فلسطين تعود بحذر إلى الحياة «الطبيعية»

الوزارات والمحاكم تستأنف عملها... والمساجد والكنائس والمقاهي تفتح أبوابها بشروط

أحد شوارع الخليل كما بدا في آخر أيام شهر رمضان (أ.ف.ب)
أحد شوارع الخليل كما بدا في آخر أيام شهر رمضان (أ.ف.ب)
TT

فلسطين تعود بحذر إلى الحياة «الطبيعية»

أحد شوارع الخليل كما بدا في آخر أيام شهر رمضان (أ.ف.ب)
أحد شوارع الخليل كما بدا في آخر أيام شهر رمضان (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، عودة الحياة إلى طبيعتها في الأراضي الفلسطينية بعد انحسار موجة كورونا، منهياً بذلك نحو 3 أشهر من القيود التي طالت مختلف مناحي الحياة.
وقال أشتية في مؤتمر صحافي: «إنه بانحسار الخطر عن شعبنا، وهبوط منحنى الإصابات، نكون في مرحلة جديدة من مراحل مواجهة المرض، وهي مرحلة التحرر من الإجراءات، والتسهيل على الناس، والعودة للحياة الطبيعية بحذر، ووفق إجراءات السلامة».
وقرر أشتية عودة جميع الوزارات والهيئات الرسمية للعمل بشكل منتظم ابتداء من صباح الأربعاء، مع اتّخاذ كامل إجراءات السلامة في كل وزارة. كما قرّر عودة المحاكم للعمل بشكل طبيعي بعد إجازة العيد، مع مراعاة شروط السلامة. وسمح أشتية لأول مرة منذ تسجيل أول إصابة في الأراضي الفلسطينية، في 5 مارس (آذار) الماضي، بفتح المساجد والكنائس ابتداء من صلاة فجر اليوم (الثلاثاء)، على أن يأتي كل مصلٍ بكمامة وسجادة صلاة، والحفاظ على المسافة بين المصلين، وألا يتم الوضوء في مرافق المساجد.
وسمحت الحكومة أيضاً بعمل المحال والمنشآت التجارية والصناعية ومختلف المؤسسات بشكل طبيعي. وبناء عليه، تمّ رفع جميع الحواجز الخارجية والداخلية بين المدن. وشملت الإجراءات عودة حضانات الأطفال للعمل، وعودة المواصلات العامة للعمل بشكل طبيعي، وفتح المقاهي والمطاعم والنوادي الصحية «وفق الإجراءات الصحية التي ستعلن عنها خلال يومين وزارة الصحة والمحافظون»، فيما «يتم العمل على تطوير الإجراءات الخاصة بصالات الأفراح، ليتم السماح لها بالعودة للعمل بالقريب العاجل، مع تحديد أعداد المدعوين بناء على مساحة القاعة، وكونها مغلقة أو خارجية، الأمر الذي تدرسه وزارة الصحة مع منظمة الصحة العالمية»، كما أوضح أشتية. كما تقرر السماح بعمل الحدائق العامة والأماكن الترفيهية.
وتخضع الأراضي الفلسطينية لحالة الطوارئ للشهر الثالث على التوالي، التي تنتهي في الخامس من الشهر المقبل. وتم تسجيل 602 إصابة بين الفلسطينيين منذ بدء ظهور الفيروس في شهر مارس (آذار)، منها 179 في القدس. وقال أشتية إن عدد الحالات النشطة المصابة بفيروس كورونا «122 حالة، 38 منها في قطاع غزة، و60 في محافظة القدس، و24 حالة في الخليل». وسُجلت 5 حالات وفاة بين الفلسطينيين.
ومن جهته، أعلن وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، حسام أبو الرب، إجراءات إعادة فتح المساجد، وحث كبار السّن والذين يعانون من أمراض مزمنة ومن لديه ضعف مناعة على الصلاة في البيوت، حفاظاً على أنفسهم، ومنعاً للاختلاط مع الآخرين. كما دعا إلى اختصار القراءة في الصلاة، والاكتفاء بأداء الصلوات دون الجلوس بعدها للوعظ ونحوه، وعدم الإطالة في خطبة الجمعة، وإحضار كل مصلٍ سجادة الصلاة الخاصة به.
وأكد أبو الرب إغلاق دورات المياه ومكان الوضوء في المساجد، وعدم استخدام ثلاجات المساجد للشرب. ولفت إلى أنه سيتم الاستمرار بتعليق الصلاة في مساجد المناطق المصابة لحين زوال الأسباب.
بدوره، أعلن وزير التنمية الاجتماعية، أحمد مجدلاني، عن إعادة فتح دور الحضانة أبوابها لاستقبال الأطفال بدءاً من صباح الأربعاء، على أن تقوم جميعها بإجراء تعقيم عام لدور الحضانة ومرافقها أمس واليوم.
وشدد على ضرورة عدم دخول الأهالي إلى دور الحضانة، وتسليم الأطفال عند المدخل، وفحص درجة حرارة الأطفال كل ساعتين، والالتزام بارتداء المربيات والعاملات الكمامات والقفازات، وعدم استقبال أي طفل مريض.
وتبادل الفلسطينيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي التهاني بعودة الحياة إلى طبيعتها، وبدأ أصحاب المطاعم والمقاهي ومحلات أخرى ببث إعلانات ممولة حول عودتهم إلى العمل، واستقطاب زبائنهم. كما بثت شركات سياحة داخلية إعلامات حول استئناف تنظيم الرحلات السياحية إلى مناطق الداخل.


مقالات ذات صلة

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

آسيا قوات أمنية تقف خارج معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (رويترز)

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

حذر خبراء من أن العلماء الصينيين يخططون لإجراء تجارب «مشؤومة» مماثلة لتلك التي ربطها البعض بتفشي جائحة «كوفيد - 19».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ وسط ازدياد عدم الثقة في السلطات الصحية وشركات الأدوية يقرر مزيد من الأهل عدم تطعيم أطفالهم (أ.ف.ب) play-circle

مخاوف من كارثة صحية في أميركا وسط انخفاض معدلات التطعيم

يحذِّر العاملون في المجال الصحي في الولايات المتحدة من «كارثة تلوح في الأفق» مع انخفاض معدلات التطعيم، وتسجيل إصابات جديدة بمرض الحصبة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك جائحة كورونا نشأت «على الأرجح» داخل مختبر ولم تكن طبيعية (أ.ف.ب)

فيروس كورونا الجديد في الصين... هل يهدد العالم بجائحة جديدة؟

أثار إعلان علماء في معهد «ووهان» لعلم الفيروسات عن اكتشاف فيروس كورونا جديد يُعرف باسم «HKU5 - CoV - 2» قلقاً عالمياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك عالمة تظهر داخل مختبر معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (إ.ب.أ)

يشبه «كوفيد»... اكتشاف فيروس كورونا جديد لدى الخفافيش في مختبر صيني

أعلن باحثون في معهد ووهان لأبحاث الفيروسات في الصين، أنهم اكتشفوا فيروس «كورونا» جديداً في الخفافيش يدخل الخلايا باستخدام البوابة نفسها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» بنيويورك (أ.ب)

دراسة: بعض الأشخاص يصابون بـ«متلازمة ما بعد التطعيم» بسبب لقاحات «كوفيد-19»

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن اللقاحات التي تلقّاها الناس، خلال فترة جائحة «كوفيد-19»، منعت ملايين الوفيات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».