بالتزامن مع بدء بريطانيا، أول من أمس (الأربعاء)، عملية تطعيم واسعة ضد فيروس «كورونا»، باستخدام اللقاح الذي طورته شركتا «فايزر» و«بيونتك»، نشرت مجلة «ذي لانسيت» الطبية، نتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح جامعة أكسفورد وشركة أسترازينكا، ليتفرد هذا اللقاح بكونه الأول الذي نشر نتائج المراحل الثلاث من التجارب السريرية علميا.
ونشرت الفرق البحثية العاملة على اللقاحات، ومنها فريق جامعة أكسفورد، نتائج مؤقتة لتجاربها السريرية في بيانات صحافية، خلال الأسبوعين الماضيين، غير أن مجلة «ذي لانسيت»، نشرت أول من أمس نتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح أكسفورد وأسترازينكا، لتكون «أولى النتائج فاعلية تمت مراجعتها من قبل الأقران يتم نشرها للقاح خاص بـ(كوفيد - 19)، ليتفرد بهذه الميزة عن الفرق البحثية الأخرى، التي لم تستكمل النشر العلمي حتى الآن» كما يؤكد الدكتور أحمد سالمان، عضو الفريق البحثي بالدراسة التي نشرتها «ذا لانسيت».
ويقول سالمان لـ«الشرق الأوسط»: «اللقاح سيتم اعتماده خلال أيام في بريطانيا، لينضم إلى لقاح شركتي (فايزر) و(بيونتك) في التطعيم، وسيعزز النشر طلبنا للحصول على اعتماد للقاح من هيئة الغذاء والدواء الأميركية، والمنظمات العالمية الأخرى». ويضيف «هناك حوالي 30 مليون جرعة جاهزة للاستخدام من لقاح أكسفورد، مخصص منها 4 ملايين جرعة للمملكة المتحدة، وسيتم استخدامها مباشرة بمجرد الاعتماد».
وبدأ العمل على إعداد هذه الجرعات في شهر مايو (أيار) الماضي، ويتم تكثيف التصنيع الآن لإنتاج المزيد من أجل الوفاء بالتعاقدات.
وكانت شركة أسترازينكا، أعلنت أنها تعاقدت على تصنيع حوالي 3.7 مليار جرعة خلال العام المقبل، وقال السير مين بانغالوس في تصريحات أول من أمس لشبكة «بي بي سي» البريطانية، إن اللقاح يمكن أن يلعب دوراً رئيسياً في مكافحة الوباء إذا تمت الموافقة عليه قريباً، إذ إنه أرخص من بعض لقاحات (كوفيد - 19) الأخرى وأسهل في التخزين والتوزيع.
وتكشف الورقة البحثية التي نشرتها «ذي لانسيت»، وتم تقييمها من قبل علماء مستقلين، النتائج الكاملة للتجارب المتقدمة لأكثر من 20 ألف شخص، كان معظمهم في عمر من 18 إلى 55 عاما، بينما كان هناك حوالي ألف متطوع في سن من 56 إلى 69 عاما، وحوالي 500 متطوع فوق سن الـ70 عاما.
وأظهرت النتائج أن اللقاح كان فعّالا بنسبة 62 في المائة لأولئك الذين أعطوا جرعتين كاملتين منه، و90 في المائة لمن أعطوا جرعة ونصف جرعة. ووجدت الدراسة أن اللقاح آمن، حيث عانى ثلاثة فقط من أصل 23745 مشاركاً على مدى 3.4 شهر من حدث ضار يحتمل أن يكون مرتبطاً باللقاح، وهو ارتفاع درجة الحرارة، وقد تعافى الثلاثة من هذا العرض.
ويستخدم لقاح أكسفورد «الأدينو فيروس المسبب لنزلات البرد للشمبانزي، والذي لا يمكن أن يسبب المرض للبشر، كي يسلم الشفرة الجينية لبروتين (سبايك) الخاص بفيروس (كورونا) المستجد إلى خلايا الأشخاص الملقحين، والتي تنتج بعد ذلك البروتين، وتعلم الجهاز المناعي التعرف على الفيروس ومهاجمته».
وكان سالمان رجح في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون استخدام الأدينو فيروس المسبب لنزلات البرد للشمبانزي، هو السبب في النتيجة المفاجئة التي خلصت إليها الدراسة.
وقال سالمان في تفسيره الذي لم يتم حسمه بحثياً بعد: «نحن نستخدم ناقل فيروس، وهو فيروس لا يصيب البشر، وعندما تعطي جرعة عالية في البداية، فإن الجسم ليس لديه أي مناعة ضد الناقل الفيروسي، وهذا يمنح الناقل الفيروسي الفرصة في إحداث عدوى للخلايا البشرية بشكل أكبر لعدم وجود مناعة مسبقة ضده، ويقوم بحقن المادة الوراثية الخاصة ببروتين (سبايك)، وعندما تقوم بإعطاء جرعة ثانية، فإن الجسم يكون قد شكل مناعة ضد الناقل الفيروسي، فيضيع جزء كبير من اللقاح قبل أن يصل إلى الخلايا ويحقنها ببروتين (سبايك)، ولكن عندما تعطى جرعة منخفضة في البداية، فإن المناعة التي تتشكل ضد الناقل الفيروسي لا تكون قوية، وبالتالي يمكن للناقل الفيروسي في الجرعة الثانية الوصول بشكل أفضل للخلايا وحقن المادة الوراثية الخاصة بالبروتين».
وكان باحثون آخرون قد قدموا تفسيرا آخر لم يتم حسمه أيضا بعد، وهو أن الأشخاص في مجموعة الجرعات المنخفضة أصغر سنا، ويميل الأشخاص الأصغر سناً إلى تكوين استجابة مناعية أقوى من كبار السن، لذلك قد يكون الشباب من المشاركين في مجموعة الجرعات المنخفضة هم السبب في أنها تبدو أكثر فاعلية، وليس حجم الجرعة.
ووعد الدكتور ميرين فويزي، من جامعة أكسفورد، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره أول من أمس الموقع الإلكتروني للجامعة، بالبحث مستقبلا في هذه الاختلافات، وتقديم إجابة قاطعة.
ومن جانبه، قال الدكتور أندرو بولارد، الباحث الرئيسي الآخر المشارك بالدراسة إن «هذه الاختلافات لا تنال من جودة ومأمونية اللقاح»، مطالبا بسرعة اعتماده لأنه لن تتحقق السيطرة على الوباء إلا إذا كان من الممكن تحقيق ترخيص هذه اللقاحات وتصنيعها وتوزيعها على نطاق غير مسبوق.
إعلان نتائج لقاح أكسفورد رسمياً... واعتماده في بريطانيا خلال أيام
عضو بالفريق البحثي لـ«الشرق الأوسط»: سبقْنا الآخرين في النشر العلمي
إعلان نتائج لقاح أكسفورد رسمياً... واعتماده في بريطانيا خلال أيام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة