في وقت تمكنت فيه من تسديد رواتب المتقاعدين والمشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية، أعلنت وزارة المالية العراقية عجزها عن دفع رواتب أكثر من 5 ملايين موظف على الملاك الدائم. السبب الذي أعلنته المالية، على لسان وزيرها علي عبد الأمير علاوي، هو عدم توفر السيولة المالية نتيجة لانخفاض أسعار النفط، وزيادة العجز في الموازنة، الأمر الذي جعلها تطلب من البرلمان تشريع قانون الاقتراض الداخلي لتمويل الرواتب للشهور الثلاثة المتبقية من السنة الحالية.
ملايين الموظفين العراقيين ينتظرون منذ نحو 20 يوماً صرف مرتباتهم، في وقت رهنت فيه المالية صرفها بإقرار قانون الاقتراض الداخلي الذي يبلغ نحو 41 تريليون دينار عراقي (نحو 39 مليار دولار أميركي). القوى السياسية تباينت مواقفها حيال ذلك. ففي الوقت الذي حمل فيه خصوم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الحكومة التي يترأسها مسؤولية عدم دفع الرواتب، حملت قوى آخر الحكومات السابقة مسؤولية الفشل المتراكم الذي لا تتحمل الحكومة الحالية مسؤوليته.
المساومات السياسية هي في مثل هذه الأمور سيدة الموقف، لا سيما أن الجميع الآن بدأ يعد العدة للانتخابات التي حدد يونيو (حزيران) المقبل موعداً لها. مشروع قانون تمويل العجز المالي خضع للقراءة الثانية خلال جلسة أمس (السبت)، على أن يتم التصويت على الصيغة التي ستتم الموافقة عليها خلال جلسة لاحقة هذا الأسبوع لكي تتمكن الحكومة من صرف الرواتب للموظفين.
إلى ذلك، قدم زعيم التيار الصدري نحو 16 مقترحاً لحل أزمة الاقتراض والوضع المالي في البلاد. وقال الصدر، في بيان، إن «بعضهم يحاول اللجوء للاستدانة والاستقراض من الداخل والخارج من أجل سد العجز الاقتصادي، إن جاز التعبير، أو سد رواتب الموظفين التي هي بحاجة ماسة إلى التنظيم والتشذيب والتمحيص لإخراج الفضائيين وذوي الرواتب المتعددة وذوي المناصب الزائدة، وما إلى ذلك». وأضاف أن «الاستقراض سيزيد من تدهور العملة العراقية، وتفاقم الأزمة الاقتصادية. نعم، إن كلامي هذا سيؤذي بعض أفراد الشعب، لكنني تعودت على الصراحة». وتابع قائلاً: «من هنا، سأطرح بعض الأطروحات التي هي أنجح وأسرع فائدة من الاستقراض، وزج العراق في أتون الديون والتبعية والضغوط السياسية». وبالفعل، أدرج الصدر مجموعة من المقترحات التي يراها كفيلة بحل الأزمة الخانقة التي يمر بها العراق حالياً.
ومن جهتها، أعلنت اللجنة المالية في البرلمان العراقي، في بيان، أن لديها «معلومات وبيانات موثقة بأن مبلغ الاقتراض الذي قدمته الحكومة مبالغ فيه، مقارنة بالصرف للأشهر السابقة، وكذلك خلال استضافة المسؤولين في وزارة المالية ومعرفة البيانات من قبلها».
وأضاف بيان اللجنة أن «اللجنة المالية حريصة على تمرير قانون الاقتراض بالشكل الذي يضمن صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين وشبكة الحماية الاجتماعية والنفقات الأخرى، وإجراء الإصلاحات المالية والاقتصادية من قبل الحكومة».
وبدورها، أعلنت وزارة المالية عن تخفيض نسبة الاقتراض إلى 31 تريليون دينار عراقي، بعد اعتراض اللجنة المالية، وذلك طبقاً لما أعلنه عضو اللجنة أحمد مظهر الجبوري خلال جلسة البرلمان.
ومن جهته، أكد عضو البرلمان العراقي وزير العمل والشؤون الاجتماعية الأسبق محمد شياع السوداني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاقتراض في ظروف الأزمة الحالية أمر لا بد منه لغرض تعويض النقص في الرصيد المطلوب لتغطية الرواتب والنفقات الحاكمة، لكن المنطق الاقتصادي السليم يحتم أن يرافق هذه الخطوة تقليل الإنفاق بشكل حقيقي، وتنويع وتفعيل الإيرادات غير النفطية»، مبيناً أن «هذا لم يحصل من قبل الحكومة».
وأضاف السوداني أنه «في الوقت نفسه، فإن الاقتراض الخارجي لتمويل مشاريع استثماريه، خصوصاً القائمة منها أو الجديدة، هو خطوة صحيحة، ولا خوف منها، مهما ارتفع هذا الرقم».
إلى ذلك، يقول عضو كتلة «عراقيون» في البرلمان العراقي حسين عرب لـ«الشرق الأوسط» إنه «يجب أن يشرع هذا القانون، وبشكل سريع، لأنه مرتبط برواتب الموظفين وباقي الفئات من الذين يأخذون منح شهرية».
وأضاف «لكن المبالغ التي طلبت في القانون من قبل الحكومة مبالغ لثلاثة أضعاف العجز الذي من المفروض أن تطلبه»، مشيراً إلى أنه «من أكبر الأخطاء أن تعتمد الحكومة على الاقتراض لسد العجز المالي».
وأوضح عرب أنه «يتعين عليها إيجاد طرق لمدة سنة لتمويل إنفاق تعويضات الموظفين لأن الأزمة لا تعالج بترحيلها إلى الأشهر المقبلة، بل تعالج بحلول تكتيكية، ومن ثم استراتيجية».
رواتب 5 ملايين موظف رهينة مساومات سياسية
قانون الاقتراض محل أخذ ورد في البرلمان العراقي
رواتب 5 ملايين موظف رهينة مساومات سياسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة