فتحت الشرطة الجزائرية تحقيقاً مع أشخاص شاركوا في برنامج وثائقي بثته فضائية فرنسية، حول الحراك الشعبي، عدَّته السلطات مسيئاً للشعب الجزائري، وكان سبباً في سحب سفيرها لدى فرنسا على سبيل الاحتجاج.
وقال حقوقيون في «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، لـ«الشرق الأوسط»، إن محافظة الشرطة بوهران (غرب) استجوبت أول من أمس، أربعة أشخاص ظهروا في الشريط الوثائقي الذي بثته قناة «فرنس 5» العمومية ليل الثلاثاء الماضي، وتناول عاماً من المظاهرات المعارضة للنظام.
وبحسب الحقوقيين، طرحت على الأربعة وهم شباب تقل أعمارهم عن 30 سنة، أسئلة حول علاقة مفترضة بينهم وبين مخرج الوثائقي، مصطفى كسوس، وهو صحافي فرنسي من أصول جزائرية، وعن مجريات تصوير العمل، وتصريحات محتملة لم يتم بثها. كما سُئلوا عن «الجهة الموجودة داخل البلاد التي كانت واسطة بينهم وبين المخرج».
وقد غادر المعنيون بالتحقيق مركز الشرطة مساء اليوم نفسه. وتضمن الوثائقي شهادات شباب آخرين من العاصمة ومنطقة القبائل؛ لكن لا يعرف إذا كانت الشرطة استدعتهم للتحقيق في القضية التي أثارت استياء بالغاً في البلاد.
من جهة أخرى، تلقى برلمانيون في الجزائر إيعازاً من الرئاسة، لإعادة إطلاق مشروع قانون لتجريم الاستعمار، يعود إلى سنة 2009، كان الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة قد أجهضه بعدما أغضب باريس. وقال برلماني من الأغلبية، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»: «وصلتنا إشارات من أعلى السلطات لإحياء هذا المشروع»، وأكد أنه «يأتي في سياق رَد فعل الدولة على العمل التلفزيوني الذي أساء إلينا».
وعقدت «لجنة الشؤون الخارجية» بـ«المجلس الشعبي الوطني» (غرفة التشريع) أمس، جلسة مع وزير الخارجية صبري بوقادوم، تناولت هذا الموضوع، إضافة إلى قضية نقل جزائريين عالقين في بعض الدول، منذ بداية الأزمة الصحية العالمية.
وكان سفير الجزائر لدى فرنسا صالح لبديوي، قد عاد الخميس في طائرة خاصة على أثر استدعائه من وزارة الخارجية، بغرض «التشاور». ولم تعرف القضية، بعد ذلك، تطورات لافتة على صعيد العلاقات الثنائية التي سبق أن مرت بتوترات شبيهة ذات صلة بما يعرف بـ«ملف الذاكرة» الذي يعني، حسب الجزائريين، أن تعترف فرنسا بجرائم الاستعمار، وتقدم الاعتذار، وتدفع تعويضات عنها.
وبخصوص هذا الملف، نقل بيان لمجلس الوزراء عقد أول من أمس، عن الرئيس عبد المجيد تبون أن «الاهتمام بالذاكرة الوطنية من جميع جوانبها ليس مدفوعاً بأي نزعة ظرفية، وإنما هو واجب وطني مقدس لا يقبل أي مساومة، وسوف يظل في مقدمة انشغالات الدولة لتحصين الشخصية الوطنية، وفي صميم الوفاء لشهداء ثورة نوفمبر (تشرين الثاني) المجيدة، والمجاهدين الأخيار». وأوضح أنه «من حق الجزائريين أن يكون لهم يوم وطني للذاكرة، إذ لا مساومة على تاريخنا ونخوتنا الوطنية». ودعا تبون، حسب البيان، إلى رفع العلم الوطني فوق كل منزل في المناسبات التاريخية: «لأن القاسم المشترك بين الجزائريين، هو حب الوطن وتقديس الشهداء».
وأكد البيان أن الرئيس «أعطى تعليمات لوزير الاتصال بالإسراع في الإجراءات اللازمة، لإطلاق قناة تلفزيونية للذاكرة والتاريخ بمستوى عالٍ وذات صدى دولي». وأضاف أن تبون «حيا بهذه المناسبة كل الدول الشقيقة والصديقة التي ساعدت الثورة المسلحة المباركة (1954- 1962) بشتى الوسائل، وخص بالذكر في أوروبا، ألمانيا الفيدرالية، والمواطنين الفرنسيين الذين انتفضوا ضد السياسة الاستعمارية لحكوماتهم، وماتوا من أجلها أو عذبوا من طرف جلادي الاستعمار».
الجزائر تحقق مع مشاركين في «الوثائقي الفرنسي المسيء»
تحرك رسمي لإحياء «تجريم الاستعمار» بعد تجميده من النظام السابق
الجزائر تحقق مع مشاركين في «الوثائقي الفرنسي المسيء»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة