«سيل الشمال 2» يصطدم مجدداً بقانون الطاقة الأوروبي

وصول «الأكاديمي تشيرسكي» إلى بحر البلطيق يعزز الآمال بإنجاز المشروع

سفينة مد الأنابيب التابعة لـ«أولسييز» السويسرية قبل انسحابها من المشروع خشية العقوبات (رويترز)
سفينة مد الأنابيب التابعة لـ«أولسييز» السويسرية قبل انسحابها من المشروع خشية العقوبات (رويترز)
TT

«سيل الشمال 2» يصطدم مجدداً بقانون الطاقة الأوروبي

سفينة مد الأنابيب التابعة لـ«أولسييز» السويسرية قبل انسحابها من المشروع خشية العقوبات (رويترز)
سفينة مد الأنابيب التابعة لـ«أولسييز» السويسرية قبل انسحابها من المشروع خشية العقوبات (رويترز)

تجددت الآمال بإمكانية استكمال مشروع شبكة أنابيب «سيل الشمال-2»، بعد تأكيد وصول سفينة «الأكاديمي تشيرسكي»، الروسية الوحيدة المتخصصة بمد شبكات الأنابيب في قعر البحر، إلى بحر البلطيق، لتحل بديلة عن سفن تابعة لشركة سويسرية، كانت قد توقفت عن مد الشبكة تخوفاً من العقوبات الأميركية ضد هذا المشروع، إلا أن التطورات الأخيرة حول هذا المشروع لم تكن خالية من «منغصات»، إذ أعلنت وكالة الطاقة الأوروبية عن عزمها إلغاء استثناء سابق لهذا المشروع من الحزمة الثالثة من «قانون الطاقة الأوروبي»، التي تحظر استفادة شركة وحيدة من مشروع كهذا، وتطالب، في إطار مقاومة الاحتكار، بوجود شركاء آخرين يملكون الحق في استخدام نصف الطاقة التصديرية للشبكة، مما يعني بالتالي حرمان «غاز بروم» من استخدام كامل الطاقة التصديرية.
وبعد توقف منذ نهاية العام الفائت، يُتوقع أن تستأنف شركة «غاز بروم» قريباً أعمال مد الجزء المتبقي من أنابيب شبكة «سيل الشمال-2»، إذ أكدت وكالة «تاس»، في الأول من مايو (أيار) الحالي، وصول سفينة «الأكاديمي تشيرسكي» الروسية لمد الأنابيب في قعر البحار إلى ميناء كالينينغراد الروسي، على بحر البلطيق، بالقرب من منطقة أعمال مد الشبكة. ولم تصدر حتى الآن أي تصريحات رسمية حول الموعد المتوقع لبدء السفينة عملها، إلا أن مجرد وصولها المنطقة أعاد الآمال بإمكانية تنفيذ المشروع نهاية العام الحالي، وهو موعد جديد حدده الجانب الروسي، بعد أن فشل في إنجاز الشبكة في الموعد الأولي، نهاية 2019.
واضطرت روسيا نهاية العام الفائت لتعديل موعد إنجاز المشروع، بعد أن أعلنت شركة «أولسييز» السويسرية، في 21 ديسمبر (كانون الأول) 2019، أنها قررت توقف سفنها عن أعمال مد الشبكة بسبب المخاوف من العقوبات الأميركية. ومع أن هذه الشركة لها تاريخ طويل من التعاون مع «غاز بروم» الروسية، وهي واحدة من شركات قليلة تمتلك سفناً للأعمال في البحار، اضطرت يوم 23 ديسمبر (كانون الأول) لإعلان سحب تلك السفن نهائياً من موقع أعمال مد الأنابيب في بحر البلطيق، وذلك بعد أن وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ميزانية الدفاع، التي اشتملت على عقوبات ضد الشركات التي تشارك في مشروعي «سيل الشمال-2» و«السيل التركي». وأدى قرار الشركة السويسرية عملياً إلى توقف مد الأنابيب، في الوقت الذي أكدت فيه «غاز بروم» أنها أنجزت نحو 93 في المائة منه، ولم يبق سوى القليل لاستكمال المشروع، وربط مصادر الغاز على البر الروسي، بواسطة تلك الشبكة عبر قعر البلطيق، مع محطات التوزيع والضخ على البر الألماني.
