديد من الفعاليات المهمة، مثل معرض الرياض الدولي للكتاب، وهو من أهم المعارض عربياً، وكان من المقرر أن يقام في واجهة الرياض خلال الفترة من 2 إلى 11 أبريل (نيسان) 2020.
كما تمّ تأجيل المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) إلى الربع الأول من عام 2021، وقد كان مقرراً إقامته في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2020. وكذلك تأجيل مهرجان «الأعشى»، الذي يحتفي بالشاعر العربي في مسقط رأسه، وكان من المقرر إقامته في منفوحة بالرياض خلال الفترة من 21 مارس (آذار) إلى 20 أبريل (أبريل) 2020.
وأعلنت هيئة الأدب والنشر والترجمة في وزارة الثقافة السعودية تأجيل «ملتقى الترجمة» بسبب الاحترازات الصحية المرافقة لوباء «كورونا»، وكان من المقرر إقامته في مركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بالرياض خلال الفترة من 19 إلى 21 مارس (آذار) 2020.
الثقافة في العزلة
منذ أبريل (نيسان) 2020، أطلقت وزارة الثقافة السعودية، مجموعة مبادرات لتحويل فترة الحجر الصحي إلى موسم إنتاج ثقافي، حيث أطلقت خلال فترة العزل مجموعة من المبادرات والأنشطة الثقافية المتنوعة التي تمنح أفراد المجتمع متنفساً ثقافياً إبداعياً من داخل منازلهم، وفي أجواء تفاعلية وتنافسية.
وشملت المبادرات التي حملت شعار «الثقافة في العزلة» مجالات ثقافية متنوعة، من بينها المسرح والأدب والترجمة والقراءة والأفلام وغيرها من المجالات، وجاءت مبادرة «أدب العزلة» كإحدى هذه المبادرات، وهدفت إلى تحفيز المواهب الأدبية للكتابة خلال فترة العزل الوقائي والتعبير عن المشاعر الداخلية بقوالب مختلفة من قصص وروايات ويوميات ونصوص.
وحظي المسرح بمساحة مهمة من مبادرات «الثقافة في العزلة» حيث أعلن المسرح الوطني التابع للوزارة عن تنظيم مسابقة التأليف المسرحي، فيما نظمت الوزارة مبادرة «ماراثون القراءة»، وذلك لتحفيز جميع أفراد المجتمع على القراءة وتشجيعهم على مشاركة ما يقرأونه عبر منصة إلكترونية مخصصة، ووفق مسارين رئيسيين هما مسار «القارئ الصغير» ومسار «القارئ الكبير».
«مهرجان أفلام السعودية»
ومن الفعاليات المهمة التي شهدتها السعودية خلال فترة الحجر الصحي، تنظيم «مهرجان أفلام السعودية» في الظهران، في الأول من سبتمبر (أيلول) 2020، حيث تحوّل المهرجان الذي نظمته «جمعية الثقافة والفنون» بالدمام، بالشراكة مع «مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي» بالظهران (إثراء)، وبدعم من هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة، في دورته السادسة إلى العالم الافتراضي، وتمّ نقل فعالياته جميعاً من خلال المنصات الإلكترونية عبر الإنترنت، وقناة «يوتيوب»، عرض المهرجان 54 فيلماً، بينها 32 فيلماً روائياً، و13 فيلماً وثائقياً، و17 فيلماً من أفلام الطلبة. وتضمن ورشتين، و5 ندوات، و90 فعالية مختلفة.
«جمعية الثقافة والفنون» بالدمام، نجحت في ظل الإغلاق الصحي، في 20 أغسطس (آب) 2020، بتنظيم معرض «الفيديو آرت» الذي شاركت فيه 17 دولة، وتضمن 10 جلسات حوار لمشاركين من 6 دول عربية قدّموا تجارب في «الفيديو آرت»، وثلاث ورش تفاعلية. كما نظمت الجمعية «ملتقى الدمام الثالث للنص المسرحي»، شارك فيه 21 كاتباً مسرحياً من 9 دول (الأول من يوليو «تموز» 2020)، ونظمت «ملتقى الدمام الموسيقي»، وملتقى «الحكواتي» في رمضان، مع استمرار برامج «بيت السرد» و«قراءة الكتب»، وقامت بتنظيم ملتقى «السرد النقدي»، عبر «أون لاين».
