بمشاعر متضاربة تتذكر ريم نادر طريقها الصباحي الذي كانت تقطعه وصولاً لمكتبها، مشتتة بين حنين لمناخ العمل بين زملاء وأصدقاء، وتكيّف جديد يتسع كل يوم مع نمط عملها الجديد الذي انتقل إلى البيت، تماماً كالملايين حول العالم الذين تأقلموا مع مناخ العمل عن بعد ضمن ما فرضه فيروس «كورونا» من تغييرات وأنماط اجتماعية واقتصادية جديدة. تعمل ريم في إحدى شركات تصميم المواقع والتطبيقات الإلكترونية الكائنة غرب القاهرة، ولعل تخصصها في مجال البرمجة جعل انتقالها للعمل من البيت أكثر مرونة من غيرها، وتقول: «طبيعة عملي كمُبرجمة تسهل عملي من البيت خصوصاً وأننا جربناه قبل الأزمة في إطار ضغوط العمل، لكنني ربما أفتقد الاجتماعات المباشرة مع زملائي».
وبالنسبة لديانا فريد، التي تعمل في مجال التسويق والعلاقات العامة وتمارس الكتابة الحُرة في بعض الإصدارات الصحفية، فإنها تمارس العمل من البيت إلى جانب تعاطيها كأم لطفلين مع تعطيل الدراسة، ما يضاعف الضغط عليها، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «رغم المصاعب، فإن تجربة العمل بها الكثير من الإيجابيات، لعل أبرزها توفير الوقت المهدر في الزحام أثناء الذهاب والعودة».
ورغم عدم وجود إحصاء دقيق بشأن عدد المصريين الذي تحولوا للعمل من المنزل، إلا أن تقريرا حديثا صدر في أبريل (نيسان) الماضي عن «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» أظهر زيادة في استهلاك الإنترنت المنزلي بنسبة 87 في المائة.
لكن ديانا تلفت إلى أن من بين السلبيات التي تتوقع حدوثها «ضعف مهارات التواصل الاجتماعي، رغم توفر تقنيات التواصل والاجتماعات عن بعد، فضلا عن تراجع مستوى نقل الخبرات بين العاملين في مجال واحد».
وتقدر إحصاءات رسمية، عدد العاملين المسجلين بنحو 29 مليون شخص (أغلبهم بالقطاع الخاص)، ودفعت أزمة «كورونا» القطاع الحكومي المصري إلى محاولة تسريع التحول الإلكتروني في مؤسسات التي خفض عدد العاملين فيها، وتقول يمنى عمران، الباحثة بوزارة الاتصالات المصرية لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أنه بعد زوال أزمة (كورونا) لن يستمر العمل بهذا النظام خاصة في القطاع الحكومي»، وتشرح أن طبيعة عملها البحثي والاجتماعات مع زملاء العمل والشركاء من الخارج ربما أتاحت التكنولوجيا لها فرصة إنجازه من البيت، وهو ما لا يتوفر لدى الكثيرين المضطرين للتواصل المباشر مع الجمهور. ولعل الشاغل الذي تُعبر عنه ديانا بشأن مهارات التواصل الشخصي، هو ما يجعل الحنين للعمل المكتبي قائماً لدى الكثيرين، ومنهم محمود مدحت الذي يعمل بمركز خدمة عملاء شركة للاتصالات، يقول: «كنت أؤدي عملي مُتنقلاً على مدار اليوم، وألتقي في اجتماعات مع الفريق، ولكن الوقت في النهاية يمر بثقل داخل البيت».
إدارات الشركات بدورها بحثت على ما يبدو عن وجه مفيد في ظل اضطرارها للسماح لموظفيها بالعمل من المنازل، وهو ما يعبر عنه أحمد عبد القادر، مدير موارد بشرية في شركة متخصصة بالتجارة والتوريد، بالقول: «طبقنا نظام التبادل بين الموظفين ما بين العمل من البيت والحضور للمكتب على مدار أيام الأسبوع، وهذا ربما يطرح أمامنا في المستقبل القريب فكرة استبدال المقر الحالي للشركة بمقر أصغر ضغطاً للنفقات».
المصريون يهربون من الزحام... ومخاوف على تبادل الخبرات
المصريون يهربون من الزحام... ومخاوف على تبادل الخبرات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة