المحكمة العليا الإسرائيلية تلغي قرار هدم بيت فلسطيني

نتنياهو طالب بالنظر في تركيبة القضاة

هدم منزل في قرية فراسين غرب مدينة جنين أمس (وفا)
هدم منزل في قرية فراسين غرب مدينة جنين أمس (وفا)
TT

المحكمة العليا الإسرائيلية تلغي قرار هدم بيت فلسطيني

هدم منزل في قرية فراسين غرب مدينة جنين أمس (وفا)
هدم منزل في قرية فراسين غرب مدينة جنين أمس (وفا)

هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعدد من وزراء اليمين في حكومته، المحكمة العليا في القدس الغربية، أمس الاثنين، بعد إصدارها قراراً يقضي بإلغاء أمر هدم منزل عائلة الأسير نظمي أبو بكر (49 عاماً)، من بلدة يعبد قضاء جنين، الصادر عن سلطات جيش الاحتلال، عقاباً له ولعائلته لتسببه بقتل جندي إسرائيلي. واعتبر نتنياهو هذا القرار «بائساً ويتناقض مع سياسة الحكومة التي تحارب الإرهاب، ويعتبر عملياً تشجيعاً للإرهاب». وطالب بإعادة البحث في المحكمة بتركيبة موسعة للقضاة. وقال وزير البيئة، أوفير أكونيس، إن قرار المحكمة مشين، وعلى القضاة الذين أصدروه أن يخجلوا من أنفسهم. وقال رئيس كتل الائتلاف البرلمانية، ميكي زوهر، إن القضاة وضعوا المصلحة الوطنية لإسرائيل في قاع سلم اهتمامهم.
كانت هذه القضية قد انفجرت قبل ثلاثة شهور، عند قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بمداهمة قرية يعبد لتنفيذ عمليات اعتقال واسعة، من خلال استخدام القوة والبطش، واشتبكت مع السكان. وحسب النيابة العسكرية، فإن المواطن الفلسطيني أبو بكر سمع الضجيج فاعتلى سطح بيته، وعندما رأى الجنود يهاجمون، ألقى عليهم حجر بناء فوقع على رأس الجندي عميت بن يغئال (21 عاماً)، الذي يخدم في وحدة «غولاني». وعلى الرغم من أن الجندي كان يعتمر خوذة فولاذية، فقد أدى الحجر الذي أصاب رأسه إلى إصابته بجراح خطيرة، ثم توفي متأثراً بجراحه. وقد تمكن أبو بكر من الاختفاء عن الأنظار عدة أسابيع، واعتقل في يونيو (حزيران) الماضي، ووجهت إليه تهمة القتل المتعمد، والمتوقع أن يكون الحكم فيها السجن المؤبد، مع أنه ينكر التهمة. وحسب مصادر فلسطينية، فإن الأسير أبو بكر، يعاني من ظروف تحقيق صعبة وقاسية منذ اعتقاله، ويعيش ظروفاً حياتية سيئة للغاية، داخل زنزانة تفتقر للحد الأدنى من المقومات الأساسية للآدميين، ولا يسمح له بالخروج للتنفس، كما منع من لقاء المحامي لفترة استمرت لأكثر من أسبوعين.
ولم تكتف سلطات الاحتلال بكل هذا فقد قررت هدم العمارة التي يسكنها أبو بكر، المؤلفة من ثلاثة طوابق. ويقول محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين، خالد محاجنة، الذي يتولى الدفاع عن أبو بكر، إن موكله يعتبر ادعاءات وبيانات أجهزة الأمن الإسرائيلية كاذبة، وأنه غير ذي علاقة بالحادث على الإطلاق. وتقدم 11 فرداً من عائلة أبو بكر، بالتماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، للمطالبة بإلغاء قرار هدم العمارة، مؤكدين أن «الهدم العقابي للمنزل يشكل عقوبة جماعية مرفوضة تتعارض مع القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، كما أنه يتعارض مع القانون الجنائي الإسرائيلي. فالعمارة يملكها شقيق نظمي أبو بكر، وتعيش فيها عدة عائلات تضم نساءً وأطفالاً أبرياء لا علاقة لهم بالحادث».
وأرفق مركز الدفاع الإسرائيلي عن الفرد «هموكيد»، المشارك في الدعوى، وجهة نظر هندسية، توضح أن هدم الطابق الثالث من شأنه أن يضر بشكل كبير بشقق إضافية موجودة في الطابقين الأول والثاني، حيث يقطن أبناء العائلة الكبيرة، وذلك بسبب الحالة المتردية والسيئة لهيكل المبنى السكني.
وقد قبلت المحكمة الدعوى جزئياً، فألغت الهدم، ولكنها أجازت لسلطات الجيش استبداله بأمر يقضي بإغلاق الشقة التي يقطنها الأسير أبو بكر، وسوغت المحكمة قرارها بإلغاء أمر الهدم الصادر عن الجيش، بأن زوجة الأسير أبو بكر وأولاده، ليست لهم أي علاقة بإلقاء الحجارة، وبأن العمارة السكنية ليست ملكاً للمتهم بل لشقيقه. وصدر القرار بتأييد قاضيين، هما ميني مزوز وجوج قرا. وما إن صدر القرار ظهر أمس، الاثنين، حتى خرج السياسيون، في مقدمتهم نتنياهو، يهاجمون المحكمة، ويشككون في أحكامها، ويلمحون إلى أنها تتحيز للفلسطينيين ضد الجندي القتيل وعائلته.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».