نادي الباحة الأدبي الثقافي (جنوب السعودية) نظم فعاليات متنوعة، بينها «ملتقى المسرح»، في دورته الأولى، وتمّ فيه تكريم 17 رائداً من رواد المسرح السعودي، واشتمل على تقديم ثلاثة عروض مسرحية، و11 جلسة نقدية.
وأقام النادي خمسة ملتقيات: للرواية العربية، ومهرجان الشعر العربي، ومهرجان شعر عبر الفضاء الإلكتروني، وملتقى القصة.
إنشاء 11 هيئة ثقافية
من ناحية أخرى، استفتحت الثقافة السعودية عام 2020 بقرار مجلس الوزراء (في 4 فبراير «شباط» 2020) 11 هيئة ثقافية جديدة وتفويض وزير الثقافة، بممارسة اختصاصات رئاسة مجالس إداراتها.
الهيئات تمثل نقلة في هيكلة القطاع الثقافي، حيث ستتولى مسؤولية إدارة القطاع الثقافي السعودي بمختلف تخصصاته واتجاهاته، وتكون كل هيئة مسؤولة عن تطوير قطاع محدد، وهي تتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة والاستقلال المالي والإداري، وترتبط تنظيمياً بوزير الثقافة.
والهيئات الجديدة هي: هيئة الأدب والنشر والترجمة، وهيئة الأزياء، وهيئة الأفلام، وهيئة التراث، وهيئة فنون العمارة والتصميم، وهيئة الفنون البصرية، وهيئة المتاحف، وهيئة المسرح والفنون الأدائية، وهيئة المكتبات، وهيئة الموسيقى، وهيئة فنون الطهي.
انطلاق المسرح الوطني
في حفل كبير، انطلق في 28 يناير (كانون الثاني) 2020، نشاط مبادرة المسرح الوطني في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض، بحضور مجموعة من الفنانين والمثقفين والمهتمين بالفنون المسرحية من المملكة والعالم العربي، إلى جانب جمهور من مختلف شرائح المجتمع، في حفل شهد عرضاً لاستراتيجية المسرح الوطني وكشفاً لرؤيته وأهدافه.
«سمبوزيوم طويق الدولي للنحت»
في 30 يناير (كانون الثاني) 2020، اختتمت النسخة الثانية من فعاليات «سمبوزيوم طويق الدولي للنحت» بحفلٍ أقيم في حي السفارات بالرياض، وتمّ فيه تكريم الفنان السعودي علي الطخيس تقديراً لجهوده الكبيرة في خدمة فن النحت السعودي طيلة أربعين عاماً.
وشهد «سمبوزيوم طويق الدولي» للنحت مشاركة 20 فناناً من مختلف دول العالم صنعوا منحوتاتهم.
أول مكتبة بصرية للنشاط الثقافي
في 25 فبراير 2020، أطلقت وزارة الثقافة مشروع «13 - 16»، وهو مشروع يؤسس لمكتبة بصرية للنشاط الثقافي السعودي، ويهدف إلى توثيق جميع مظاهر الثقافة في مناطق المملكة عبر التسجيل الميداني للحراك الثقافي والفني في المدن والمحافظات السعودية باختلاف أنواعه وتوثيقه بالصور الفوتوغرافية والفيديو، في بادرة تُعدّ الأولى من نوعها في المملكة بهذا الشمول والتنوع.
«دار القلم» تحمل اسم ولي العهد
في 27 أبريل (نيسان) 2020، تمت الموافقة على إطلاق اسم الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، على مركز «دار القلم» في المدينة المنورة، ليكون باسم «مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي»، بناءً على طلبٍ تقدم به وزير الثقافة.
مؤسسة لتنظيم بينالي عالمي
في 31 مايو (أيار) 2020، تم الإعلان عن إنشاء مؤسسة «ثنائيات الدرعية» المعنية بالفنون المعاصرة، التي تم تصميمها لتكون المسؤولة عن تنظيم بينالي سنوي في المملكة يتم التناوب فيه بين معرضٍ للفنون المعاصرة ومعرضٍ للفنون الإسلامية.
«الحالة الثقافية في المملكة»
في 10 يونيو (حزيران) 2020، أصدرت وزارة الثقافة النسخة الأولى من تقرير «الحالة الثقافية في المملكة»، وهو عبارة عن نتائج دراسة بحثية أجرتها لمعرفة واقع القطاع الثقافي السعودي تحت عنوان «تقرير الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية 2019م: ملامح وإحصائيات». وتضمن سرداً شاملاً للمعلومات والأرقام والوقائع المرتبطة بالقطاعات الثقافية الـستة عشر التي اعتمدتها وزارة الثقافة في وثيقة رؤيتها وتوجهاتها، والتي تتحرك فيها بوصلة الإبداع السعودي.
