«المالية» العراقية ترهن دفع الرواتب بـ{اقتراض جديد»

اتهامات للحكومة بـ«انتهاك صارخ لحقوق المواطنين»

اشتباك في البصرة أول من أمس بين قوات الأمن ومتظاهرين يطالبون بفرص عمل وتحسين أوضاعهم المعيشية (أ.ب)
اشتباك في البصرة أول من أمس بين قوات الأمن ومتظاهرين يطالبون بفرص عمل وتحسين أوضاعهم المعيشية (أ.ب)
TT

«المالية» العراقية ترهن دفع الرواتب بـ{اقتراض جديد»

اشتباك في البصرة أول من أمس بين قوات الأمن ومتظاهرين يطالبون بفرص عمل وتحسين أوضاعهم المعيشية (أ.ب)
اشتباك في البصرة أول من أمس بين قوات الأمن ومتظاهرين يطالبون بفرص عمل وتحسين أوضاعهم المعيشية (أ.ب)

مع عجز الحكومة العراقية عن توفير رواتب شهر أكتوبر (تشرين الأول) لموظفي القطاع العام حتى الآن، جاءت تصريحات لوزير المالية علي عبد الأمير علاوي بشأن الكارثة المالية التي تواجهها الحكومة وتجعلها غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية، لتثير مزيداً من مشاعر القلق والإحباط بين صفوف قطاعات عراقية واسعة تعتمد بشكل أساس في معيشتها على المرتبات الحكومية. في الأثناء، اعتبرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان تأخر صرف الرواتب «انتهاكاً صارخاً للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين».
وكان وزير المالية قال في تصريحات لوكالة الأنباء العراقية، أول من أمس، إن رواتب الموظفين لشهر أكتوبر الماضي «ربما ستدفع خلال أيام في حال لم يقر قانون الاقتراض، أما في حال التصويت عليه فستطلق بشكل مباشر».
ولما كانت أطراف كثيرة في البرلمان تعترض على قضية الاقتراض ولا ترغب في المصادقة عليها مرة أخرى بعد مصادقتها للمرة الأولى في يونيو (حزيران) الماضي، فإن مراقبين يرجحون تأخر دفع مرتبات القطاع العام لشهر أكتوبر الماضي والشهر الحالي والأشهر المقبلة.
ويرى وزير المالية أن «مجلس النواب من حقه المطالبة بتخفيض المبلغ المتضمن في قانون الاقتراض (الجديد) لكن هذا واقع البلد المالي»، وأشار إلى «صعوبة السيطرة على النفقات كلياً في ظل بناء الدولة على قاعدة غير مستقرة مالياً ونفقات مبنية على افتراضات غير واقعية كأسعار النفط المرتفعة».
وكان مجلس النواب وضع سقفاً للاقتراض الداخلي الأول بلغ 15 تريليوناً (نحو 14 مليار دولار) رغم اعتراض وزارة المالية عليه، لأنه لم يكف لسد الرواتب والنفقات حتى شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، ما اضطر الوزارة إلى طلب اقتراض جديد وبسقف أعلى يبلغ 41 تريليوناً (أقل من 40 مليار دولار) لتتمكن من سد العجز في الرواتب والنفقات الحاكمة. وكشف علاوي عن أن «ديون العراق الخارجية تتراوح بين 60 إلى 70 مليار دولار، والديون الداخلية تقدر بـ60 تريليون دينار (نحو 50 مليار دولار)».
بدوره، شكك عضو اللجنة المالية في البرلمان أحمد الحاج بعدم قدرة الحكومة على تأمين رواتب الموظفين، وقال أمس في تغريدة‏ عبر «تويتر»: «حسب بيانات شركة تسويق النفط (سومو)، فإن الحكومة لديها مبلغ يكفي لدفع رواتب الموظفين، لكنها تريد أن تجعل مسألة الرواتب ورقة ضغط على مجلس النواب حتى ينسى البرلمان أن عليها إرسال مشروع قانون الموازنة لسنتين متتاليتين (2020 - 2021)».
وتتحدث دوائر اقتصادية عن أن الحكومة العراقية ستكون عاجزة تماماً عن تسديد رواتب الموظفين مطلع العام الجديد مع الأزمة المالية الراهنة واحتمال عودة موجة الإغلاق العالمية الجديدة بسبب جائحة «كورونا».
وتواجه حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ضغوطات شعبية كبيرة، سواء من قبل الموظفين في القطاع العام أو من جيوش الخريجين العاطلين عن العمل حتى على مستوى الهيئات الحقوقية. فعلى مستوى الخريجين ما زالت طوابير المحتجين منهم من مختلف التخصصات تقف على أبواب الوزارات والمؤسسات الرسمية للمطالبة بفرص العمل والتوظيف، ويوم أمس، لجأت القوات الأمنية إلى تفريق اعتصام قام به خريجو القطاع الصحي أمام وزارة الصحة. وأظهرت صور تداولها ناشطون تعرض عدد من الشباب لجروح وكدمات نتيجة القوة التي استخدمت ضدهم من قبل القوات الأمنية.
واعتبرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان، أمس، تكرر تأخير صرف رواتب الموظفين والإعانات الاجتماعية «انتهاكاً للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين». وأبدت المفوضية في بيان «قلقها من مغبة فشل الحكومة في تأمين رواتب الموظفين وإعانات الحماية الاجتماعية والرواتب التقاعدية للشهر الحالي والأشهر اللاحقة». وقالت إن «تأخير صرف الرواتب أو صرفها في غير الأوقات المحددة قانوناً يعد انتهاكاً صريحاً للحقوق الأساسية التي لا يمكن المساس بها».
بدوره، قدم مركز العراق للتنمية القانونية، أمس، مقترحاً للرئاسات الثلاث تضمن 11 حلاً للأزمة المالية الراهنة». ومن بين التوصيات التي رفعها المركز الاستفادة من «10 في المائة من المبالغ المُحوَّلة عن طريق المصارف الخاصة والناتجة عن مزاد بيع العملة، كتأمينات ضريبية وجمركية، والاستفادة من فارق السعر من خلال بيع الدولار إلى المصارف بواقع (1250) ديناراً للدولار». إلى جانب «متابعة واردات المشتقات النفطية المباعة من قبل وزارة النفط لمحطات الوقود العامة والخاصة». وأوصى المركز كذلك بـ«فرض رسم مغادرة المطار بواقع (100) دولار للفرد، وفرض تأمينات ضريبية على شركات الهاتف النقال بواقع 20 في المائة تُدفع مُقدَّماً، وعلى الشركات النفطية بواقع 10 في المائة، وخصخصة جميع شركات وزارة الصناعة». وتوقع المركز أن يصل حاصل المبلغ الموفر للدولة جراء الإجراءات السالفة إلى أكثر من 23 مليار دولار سنوياً.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.