«إيبولا» و«بوكو حرام».. كابوسا العام في أفريقيا

صراعات طائفية دموية في قلب القارة

امرأة في سيراليون تنتظر نقل زوجها المشتبه بإصابته بمرض إيبولا في 17 ديسمبر الماضي (رويترز)
امرأة في سيراليون تنتظر نقل زوجها المشتبه بإصابته بمرض إيبولا في 17 ديسمبر الماضي (رويترز)
TT

«إيبولا» و«بوكو حرام».. كابوسا العام في أفريقيا

امرأة في سيراليون تنتظر نقل زوجها المشتبه بإصابته بمرض إيبولا في 17 ديسمبر الماضي (رويترز)
امرأة في سيراليون تنتظر نقل زوجها المشتبه بإصابته بمرض إيبولا في 17 ديسمبر الماضي (رويترز)

لا يمكن الحديث عن أبرز الأحداث خلال عام 2014 في القارة الأفريقية من دون ترك مساحة وافية لفيروس «إيبولا» الذي ظهر في مارس (آذار) في أدغال الغابات الاستوائية بدولة غينيا، قبل أن يصل سريعا إلى العاصمة كوناكري، حيث يقطن أكثر من مليوني نسمة في واحدة من أفقر مدن العالم وأضعفها بنية تحتية، ومن هناك بدأت رحلته ليثير الرعب في جميع بقاع العالم.
عندما كانت «الحمى الغامضة» تجتاح المناطق النائية من غينيا طيلة شهر مارس، ظل الخبراء في المختبرات الدولية غير قادرين على تأكيد هويتها، وخلال فترة الشك تلك ضربت الحمى النزيفية بقوة فانتشرت في غينيا ومنها انتقلت إلى ليبيريا وسيراليون المجاورتين، قبل أن تعلن منظمة الصحة العالمية أن الحمى الغامضة ليست سوى «فيروس إيبولا»، لتبدأ مرحلة جديدة من مواجهة فيروس بدا واضحا أنه تغلغل في أوساط سكان منطقة صعبة المراس.
لأشهر كثيرة من محاربة الفيروس أظهر قدرة فائقة على تجاوز الحدود، في ظل انعدام الوعي الصحي لدى مواطني المناطق التي ينتشر فيها، فانتقل سريعا إلى نيجيريا والسنغال ثم مالي، وتمكنت هذه الدول من القضاء عليه بشهادة منظمة الصحة العالمية؛ ولكن ذلك لم يمنع الفيروس من الخروج من القارة السمراء ليصل إلى الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية عبر أشخاص قادمين من أفريقيا.
منظمة الصحة العالمية التي تقع في الخط الأمامي لمواجهة الفيروس، أعلنت في الثامن من شهر أغسطس (آب) الماضي أن الفيروس يشكل حالة طوارئ صحية عامة تسترعي الاهتمام الدولي على مستوى العالم، ليفرض بعد ذلك الفيروس نفسه على جميع القمم والمؤتمرات الدولية، وتسبب في نقل بطولة كأس الأمم الأفريقية من المغرب إلى غينيا الاستوائية، فيما يقدر عدد ضحاياه بنحو 7 آلاف شخص.