وفي 17 من الشهر ذاته، تم نشر النسخة الكاملة من تقرير «الحالة الثقافية في المملكة».
80 مهنة ثقافية
في 17 يونيو (حزيران) 2020 وافق مجلس الوزراء السعودي على إدراج أكثر من 80 مهنة ثقافية ضمن التصنيف السعودي الموحّد للمهن الجديد، في خطوة تُعدّ الأولى في تاريخ المملكة، ستمنح الناشطين والناشطات في الصناعة الثقافية صفة اعتبارية لدى المجتمع والمؤسسات الحكومية والأهلية.
تطوير المكتبات بمفهوم ثقافي شامل
في 18 يونيو (حزيران) 2020، أطلق وزير الثقافة مبادرة تطوير المكتبات العامة، بمفهوم ثقافي شامل، التي ستتولى إدارتها هيئة المكتبات، وستعمل من خلالها على تحويل المكتبات العامة إلى منصاتٍ ثقافية بمفهوم اجتماعي شامل وحديث، تلتقي فيه جميع أنماط الإبداع الثقافي، ويجد فيه الأفراد من مختلف شرائح المجتمع ما يمنحهم المعرفة والمشاركة والتفاعل في تجربة ثقافية متكاملة.
الجوائز الثقافية الوطنية
في 30 يونيو (حزيران) 2020، أطلقت وزارة الثقافة مبادرة «الجوائز الثقافية الوطنية» وتقدمها وزارة الثقافة لتكريم المبدعين في المجال الثقافي السعودي، وفي مختلف الأفرع الثقافية، متضمنة 14 جائزة ثقافية سيتم منحها بشكل سنوي لأهم الإنجازات الثقافية التي يحققها الأفراد السعوديون أو المؤسسات الناشطة في المملكة. وتتوزع الجوائز إلى جائزة شخصية العام الثقافية، جائزة الثقافة للشباب، جائزة المؤسسات الثقافية، بالإضافة إلى جائزة الأفلام، جائزة الأزياء، جائزة الموسيقى، جائزة التراث الوطني، جائزة الأدب، جائزة المسرح والفنون الأدائية، جائزة الفنون البصرية، جائزة فنون العمارة والتصميم، جائزة فنون الطهي، جائزة النشر، جائزة الترجمة.
برنامج الابتعاث الثقافي
في 20 يوليو 2020 أعلن أن عدد المرشحين والمرشحات للانضمام لبرنامج الابتعاث الثقافي بمساراته الثلاثة بلغ 1157 مرشحاً ومرشحة، وذلك من مجمل الطلبات المقدمة على مسارات البرنامج الثلاثة.
متحف «طارق عبد الحكيم»
في 17 أغسطس 2020، تم الإعلان عن إنشاء متحف موسيقي خاص بالفنان الراحل طارق عبد الحكيم في مدينة جدة البلد، وبمحتويات تُعبّر عن ثراء التاريخ الموسيقي المحلي وإسهامات الفنان الراحل في مسيرة الفن في المملكة.
وسيفتتح المتحف في أواخر عام 2022، وسيقام بشكل دائم في بيت المنوفي بمنطقة البلد التاريخية المسجلة في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي في عام 2014.
ويتضمن المتحف مجموعة من أرشيف ومتعلقات طارق عبد الحكيم الشخصية، من آلات موسيقية وبكرات لتسجيلاته، وألبومات صور، وبعض المقطوعات الموسيقية لكبار المطربين العرب، مثل أم كلثوم وعبد الوهاب، إلى جانب وثائق مرئية وصوتية لطارق عبد الحكيم، وهو يؤدي مؤلفاته مع آخرين، ومؤلفاته الموسيقية من الأناشيد الوطنية وغيرها.
«قاعدة البيانات الثقافية»
في 2 سبتمبر (أيلول) 2020، أعلنت وزارة الثقافة عن استبيان لمنسوبي القطاع الثقافي السعودي تحت عنوان «قاعدة البيانات الثقافية» لتسجيل جميع القوى والكوادر الفاعلة في القطاع، وتسجيل بياناتها المهنية والشخصية، ولتحقيق أعلى مستوى من التواصل مع جميع الفنانين والمثقفين في مختلف التخصصات الإبداعية التي تشمل الأفلام، واللغة والترجمة، والكتب والنشر، والموسيقى، والمسرح والفنون الأدائية، والأدب، والفنون البصرية، والأزياء، والمكتبات، والتراث، والمتاحف، وفنون العمارة والتصميم، وفنون الطهي.
