فطريات «تشيرنوبيل» درع إشعاعي لرواد الفضاء

أظهرت كفاءة في اختبارات أجريت بالتعاون مع «ناسا»

فطريات «تشيرنوبيل» تحل أحد مشاكل الإقامة بالفضاء (techeblog)
فطريات «تشيرنوبيل» تحل أحد مشاكل الإقامة بالفضاء (techeblog)
TT

فطريات «تشيرنوبيل» درع إشعاعي لرواد الفضاء

فطريات «تشيرنوبيل» تحل أحد مشاكل الإقامة بالفضاء (techeblog)
فطريات «تشيرنوبيل» تحل أحد مشاكل الإقامة بالفضاء (techeblog)

تهدف المركبات الفضائية الأميركية والصينية والإماراتية التي أرسلت لكوكب المريخ في شهر يوليو (تموز) الماضي، إلى اختبار إمكانية الحياة على الكوكب، تمهيداً لإرسال البشر هناك، لكن قبل أن يحدث ذلك يجب التغلب على العديد من التحديات التقنية، وأحد أخطر هذه التحديات هو حماية رواد الفضاء من الإشعاع.
ومن دون الغلاف الجوي الواقي للأرض، فإن احتمالات التعرض للإشعاع كبيرة، ولن يوجد هذا الغلاف في الفضاء، لذلك لن يعيش البشر طويلاً جداً على القمر أو على المريخ، ما لم يتم حل هذه المشكلة.
واختبر فريق من الباحثين الأميركيين من جامعتي نورث كارولينا وستانفورد قابلية استخدام نوع من الفطريات التي وجدت تنمو في بعض المفاعلات النووية المدمرة في موقع محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية السابقة، لحماية رواد الفضاء من الإشعاع، وكتبوا ورقة تصف عملهم تم نشرها في 17 يوليو 2020 على موقع ما قبل النشر الرسمي للأبحاث «bioRxiv».
وخلال الدراسة وجد الباحثون أن بعض أنواع الفطريات قادرة على الازدهار في مكان شديد الإشعاع على الأرض، داخل المفاعلات المدمرة في موقع تشيرنوبيل في أوكرانيا.
وأظهر اختبار عدة أنواع من الفطريات أنها لا تعيش فقط في المفاعلات السابقة، لكنها تزدهر في الواقع، ولديها القدرة على امتصاص الإشعاع وتحويله إلى طاقة لاستخدامهم الخاص.
وللنظر في إمكانية استخدام هذه الأنواع من الفطريات كدرع للبشر، رتب الباحثون مع وكالة «ناسا» لإرسال عينة من أحد أنواع الفطريات الموجودة في تشيرنوبيل Cladosporium) sphaerospermum) إلى محطة الفضاء الدولية.
وبمجرد وصول عينة الفطر إلى محطة الفضاء الدولية، قام رواد الفضاء بطلاء جانب واحد من طبق بتري (يستعمله علماء الأحياء لاستنبات الخلايا، كالبكتريا والفطْريات) بالفطر، ولم يكن لدى الجانب الآخر فطريات، وكان بمثابة عنصر تحكم.
تم لصق كاشف في الجزء الخلفي من الطبق لقياس الإشعاع القادم، وتم رصد الكاشف لمدة 30 يوماً، ووجد الباحثون أن جانب الطبق البتري المغطى بالفطريات قلل من مستويات الإشعاع القادمة من الطبق بنسبة 2 في المائة تقريباً، مقارنة بجانب التحكم.
يقول الباحثون في تقرير نشره موقع «ساينس إكس نيتورك» في 27 يوليو الماضي: «هذا وحده غير مناسب كدرع أمان، لكن التجربة تعمل كمؤشر لما يمكن أن يكون ممكناً، حيث من المعروف أن الفطر ينمو من تلقاء نفسه، مما يعني أن صاروخاً يحمل البشر يمكن أن يحمل كمية صغيرة فقط معه مرة واحدة على كوكب المريخ، ويمكن زراعة الفطر على هيكل الدرع الخاص بالمركبة الفضائية، مما يوفر ربما طبقة واحدة من الحماية مجاناً تقريباً».
ويثني الدكتور محمد يوسف، أستاذ مساعد جيولوجيا المياه بمركز بحوث الصحراء، التابع لوزارة الزراعة المصرية، على نتيجة الدراسة، مشيراً إلى أنها تصب في الاتجاه العالمي الذي يهدف إلى اختبار إمكانية الحياة على الكوكب الأحمر.
وسبق للدكتور يوسف نشر دراسة في العدد الأخير من دورية «الفضاء الدولية»، أثبت من خلالها وجود المياه في الماضي على كوكب المريخ، وتسعى الدراسة الحالية إلى علاج واحدة من المشكلات التي قد تعوق الحياة على الكوكب.
يقول يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «في الدراسة التي قمت بها قارنت بين الأشكال الموجودة على 12 منطقة بسطح المريخ والتي التقطتها صور الأقمار الصناعية عالية الجودة، مع الأشكال التي تكونت على سطح الأرض بفعل المياه، مثل دلتا النيل شمالي بمصر، وهو ما يعني أنه يمكن أن تكون هناك مياه على سطح الكوكب».
ورغم أهمية المياه للحياة، فإن الأخطار الصحية التي تتعلق بطبيعة الإقامة الطويلة على الكواكب خارج الأرض قد تعوق هذا التوجه، والدراسة الحالية تعالج أحد هذه المشاكل، كما يؤكد يوسف.
كانت دراسة أخرى نُشرت في العدد الأخير من دورية «الكائنات الدقيقة» في يوليو 2020. أشارت إلى أحد المشاكل دون أن تقدم العلاج، وهي تلك التي تتعلق ببكتريا تصيب الإنسان في الفضاء، ولا يستطيع الجهاز المناعي مواجهتها.
وإذا كانت الفطريات في الدراسة الحالية هي الحل، فإن البكتريا في هذه الدراسة هي المشكلة، حيث اختبر الباحثون من جامعتي أبردين وإكستر ببريطانيا، كيفية استجابة الخلايا المناعية للثدييات لمجموعات من الأحماض الأمينية النادرة على الأرض، لكنها شائعة في النيازك.
وكانت الاستجابة المناعية في الفئران لهذه الأحماض أقل كفاءة من رد الفعل على تلك الشائعة على الأرض، وهو جعلهم يخلصون في النهاية إلى أن الجهاز المناعي للبشر قد يصارع من أجل الكشف عن الجراثيم من الكواكب الأخرى والاستجابة لها.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.