* بوكو حرام تصنع الموت
* بالإضافة إلى فيروس إيبولا، كان لجماعة «بوكو حرام» المتطرفة التي تنشط في شمال نيجيريا، حضورها القوي في صناعة الحدث في غرب القارة الأفريقية، حيث سيطرت على الكثير من القرى والمدن وشنت هجمات عنيفة أودت بحياة آلاف الأشخاص، كما اختطفت مئات الفتيات من مدارسهن في شمال نيجيريا.
وكان الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان قد صرح مع بداية العام الماضي بأن جماعة «بوكو حرام» التي تأسست قبل 5 سنوات، هي مجرد «مشكلة عرضية» وتعهد بالقضاء عليها، ولكن الجماعة ردت بشن هجوم عنيف استهدف سوقا شعبية في شمال البلاد وأودى بحياة 50 شخصا.
تزايدت بشكل كبير هجمات «بوكو حرام» ووصلت إلى حد غير مسبوق من الدموية، فقدرت الوكالة الوطنية لإدارة الأوضاع الطارئة في نيجيريا عدد ضحاياها خلال الأشهر الـ3 الأولى من العام بأكثر من ألف قتيل؛ كما تحدثت المصادر المحلية بشمال البلاد عن قرى كاملة قضت عليها «بوكو حرام» لمجرد الاشتباه في ارتباط بعض أهلها بالحكومة أو الجيش.
في منتصف أبريل (نيسان) اختطفت «بوكو حرام» أكثر من 200 فتاة من مدارسهن في شمال البلاد، في عملية هزت الرأي العام الدولي، فأطلقت حملة تضامن واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الدولية، ولكن ذلك لم يؤثر في الحركة التي لا تزال تحتفظ بالفتيات حتى اليوم، وتشترط للإفراج عنهن إطلاق سراح معتقلين من قادتها في سجون نيجيريا.
مع تزايد قوة «بوكو حرام» على المستوى الإقليمي، وعجز الجيش النيجيري عن القضاء عليها، بدأت المجموعة الدولية تتحرك لمواجهتها، فأعلن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فرض عقوبات على الجماعة ووضع اسم زعيمها ضمن اللائحة السوداء؛ غير أن الأخير لم يبالِ بكل ذلك وأعلن مبايعة (أبو بكر البغدادي) زعيم تنظيم داعش في العراق وسوريا، وأسس إمارة إسلامية في مناطق يسيطر عليها، في وقت أكدت مصادر محلية أنه تمكن منذ سبتمبر (أيلول) الماضي من السيطرة على 25 مدينة في شمال نيجيريا.

* مالي.. السلام المفقود
* لا يختلف الوضع كثيرا في دولة مالي التي تعيش على وقع حرب تخوضها القوات الفرنسية ضد جماعات إسلامية متطرفة بقيادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بالإضافة إلى تزايد نفوذ حركات مسلحة من الطوارق تدعو لانفصال شمال البلاد عن جنوبه، وتتخذ من مدينة كيدال، في أقصى شمال شرقي البلاد، عاصمة ومركزا عسكريا.
منذ أن استعادها الفرنسيون عام 2013 من قبضة الجماعات الإرهابية، ظلت مدينة كيدال خارج نطاق الجولات الرسمية للمسؤولين الماليين، حتى حطت بها يوم 17 مايو (أيار) الماضي، مروحية على متنها رئيس الوزراء المالي موسى مارا، فانهارت الهدنة واندلعت شرارة مواجهات دامية بين الجيش الحكومي والمتمردين الرافضين للزيارة، وبعد أيام من المواجهات انسحب الجيش الحكومي من المدينة بعد أن تكبد خسائر كبيرة.
كردة فعل على الهزيمة أعلنت الحكومة المالية أنها في حالة حرب مع المتمردين؛ فيما وصل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي، إلى مدينة كيدال في يوم 23 مايو، في وساطة انتهت بالتوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين، على أن تتواصل المفاوضات في الجزائر شهر أغسطس.
شاركت في مفاوضات الجزائر 6 حركات متمردة، بالإضافة إلى الحكومة المالية، وانتهت بالاتفاق على خارطة طريق للتفاوض، وعقدت منذ ذلك الوقت 3 جولات لم تمكن من التوصل إلى اتفاق نهائي، في ظل حدة الخلاف بخصوص الحكم الذاتي في المناطق الشمالية من مالي.
في الجانب الآخر من المشهد أعلنت فرنسا التي تنشر أكثر من 3 آلاف جندي في مالي، نهاية عملية سيرفال وأطلقت عملية جديدة تحت اسم «بركان» بالتنسيق مع بلدان الساحل الـ5: موريتانيا، مالي، النيجر، بوركينافاسو، تشاد.
كما نجحت فرنسا في تحرير آخر رهائنها في العالم وهو سيرج لازارافيتش الذي ظل لـ3 سنوات في قبضة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي؛ وإن كان تحرير الرهينة قد أسعد الرأي العام الفرنسي إلا أنه أثار غضب الكثير من الماليين، خاصة بعد الإعلان عن الإفراج عن 4 عناصر إرهابية كانوا في السجون المالية.

