موسكو ودمشق تطلقان عملية إعادة تأهيل الاقتصاد السوري

أكدتا على دفع نقاشات «الدستورية» واستمرار تطبيق 2254

الرئيس السوري بشار الأسد بين نائب رئيس الوزراء الروسي  يوري بوريسوف (يسار الصورة) ووزير الخارجية سيرغي لافروف في دمشق أمس (أ.ف.ب)
الرئيس السوري بشار الأسد بين نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف (يسار الصورة) ووزير الخارجية سيرغي لافروف في دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

موسكو ودمشق تطلقان عملية إعادة تأهيل الاقتصاد السوري

الرئيس السوري بشار الأسد بين نائب رئيس الوزراء الروسي  يوري بوريسوف (يسار الصورة) ووزير الخارجية سيرغي لافروف في دمشق أمس (أ.ف.ب)
الرئيس السوري بشار الأسد بين نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف (يسار الصورة) ووزير الخارجية سيرغي لافروف في دمشق أمس (أ.ف.ب)

أجرى وفد روسي ضم نائب رئيس الوزراء ومسؤول الملف الاقتصادي في الحكومة يوري بوريسوف ووزير الخارجية سيرغي لافروف ومسؤولين آخرين في وزارتي الخارجية والدفاع جولة محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد، وعدد من المسؤولين السوريين، ركزت على آليات إعادة تأهيل الاقتصاد السوري ومواجهة الضغوط المتزايدة عليه من خلال العقوبات الغربية، بالتوازي مع مناقشة آفاق دفع العملية السياسية مع التركيز على ضرورة منح اللجنة الدستورية الوقت الكافي لإتمام عملها.
وقال الأسد خلال استقباله الوفد الروسي، إن دمشق وموسكو «نجحتا في إحراز تقدم في تحقيق حل مقبول للطرفين في العديد من القضايا»، مشددا على أن سوريا «تولي أهمية كبيرة لنجاح الاستثمارات الروسية في البلاد».
وأشاد الأسد بـ«الدعم الروسي المتواصل» على صعيد مكافحة الإرهاب وفي إطار الدعم السياسي والاقتصادي، وأشار إلى أن هذا يطال بشكل خاص «المسائل المتعلقة بالعقوبات التي فرضت على الشركات الروسية العاملة في سوريا»، كما عبر عن امتنانه لقيادة الحكومة الروسية «على المساعدات الإنسانية التي تم نقلها إلينا في مكافحة الوضع الوبائي الصعب» وأكد اهتمام بلاده في إنجاح الاستثمارات الروسية في سوريا.
وخاطب الوفد الزائر بعبارة «أعلم أنه كان لديكم لقاء مع وزير شؤون رئاسة الجمهورية وأنكم تمكنتم من إحراز تقدم نحو التوصل إلى حل مقبول للطرفين للعديد من القضايا»، ما شكل إشارة وحيدة إلى أن الوفد الروسي حمل ملفات تتطلب موافقة الحكومة السورية بشكل عاجل.
من جانبه، أشار بوريسوف إلى أن روسيا «تقدر تقديرا عاليا علاقات الشراكة القائمة بين بلدينا». وأفاد مكتب بوريسوف بأنه أبلغ رئيس الوزراء السوري الجديد، حسين عرنوس أن هذا اللقاء كان «بالغ الأهمية بالنسبة لفهمنا المشترك لكيفية تطور العلاقات الروسية السورية في الأفق القريب».
وأعلن بوريسوف لرئيس الوزراء السوري أن روسيا ستستمر في دعم سوريا، سواء في حربها على الإرهاب وعلى الصعيد السياسي، أو في إعادة بناء الاقتصاد السوري.
وفي مؤتمر صحافي مشترك، حضره من الجانب الروسي بوريسوف ولافروف مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أكد بوريسوف أن الطرفين توصلا إلى اتفاقات للتعاون في إعادة تأهيل نحو أربعين منشأة سورية مهمة، وقال إن الحديث يدور عن إعادة إعمار وتأهيل البنى التحتية لقطاع الطاقة والمتعلقة باستخراج النفط والغاز، وكذلك إعادة إعمار عدد من محطات الطاقة الكهربائية، وبعضها كان الاتحاد السوفياتي بناها في سنوات سابقة، كما أشار إلى إبرام اتفاق قال إنه سوف يعرض للمصادقة حول استخراج النفط من البحر على السواحل السورية. وحمل بوريسوف بقوة على الولايات المتحدة وقال إنها عبر سيطرتها على المناطق النفطية والزراعية الأغنى في سوريا تحرم الشعب السوري من استغلال ثرواته الطبيعية، ما يسبب خللا كبيرا في الأمن الغذائي السوري. وقال إن الطرفين ناقشا دفع «خريطة الطريق» لتطوير التعاون الاقتصادي التجاري الموقعة في عام 2018، مشيرا إلى أن بين أسباب تعطيلها حتى الآن العقوبات الغربية والحصار المفروض على سوريا الذي منع تدفق الاستثمارات وتفشي وباء «كورونا» الذي أربك الأسواق العالمية وقلل الطلب على منتجات أولية مهمة.
