إشارات إيجابية من بغداد تكسر جمود العلاقة مع أربيل

صالح يدعو إلى عدم زج المواطنين في الخلافات السياسية

TT

إشارات إيجابية من بغداد تكسر جمود العلاقة مع أربيل

دعا الرئيس العراقي برهم صالح إلى عدم زج المواطنين في الخلافات السياسية. وأكد خلال استقباله أمس في بغداد الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني لاهور شيخ جنكي، أهمية حل الخلافات بين بغداد وأربيل عبر الحوار. وقال بيان رئاسي إنه «جرى خلال اللقاء، التأكيد على أهمية حل المسائل المالية العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، وفقاً للدستور والأطر القانونية، وبما يحقق العدالة الاجتماعية ويحفظ حقوق جميع الموظفين والمواطنين، وعدم زجّهم في المسائل السياسية». وأضاف البيان: «كما تم التأكيد على أهمية التعاون والتنسيق المشترك بين مؤسسات الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم للوصول إلى رؤية مشتركة لما فيه مصلحة البلاد وتعزيز الاستقرار وتحقيق طموحات جميع المواطنين في حياة حرة كريمة».
إلى ذلك، أرجأ برلمان إقليم كردستان اجتماعاً كان مقرراً له أمس، بعد ورود إشارات إيجابية من العاصمة العراقية بغداد بشأن عدم الإضرار برواتب موظفي الإقليم. فيما يتوقع وصول وفد كردي حكومي إلى بغداد لاستئناف المباحثات التي توقفت بين الطرفين. وكان مصدر كردي أعلن أن الوفد الكردي المتوقع وصوله إلى بغداد «سيكون برئاسة نائب رئيس حكومة إقليم كردستان قوباد طالباني ويضم وزراء المالية والتخطيط وسكرتير مجلس الوزراء، وسيزور بغداد من أجل التفاهم والحوار حول موازنة عام 2021». وأضاف أن «الوفد سيركز على كمية النفط التي ستسلم لشركة (سومو) وإيرادات المنافذ الحدودية وكيفية إدارتها، ومواضيع أخرى تتعلق بدفع الحكومة الاتحادية لرواتب الموظفين والبيشمركة والديون التي بذمة الإقليم». وأشار إلى أن «الوفد تلقى إشارات إيجابية من بغداد ورسائل ترحيب، خصوصاً بعد كلام رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني في مؤتمره الصحافي الأحد، وحديثه عن استعداد كردستان لتسليم النفط وعائدات المنافذ، وهنالك جدية هذه المرة بالتوصل إلى اتفاق نهائي وشامل حول الملفات العالقة».
وكان البرلمان العراقي أقر فجر الخميس الماضي، قانون الاقتراض الداخلي والخارجي بقيمة 12 تريليون دينار (10 مليارات دولار)، في مسعى لإنهاء أزمة تأخر صرف رواتب موظفي الدولة المستمرة منذ نحو شهرين. وأثار تمرير القانون استياء كردياً رسمياً على مستويات حكومية وحزبية رفيعة. وعد رئيس إقليم كردستان السابق، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، تمرير قانون تمويل العجز المالي في البرلمان الاتحادي دون الاتفاق مع الجانب الكردي، «طعنة من قِبَل الكتل السنية والشيعية في ظهر شعب كردستان».
لكن المتحدث باسم الحكومة العراقية أحمد ملا طلال أعلن أن الحكومة الاتحادية لا تقبل الإضرار بموظفي الإقليم بسبب الخلافات السياسية. وفي تصريحات نقلتها قناة «العراقية» الرسمية قال ملا طلال إن «فقرة رواتب موظفي الإقليم لم تمر بقانون الاقتراض»، موضحاً أن «الاتفاق بين الحكومة والإقليم ينص على دفع 320 ملياراً إلى الإقليم». وأضاف أن «تلك المبالغ محسوبة وفقاً لموازنة 2019، كما أن الحكومة الحالية تستقطع حصة 250 ألف برميل والواردات الاتحادية من حصة الإقليم». ولم يتم تضمين قانون تمويل العجز المالي رواتب موظفي الإقليم، رغم أن بغداد وأربيل توصلتا إلى اتفاق خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، يقضي بإرسال بغداد 320 مليار دينار إلى أربيل شهرياً لتغطية جزء من نفقات موظفي الإقليم إلى حين التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الخلافات بين الجانبين.
وفي هذا السياق، أكدت فيان صبري، رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «مبلغ الـ320 مليار دينار عراقي الذي يسلم إلى الإقليم بناء على الاتفاقية بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان هو لمعادلة حسابية معتمدة على الإيرادات النفطية وغير النفطية للإقليم». وأضافت أن «الاتفاقية واضحة من حيث المواد والبنود، حيث تنقص منها مبالغ 250 ألف برميل نفط يومياً للحكومة الاتحادية». وأوضحت أن «هذا يعني أن حكومة الإقليم قد التزمت بموازنة 2019».
وكان رئيس إقليم كردستان وجه رسالة إلى الحكومة الاتحادية أكد فيها أن الاتفاق هو الحل لاستقرار الأوضاع في العراق. وقال نيجيرفان بارزاني في مؤتمر صحافي عقب اجتماع الرئاسات الثلاث في كردستان أول من أمس، إنه «جاء الوقت الذي على بغداد أن تغير أسلوب تعاملها مع إقليم كردستان». وأضاف أن «تعامل بغداد مع كردستان مركزي وليس اتحادياً». وفيما أكد أن «إقليم كردستان أوفى بكل التزاماته ضمن الاتفاق المبرم مع بغداد»، فإنه أكد «استعداد الإقليم للاتفاق مع الحكومة العراقية على كل المحاور».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».