شبح إغلاق جديد يخيّم على ولايات أميركية

شبح إغلاق جديد يخيّم على ولايات أميركية
TT

شبح إغلاق جديد يخيّم على ولايات أميركية

شبح إغلاق جديد يخيّم على ولايات أميركية

يخيم شبح إغلاق جديد على ولايات تشهد ارتفاعاً مطرداً لإصابات «كوفيد-19»، في الوقت الذي أثارت أيام متتالية من الاحتجاجات الحاشدة ضد العنصرية، والتخفيف المبكر السريع لإجراءات العزل، مخاوف من موجة ثانية من الإصابات في البلد الأكثر تضرراً من الوباء في العالم.
ويتساءل كثير من الأميركيين حول ما إذا كانت البلاد قد سيطرت على انتشار الوباء، كما ذكر الرئيس دونالد ترمب، أم أن الفيروس المستجد أصبح واقعاً جديداً ينبغي التعايش معه. وزاد ارتفاع الإصابات، ونفاد أسرة العناية المركزة، من حالة القلق والترقب حول تداعيات إعادة فتح الاقتصاد الأميركي الصحية، وعودة الطلبة إلى الفصول الدراسية.
وتزامناً مع إجراءات إعادة فتح الاقتصاد، وفتح المتنزهات والمسارح ودور السينما، وإعادة خطوط الطيران الدولية للعمل، تشهد 12 ولاية أميركية على الأقل مساراً تصاعدياً في انتشار الفيروس، بعد أن تراجع الاهتمام بالوباء، وتصدرت أخبار الاحتجاجات والتطورات السياسية اهتمامات المواطنين. وتجاوزت الإصابات في الولايات المتحدة مليونين، بينما ارتفعت الوفيات إلى ما يقارب 114 ألف حالة، وفقاً لإحصاءات جامعة جونز هوبكنز. وتشير الإحصاءات إلى أن متوسط عدد حالات الإصابة بشكل مؤكد قد تضاعف خلال الأسبوعين الماضيين في ولايات مثل أريزونا وأركنساس وأوريغون ويوتا، فيما سجلت كل من نورث كارولينا ونيفادا وساوث كارولينا وفلوريدا مستويات قياسية من الإصابات على مدى الأيام السبعة الماضية. وتحدّث حكام ولايات مثل كاليفورنيا وميسيسيبي وأركنساس عن مستويات قياسية في دخول المستشفيات، فيما أعلن حكام ولايتي ألاباما وجورجيا عن ارتفاع العجز في قدرات وإمكانات وحدات العناية المركزة. وشهدت ولاية تكساس وحدها ارتفاعاً بأكثر من 40 في المائة في عدد الأشخاص الذين دخلوا المستشفيات طلباً للعلاج من «كوفيد-19» منذ نهاية شهر مايو (أيار) الماضي.
ولا يبدو، رغم هذه الزيادات، أن هناك تراجعاً عن إعادة فتح الاقتصاد، بغض النظر عن الزيادات الحتمية في الإصابات. ويقول خبراء الصحة العامة إن هناك تدابير لا بد من اتخاذها قبل فوات الأوان، وتفعيل خطط طوارئ داخل المستشفيات. وأظهرت تحليلات أن ولايات مثل أريزونا ويوتا ونيو مكسيكو سجلت ارتفاعات في أعداد الإصابات الجديدة بنسبة 40 في المائة حتى السابع من يونيو (حزيران) الحالي، مقارنة بالأسبوع السابق له، وارتفعت الحالات الجديد في فلوريدا وأركنساس وساوث كارولينا ونورث كارولينا بأكثر من 30 في المائة. وقال سبنسر فوكس، الباحث بجامعة تكساس، إنه حتى لو لم تكن المستشفيات مليئة بمصابي «كورونا»، فإننا سنشهد مزيداً من الإصابات والوفيات خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، ورجّح أن يتجاوز عدد الوفيات 200 ألف حالة وفاة بحلول شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
