مستكشفون يحيون الأطلال الحديثة

قصص الأماكن والمباني المهجورة تجذب الاهتمام

مصنع للخزف تحت طبقات النسيان
مصنع للخزف تحت طبقات النسيان
TT

مستكشفون يحيون الأطلال الحديثة

مصنع للخزف تحت طبقات النسيان
مصنع للخزف تحت طبقات النسيان

من وجهة نظر جيك ويليامز، لا شيء يعني النجاح الحقيقي بقدر الدمار والأطلال. كان ويليامز قد درس التسويق التجاري بالجامعة قبل أن ينسحب من الدراسة الجامعية والتفرغ للعمل بدوام كامل كمستكشف حضري. وفي إطار عمله، يبحث ويليامز ويروي قصصاً عن أماكن مهجورة.
ويحرص ويليامز على تصوير مغامرات، وبوصفه منتجاً بشركة «برايت صن فيلمز»، فإنه يتشارك في هذه المقاطع المصورة عبر موقع «يوتيوب». اللافت أن الموضوعات التي يدور حولها بعض أكثر فيديوهاته شهرة، مثل فندق «دايز إن» السابق أو أحد متاجر «وولمارت» المجهولة، تبدو عادية ومألوفة إلى حد كبير. ومع ذلك، فإن ما يجذب المشاهدين شعور بالفضول الشديد، حسبما أوضح ويليامز. وأضاف: «أعتقد أنه عندما يرى المرء مكاناً مجهولاً على جانب الطريق يتساءل في نفسه: «كيف وصل ذلك البناء إلى تلك الحالة؟».
جدير بالذكر أن حركة الاستكشاف الحضري تعود جذورها إلى منتديات قائمة بالفضاء الإلكتروني سمحت «لجميع غريبي الأطوار بالتواصل بعضهم مع بعض» والتشارك في معلومات حول أماكن ينصحون بزيارتها، حسبما أوضح ماثيو كريستوفر، مؤسس موقع «أباندوند أميركا».
من ناحية أخرى، قال درو سكافيلو، مؤسس «ذي تروث إن ديستركشن»، التي تتولى وضع تأريخ مصور لأماكن مهجورة، إنه عندما بدأ جهود الاستكشاف الحضري عام 2007، كانت هناك مجموعة قليلة من الأفراد تركز اهتمامها على مواقع في بوسطن وديترويت وفيلادلفيا. إلا أنه منذ ذلك الحين، اتسعت الحركة وتحولت إلى شبكة كبيرة واسعة تضم مختلف الفئات العمرية، من المراهقين حتى من هم في السبعين من العمر.
وأضاف سكافيلو أنه انجذب بشكل خاص إلى تصوير المصحات النفسية السابقة، والتي وصفها بأنها «تعاني من التجاهل وعدم التقدير» بسبب الوصمة المرتبطة بالمرض العقلي.
وفي عمله، لا يجري تطويق القطع الفنية المنتمية إلى حقب غابرة داخل صناديق زجاجية أو يجري تغليفها، وإنما بدلاً عن ذلك تبدو هذه القطع متاحة بسهولة أمام الجميع. على سبيل المثال، أشار سكافيلو إلى أنه خلال زيارة إلى مستشفى سابق كان تابعاً لولاية أيوا، عثر على جهاز المدار الذي كان يُستخدم في العمليات الجراحية، داخل خزانة.
وأعرب سكافيلو عن اعتقاده أن هذا أسلوب ملموس بدرجة أكبر بكثير للتواصل مع التاريخ عن «ارتياد متحف والمشاركة في جولة مخطط لها سلفاً. الحقيقة أنه في الكثير من الأوقات، تبدو بعض الأشياء التي جرى إهمالها مذهلة للغاية».
أما كريستوفر من «أباندوند أميركا»، فقد شرع في تصوير وتوثيق أماكن مهجورة بعد أن عمل لفترة داخل مؤسسة طبية خاصة تُعنى بالصحة الذهنية. وخلال عمله، علم من المرضى وزملائه عن مستشفى سابق كان تديره الولاية، مستشفى ولاية فيلادلفيا، والمعروف كذلك باسم «مستشفى بيبيري»، والذي أغلق أبوابه عام 1990. وقال إن مرضى سابقين بالمستشفى «جرى تخزينهم وطواهم النسيان وجرى محوهم من الذاكرة». ومن هناك، اكتشف مدارس ومصانع وفنادق ودور سينما مهجورة. وقال: «قبل أن أعرف ذلك، كنت مهووساً بالأمر».