وتعول روسيا بشكل كبير على «سيل الشمال-2»، بصفتها رافداً لشبكة «سيل الشمال-1»، وتشكلان معا شبكات الأنابيب الوحيدة لنقل الغاز من روسيا إلى الأسواق الأوروبية مباشرة، بعيداً عن تأثير طبيعة العلاقات بين موسكو ودول الترانزيت، مثل أوكرانيا وبيلاروسيا وغيرهما، على صادرات الغاز الروسي. لذلك درس الجانب الروسي أكثر من احتمال لاستئناف أعمال مد الشبكة، بعد انسحاب الشركة السويسرية، بينها استئجار أو شراء سفن بمعدات مد أنابيب، وحتى بناء سفن روسية لهذه المهمة. وفي نهاية المطاف، تم اتخاذ قرار بالاعتماد على «الأكاديمي تشيرسكي»، وهي السفينة الروسية الوحيدة المزودة بمعدات لمد الأنابيب في البحار، بصفتها الخيار الوحيد المتوفر عملياً الذي يسمح باستكمال مد أنابيب «سيل الشمال-2»، بعيداً عن تأثير العقوبات الأميركية.
إلا أن وصول سفينة «الأكاديمي تشيرسكي» إلى البلطيق لا يعني على ما يبدو نهاية تعقيدات وإشكاليات يواجهها مشروع «سيل الشمال-2» منذ بدء العمل عليه صيف عام 2016، إذ برزت ملامح عقبات جديدة يواجهها هذا المشروع، مرتبطة بمدى توافقه مع قوانين الطاقة الأوروبية. وبالتزامن مع الإعلان عن رسو السفينة الروسية في بحر البلطيق، قالت صحيفة «هانديلسبلات» الألمانية، في تقرير يوم 1 مايو (أيار) الحالي، إن وكالة الطاقة الفيدرالية الألمانية تعتزم إلغاء الاستثناء الذي منحته مطلع العام الحالي لهذا المشروع الروسي من قانون الطاقة الأوروبي. ويدور الحديث حول استثناء حصلت عليه «غاز بروم» لمشروعها، بأن لا تشمله التعديلات على الحزمة الثالثة من قانون الطاقة الأوروبي، التي تحظر استفادة شركة واحدة من كامل الطاقة التصديرية لشبكات أنابيب الغاز البرية والبحرية، وأحالت الوكالة الألمانية إعادة النظر بالاستثناء السابق إلى تخلف «غاز بروم» عن إنجاز مد شبكة «سيل الشمال-2» في الموعد المحدد، نهاية العام الفائت.
وبحال اتخذت الوكالة الألمانية في نهاية المطاف قراراً بإلغاء ذلك الاستثناء، فإنه سيشكل ضربة موجعة لصادرات «غاز بروم» إلى السوق الأوروبية، لأنه سيُلزمها بالاستفادة من 50 في المائة فقط من القدرة التصديرية للشبكة، مما يعني أنها لن تتمكن من ضخ أكثر من 25 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً عبرها، عوضاً عن الحجم الأولي وفق الخطة، بقدر 55 مليار متر مكعب سنوياً. وفي الوقت ذاته، فإن إلغاء الاستثناء سيُبقي النصف الآخر من قدرة الشبكة دون فائدة، ولن تتمكن أي شركات أخرى (غير غاز بروم) من استخدامه، لأن «غاز بروم» شركة احتكارية، أي أنها الوحيدة التي تملك الحق بتصدير الغاز من روسيا. فضلاً عن ذلك، ولأن شبكة الأنابيب لا تمر عبر أراضي أي دول أخرى، يستحيل استفادة موردين آخرين منها.
ولا تنوي شركة «غاز بروم» الاستسلام، وستحاول منع إلغاء الاستثناء. وقالت وسائل إعلام روسية إن شركة «نورد ستريم-2»، المشغلة لمشروع «سيل الشمال-2»، ترى أن القرار بخصوص الإلغاء أو الإبقاء على الاستثناء يجب اتخاذه بناء على «التنفيذ المالي»، أي التوقيت الذي حصل فيه المشروع على الاستثمارات الضرورية، وليس بناء على «التنفيذ التقني الواقعي» لشبكة الأنابيب. وضمن هذه المستجدات، يبقى مصير «سيل الشمال-2» بانتظار بدء السفينة الروسية «الأكاديمي تشيرسكي» عملها، وهو ما سيحدد عملياً قدرتها الفعلية على استكمال مد الجزء المتبقي من الأنابيب، بينما يبقى حجم الصادرات عبر تلك الشبكة رهناً بقرار وكالة الطاقة الألمانية.



النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
TT

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز»، في تقرير محدث، سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة، مع إدراجها ضمن مسار إيجابي يرتفع إلى نسبة 3.5 في المائة خلال العامين المقبلين، ومع التنويه بأنّ هذه الأرقام «قابلة للتحسّن في حال تنفيذ الإصلاحات بشكلٍ سريع».

وتتلاقى مبرّرات الوكالة ضمنياً، مع تقديرات صندوق النقد الدولي التي تلاحظ أن التقدم المسجّل في ملف إبرام اتفاق مشترك مع لبنان، لا يزال «بطيئاً للغاية»، ويتعرض لانتكاسات تشريعية وقانونية، ما يؤكد مجدداً أن الأزمة لا تزال تتطلب توافقاً سياسياً جدياً لسن القوانين الإصلاحية الضرورية التي تمنح الصندوق الثقة الكافية للموافقة المكتملة على اتفاق يتضمن برنامج تمويل بمبالغ تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار، وقابلة للزيادة أيضاً.

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال اجتماعه مع وفد من صندوق النقد الدولي (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

ورغم التباين في تقديرات النمو المتوقعة لهذا العام، فإن التبدلات الطارئة على المناخات السياسية وانضمام مسؤول مدني إلى اللجنة العسكرية المعنية بوقف الأعمال العسكرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، قلّصت نسبياً من مخاوف توسّع الأعمال الحربية، وأنعشت بالتالي، بحسب مسؤول مالي معني تواصلت معه «الشرق الأوسط»، التطلعات الحكومية لتصحيح الأرقام، وربما فوق مستوى 5 في المائة، ربطاً بكثافة النشاط التجاري والسياحي المعتاد في فترة الأعياد والعطلات بنهاية العام.

وتعدّ عودة الاقتصاد المحلي إلى مسار النمو الإيجابي، وبمعزل عن التفاوت في النسب المحققة أو المرتقبة، تحولاً نوعياً لتأثير عودة الانتظام إلى عمل المؤسّسات الدستورية، بعد 5 سنوات متتالية من الأزمات الحادة والتخبط في حال «عدم اليقين» سياسياً واقتصادياً. ثم تُوّجت باندلاع حرب تدميرية طاحنة، أودت إلى اتساع فجوة الخسائر الإعمارية والقطاعية بما يزيد على 7 مليارات دولار.

وتكفلت تضافر هذه الوقائع السلبية المتتالية بانكماش حاد للناتج المحلي من أعلى المستويات البالغة نحو 53 مليار دولار عشية انفجار الأزمة إلى نحو 20 مليار دولار في ذروة الانهيارات المالية والنقدية، والمعزّزة بإشهار الحكومة الأسبق بتعليق دفع مستحقات الديون العامة، قبل أن يستعيد الاقتصاد حيوية هشّة دفعت أرقامه إلى حدود 31.6 مليار دولار بنهاية عام 2023، وفق رصد إدارة الإحصاء المركزي، ليصل بعدها إلى نحو 43 مليار دولار، وفق تقرير مصرفي محلي، بدفع من مؤشرات متنوعة تشمل السياحة وزيادة الاستيراد واستمرار التضخم واستدامة التحويلات الخارجية، ولا سيما من المغتربين والعاملين في الخارج.

