خطة تشاركية دولية لاحتواء ذيول انفجار مرفأ بيروت

لمساعدة لبنان على تلبية حاجات المتضررين

وقفة تذكارية أمس لعدد من الأهالي رافعين صور أقاربهم الذين قتلوا في انفجار المرفأ بمناسبة مرور 4 أشهر على الحادث (إ.ب.أ)
وقفة تذكارية أمس لعدد من الأهالي رافعين صور أقاربهم الذين قتلوا في انفجار المرفأ بمناسبة مرور 4 أشهر على الحادث (إ.ب.أ)
TT

خطة تشاركية دولية لاحتواء ذيول انفجار مرفأ بيروت

وقفة تذكارية أمس لعدد من الأهالي رافعين صور أقاربهم الذين قتلوا في انفجار المرفأ بمناسبة مرور 4 أشهر على الحادث (إ.ب.أ)
وقفة تذكارية أمس لعدد من الأهالي رافعين صور أقاربهم الذين قتلوا في انفجار المرفأ بمناسبة مرور 4 أشهر على الحادث (إ.ب.أ)

​تشارك الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي، في إطلاق خطة استجابة ترتكز على مبدأ «الإنسان أولاً» لمساعدة لبنان على تلبية الحاجات الطارئة للمتضررين، ومواجهة التحديات المرتبطة بالحوكمة والتعافي وإعادة الإعمار، وذلك بعد مرور أربعة أشهر على الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت.
وأكدت مداخلات الأطراف الدولية خلال مؤتمر صحافي افتراضي عقد أمس في بيت الأمم المتحدة في بيروت، أن الإطار الثلاثي للإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار يلبي الحاجات الطارئة للسكان المتضررين من الانفجار الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص، وأدى إلى جرح ما يزيد عن 6500، وتدمير آلاف المنازل والممتلكات في العاصمة.
وتربط الاستجابة الشاملة لمواجهة تداعيات الانفجار المساعدة الإنسانية الفورية بجهود التعافي وإعادة الإعمار في المدى المتوسط، بهدف وضع لبنان على مسار التنمية المستدامة. كما ترتكز على المبادئ الشاملة للشفافية والمساءلة والشمولية.
ويهدف الإطار إلى تحقيق ثلاثة أهداف مركزية: الأول تعافٍ محوره الناس، عبر تلبية احتياجاتهم الأساسية وسبل عيشهم، وتحسين العدالة الاجتماعية للجميع ضمن نهج يقوم على المشاركة في صنع القرار. والثاني يتضمن إعادة إعمار الأصول والخدمات والبنية التحتية الحيوية التي توفر للجميع إمكانية الحصول على الخدمات الأساسية على نحو متساوٍ، وتمكين التعافي الاقتصادي المستدام. أما الثالث فيرتكز إلى تنفيذ الإصلاحات كشرط أساسي لاستعادة الثقة، ودعم إعادة الإعمار، وتحسين الحوكمة.
وأكد المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي ساروج كومار جاه، على ضرورة «تقديم الدعم مباشرة للشعب والمؤسسات اللبنانية المتأثرة بالانفجار، فهذا الأمر بالغ الأهمية. لذلك سوف يتم وضع آلية تمويل للبنان لتلقي الهبات من الجهات المانحة، بهدف تنفيذ إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار».
وأضاف أن «الإطار سيركز على احتياجات التعافي الفورية للأسر الفقيرة والضعيفة، ودعم برامج تعافي الأعمال، وترويج طرق شاملة للعمل مع المجتمع المدني، وإعداد الأرضية للإصلاح وإعادة الإعمار. وستعتمد آلية التمويل أنماط تنفيذ مرنة وغير حكومية، تعتمد على نظام قوي للرصد الائتماني، ورقابة مستقلة على كيفية استخدام الأموال».
واعتبرت نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية نجاة رشدي، أن «إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار موجه في الأساس للشعب، وهو يتعلق بتلبية احتياجاتهم الملحة، وحماية حقوقهم الأساسية، ومنحهم صوتاً ومكانة في عملية صنع السياسات. لذلك اعتمد الإطار مقاربة تشاركية وشاملة تضمنت جميع الجهات المعنية، بما فيها المجتمع المدني، من مرحلة التخطيط وصولاً إلى مرحلة التنفيذ. ولفتت إلى أن «الإطار يقدم رؤية لإعادة الإعمار بشكل أفضل، وهي خطة لمنع كارثة إنسانية واسعة النطاق».
وشدد سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف، على أن «استعادة ثقة الشعب اللبناني في مؤسسات الدولة أساسية لإنجاح عملية التعافي وإعادة الإعمار. لذلك يتعين على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها وتعتمد بشكل ملح إصلاحات هيكلية موثوقة». وأضاف أن «لبنان بحاجة إلى نموذج حوكمة جديد يضمن توفير مؤسسات الدولة الاحتياجات الملحة للسكان، ومواجهة الأزمات المتعددة التي تشهدها البلاد».
وفي البعد التنفيذي، يتبع إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار مسارين متوازيين: الأول مسار تعافٍ اجتماعي واقتصادي، يهدف إلى تلبية الاحتياجات الطارئة للسكان من الفئات الأكثر ضعفاً، والمؤسسات الصغيرة المتأثرة بالانفجار. بينما يركز المسار الثاني على الإصلاحات الأساسية لمواجهة تحديات الحوكمة والتعافي في لبنان، وهي شروط مسبقة لحشد الدعم الدولي لإعادة الإعمار بما يتجاوز مسار التعافي.
ونظراً إلى تمحور خطة الاستجابة حول مبدأ «الإنسان أولاً»، يقوم الإطار على أربع ركائز استراتيجية تتضمن تحسين الحوكمة والمساءلة، وخلق الوظائف والفرص الاقتصادية، والحماية الاجتماعية والإدماج والثقافة، وتحسين الخدمات والبنية التحتية. وتحدد كل ركيزة الأهداف الاستراتيجية والمجالات ذات الأولوية، عبر مساري التعافي والإصلاح وإعادة الإعمار.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.