وذكر تحليل إحصائي لوكالة «أسوشيتد برس» أن ولاية أريزونا شهدت متوسط إصابات يومية قلّ عن 400 حالة جديدة خلال فترة الإغلاق، فيما تجاوزت الحالات ألفاً في اليوم بحلول أوائل الأسبوع الماضي.
وكان حاكم ولاية أريزونا، دوغ دوسي، قد أعلن إعادة فتح الاقتصاد في 15 مايو (أيار) الماضي، وتمت إعادة فتح المطاعم وصالات الرياضة والمنتجات ودور السنيما، وفي كثير من الحالات دون إلزام السكان بارتداء الأقنعة أو التباعد الاجتماعي. ومع بداية الشهر، شهدت الولاية زيادات سريعة في عدد الحالات، وارتفاعاً في نسب التنويم في المستشفيات. وفسر حاكم أريزونا الأرقام المتزايدة بأنها متوقعة، وترجع إلى زيادة الاختبارات، وليس رفع القيود عن التباعد الاجتماعي.
وفي المقابل، حذر ويل همبل، المدير السابق لخدمات الصحة بولاية أريزونا، من أن أعداد الإصابات والوفيات، وأيضاً الاستشفاء، في أعلى مستوياتها على الإطلاق، وتزداد سوءاً. وإذا لم يتغير شيء، فسينتهي بنا الأمر للتوجه لإقامة مستشفيات ميدانية، أو إعادة أوامر البقاء في المنازل مرة أخرى، أو كليهما. واتهم همبل حاكم الولاية بتجاهل الاتجاه التصاعدي المقلق من إصابات «كوفيد-19» لصالح استعادة النشاط الاقتصادي.
ومن جهته، قال حاكم ولاية أركنساس إنه لا يمكن تقييد حركة الأميركيين، ما لم يتخذ كل شخص قراراً طوعياً لتقييم ما هو مناسب له ولصحته وعائلته. وكانت ولاية نورث كارولينا من أوائل الولايات التي أعادت فتح الأعمال التجارية، وشهدت ارتفاعاً حاداً في حالات الإصابة بالفيروس. وسجلت الولاية، يوم السبت الماضي، أعلى زيادة في حالات الإصابة في يوم واحد، حيث ارتفعت إلى 1370 حالة في اليوم. وقال حاكم ولاية نورث كارولينا إن القفزات الأخيرة من حالات الإصابة دفعته لإعادة التفكير في خطط إعادة فتح المدارس والشركات.
وربط حكام ولايات أخرى ارتفاع أعداد المصابين بزيادة الاختبارات، ويتردد كثير منهم في إيقاف إجراءات إعادة فتح الاقتصاد بعد تكبد ولاياتهم خسائر وخيمة عقب إغلاق شركات، ومنع السكان من مغادرة منازلهم.
ويقول خبراء الصحة إن كل ولاية قد تحتاج إلى التفكير في إغلاق آخر مؤقت قصير المدى، إذا ما تزايدت حالات الإصابة بالفيروس مع إعادة فتح المدارس والجامعات. كما نصحوا في حال كانت زيادة الحالات مطردة لمدة أسبوع أو أكثر، بإعادة فرض أوامر البقاء في المنازل أو إغلاق بعض الشركات.
وأعلنت حاكمة ولاية أوريغون، كيت براون، إعادة الإغلاق بالفعل لمدة أسبوع واحد، بعد أن أبلغت الولاية عن 177 حالة جديدة، و19 حالة وفاة في يوم الخميس فقط، فيما رفعت ولاية تكساس، أمس (الجمعة)، القيود عن المطاعم وصالات الرياضة، رغم الارتفاع المقلق في حالات الإصابة الذي بلغ 42 في المائة منذ عطلة الأسبوع الماضي، حيث توافد سكان الولاية على شواطئ هيوستن، في تحدّ لأوامر حاكم الولاية الجمهوري غريغ آبوت بالالتزام بالتباعد الاجتماعي.
وسجّلت ولاية ألاباما أكبر عدد من الحالات الجديدة، بلغ 849 حالة. وقال سكوت هاريس، مسؤول الصحة في الولاية: «يبدو أن إعادة فتح الاقتصاد أعطت كثيراً من الناس انطباعاً خاطئاً عن أن كل شيء بات على ما يرام».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».