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

إعادة هيكلة القطاع المالي

لكن بلوغ مرحلة النمو المستدام للاقتصاد، والاستفادة من التزام الدول المانحة بدعم لبنان، يظل مشروطاً بتطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي، حيث تتمحور المطالب الرئيسية حول إعادة هيكلة القطاع المالي، واعتماد استراتيجية متوسطة الأجل لتعبئة الإيرادات وترشيد النفقات، وخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي واستعادة الاستدامة المالية، فضلاً عن أولويات معالجة ضعف الحوكمة وتعزيز إطار مكافحة الفساد، وإجراء عمليات تدقيق موثوقة لمجمل المؤسسات والحسابات العامة.

وليس خافياً في هذا السياق، ملاحظة إدارة الصندوق أن موازنة الحكومة للعام المقبل، لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات الإصلاحية المطلوبة، والاستجابة لضرورة الشروع بإعادة هيكلة الديون الخارجية للبلاد، والتي تشمل سندات «اليوروبوندز» المقدرة بأكثر من 41 مليار دولار، كجزء لا يتجزأ من استعادة القدرة على تحمل الديون. في حين تنبّه إلى أن الحكومة تستمر في الاعتماد على سياسة التقشف القاسي بغية فائض تشغيلي جزئي في الخزينة، بدلاً من التركيز على الإصلاح الهيكلي، والنظر في إصلاح السياسة الضريبية لإتاحة الحيز المالي اللازم للإنفاق على الأولويات مثل إعادة الإعمار والحماية الاجتماعية.

كما تبرز التباينات التي تقارب التناقضات في نقاط محددة بشأن منهجية معالجة الفجوة المالية ستظل عائقاً محورياً على مسار المفاوضات المستمرة بين الحكومة وصندوق النقد، خصوصاً في مقاربة مسألة الودائع التي تناهز 80 مليار دولار، حيث تعلو التحذيرات والانتقادات الحادة لمنحى «الاقتراحات المسرّبة» من اللجنة الحكومية التي تعكف على إعداد مشروع القانون الرامي إلى تغطية عجز القطاع المالي، والمتضمنة صراحة أو مواربة شطب ما يصل إلى 30 مليار دولار من إجمالي المدخرات لدى المصارف، وحصر الضمانة للسداد بمبلغ 100 الف دولار، وإصدار سندات «صفرية» الفوائد لمدة تتعدى 20 عاماً للمبالغ الأكبر.

وقد حافظت «موديز» على تصنيف لبنان السيادي عند الدرجة «سي»، وعلى النظرة المستقبليّة «المستقرّة» في تحديثها للتقييم الائتماني السيادي للحكومة اللبنانيّة، مؤكدة أن هذا التصنيف يعكس احتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المائة. في حين يتم تداول هذه السندات حالياً في الأسواق الدولية بأسعار تقارب 25 في المائة من قيمتها الدفترية، بعدما انحدرت خلال الحرب الأخيرة إلى 6 في المائة فقط.

ولم يفت الوكالة الإشارة إلى أنّ تصنيف لبنان سيبقى على حاله، إلا إذا تمّ تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وتحسين القدرة على تحصيل الإيرادات وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين، كالنموّ الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة موازية، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.


«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
TT

«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)

تلقت شركة «إيرباص» الأسبوع الماضي تذكيراً قاسياً بأن طائرتها الأكثر مبيعاً في العالم، وهي سلسلة «إيه 320»، ليست محصنة ضد الصدمات، سواء كانت من مصدر فلكي، أو من خلل في الصناعة الأساسية. بعد أيام فقط من اضطرار العملاق الأوروبي لسحب 6 آلاف طائرة من طراز «إيه 320» بسبب خلل برمجي مرتبط بالإشعاع الكوني، اضطرت الشركة إلى خفض أهدافها لتسليم الطائرات لهذا العام بسبب اكتشاف عيوب في بعض ألواح جسم الطائرات (الفيوزلاج).

تؤكد هاتان النكستان المترابطتان -إحداهما متجذرة في الفيزياء الفلكية، والأخرى في مشكلات معدنية بسيطة- مدى هشاشة النجاح لشركة طيران تهيمن على أهم جزء في قطاع الطيران، وتتجه لتفوق «بوينغ» للعام السابع على التوالي في عدد التسليمات.

وقد علق الرئيس التنفيذي لـ«إيرباص»، غيوم فوري، لـ«رويترز» قائلاً: «بمجرد أن نتجاوز مشكلة، تظهر لنا مشكلة أخرى»، وذلك في معرض حديثه عن عدد الطائرات المحتمل تأثرها بمشكلات سمك الألواح.

جاءت هذه النكسات بعد أسابيع من تجاوز سلسلة «إيه 320»، بما في ذلك الطراز الأكثر مبيعاً «إيه 321»، لطائرة «بوينغ 737 ماكس» المضطربة بوصفها أكثر طائرة ركاب تم تسليمها في التاريخ.

خطأ برمجي مرتبط بالرياح الشمسية

بدأت أزمة الأسبوع الماضي عندما أصدرت «إيرباص» تعليمات مفاجئة لشركات الطيران بالعودة إلى إصدار سابق من البرنامج في جهاز كمبيوتر يوجه زاوية مقدمة الطائرة في بعض الطائرات، وذلك بعد أسابيع من حادثة ميلان طائرة «جيت بلو» من طراز «إيه 320» نحو الأسفل، ما أدى لإصابة نحو 12 شخصاً على متنها. أرجعت «إيرباص» المشكلة إلى ضعف في البرنامج تجاه الوهج الشمسي، والذي يمكن نظرياً أن يتسبب في انحدار الطائرة، في إشارة إلى الأسطورة اليونانية، حيث أطلق خبراء على الخلل اسم «علة إيكاروس». ورغم أن التراجع عن تحديث البرنامج تم بسرعة، فإن «إيرباص» واجهت بعد أيام قليلة مشكلة «أكثر رتابة» هددت بتقليص عمليات التسليم في نهاية العام: اكتشاف عيوب في ألواح الفيوزلاج.

تقليص الأهداف المالية

أدى اكتشاف الخلل في ألواح جسم الطائرة إلى انخفاض حاد في أسهم الشركة، حيث تراجعت أسهم «إيرباص» بنحو 3 في المائة خلال الأسبوع بعد أن انخفضت بنسبة 11 في المائة في يوم واحد. وفي غضون 48 ساعة، اضطرت «إيرباص» إلى خفض هدفها السنوي للتسليم بنسبة 4 في المائة.

تخضع «إيرباص» حالياً لضغوط من المحققين لتقديم المزيد من البيانات حول تعليق البرامج، بالإضافة إلى تردد بعض شركات الطيران في تسلم الطائرات المتأثرة دون ضمانات جديدة. كما تواجه الشركة أسئلة مستمرة حول سلاسل التوريد.

ويؤكد هذا الخلل، الذي اكتُشف لدى مورد إسباني، على التحديات التي تواجهها شركات الهياكل الجوية، ويبرز المخاوف المستمرة بشأن سلاسل التوريد التي اضطربت بسبب جائحة كوفيد-19. وأشار خبراء إلى أن حادثة الإشعاع الكوني هي تذكير بمدى تعرض الطيران للإشعاعات القادمة من الفضاء، أو الشمس، وهي مسألة أصبحت أكثر أهمية مع اعتماد الطائرات الحديثة على المزيد من الرقائق الإلكترونية. ودعا خبير الإشعاع الكوني جورج دانوس إلى ضرورة عمل المجتمع الدولي على فهم هذه الظاهرة بشكل أعمق.


وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
TT

وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)

شكلت تصريحات وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، سعد الكعبي، خلال «منتدى الدوحة 2025»، نقطة محورية في مناقشات المنتدى الذي افتتحه أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في نسخته الثالثة والعشرين تحت شعار: «ترسيخ العدالة: من الوعود إلى واقع ملموس». وأكد الكعبي على رؤية متفائلة للغاية لمستقبل الغاز، مشدداً على أنه «لا قلق لديه على الإطلاق» بشأن الطلب المستقبلي بفضل الحاجة المتزايدة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي.

وأكد الكعبي أن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيظل قوياً بفضل تزايد احتياجات الطاقة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي، متوقعاً أن يصل الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى ما بين 600 و700 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035. وأبدى في الوقت نفسه، قلقه من أن يؤثر نقص الاستثمار على الإمدادات المستقبلية للغاز الطبيعي المسال والغاز.

وقال الكعبي: «لا أشعر بأي قلق على الإطلاق بشأن الطلب على الغاز في المستقبل»، مُضيفاً أن الطاقة اللازمة للذكاء الاصطناعي ستكون مُحرّكاً رئيسياً للطلب. عند بلوغه كامل طاقته الإنتاجية، من المتوقع أن يُنتج مشروع توسعة حقل الشمال 126 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً بحلول عام 2027، مما سيعزز إنتاج قطر للطاقة بنحو 85 في المائة من 77 مليون طن متري سنوياً حالياً.

وأضاف أن أول قطار من مشروع «غولدن باس» للغاز الطبيعي المسال، وهو مشروع مشترك مع «إكسون موبيل» في تكساس، سيبدأ العمل بحلول الربع الأول من عام 2026.

وأكد الكعبي أن أسعار النفط التي تتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل ستوفر إيرادات كافية للشركات للاستثمار في احتياجات الطاقة المستقبلية، مضيفاً أن الأسعار التي تتجاوز 90 دولاراً ستكون مرتفعة للغاية.

كما حذّر من كثرة العقارات التي تُبنى في الخليج، ومن احتمال «تشكُّل فقاعة عقارية».

الاتحاد الأوروبي

كما أبدى الكعبي أمله أن يحل الاتحاد الأوروبي مخاوف الشركات بشأن قوانين الاستدامة بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول).

وكانت دول مجلس التعاون الخليجي، أعربت يوم الجمعة، عن بالغ قلقها تجاه التشريعين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها، اللذين تتعلق بهما مجموعة تعديلات رفعها البرلمان الأوروبي، مؤخراً، إلى المفاوضات الثلاثية. وأكّدت دول المجلس أن قلقها نابع من أن هذه التشريعات ستفضي إلى إلزام الشركات الكبرى، الأوروبية والدولية، اتباع مفهوم الاتحاد الأوروبي للاستدامة، وبتشريعات تتعلق بحقوق الإنسان والبيئة، وبتقديم خطط للتغير المناخي خارج إطار الاتفاقيات المناخية الدولية، كذلك الالتزام بتقديم تقارير عن الاستدامة حول آثار تلك الشركات، والإبلاغ عن ذلك، وفرض غرامات على التي لا تمتثل لهذا التشريع.

كما أعربت قطر عن استيائها من توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات الصادر عن الاتحاد الأوروبي، وهدّدت بوقف إمدادات الغاز. ويتمحور الخلاف حول إمكانية فرض توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات غرامات على المخالفين تصل إلى 5 في المائة من إجمالي الإيرادات العالمية. وقد صرّح الوزير مراراً بأن قطر لن تحقق أهدافها المتعلقة بالانبعاثات الصفرية.

من جهة أخرى، أطلق الكعبي تحذيراً بشأن النشاط العمراني في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك «بناءً مفرطاً للعقارات في منطقة الخليج»، ما قد يؤدي إلى «تشكُّل فقاعة عقارية».

استراتيجية مالية منضبطة

من جهته، أكد وزير المالية القطري، علي أحمد الكواري، خلال المنتدى، قوة ومتانة المركز المالي للدولة. وأوضح أن التوسع المخطط له في إنتاج الغاز الطبيعي المسال سيعمل كعامل تخفيف رئيسي يقلل من تأثير أي انخفاض محتمل في أسعار النفط مستقبلاً. وأضاف أن السياسة المالية «المنضبطة» التي تتبعها قطر تمنحها مرونة كبيرة، مما يعني أنها لن تضطر إلى «اللجوء إلى أسواق الدين» لتلبية احتياجاتها من الإنفاق في أي مرحلة.