«الجيش الوطني» الليبي ينفي «خرق الهدنة» في سرت

المتحدث باسم قوات «الوفاق» خلال زيارته إلى قاعدة الخمس البحرية (بركان الغضب)
المتحدث باسم قوات «الوفاق» خلال زيارته إلى قاعدة الخمس البحرية (بركان الغضب)
TT

«الجيش الوطني» الليبي ينفي «خرق الهدنة» في سرت

المتحدث باسم قوات «الوفاق» خلال زيارته إلى قاعدة الخمس البحرية (بركان الغضب)
المتحدث باسم قوات «الوفاق» خلال زيارته إلى قاعدة الخمس البحرية (بركان الغضب)

نفى «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، اتهامه من قبل قوات حكومة «الوفاق»، التي يقودها فائز السراج بـ«خرق هدنة وقف إطلاق النار» في مدينة سرت الاستراتيجية. وفي غضون ذلك شهدت العاصمة طرابلس توتراً أمنياً وعسكرياً مفاجئاً على خلفية إعلان وزارة الداخلية اعتقال عبد الرحمن ميلاد، الملقب بـ«البيدجا»، قائد خفر السواحل المدرج على لائحة العقوبات الصادرة عن الأمم المتحدة، بتهمة التورط في الاتجار بالبشر، وتهريب المهاجرين.
وقال العميد الهادي دراة، الناطق باسم «غرفة عمليات تحرير سرت - الجفرة» بحكومة «الوفاق»، إن قوات الجيش الوطني «أطلقت أربعة صواريخ (غراد) باتجاه قواتنا المتمركزة بمنطقة بويرات الحسون، دون وقوع أي أضرار»، مشيرا إلى تزامن الهجوم مع المشاورات بين أطراف الحوار. لكن غرفة «عمليات الكرامة»، التابعة لـ«الجيش الوطني»، نفت خرق الهدنة القائمة منذ بضعة أشهر، وأكدت في المقابل التزامها التام بتعليمات قيادتها بوقف إطلاق النار، وفق مبادرة القاهرة ومخرجات برلين، باعتبار الجيش «مؤسسة منضبطة، ولا يمكن أن تقوم قواته بمثل هذه الخروقات، التي هي من أعمال الميليشيات».
واعتبر اللواء خالد المحجوب، مدير التوجيه المعنوي بالجيش الوطني، في بيان أصدره أمس أن «ما تبثه أبواق الميليشيات أخبار كاذبة، وادعاءات لا صحة لها»، لافتا إلى أن ادعاء وزير دفاع «الوفاق» بشأن تحرك قوات الجيش لمناطق خارج تمركزاتها الحالية «يأتي ضمن إدراك الميليشيات لقرب انتهاء وجودها، بعد أن عاثت فسادا، وأصبحت عائقا حقيقيا يحول دون أمن واستقرار الوطن».
في سياق ذلك، رصد «الجيش الوطني» وصول طائرات عسكرية تركية إلى قاعدة الوطية الجوية، الخاضعة لحكومة «الوفاق»، التي وزعت عبر عملية «بركان الغضب»، التي تشنها، صورا لزيارة المتحدث باسمها، العقيد محمد قنونو، إلى قاعدة الخمس البحرية، ووقوفه على إمكانياتها ومتابعة البرنامج التدريبي لعناصر البحرية الليبية، تحت إشراف القوات البحرية التركية، ضمن اتفاقية التدريب والتعاون والاستشارات العسكرية، التي أبرمها السراج مع أنقرة.
وسارعت سفارة فرنسا لدى ليبيا إلى تهنئة وزارة الداخلية بحكومة «الوفاق» باعتقال ميلاد «البيدجا»، «تنفيذا لقرارات القضاء الليبي ولجنة العقوبات في مجلس الأمن للأمم المتحدة»، واعتبرت أن «محاربة جرائم الاتجار بالبشر ضرورية في ليبيا وفي العالم».
وبدا أن اعتقال «البيدجا»، الذي ينتمي إلى مدينة الزاوية، مسقط رأس صلاح النمروش وزير الدفاع، هو أحدث مؤشر على صراعه حول النفوذ والسيطرة مع زميله في الحكومة المعترف بها دوليا، فتحي باشاغا وزير الداخلية.
وبعدما فقدت ميليشيات الزاوية الاتصال بـ«البيدجا» إثر اعتقاله مساء أول من أمس، على أيدي عناصر من «قوات الردع الخاصة» الموالية لداخلية «الوفاق»، سمع دوي أسلحة بعدة مناطق طرابلس، وأغلقت ميليشيات الزاوية الطريق المؤدي إلى غرب العاصمة، ما أدى إلى حدوث فوضى مرورية عارمة، وازدحام غير مسبوق، حيث أجبر المسلحون السيارات على المرور في الاتجاه المعاكس.
وانضمت ميليشيات مسلحة أخرى داخل العاصمة إلى ميليشيات الزاوية، التي منحت سلطات طرابلس مهلة للإفراج عن «البيدجا»، بينما ترددت معلومات غير رسمية عن تهديد صلاح بادي، قائد «لواء الصمود»، لباشاغا في اتصال هاتفي قبل أن ينقل الأخير فحواه في شكوى إلى النائب العام.
وإثر هذا التوتر، استنفرت العناصر التركية الموجودة في قاعدة معيتيقة بالعاصمة طرابلس، والتي تشرف على تسيير الطائرات دون طيار، حيث حلقت في مختلف أنحاء العاصمة وفقا لسكان محليين، بينما قالت مصادر محلية ووسائل إعلام تونسية إن ميليشيات الزاوية، التي تسيطر على معبر رأس إجدير الحدودي مع تونس، أغلقته ومنعت دخول بعثة تونس الدبلوماسية إلى الأراضي الليبية في طريقها إلى العاصمة طرابلس.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت أنها اعتقلت «البيدجا» على خلفية صدور نشرة خاصة من منظمة الشرطة الدولية، وبناء على طلب لجنة العقوبات بمجلس الأمن، وذلك لضلوعه في الاتجار بالبشر، وتهريب المهاجرين وتهريب الوقود.
في المقابل، نقلت وسائل إعلام محلية عن قيادات في ميليشيات الزاوية أن عملية الاعتقال تمت بسبب تأكيد «البيدجا» علاقة باشاغا بـ«المرتزقة السوريين»، الذين جلبتهم تركيا للقتال إلى جانب قوات «الوفاق».
واكتفى النمروش بإعلان إصداره التعليمات بعودة ميليشيات الزاوية، والتشكيلات والكتائب المسلحة التابعة لوزارة الدفاع إلى مقراتها فوراً، موضحا في تصريحات تلفزيونية أنه طلب من المدعي العسكري العام بإعداد تقرير مفصل عن الأحداث، التي جرت داخل طرابلس.
ويرأس «البيدجا»، الذي يحمل رتبة نقيب، وحدة من خفر السواحل في الزاوية (غرب طرابلس)، وكان واحدا من ستة أشخاص عاقبتهم الأمم المتحدة لتورطهم في الاتجار بالبشر، أو تهريبهم في ليبيا قبل عامين. وقد أصدر القضاء أمرا باعتقاله في أبريل من العام الماضي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.