يبتسم المهاجم الإنجليزي داني ويلبيك بينما يجري مدير الإنتاج بنادي برايتون بعض التعديلات النهائية على تطبيق «زووم» من أجل إجراء هذا الحوار معه، قائلا: «لقد بات هذا هو الوضع الطبيعي الآن». كان ويلبيك، الذي أكمل عامه الثلاثين الشهر الماضي، يتميز بالسرعة الفائقة والإمكانيات الهائلة عندما كان في أفضل مستوياته، كما حصل على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز وهو لا يزال في الثانية والعشرين من عمره.
تألق ويلبيك بشكل لافت مع مانشستر يونايتد، وأحرز هدفا استثنائيا بكعب القدم مع المنتخب الإنجليزي في مرمى السويد في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2012، كما سجل هدفا برأسية رائعة في مرمى ريال مدريد على ملعب «سانتياغو برنابيو». وفي عام 2014، نجح المدير الفني لآرسنال، آرسين فينغر، في التعاقد معه في اليوم الأخير من فترة الانتقالات. لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف مر هذا الوقت سريعا، وكيف وصل هذا الرجل إلى الثلاثين من عمره الآن؟
يقول ويلبيك ضاحكا: «نعم، أشكرك لأنك ذكرتني بهذه الأشياء الجميلة. ليس من الرائع دائمًا التفكير في الماضي، بل يتعين عليك أن تتطلع دائما إلى الأمام وتفكر في كيفية تطورك إلى الأفضل. يجب عليك أن تنظر إلى الإيجابيات في كل موقف تمر به، وهذا هو ما أفعله دائما».
وبينما يعيد ويلبيك بناء مسيرته الكروية بعقد قصير الأجل مع نادي برايتون، هناك الكثير من الإيجابيات التي يمكن أن يبني عليها، حيث بدأ اللاعب المخضرم مسيرته مع فريقه الجديد بشكل رائع وسجل هدفا جميلا في مرمى أستون فيلا. وعلاوة على ذلك، يضم برايتون كوكبة من اللاعبين الشباب الرائعين الذين لا ينقصهم سوى لاعب لديه خبرات كبيرة وقادر على حسم الأمور في الأوقات الصعبة، وهي الصفات التي يتحلى بها ويلبيك.
ويصر ويلبيك على أنه ما زال يتحلى بالسرعة الفائقة، حتى لو كان الآن أحد أكبر اللاعبين سنا في غرفة خلع ملابس الفريق. يقول نجم مانشستر يونايتد السابق: «هناك الكثير من اللاعبين الأصغر مني سنا، لكنني لست متأكدا مما إذا كان هناك من هو أسرع مني. ربما يكون اللاعب الوحيد الأسرع مني هو طارق لامبتي!».
على أي حال، لدى ويلبيك الكثير من الأسباب التي تجعله لا يرغب في التفكير كثيرا في الماضي، ومن بينها بالتأكيد الإصابات اللعينة التي عطلته كثيرا منذ عام 2015، حيث تعرض أولا لإصابة في الركبة اليمنى أبعدته عن الملاعب لمدة عشرة أشهر، ثم إصابة أخرى في الركبة اليسرى أبعدته عن الملاعب لمدة ثمانية أشهر. وبعد ذلك، تعرض لكسر في الكاحل غاب على إثره عن الملاعب لمدة تسعة أشهر، ثم لإصابة في أوتار الركبة الخريف الماضي أبعدته عن الملاعب لأربعة أشهر. وبعد ذلك، توقف العالم بأكمله بسبب تفشي فيروس كورونا. وفي النهاية، لم يلعب ويلبيك لمدة 90 دقيقة كاملة في الدوري الإنجليزي الممتاز سوى 15 مرة فقط على مدار ست سنوات. يقول ويلبيك: «لقد مررت بالعديد من التجارب والانتكاسات. ورغم أن الأمر صعب للغاية، يتعين على المرء أن يتحلى بالمرونة والصمود. لدي مجموعة رائعة من الأصدقاء وأفراد العائلة من حولي، ومن الواضح أنهم يعرفون كم أعشق كرة القدم، لذلك من الصعب للغاية عليهم أن يروني لا أمارس كرة القدم».
وحتى خلال أشهر الغياب الطويلة، عندما لم يكن قادرا على مغادرة منزله وليس فقط ركل الكرة، كان ويلبيك يسعى دائما للتطور والتحسن، لذلك عاود مشاهدة مبارياته القديمة من أجل تحليلها ومعرفة النقاط التي يجب عليه تطويرها. كما كان يقرأ بنهم خلال تلك الفترة. وقبل كل شيء، كان يحاول دائما أن يحافظ على تواضعه وأن يحافظ على نظرته للأمور بشكل سليم رغم المعاناة الشديدة.
يقول ويلبيك: «من الواضح أنك عندما تكون في هذا الموقف، فإنك تفكر بطريقة أنانية بعض الشيء، وتطرح على نفسك العديد من الأسئلة، من قبيل: لماذا أنا في هذا الموقف؟ لكن في نهاية المطاف يجب أن تعرف أن هناك الكثير من الناس في وضع أسوأ بكثير مما أنت فيه. لذلك، يتعين عليك أن تفكر في الإيجابيات، مهما كان صعوبة الأمر».
ورغم أنه بالتأكيد أقرب إلى النهاية منه إلى البداية، ورغم أنه لا يزال هناك شعور بالشفقة تجاه المسيرة الكروية لويلبيك - الحظ السيئ، والصعوبات التي لم يتغلب عليها، والألقاب التي لم يفز بها – فإنه لا ينظر إلى الماضي ولا يفكر في مثل هذه الأمور على الإطلاق. ورغم أنه لم يمر سوى عامين فقط منذ إن كان ويلبيك يلعب في التشكيلة الأساسية لآرسنال وينضم لقائمة المنتخب الإنجليزي تحت قيادة المدير الفني غاريث ساوثغيت، فإنه يتعين عليه أن يثبت نفسه مرة أخرى ويثبت للجميع أنه ما زال قادرا على العطاء.
وعندما سئل ويلبيك عما إذا كان الشك قد ساوره يوما ما بشأن قدرته على العودة بقوة مرى أخرى، رد قائلا: «دائما ما ينتابك شعور في البداية بأن الأمور صعبة للغاية، لكنني محظوظ لكوني شابًا ولائقًا وبصحة جيدة. وبمجرد عودتك إلى أرض الملعب مرى أخرى، فإنك ستكون تحت المجهر وسيراقب الجميع أداءك، وبالتالي ستكون قادرا على معرفة المستويات التي تقدمها بالضبط، وستعرف كل الأرقام والإحصائيات الخاصة بأدائك داخل الملعب، وبالتالي ستعرف ما إذا كنت تسير على الطريق الصحيح أم لا».
وقد حافظ ويلبيك على لياقته البدنية خلال الصيف الماضي. ورغم أنه رحل عن واتفورد بالتراضي في نهاية الموسم الماضي وكان يمكنه الانتقال إلى أي ناد آخر في صفقة انتقال حر، فإنه واصل العمل مع مدربي اللياقة البدنية في النادي بينما كان ينتظر الحصول على عرض جديد لخوض تجربة جديدة. وجاءه هذا العرض بالفعل من نادي برايتون، حيث لعب دان أشوورث، المدير التقني الذي يعرف ويلبيك جيدا منذ الفترة التي كان يعمل خلالها مع المنتخب الإنجليزي، دورا كبيرا في إتمام هذه الصفقة. يقول ويلبيك عن ذلك: «كانت هناك عروض من أماكن أخرى، لكنني اقتنعت بمشروع برايتون، إلى جانب المدير الفني والعاملين بالنادي. إنها منظومة رائعة تعمل بشكل جيد للغاية».