مجمع الملك سلمان العالمي
للغة العربية
في 2 سبتمبر (أيلول) 2020، وافق مجلس الوزراء السعودي على تأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، لإبراز مكانة اللغة العربية وتفعيل دورها إقليمياً وعالمياً، وتعزيز قيمتها المعبرة عن العمق اللغوي للثقافة العربية والإسلامية.
وسيعمل المجمع على إحياء روح الاعتزاز بالهوية الثقافية العربية، وتشمل أنشطته دعم تطبيقات ومنتجات وأبحاث اللغة العربية في المملكة والعالمين العربي والإسلامي.
أول متحف إبداعي عن النفط
في 9 سبتمبر (أيلول) 2020، أعلنت وزارتا الثقافة والطاقة عن إطلاق أول متحف دائم عن النفط بالشراكة مع مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية تحت عنوان «متحف الذهب الأسود»، وسيقام في يوليو (تموز) عام 2022، في مقر المركز بالرياض، بمشاركة فنانين من مختلف دول العالم.
السعودية في عضوية
لجنة التراث الثقافي باليونيسكو
في 10 سبتمبر (أيلول) 2020، انتخبت السعودية من قبل الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، لعضوية لجنة التراث الثقافي غير المادي، وذلك أثناء انعقاد الجمعية العامة الثامنة للدول الأطراف في اتفاقية صوْن التراث الثقافي غير المادي التي أقيمت في مقر «اليونيسكو» بالعاصمة الفرنسية (باريس) بحضور ممثلي 178 دولة.
اكتشافات أثرية تعود لأكثر
من 120 ألف سنة
في 16 سبتمبر (أيلول) 2020، تم الإعلان عن اكتشاف فريق سعودي دولي مشترك لآثار أقدام لبشر وفيلة وحيوانات مفترسة حول بحيرة قديمة جافة على أطراف منطقة تبوك يعود تاريخها إلى أكثر من 120 ألف سنة من الآن.
وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة التراث الدكتور جاسر بن سليمان الحربش أن هذا الاكتشاف الأثري الجديد والمهم يمثل الدليل العلمي الأول على أقدم وجود للإنسان على أرض الجزيرة العربية، كما أنه يقدم لمحة نادرة عن بيئة الأحياء أثناء انتقال الإنسان لهذه البقعة من العالم.
متحف «البحر الأحمر»
في 20 سبتمبر (أيلول) 2020، أعلن عن إنشاء متحف البحر الأحمر في مبنى «باب البنط» بجدة التاريخية، الذي سيُفتتح في أواخر عام 2022، متضمناً مقتنيات ومخطوطات وصوراً وكتباً نادرة، تحكي في مجموعها قصة «مبنى البنط» التراثي بوصفه نقطة اتصال تاريخية بين سكان ساحل البحر الأحمر والعالم، ومدخلاً رئيسياً للحجاج والتجار والسياح إلى مدينة جدة.
اجتماع وزراء الثقافة
في مجموعة «العشرين»
في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، بتنظيم من وزارة الثقافة السعودية، عقد وزراء الثقافة في دول مجموعة العشرين اجتماعاً افتراضياً، أكدوا خلاله دعم الاقتصاد الثقافي العالمي، وتعزيز دوره، عبر اجتماعات سنوية تقام أثناء انعقاد قمم دول مجموعة «العشرين»، وأكدوا التزامهم بدعم الجهود الساعية للمحافظة على التراث الطبيعي في العالم، ومن ضمنه التراث المغمور تحت المياه.
وحمل الاجتماع شعار «نهوض الاقتصاد الثقافي: نموذجٌ جديد»، وناقش فيه وزراء الثقافة ومسؤولون من منظماتٍ دولية المحافظة على التراث والتنمية المستدامة والثقافة بصفتها محفزاً على النمو الاقتصادي، وركز الحوار على توظيف التكنولوجيا الحديثة وتطوير المنصات الرقمية من أجل التعبير الفني وتسهيل الوصول إلى المصادر الثقافية.
«حاضنة الأزياء»
في 3 ديسمبر (كانون الأول) 2020، أطلقت وزارة الثقافة «برنامج حاضنة الأزياء» الذي يُعدّ الأول من نوعه في المملكة لدعم روّاد الأعمال والمواهب في قطاع الأزياء والقطاعات ذات العلاقة وتطوير منتجاتهم.

