عقوبات أميركية على جبران باسيل {لتورطه في الفساد}

النائب جبران باسيل (أ.ب)
النائب جبران باسيل (أ.ب)
TT

عقوبات أميركية على جبران باسيل {لتورطه في الفساد}

النائب جبران باسيل (أ.ب)
النائب جبران باسيل (أ.ب)

فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على وزير الخارجية اللبناني السابق، جبران باسيل، رئيس «التيار الوطني الحر» صهر الرئيس اللبناني ميشال عون، لدوره في الفساد في لبنان. وقال مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للوزارة، في بيان أمس (الجمعة)، إن الوزارة تفرض عقوبات على جبران باسيل، رئيس حزب «التيار الوطني الحر» عضو البرلمان، بموجب الأمر التنفيذي رقم (13818)، لدوره في الفساد في لبنان.
وأضاف البيان أن القرار يستند إلى قانون ماغنيتسكي الذي يستهدف محاربة الفساد والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. وقال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، في البيان: «لقد ساعد الفساد الممنهج في النظام السياسي اللبناني المتمثل في باسيل على تآكل أسس حكومة فعالة تخدم الشعب اللبناني»، وتابع: «هذا التصنيف يوضح كذلك أن الولايات المتحدة تدعم الشعب اللبناني في دعواته المستمرة للإصلاح والمساءلة».
وأشار بيان الوزارة إلى أن لبنان «لطالما عانى من الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية من قبل سماسرة السلطة الذين يروجون لمصالحهم الخاصة على حساب الشعب اللبناني الذي من المفترض أن يمثلوه». وأكد البيان أنه «أكتوبر (تشرين الأول) 2019، دعت الاحتجاجات التي شارك فيها عدد كبير من المواطنين اللبنانيين إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي في لبنان. وفشلت الحكومات اللبنانية المتعاقبة في وقف التضخم المتزايد، أو خفض الديون المتصاعدة للبلاد، أو تحسين البنية التحتية الفاشلة، أو ضمان وصول الكهرباء والخدمات الأخرى إلى المنازل اللبنانية. وتستمر الظروف الاجتماعية والاقتصادية للبنانيين العاديين في التدهور، في حين أن القادة السياسيين معزولون عن الأزمة، ويفشلون في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة».
وقال البيان: «لا يزال لبنان يعاني من أزمة نفايات غير مسبوقة ناجمة عن سوء الإدارة، والفساد الذي يؤدي باستمرار إلى صب النفايات السامة في البحر الأبيض المتوسط​​، مما يؤدي إلى تلويث المياه، وتعريض صحة مواطنيه في نهاية المطاف للخطر. وتعاني البلاد أيضاً من أزمة طاقة تترك الناس من دون كهرباء لساعات أو حتى أيام في كل مرة، ويطرح المسؤولون الحكوميون ادعاءات مستمرة عن أنهم يعملون على حل المشكلة، فقط لإنفاق مليارات الدولارات، مما يؤدي إلى عدم حدوث تحسن للمواطنين اللبنانيين. وقد ساهم هذا الخلل السياسي بشكل مأساوي في الانفجار الكارثي في ​​مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) الذي عده كثيرون مثالاً آخر على الإهمال والفساد اللذين يلحقان الأذى بالمواطنين اللبنانيين، ويثريان النخبة السياسية».
وأوضح البيان أن «باسيل شغل عدة مناصب رفيعة المستوى في الحكومة اللبنانية، بما في ذلك منصب وزير الاتصالات ووزير الطاقة والمياه ووزير الخارجية والمغتربين، حيث اتسم بمزاعم كبيرة بالفساد. وفي عام 2017، عزز باسيل قاعدته السياسية، بتعيين أصدقاء في مناصب وشراء أشكال أخرى من النفوذ داخل الأوساط السياسية اللبنانية. وفي عام 2014، عندما كان وزيراً للطاقة، شارك باسيل في الموافقة على عدة مشاريع من شأنها توجيه أموال الحكومة اللبنانية إلى أفراد مقربين منه، من خلال مجموعة من الشركات الواجهة».
وأضاف البيان: «تم تصنيف باسيل لكونه مسؤولاً حكومياً حالياً أو سابقاً، أو شخصاً يعمل لمصلحة أو نيابة عن هذا المسؤول، وهو مسؤول أو متواطئ في، أو تورط بشكل مباشر أو غير مباشر في الفساد، بما في ذلك اختلاس أصول الدولة، ومصادرة الأصول الخاصة لتحقيق مكاسب شخصية، أو الفساد المتعلق بالعقود الحكومية أو استخراج الموارد الطبيعية أو الرشوة».
وكانت تسريبات عدة قد أشارت إلى عزم الإدارة الأميركية على فرض عقوبات على الدائرة المقربة من الرئيس اللبناني ميشال عون، ومن مسؤولين آخرين، بسبب علاقتهم بـ«حزب الله». وفرضت الوزارة في وقت سابق عقوبات على وزيرين سابقين، هما يوسف فنيانوس المقرب من الزعيم المسيحي سليمان فرنجية رئيس تيار المردة، وعلي حسن خليل وزير المالية السابق المحسوب على رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس حركة أمل، في خطوة بدت أنها مقدمة لاستهداف شخصيات كبيرة في الطبقة السياسية اللبنانية التي يتهمها الشعب اللبناني بالفساد.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.