* الصراع الطائفي في قلب القارة
* كان عام 2014 مأساويا في جمهورية أفريقيا الوسطى التي شهدت صراعا دمويا أسفر عن مصرع الآلاف ونزوح أكثر من مليون نسمة، أغلبهم مسلمون أجبروا على النزوح من غرب البلاد، حيث وقعت أعمال إبادة واسعة النطاق تستهدف المسلمين، على يد ميليشيا مسيحية.
وعلى الرغم من انتخاب السيدة كاترين سامبا بنزا، كأول رئيسة للبلاد في شهر يناير (كانون الثاني)، لإنهاء الأزمة التي تعيشها أفريقيا الوسطى، فإن موجة العنف ازدادت خاصة بعد تخلي حركة «سيليكا» المسلمة عن السلاح وظهور ميليشيا «آنتي بالاكا» المسيحية، والتي بدأت تستهدف المسلمين.
أمام تدهور الوضع في البلاد أوفدت فرنسا قوات عسكرية في عملية «سانغاريس» التي تمت بالتعاون مع قوات أفريقية لحفظ السلام، كما وافق مجلس الأمن على تدخل قوة أوروبية للمساندة، ولكن العنف ظل يتصاعد في البلاد ما جعل منظمة العفو الدولية تصف ما يجري بأنه «تطهير عرقي»، فيما أكدت لجنة تحقيق دولية تابعة للأمم المتحدة، أنها توصلت بما يؤكد وقوع «جرائم حرب» في البلاد. في يوليو (تموز) توصلت الميليشيات المتناحرة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وذلك بعد مفاوضات شاقة في الكونغو، شاركت فيها حركة «سيليكا» المسلمة وميليشيا «آنتي بالاكا» المسيحية، لتطوى بذلك مرحلة من صراع دموي استمر لأكثر من عام اتهم فيها الطرفان بارتكاب جرائم حرب.

* نهاية كومباوري
* يجمع الكثير من المراقبين على أن العام الماضي كان «عام الأزمات» في القارة الأفريقية، حتى إن بلدانا اشتهرت باستقرارها ودورها المحوري في تسوية نزاعات القارة لم تسلم من إعصار أزمات 2014، المثال على ذلك يوجد في بوركينافاسو التي حكمها الرئيس بليز كومباوري منذ عام 1987، ولكن حب البقاء في السلطة أدخله في أزمة انتهت بطرده من بلده.
لطالما وصف كومباوري بأنه «الوسيط الناجع» في كل أزمة تضرب غرب القارة السمراء، غير أنه عجز عن ترتيب بيته الداخلي عندما حاول في أكتوبر (تشرين الأول) تمرير تعديل دستوري عبر البرلمان يمكنه من البقاء في السلطة 10 سنوات مقبلة. خرجت مسيرات شعبية في شوارع العاصمة واغادوغو، أحرق خلالها المحتجون مبنى البرلمان والتلفزيون الحكومي، قبل أن يعتصموا أمام القصر الرئاسي، ليجبروا الجيش على التدخل وتنحية كومباوري الذي غادر البلاد باتجاه الجارة الجنوبية كوت ديفوار، لتطوى مع عام 2014 صفحات حكم واحد من أذكى قادة أفريقيا خلال العقود الأخيرة، وأكثرهم غموضا.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.