تعيينات ثقافية
> في 9 فبراير (شباط) 2020، عين وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، الروائي محمد حسن علوان رئيساً تنفيذياً لهيئة الأدب والنشر والترجمة.
كما عيّن في 12 فبراير (شباط) 2020، ميادة بدر رئيساً تنفيذياً لهيئة فنون الطهي، وهي خريجة المدرسة الدولية «كوردون بلو» في باريس، كما تدربت تحت إشراف طهاة معروفين دولياً.
في 19 فبراير (شباط) 2020، تم تعيين الدكتور ستيفانو كاربوني رئيساً تنفيذياً لهيئة المتاحف، ويُعد كاربوني من المتخصصين في مجال المتاحف، وسبق له أن تولى إدارة العديد من المتاحف والمعارض الفنية في العالم، وعمل في متحف متروبوليتان في نيويورك لمدة 16 سنة، خلال الفترة من 1992 إلى 2008، وهو حاصل على درجة الدكتوراه في اللغة العربية والفن الإسلامي من مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية التابعة لجامعة لندن عام 1992.
وفي 16 فبراير (شباط) 2020، عيّن وزير الثقافة سلطان البازعي رئيساً تنفيذياً لهيئة المسرح والفنون الأدائية.
وفي 23 فبراير (شباط) 2020، تمّ تعيين جهاد الخالدي رئيسة تنفيذية لهيئة الموسيقى، وتتمتع الخالدي بخبرات في المجال الموسيقي تمتد لأكثر من 33 سنة، حيث كانت تعمل عازفة كمان ضمن الأوركسترا المصرية لمدة 8 سنوات، كما حصلت على درجة البكالوريوس في عزف الكمان وفي نظرية الموسيقى من المعهد العالي للموسيقى في القاهرة، إلى جانب خبرتها ومعرفتها الإدارية.
في 26 فبراير (شباط) 2020، تم تعيين عبد الرحمن العاصم رئيساً تنفيذياً لهيئة المكتبات.
وفي 8 أبريل (نيسان) 2020، كلّف وزير الثقافة الدكتور جاسر الحربش رئيساً تنفيذياً لهيئة التراث.
وفي 30 أبريل (نيسان) 2020، عين وزير الثقافة الدكتورة سمية السليمان رئيسة تنفيذية لهيئة فنون العمارة والتصميم.
وفي 7 يونيو (حزيران) 2020، عيّن وزير الثقافة المهندس عبد الله آل عياف القحطاني رئيساً تنفيذياً لهيئة الأفلام.
في 7 يوليو (تموز) 2020، تمّ تعيين دينا أمين رئيسة تنفيذية لهيئة الفنون البصرية
وهي من الخبرات السعودية المتخصصة في الفنون البصرية أكاديمياً ومهنياً، وحاصلة على درجة البكالوريوس في تاريخ الفنون والهندسة المعمارية من كلية ولزلي بولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة.



سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم
TT

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم

بالكثير من التفاؤل والأمل والقليل من الحذر يتحدث أدباء وشعراء سوريون عن صورة سوريا الجديدة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الديكتاتوري، مشبهين سقوطه بالمعجزة التي طال انتظارها... قراءة من زاوية خاصة يمتزج فيها الماضي بالحاضر، وتتشوف المستقبل بعين بصيرة بدروس التاريخ، لواحدة من أجمل البلدان العربية الضاربة بعمق في جذور الحضارة الإنسانية، وها هي تنهض من كابوس طويل.

«حدوث ما لم يكن حدوثه ممكناً»

خليل النعيمي

بهذا العبارة يصف الكاتب الروائي خليل النعيمي المشهد الحالي ببلاده، مشيراً إلى أن هذه العبارة تلخص وتكشف سر السعادة العظمى التي أحس بها معظم السوريين الذين كانوا ضحية الاستبداد والعَسْف والطغيان منذ عقود، فما حدث كان تمرّداً شجاعاً انبثق كالريح العاصفة في وجه الطغاة الذين لم يكونوا يتوقعونه، وهو ما حطّم أركان النظام المستبد بشكل مباشر وفوري، وأزاح جُثومه المزمن فوق القلوب منذ عشرات السنين. ونحن ننتظر المعجزة، ننتظر حدوث ما لم نعد نأمل في حدوثه وهو قلب صفحة الطغيان: «كان انتظارنا طويلاً، طويلاً جداً، حتى أن الكثيرين منا صاروا يشُكّون في أنهم سيكونون أحياءً عندما تحين الساعة المنتظرة، والآن قَلْب الطغيان لا يكفي، والمهم ماذا سنفعل بعد سقوط الاستبداد المقيت؟ وكيف ستُدار البلاد؟ الطغيان فَتّت سوريا، وشَتّت أهلها، وأفْقرها، وأهان شعبها، هذا كله عرفناه وعشناه. ولكن، ما ستفعله الثورة المنتصرة هو الذي يملأ قلوبنا، اليوم بالقلَق، ويشغل أفكارنا بالتساؤلات».

ويشير إلى أن مهمة الثورة ثقيلة، وأساسية، مضيفاً: «نتمنّى لها أن تنجح في ممارستها الثورية ونريد أن تكون سوريا لكل السوريين الآن، وليس فيما بعد، نريد أن تكون سوريا جمهورية ديمقراطية حرة عادلة متعددة الأعراق والإثنيّات، بلا تفريق أو تمزيق. لا فرق فيها بين المرأة والرجل، ولا بين سوري وسوري تحت أي سبب أو بيان. شعارها: حرية، عدالة، مساواة».

مشاركة المثقفين

رشا عمران

وترى الشاعرة رشا عمران أن المثقفين لا بد أن يشاركوا بفعالية في رسم ملامح سوريا المستقبل، مشيرة إلى أن معجزة حدثت بسقوط النظام وخلاص السوريين جميعاً منه، حتى لو كان قد حدث ذلك نتيجة توافقات دولية ولكن لا بأس، فهذه التوافقات جاءت في مصلحة الشعب.

وتشير إلى أن السوريين سيتعاملون مع السلطة الحالية بوصفها مرحلة انتقالية ريثما يتم ضبط الوضع الأمني وتستقر البلد قليلاً، فما حدث كان بمثابة الزلزال، مع الهروب لرأس النظام حيث انهارت دولته تماماً، مؤسساته العسكرية والأمنية والحزبية كل شيء انهار، وحصل الفراغ المخيف.

وتشدد رشا عمران على أن النظام قد سقط لكن الثورة الحقيقة تبدأ الآن لإنقاذ سوريا ومستقبلها من الضياع ولا سبيل لهذا سوى اتحاد شعبها بكل فئاته وأديانه وإثنياته، فنحن بلد متعدد ومتنوع والسوريون جميعاً يريدون بناء دولة تتناسب مع هذا التنوع والاختلاف، ولن يتحقق هذا إلا بالمزيد من النضال المدني، بالمبادرات المدنية وبتشكيل أحزاب ومنتديات سياسية وفكرية، بتنشيط المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً.

وتوضح الشاعرة السورية أن هذا يتطلب أيضاً عودة كل الكفاءات السورية من الخارج لمن تسنح له ظروفه بهذا، المطلوب الآن هو عقد مؤتمر وطني تنبثق منه هيئة لصياغة الدستور الذي يتحدد فيه شكل الدولة السورية القادمة، وهذا أيضاً يتطلب وجود مشاركة المثقفين السوريين الذين ينتشرون حول العالم، ينبغي توحيد الجهود اليوم والاتفاق على مواعيد للعودة والبدء في عملية التحول نحو الدولة الديمقراطية التي ننشدها جميعاً.

وداعاً «نظام الخوف»

مروان علي

ومن جانبه، بدا الشاعر مروان علي وكأنه على يقين من أن مهمة السوريين ليست سهلة أبداً، وأن «نستعيد علاقتنا ببلدنا ووطننا الذي عاد إلينا بعد أكثر من خمسة عقود لم نتنفس فيها هواء الحرية»، لافتاً إلى أنه كان كلما سأله أحد من خارج سوريا حيث يقيم، ماذا تريد من بلادك التي تكتب عنها كثيراً، يرد قائلاً: «أن تعود بلاداً لكل السوريين، أن نفرح ونضحك ونكتب الشعر ونختلف ونغني بالكردية والعربية والسريانية والأرمنية والآشورية».

ويضيف مروان: «قبل سنوات كتبت عن (بلاد الخوف الأخير)، الخوف الذي لا بد أن يغادر سماء سوريا الجميلة كي نرى الزرقة في السماء نهاراً والنجوم ليلاً، أن نحكي دون خوف في البيت وفي المقهى وفي الشارع. سقط نظام الخوف وعلينا أن نعمل على إسقاط الخوف في دواخلنا ونحب هذه البلاد لأنها تستحق».

المساواة والعدل

ويشير الكاتب والشاعر هاني نديم إلى أن المشهد في سوريا اليوم ضبابي، ولم يستقر الأمر لنعرف بأي اتجاه نحن ذاهبون وأي أدوات سنستخدم، القلق اليوم ناتج عن الفراغ الدستوري والحكومي ولكن إلى لحظة كتابة هذه السطور، لا يوجد هرج ومرج، وهذا مبشر جداً، لافتاً إلى أن سوريا بلد خاص جداً بمكوناته البشرية، هناك تعدد هائل، إثني وديني ومذهبي وآيديولوجي، وبالتالي علينا أن نحفظ «المساواة والعدل» لكل هؤلاء، فهي أول بنود المواطنة.

ويضيف نديم: «دائماً ما أقول إن سوريا رأسمالها الوحيد هم السوريون، أبناؤها هم الخزينة المركزية للبلاد، مبدعون وأدباء، وأطباء، وحرفيون، أتمنى أن يتم تفعيل أدوار أبنائها كل في اختصاصه وضبط البلاد بإطار قانوني حكيم. أحلم أن أرى سوريا في مكانها الصحيح، في المقدمة».

خالد حسين

العبور إلى بر الأمان

ومن جانبه، يرصد الأكاديمي والناقد خالد حسين بعض المؤشرات المقلقة من وجهة نظره مثل تغذية أطراف خارجية للعداء بين العرب والأكراد داخل سوريا، فضلاً عن الجامعات التي فقدت استقلالها العلمي وحيادها الأكاديمي في عهد النظام السابق كمكان لتلقي العلم وإنتاج الفكر، والآن هناك من يريد أن يجعلها ساحة لنشر أفكاره ومعتقداته الشخصية وفرضها على الجميع.

ويرى حسين أن العبور إلى بر الأمان مرهونٌ في الوقت الحاضر بتوفير ضروريات الحياة للسوريين قبل كلّ شيء: الكهرباء، والخبز، والتدفئة والسلام الأهلي، بعد انتهاء هذه المرحلة الانتقالية يمكن للسوريين الانطلاق نحو عقد مؤتمر وطني، والاتفاق على دستور مدني ديمقراطي ينطوي بصورة حاسمة وقاطعة على الاعتراف بالتداول السلمي للسلطة، وحقوق المكوّنات الاجتماعية المذهبية والعرقية، وحريات التعبير وحقوق المرأة والاعتراف باللغات الوطنية.

ويشير إلى أنه بهذا الدستور المدني المؤسَّس على الشرعية الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن تتبلور أحلامه في سوريا القادمة، حينما يرى العدالة الاجتماعية، فهذا هو الوطن الذي يتمناه دون تشبيح أو أبواق، أو طائفية، أو سجون، موضحاً أن الفرصة مواتية لاختراع سوريا جديدة ومختلفة دون كوابيس.

ويختتم قائلاً: «يمكن القول أخيراً إنّ مهام المثقف السوري الآن الدعوة إلى الوئام والسلام بين المكوّنات وتقويض أي شكل من أشكال خطاب الهيمنة والغلواء الطائفي وإرادة القوة في المستقبل لكي تتبوّأ سوريا مكانتها الحضارية والثقافية في الشرق الأوسط».