وتمكن برايتون، تحت القيادة الفنية لغراهام بوتر، من تحقيق خطوات صغيرة ولكنها مهمة للغاية إلى الأمام. ويلعب الفريق كرة قدم ممتعة وجذابة، ويعد أحد أفضل فرق الدوري الإنجليزي الممتاز من حيث الضغط على الفرق المنافسة. وعلاوة على ذلك، يأتي برايتون في المركز السادس بين جميع فرق المسابقة من حيث الأهداف المتوقعة. يقول ويلبيك: «إنه مدير فني رائع، ويهتم كثيرا بالنواحي الخططية والتكتيكية، كما يهتم بأدق التفاصيل قبل خوض أي مباراة. إننا نعرف جيدا كيف نريد أن نلعب، كما نلعب بطريقة هجومية ونهاجم المنافسين دائما».
لكن الشيء الذي يعيق الفريق كثيرا منذ صعوده إلى الدوري الإنجليزي الممتاز في عام 2017 يتمثل في عدم قدرة الفريق على تحويل الفرص إلى أهداف، ومن المؤكد أن هذا هو السبب الذي جعل النادي يتعاقد مع مهاجم مثل ويلبيك. ورغم أن السجل التهديفي لويلبيك متواضع - ويرجع ذلك جزئيًا إلى حقيقة أنه كان يلعب في معظم الأوقات على أطراف الملعب – فإن وصوله قد سمح لنادي برايتون بتغيير طريقة اللعب إلى 3 - 5 - 2، حتى يمكن الاعتماد على ويلبيك مع نيل مايوباي أو آرون كونولي في الثلث الأخير من الملعب.
يقول ويلبيك: «عندما يكون لديك مهاجم يلعب معك في الخط الأمامي، فإنك تتطلع دائما إلى التعاون معه بالشكل الأمثل والتكيف مع طريقة لعبه. وبمجرد أن تصل الكرة إلى نيل، فإنني أحاول التمركز في مكان يسمح لي باستقبال الكرة وتبادلها معه، والقيام بمثل هذه الأمور». لكن ما الذي يجعل فريقا ما يقدم كرة قدم ممتعة، ومن هو الفريق الذي يستمتع ويلبيك بمشاهدته الآن؟ يرد نجم آرسنال السابق قائلا: «الفوز هو أهم شيء في كرة القدم، ثم تأتي بعد ذلك الطريقة التي تحقق بها هذا الفوز. ومن الممتع أن تشاهد الفرق التي تمارس طريقة الضغط بشكل رائع، مثل ليفربول وبايرن ميونيخ. ومن الرائع أن يلعب الفريق ككتلة واحدة وأن يتحرك اللاعبون سويا بدقة شديدة، وأن يعرف كل لاعب دوره تماما داخل الملعب. إنني استمتع دائما بمشاهدة الفرق التي تلعب بحماس شديد وبطاقة هائلة وبشكل جماعي».
لكن من المؤكد أن الدوري الإنجليزي الممتاز قد فقد الكثير من متعته في عام 2020 بسبب غياب الجماهير والجدل المثار بشأن تقنية حكم الفيديو المساعد (الفار). ومع ذلك، عندما تسمع ويلبيك وهو يتحدث عن شغفه الذي لا ينضب للعبة التي كانت قاسية للغاية معه، فإنك ستفهم على الفور الجانب الآخر من المعادلة وكيف أن كرة القدم تقدم متعة كبيرة لعشاقها. يقول ويلبيك: «أنا أحب لعب كرة القدم فقط، وأشعر بمتعة لا يمكن وصفها بمجرد وصول الكرة إلى قدمي وأنا في الملعب وأواجه شخصا آخر».
داني ويلبيك: ليس جيداً الحديث عن الماضي... وأتطلع دائماً للأمام
المهاجم الذي لعب ليونايتد وآرسنال يعترف بأن الإصابة عطلته كثيراً... لكنه يأمل أن يقدم المساندة لبرايتون هذا الموسم
داني ويلبيك: ليس جيداً الحديث عن الماضي... وأتطلع دائماً للأمام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة