سلطات شرق ليبيا تتصدى لاتهامات أميركا في «تفجير لوكربي»

صورة أرشيفية لركام الطائرة التي تحطمت في سماء لوكربي عام 1988 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لركام الطائرة التي تحطمت في سماء لوكربي عام 1988 (أ.ف.ب)
TT

سلطات شرق ليبيا تتصدى لاتهامات أميركا في «تفجير لوكربي»

صورة أرشيفية لركام الطائرة التي تحطمت في سماء لوكربي عام 1988 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لركام الطائرة التي تحطمت في سماء لوكربي عام 1988 (أ.ف.ب)

بموازاة صمت حكومة الوفاق الليبية، التي يرأسها فائز السراج، اقترح المستشار إبراهيم بوشناف، وزير الداخلية بالحكومة الموازية في شرق ليبيا، تشكيل فريق قانوني -سياسي للدفاع عن ليبيا، على إثر إعلان الإدارة الأميركية إعادة فتح ملف قضية تفجير طائرة فوق سماء مدينة لوكربي الاسكوتلندية، وذلك بتوجيه اتهامات جديدة بحق أبو عقيلة محمد مسعود، أحد مسؤولي جهاز المخابرات الليبية السابق.
وقال بوشناف مساء أول من أمس إنه «طرح الأمر في اجتماع مجلس وزراء الحكومة، وتقرر تشكيل فريق قانوني سياسي ملم بالعلاقات الدولية، وملمّ بخفايا هذه القضية للدفاع عن الوطن ضد الاستباحة». معتبرا أن الموضوع «ملحّ ويجب العمل عليه بسرعة، بعيدا عن المواقف السياسية»، وأن «القضية تم تسويتها سياسيا في السابق، والدولة الليبية تحمّلت في حينها أفعال تابعيها مدنياً».
وحذر بوشناف من أن الطلب الحالي يريد جرّ ليبيا إلى المسؤولية السياسية، قائلاً: «إذا وقعنا في هذا المنزلق فستستباح ليبيا أكثر مما هي مستباحة الآن»، موضحا أن المسؤولية الجنائية «ستنتج عنها مسؤولية الدولة سياسيا عن القضية، وبالتالي سيتم تكبيل الأجيال القادمة بأعبائها». واعتبر أن الاتفاق، الذي تم إبرامه مع نظام العقيد الراحل معمر القذافي، أنهى الملف برمّته، لافتا إلى أنه فصّل فترة عمله في السلك القضائي في الشق المتعلق بالشخص، الذي وشى بالدولة الليبية، وسبب لها ويلات الحصار.
بدوره أشاد موسى إبراهيم، الناطق باسم آخر حكومة في عهد القذافي، بدعوة بوشناف، واعتبرها «موقفا وطنيا يستحق الإشادة والتقدير»، لافتا إلى محاولة مجموعة من الحقوقيين الليبيين في العاصمة طرابلس لإيجاد وسيلة، وإطار للدفاع عمن وصفه بـ«المواطن الليبي المعتقل ظلماً بوعقيلة المريمي، لكنهم واقعون تحت سطوة الخوف وهاجس الميليشيات والنفوذ الأجنبي».
وكانت الولايات المتحدة قد كشفت يوم الاثنين الماضي النقاب عن اتهامات جنائية بحق أبو عقيلة محمد مسعود، كثالث مشتبه به في التآمر لتفجير طائرة «بان إم» رقم 103، فوق بلدة لوكربي في اسكوتلندا عام 1988، والذي أسفر عن مقتل 270 شخصا، معظمهم أميركيون. وقال وزير العدل الأميركي، وليام بار، إن مسعود المسؤول السابق في المخابرات الليبية رهن الاعتقال في ليبيا، معربا عن أمله في أن «تسمح ليبيا بمحاكمته في الولايات المتحدة».
وتقول وزارة العدل الأميركية إن مسعود، الذي وجهت له تهمتان مرتبطتان بالتفجير، قام بنقل القنبلة التي انفجرت داخل الطائرة المتجهة من ليبيا إلى مالطا في حقيبة، وقام بضبط مؤقتها، مشيرة إلى أنه شغل عدة مناصب في جهاز المخابرات الليبي، بما في ذلك عمله كخبير في صنع العبوات المتفجرة في الفترة الممتدة ما بين 1973 و2011. وقالت أيضا إنه متورط كذلك في تفجير عام 1986 لملهى «لابيل» الليلي في غرب برلين، الذي أسفر عن مقتل اثنين من الجنود الأميركيين.
كما قالت وزارة العدل في وقت لاحق إن «القذافي وجه بنفسه الشكر إلى مسعود وفحيمة للهجوم على هدف أميركي، ووصف العملية بأنها نجاح تام».
ويدرس القضاء الاسكوتلندي استئنافا تقدمت به عائلة الليبي عبد الباسط علي محمد المقرحي، المحكوم عليه الوحيد في تفجير لوكربي عام 1988، والذي توفي عام 2012، سعيا إلى تبرئة ساحته من الإدانة رغم وفاته.
وكانت الطائرة تقوم برحلة بين لندن ونيويورك عندما انفجرت في 21 ديسمبر (كانون الأول) 1988 فوق بلدة لوكربي، ما أدى إلى مقتل 270 شخصا، بينهم كثير من الأميركيين والبريطانيين، وقضى في الحادث 243 راكبا وأفراد الطاقم الستة عشر، و11 من أبناء البلدة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.