الاقتصاد الهندي يكتوي بالتباطؤ... لكنه بعيد عن الركود

خسائر الإغلاق اليومية تناهز 4.5 مليار دولار

أجمعت وكالات التصنيف على أن وباء {كورونا} الراهن هو بمثابة تسونامي للاقتصاد الهندي (رويترز)
أجمعت وكالات التصنيف على أن وباء {كورونا} الراهن هو بمثابة تسونامي للاقتصاد الهندي (رويترز)
TT

الاقتصاد الهندي يكتوي بالتباطؤ... لكنه بعيد عن الركود

أجمعت وكالات التصنيف على أن وباء {كورونا} الراهن هو بمثابة تسونامي للاقتصاد الهندي (رويترز)
أجمعت وكالات التصنيف على أن وباء {كورونا} الراهن هو بمثابة تسونامي للاقتصاد الهندي (رويترز)

في الوقت الذي تبحث فيه الهند عن استراتيجية للخروج من مأزق فترة الإغلاق العام الطويلة، التي بلغت 40 يوماً حتى الآن، وتنتهي بحلول الثالث من مايو (أيار)، فمن المُقدر أن كل يوم يمر من أيام الإغلاق يُكبّد الحكومة الهندية خسائر مالية تقارب 4.5 مليار دولار.
ولقد أجمعت وكالات التصنيف العالمية والمحلية، على أن وباء «كورونا» الراهن هو بمثابة «تسونامي» للاقتصاد الهندي. وحتى رغم أن البلاد قد لا تنزلق إلى هاوية الركود الاقتصادي - على العكس من منطقة اليورو، أو الولايات المتحدة، أو آسيا والمحيط الهادئ التي تملك علاقات تجارية قوية تربطها بالصين – توقع المحللون انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الهندي إلى مستوى 2.5 نقطة مئوية، من مستوى يقرب من 5 نقاط مئوية المسجلة في يناير (كانون الثاني).
وصدرت أحدث التوقعات عن بنك «يو بي إس» السويسري، الذي تنبّأ بانكماش الاقتصاد الهندي لمستوى 3.1 نقطة مئوية في حالة استمرار القيود المفروضة على التنقل داخل البلاد، حتى نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل وعودة النشاط الاقتصادي إلى حالته الطبيعية بحلول نهاية أغسطس (آب) المقبل.
وكانت وكالة التصنيف موديز لخدمات المستثمرين قد خفضت من توقعات النمو لعام 2020 الحالي في الهند إلى 0.2 نقطة مئوية، من واقع 2.5 نقطة مئوية في وقت سابق، على افتراض أن التكاليف الاقتصادية المزامنة لوباء «كورونا» في خضم حالة الإغلاق شبه التامة التي يعاني منها الاقتصاد العالمي تتراكم بوتيرة سريعة.
في حين حذرت وكالة «فيتش» للتصنيف من تدهور التوقعات المالية للاقتصاد الهندي والناجمة عن انخفاض النمو الاقتصادي مما يمكن أن يزيد من الضغوط على التصنيف السيادي الهندي.
وعقدت وحدة المعلومات والبيانات، الملحقة بصحيفة «إنديا توداي»، مقارنة بين توقعات مؤسسات مالية مختارة مثل «البنك المركزي الهندي»، و«البنك الدولي»، و«صندوق النقد الدولي»، ووكالات التصنيف العالمية مثل «موديز» و«فيتش»، وخلصت إلى أنهم يتوقعون في المتوسط لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الهندي أن يبلغ 2 إلى 3 نقاط مئوية كاملة لعامي 2020 و2021.
وفقدت الهند أسبقية الاقتصاد الرئيسي الأسرع نمواً لصالح الصين في عام 2019، عندما حققت نمواً بواقع 5.3 نقطة مئوية فقط في مقابل 6.1 نقطة مئوية سجلتها الصين. وينسحب الأمر نفسه على عام 2021 المقبل. فمن المتوقع للصين أن تحقق نمواً بواقع نقطة مئوية كاملة في العام الحالي، مع بلوغ مستوى 7.1 نقطة مئوية من النمو بحلول العام المقبل.
ويتوقع «صندوق النقد الدولي» للناتج المحلي الهندي أن يحقق نمواً بمقدار 1.9 نقطة مئوية في عامي 2020 و2021. الأمر الذي يجعل الاقتصاد الهندي هو الأسرع نمواً في العالم الذي يعاني من الركود خلال العام الحالي.
وبغية إعادة الاقتصاد الهندي المنهك إلى مساره الصحيح في أعقاب وباء كورونا الفتاك، حثت جماعات الضغط بالصناعة المالية، مثل «سي آي آي» ووكالة «فيشي» على الإعلان عن حزمة الإنقاذ المالي بقيمة 200 إلى 300 مليار دولار، إلى جانب مجموعة أخرى من المحفزات المالية الموجهة للمؤسسات المتوسطة والصغيرة.
وتجد الشركات والأعمال الهندية اليوم نفسها في موضع صعب بين المطرقة والسندان. إذ كشف استطلاع لرأي 200 من الرؤساء التنفيذيين أجرته مؤسسة «سي آي آي» أن أكثرهم يتوقعون انخفاض الإيرادات بأكثر من 10 نقاط مئوية كاملة، وتراجع الأرباح بأكثر من 5 نقاط مئوية أيضاً. ويتوقع أكثر من نصف الرؤساء التنفيذيين فقدان الكثير من الوظائف. ويقول كثيرون منهم أنه رغم المناشدات المتكررة بعد تسريح الموظفين والعمال أو خفض الرواتب، فإن الإغلاق العام قد جفف منابع التدفقات المالية لديهم، ولم يترك لهم أي خيار آخر.
وقال فيكرام كيرلوسكار، رئيس مؤسسة «سي آي آي»: «إننا نطالب أعضاء المؤسسة بألا يُقدموا على تسريح الموظفين لديهم».
ومع ذلك، هناك بعض الشركات التي تتحرك بالفعل صوب هذه النهاية. على سبيل المثال، أعلنت شركة «سبيس جيت» للطيران، التي اضطرت إلى إلغاء جميع الرحلات الجوية التجارية، عن خفض رواتب الموظفين بنسبة 10 إلى 30 في المائة، في حين تنظر شركة «إير إنديا» للطيران في خفض رواتب موظفيها بنسبة 5 في المائة.
وصرح أحد وزراء الحكومة الهندية، مشترطا حجب هويته الحقيقية، أنه يتوقع فقدان ما بين 1.5 إلى 2 مليون وظيفة في البلاد بسبب الأزمة الراهنة.
وقال راغورام راجان، المحافظ الأسبق للبنك المركزي الهندي: «تواجه الهند أكبر حالة طوارئ تشهدها البلاد منذ الاستقلال»، وأشار إلى أنه برغم الأزمة المالية العالمية لعام 2008 - 2009 كانت من التحديات الاستثنائية، ولكن: «كان عمالنا يستطيعون الذهاب إلى أعمالهم، وكانت الشركات قد خرجت لتوها من سنوات من النمو القوي، وكان نظامنا المالي سليما إلى درجة كبيرة، وكانت التمويلات الحكومية تحظى بقدرات معتبرة. ولم نعد نملك أي من هذه الأدوات اليوم».
يقول البعض إنه حري بالحكومة الهندية اتخاذ إجراءات تماثل استجابتها للأزمة المالية العالمية في عام 2008. وفي تلك الأثناء، قام البنك المركزي الهندي بتخفيض أسعار الفائدة من 7 نقاط مئوية إلى أدنى مستوى فعلي بلغ 3.25 نقطة مئوية، مع تحرك الحكومة لتوسيع حد العجز المالي في الناتج المحلي الإجمالي من 2.5 للسنة المالية 2008 إلى 6 نقاط مئوية للسنة المالية 2009. ثم إلى 6.5 نقطة مئوية للسنة المالية 2010. كما قال أنانث نارايان، الأستاذ المساعد في معهد «إس بي جاين» للإدارة والأبحاث، مصرحا إلى إحدى الصحف المالية اليومية الهندية.
ونقصان التدفقات النقدية هي من القضايا الرئيسية بالنسبة إلى الشركات. يقول نيليش شاه، العضو المنتدب لشركة «كوتاك ماهيندرا لإدارة الأصولـ«: «إذا نظرت إلى مؤشر «بي إس إي 500»، فهناك 100 شركة فردية تملك أصولا مالية، في حين أن الـ400 شركة الأخرى تعاني من الديون. وفي مقابل كل شركة لديها فاض نقدي، نجد أن هناك 4 أو 5 شركات أخرى من أصحاب الديون. وبالتالي، هناك أزمة نقدية خطيرة في طريقها إلينا، وسوف تلقي التحديات بظلالها القاتمة على الجميع من شركات البيع بالتجزئة إلى محطات الطاقة وحتى مصانع الحديد والصلب».
ويضيف شاه قائلا: «ليس هناك خيار أمام الحكومة سوى اللجوء إلى خطط التحفيز المالي. وهذه من المعارك التي تستغرق الكثير من الوقت والحهد. وسوف تطالب الكثير والكثير من الصناعات بالدعم، وخلافا لذلك، فسوف نشهد بيع الأصول المحلية لصالح المستثمرين الأجانب».

الجوانب الإيجابية
وقالت كيران مازومدار، رئيسة شركة «بيوكون ليمتد» في مقالة أخيرة لها: «من الزاوية الجيوسياسية، وفرت الأزمة الراهنة للهند الفرصة لاتخاذ وضعية اللاعب الاستراتيجي على خارطة سلاسل التوريد العالمية. وفي الوقت الذي يتطلع العالم فيه إلى نزع المخاطر عن سلاسل التوريد الناشئة من الصين، يمكن للهند تنظيم قدراتها ومزاياها بصورة أكثر تأكيدا. ومن شأن فاتورة استيراد النفط في الهند أن تنخفض من 105 مليار دولار المقدرة لعام 2019 - 2020 إثر انهيار أسعار النفط الخام العالمية. ومن الضروري للحكومة الهندية تخصيص 20 مليار دولار (بنسبة 0.3 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي) من هذه الوفورات النقدية وتوجيهها إلى حافظة المحفزات الصناعية».
وأضافت السيدة مازومدار تقول: «يشكل الاقتصاد المحلي أكثر من ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الهند. غير أن ذلك لا يجعل من الهند آسياد مصيرهم، إنما يسبب حصارا كبيرا للاقتصاد الهندي من آثار الانكماش العالمي إلى ما يساوي ثلث الناتج المحلي الإجمالي».
ولم تدخر الحكومة أو البنك المركزي للهندي جهدا في تقديم الدعم للاقتصاد الوطني. ولقد أعلنا سويا عن اتخاذ إجراءات مالية ونقدية من شأنها أن توفر قدرا من الدعم في هذه الأوقات العصيبة. كما أعلنت نيرمالا سيتارأمان، وزيرة المالية الهندية، عن حزمة مساعدات مالية بمقدار 23 مليار دولار تهدف إلى التخفيف من حدة الاضطرابات الاقتصادية الراهنة. ولقد طرح البنك المركزي الهندي التخفيضات الكبيرة في أسعار الفائدة، فضلا عن مجموعة كبيرة من التدابير غير التقليدية الرامية إلى إتاحة الائتمان للشركات والأعمال المحاصرة.



بوتين: لماذا نراكم الاحتياطيات إذا كانت سهلة المصادرة؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر جلسة عامة في منتدى «في تي بي» للاستثمار في موسكو (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر جلسة عامة في منتدى «في تي بي» للاستثمار في موسكو (رويترز)
TT

بوتين: لماذا نراكم الاحتياطيات إذا كانت سهلة المصادرة؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر جلسة عامة في منتدى «في تي بي» للاستثمار في موسكو (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر جلسة عامة في منتدى «في تي بي» للاستثمار في موسكو (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، إنه يطرح تساؤلاً بشأن ضرورة الاحتفاظ بالاحتياطيات الحكومية بالعملات الأجنبية، في ظل إمكانية مصادرتها بسهولة لأسباب سياسية، مشيراً إلى أن الاستثمار المحلي لهذه الاحتياطيات يعدّ خياراً أكثر جذباً وموثوقية.

وكانت الدول الغربية قد جمدت نحو 300 مليار دولار من الاحتياطيات الروسية، التي تم جمعها من عائدات الطاقة الفائضة، في بداية حرب أوكرانيا عام 2022. وتُجري دول مجموعة السبع مناقشات حالياً حول كيفية استخدام هذه الأموال لدعم أوكرانيا، وفق «رويترز».

وقال بوتين في تصريحات أمام مؤتمر استثماري: «سؤال مشروع: لماذا نراكم الاحتياطيات إذا كان من السهل فقدانها؟». وأوضح أن استثمار المدخرات الحكومية في البنية التحتية واللوجيستيات والعلوم والتعليم يعدّ أكثر أماناً وفاعلية من الاحتفاظ بها في الأصول الأجنبية.

كما أشار بوتين إلى أن الإدارة الأميركية الحالية تساهم في إضعاف دور الدولار الأميركي بصفته عملةً احتياطية في الاقتصاد العالمي من خلال استخدامه لأغراض سياسية؛ مما يدفع الكثير من الدول إلى البحث عن بدائل، بما في ذلك العملات الرقمية.

وأضاف بوتين: «على سبيل المثال، من يستطيع حظر (البتكوين)؟ لا أحد». وأكد أن تطوير تقنيات الدفع الجديدة أصبح أمراً حتمياً، بالنظر إلى انخفاض تكلفتها وموثوقيتها العالية.