في الشق السياسي، لفت لافروف الذي يزور سوريا للمرة الأولى منذ عام 2012 إلى حجم التغيرات الكبرى التي شهدتها البلاد عبر «تحقيق الانتصار على الإرهاب وتأكيد مبادئ سيادة ووحدة الأراضي السورية». وقال إن الزيارة الحالية «مكرسة لمناقشة الآفاق المستقبلية للعلاقة بعدما تم تحقيق كثير من الأهداف المشتركة».
وشدد لافروف على الأهمية الخاصة لاستكمال عمل اللجنة الدستورية، ودفع تطبيق القرار 2254، وأكد أن بلاده «ستواصل العمل لاحترام مبدأ السيادة ووحدة الأراضي السورية في إطار مسار آستانة، وفي إطار عمل اللجنة الدستورية في جنيف».
وبرز تباين في مواقف الطرفين عندما سئل المعلم عن موقفه من اتفاق الإدارة الذاتية الكردية مع «منصة موسكو» أخيرا في موسكو، إذ قال الوزير السوري إن «أي اتفاق يتعارض مع الدستور السوري لا ندعمه» فيما دافع لافروف عن الاتفاق، وبرغم أنه شدد على أن موسكو «ليست طرفا فيه» وأنها مفتوحة لتكون منصة حوارية لكل الأطراف الراغبة، لكنه زاد أن «الوثيقة التي وقعت في موسكو أكدت الالتزام بمبدأ وحدة وسيادة الأراضي السورية، ونحن أكدنا على هذا الموقف خلال اللقاء مع طرفي الاتفاق».
ولم يتضح انعكاس التقدم الروسي الواسع نحو تقديم مساعدات لإعادة تأهيل البنى التحتية على دفع العملية السياسية، خصوصا أن لافروف والمعلم أكدا ردا على سؤال حول هذا الموضوع أنه لا يوجد رابط بين الملفين الاقتصادي والسياسي. وقال المعلم إن موسكو لم تضع سقفا زمنيا لعمل اللجنة الدستورية، في مقابل تقديمها مساعدات اقتصادية، وهو أمر أكده لافروف الذي أشار إلى أن «اللجنة الدستورية ليست مرتبطة بسقف زمني ويجب منحها الفرصة كاملة لإنجاز عملها من دون تدخل خارجي».
وقال المعلم إن أي نتائج تتوصل إليها اللجنة سوف تعرض على استفتاء شعبي، رافضا في الوقت ذاته، إشارة إلى احتمال أن يتم تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية العام المقبل في حال لم تنه اللجنة عملها في جنيف، وأكد أن «الانتخابات الرئاسية ستجري في موعدها». وعلق لافروف على هذه النقطة بالإشارة إلى أنه «طالما لم يتم وضع دستور جديد فإن البلاد تسير وفقا للدستور القائم حاليا».
وسئل المعلم عن احتمال إفساح المجال أمام المعارضة للمشاركة فيها عبر شطب شرط الإقامة في البلاد لعشر سنوات متتالية، فقال إن هذا الأمر منوط فقط بقرار لجنة الانتخابات العليا.
فيما تطرق لافروف إلى العلاقة بين أطراف «مسار آستانة» وقال إنه «لا يمكن إيجاد تطابق كامل في المواقف بين أي أطراف»، مشددا على أن «المهم أن موسكو وأنقرة وطهران جمعتهم الرغبة في منع انزلاق سوريا نحو السيناريو العراقي أو الليبي».
وأشاد لافروف بالاتفاقات الروسية - التركية في إدلب، وقال إنها «تسير نحو التطبيق، ورغم أن هذا يجري ببطء لكن المهم أنها تنفذ، وفي المحصلة سنصل إلى تطبيق كامل لاتفاقاشتنا». ولفت إلى أن «مساحة الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية اتسعت بشكل ملحوظ منذ توقيع الاتفاق الروسي التركي حول إدلب». وقال لافروف إن الوجود الإيراني في سوريا أمر يخص قرار دمشق السيادي.



مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
TT

مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)

في أول زيارة لوزير خارجية مصر إلى السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، سلم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الذي استقبله في بورتسودان.

ونقل الوزير المصري، إلى البرهان «اعتزاز الرئيس السيسي بالعلاقات التاريخية والأخوية بين مصر والسودان، والعزم على بذل كل المساعي الممكنة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار للسودان».

جلسة مباحثات مصرية - سودانية موسعة (الخارجية المصرية)

وأشار عبد العاطي، وفق بيان للخارجية المصرية، إلى أن «الزيارة تأتي للإعراب عن تضامن مُخلص مع السودان في هذا المنعطف التاريخي الخطير، وللوقوف بجانب دولة شقيقة في ظل الروابط العميقة والعلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين».

كما أشار إلى «حرص مصر على الانخراط بفاعلية في الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق الاستقرار في السودان الشقيق، بما يصون مصالحه وسيادته ووحدة أراضيه»، منوهاً بـ«جهود مصر لاستئناف السودان لأنشطته في الاتحاد الأفريقي».

وشهدت زيارة عبد العاطي لبورتسودان جلسة مشاورات رسمية بين وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني، علي يوسف الشريف بحضور وفدي البلدين، شدد الوزير المصري خلالها على «دعم بلاده الكامل للسودان قيادة وشعباً، وحرص مصر على بذل الجهود لرفع المعاناة عن الشعب السوداني».

وزير الخارجية السوداني يستقبل نظيره المصري (الخارجية المصرية)

واستعرض، وفق البيان، موقف مصر الداعي لـ«وقف فوري لإطلاق النار والإسراع من وتيرة نفاذ المساعدات الإنسانية، وأهمية التعاون مع مبادرات الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظمات الإغاثة الدولية لتسهيل نفاذ تلك المساعدات».

كما حرص الجانبان على تناول ملف الأمن المائي باستفاضة، في ظل «مواقف البلدين المتطابقة بعدّهما دولتي مصب علي نهر النيل»، واتفقا على «الاستمرار في التنسيق والتعاون الوثيق بشكل مشترك لحفظ وصون الأمن المائي المصري والسوداني».

تضمنت الزيارة، كما أشار البيان، لقاء عبد العاطي مع الفريق إبراهيم جابر، عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، وأكد خلاله الوزير المصري «موقف بلاده الثابت القائم على دعم المؤسسات الوطنية السودانية واحترام وحدة وسلامة الأراضي السودانية».

كما عقد الوزير عبد العاطي لقاء مع ممثلي مجتمع الأعمال السوداني لتعزيز التعاون بين رجال الأعمال من البلدين واستكشاف فرص الاستثمار المشترك والاستفادة من الفرص الهائلة التي يتيحها الاقتصاد المصري، والعمل على مضاعفة التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين. كما التقى مع مجموعة من السياسيين وممثلي المجتمع المدني من السودان، فضلاً عن لقاء مع أعضاء الجالية المصرية في بورتسودان واستمع إلى شواغلهم ومداخلاتهم.

بدورها، نقلت السفارة السودانية في القاهرة، عن وزير الخارجية علي يوسف، تقديمه «الشكر للشقيقة مصر على وقفتھا الصلبة الداعمة للسودان»، في ظل «خوضه حرب الكرامة الوطنية ضد ميليشيا الدعم السريع المتمردة ومرتزقتھا وداعميھا الإقليميين»، على حد وصف البيان.

ولفت البيان السوداني إلى أن الجانبين ناقشا «سبل تذليل المعوقات التي تواجه السودانيين المقيمين في مصر مؤقتاً بسبب الحرب، خاصة في الجوانب الھجرية والتعليمية»، واتفقا على «وضع معالجات عملية وناجعة لتلك القضايا في ضوء العلاقات الأزلية بين الشعبين الشقيقين».