تداعيات تفجير بيروت تظهر في دمشق وسط غياب لبضائع وارتفاع في الأسعار

TT

تداعيات تفجير بيروت تظهر في دمشق وسط غياب لبضائع وارتفاع في الأسعار

كشفت مصادر متابعة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن انفجار مرفأ بيروت أدى إلى خسارة مواد مستوردة لصالح السوق في مناطق سيطرة الحكومة السورية من قبل تجار لبنانيين وسوريين أو تجار كانوا يعملون لـ«تفادي العقوبات الغربية المفروضة على دمشق». وقدرت المصادر، أن 25 في المائة من البضائع التالفة في المرفأ جراء الانفجار كانت بانتظار إعادة شحنها إلى سوريا، من بينها مواد تستخدم في صناعة المنظفات والصناعات الجلدية.
ولفتت المصادر، أنه وبعد أيام قليلة على الانفجار، ارتفعت أسعار سلع المواد المصنعة أو المستوردة عن طريق مرفأ بيروت بنسبة تقارب الـ25 في المائة مثل مواد «الإسفنج» و«الأقمشة» الداخلة في صناعة الملابس والمفروشات، مشيرة إلى أن مناطق سيطرة الحكومة تعمد في صناعتها على مكونات ومواد أولية تأتي عبر مرفأ بيروت.
ولوحظ تأثر المواد الغذائية منذ انفجار مرفأ، حيث ارتفع سعر كيلو الفروج المذبوح من 2500 ليرة سورية إلى أكثر من 4300، وسط تأكيد عدد من مربي الدواجن ارتفاع أسعار العلف الذي يستورده بعض التجار عبر مرفأ بيروت، فضلاً عن قيام تجار لبنانيين بتهريب الفروج السوري إلى لبنان لتعويض الفاقد هناك. (الدولار الأميركي يساوي أكثر من ألفي ليرة).
وأكدت المصادر، أن غالبية المواد المستخدمة في أعمال إكساء الأبنية ارتفعت أسعارها كذلك بنسب تراوحت ما بين 25 و40 في المائة. وقالت «أزمة لبنان الاقتصادية التي اندلعت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أتت على موجودات كبار التجار ورجال الأعمال السوريين، والآن انفجار مرفأ بيروت أتى على المواد التي يستوردونها عبر المرفأ».
ولاحظ السوريون في مناطق سيطرة الحكومة زيادة في ساعات تقنين التيار الكهربائي منذ انفجار مرفأ بيروت، لكن مسؤولين في شركات الكهرباء نفوا أي ربط بين الحدثين، وفي الوقت ذاته ألمحوا إلى أن دمشق رفعت كميات الطاقة المرسلة إلى لبنان من أجل مساعدته على تجاوز محنة انفجار المرفأ.
في سياق آخر، ذكرت مصادر متابعة، لـ«الشرق الأوسط»، أن روسيا كان لها مآخذ على الانتخابات البرلمانية التي أجرتها دمشق في الـ19 من يوليو (تموز) الماضي، وأن مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف طلب من دمشق خلال زيارته لها نهاية الشهر الماضي، إمكانية التجاوب مع الطعون المقدمة بنتائج الانتخابات من قبل المرشحين الخاسرين. ولفتت المصادر إلى أن القرار الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا التي يرأسها محمد جهاد اللحام برفض الطعون المقدمة من قبل المرشحين الخاسرين والذين طعنوا في فوز عدد من المنافسين؛ كونها «غير مستوفاة للشروط المنصوص عليها في قانون المحكمة كان (مفاجئاً)؛ كونه صدر بعد زيارة لافرنتيف ما يعني أن دمشق رفضت الطلب الروسي».
وبرر لحام في تصريح نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سانا) قرار المحكمة، بأن جميع الطعون «بقيت أقوالاً غير مؤيدة بأي دليل، فضلاً عن أن ما شملته في لائحة الطعن لا يصلح لأن يكون محلاً للطعن في نتيجة الانتخابات ولا يقدم أمام المحكمة الدستورية العليا، وهذا ما جعل تلك الطعون مستوجبة عدم القبول شكلاً».
وفاز حزب «البعث» الحاكم في سوريا وحلفاؤه بغالبية مقاعد مجلس الشعب (البرلمان) البالغة 250 مقعداً في الانتخابات، وذلك حسب النتائج الرسمية التي أعلنتها اللجنة القضائية المشرفة على عملية الاقتراع؛ ما أدى إلى توجيه المرشحين الخاسرين اتهامات للجنة بتزوير نتائج الانتخابات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».