وتجذب أحاديث وكتابات وصور كريستوفر جماهير من المتابعين يتحركون بدافع من إغراء المغامرة والفضول والحنين إلى الماضي والاهتمام الأكاديمي.
اللافت أن عمله يتجاوز كونه مجرد طرح لمحة من زمن مضى، وإنما يتضمن كذلك تعليقات على التأثيرات التي يتركها الإنسان على البيئة وثقافة التخلي والهجر لأشياء قيمة سادت المجتمع.
جدير بالذكر في هذا الصدد أن بعض المواقع التي تولّى توثيقها تنتمي إلى فترة كانت الولايات المتحدة تنافس أوروبا وتحاول التباهي بعظمتها. وقال كريستوفر عن ذلك: «كانوا يظنون أنهم يبنون مؤسسات ستبقى لقرون، لكن سرعان ما جرى هجرها».
ويشارك في وجهة النظر تلك بريان وايزمان ومايكل بيريندي، اللذان يتوليان إدارة موقع يطلقان عليه «ذي بروبر بيبول». أما الاسم، فقد جرى استلهامه من لافتة كانت معلقة فوق واحدة من البنايات التي زاراها يوماً ما وكانت عليها عبارة: «ممنوع الدخول - باستثناء الأفراد المناسبين».
من ناحيته، قال بيريندي: «من بين الموضوعات المشتركة التي نحاول تناولها في الفيديوهات التي ننفذها فكرة أن العالم الذي نعيش فيه زادت فيه معدلات التخلي عن الأشياء على نحو متزايد». ووصف أطلال بنايات تنتمي لعقد عشرينات القرن الماضي وما قبله، قائلاً: «إنها بنايات فخمة للغاية وتزدان بزخارف كثيفة تبهر الزائر».
وشرح أن من تولوا بناء هذه البنايات في حقب سابقة ربما كانوا يظنون أنهم يشيدون «أشياء دائمة، لذلك حرصوا على أن يبثوا فيها روحاً من الفن والإبداع والإتقان».
وذكر بيريندي أنه يشعر بتقدير خاص تجاه البنايات المنتمية إلى عقدي الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، لكن خلال العقود التالية أصبح يجري النظر إلى البنايات «بوصفها سلعاً، وليست أثراً دائماً فوق مساحة ما». وأضاف أن فن عمارة الماضي سيصبح «مذهلاً على نحو متزايد كلما زاد اعتمادنا في عالم البناء على خردة سابقة التجهيز».
جدير بالذكر أن وايزمان وبيريندي وثّقا زيارات لهما لمتنزهات ومراكز تسوق وفنادق سابقة. كما زارا محطة ضخمة لإنتاج الطاقة يعود تاريخ إنشائها لعام 1925، موقع يمكن وصفه بأنه «شديد الخطورة».
وهناك فيديو يَظهران فيه وهما يسيران بحذر بالغ عبر قناة ضيقة فوق حفرة مظلمة، بينما تتدلى من السقف قطعة من الخرسانة.
وخلال تنقلاتهما، واجه الاثنان أخطاراً أخرى، منها مواد كيميائية سامة مثل «بي سي بي» وألوان الطلاء بالرصاص والزئبق (خصوصاً داخل محطات الطاقة السابقة) وعفن وفضلات حمام. وكثيراً ما يتعرضان خلال رحلاتهما إلى إصابات وجروح وكدمات.
وتتسم مخاطرة أخرى بطابع قانوني، وتتمثل في إمكانية مواجهة تهمة التعدي على ممتلكات الغير. وفي سؤال له حول ما إذا كان يحرص دوماً على الحصول على موافقة ملاك المواقع التي يتولى زيارتها، أجاب كريستوفر بالنفي ضاحكاً.
كما واجه وايزمان وبيريندي من «ذي بروبر بيبول» بعض المشكلات مع سلطات إنفاذ القانون، لكن لم يتعرضا لإلقاء القبض عليهما قط. وأوضحا أن التوترات غالباً ما تهدأ عندما يشرحان للشرطة طبيعة عملهما.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.