وزير العدل المغربي: اعتماد تقنية التقاضي الإلكتروني يتطلب «تدخلاً تشريعياً»

بعد أن أثار نظام «المحاكمة عن بعد» بعض المخاوف القانونية والحقوقية

وزير العدل المغربي محمد بنعبد القادر
وزير العدل المغربي محمد بنعبد القادر
TT

وزير العدل المغربي: اعتماد تقنية التقاضي الإلكتروني يتطلب «تدخلاً تشريعياً»

وزير العدل المغربي محمد بنعبد القادر
وزير العدل المغربي محمد بنعبد القادر

قال وزير العدل المغربي، محمد بنعبد القادر، إن اعتماد تقنية التقاضي الإلكتروني يتطلب مستقبلاً «تدخلاً تشريعياً» لتأكيد مبدأ الشرعية ولوضع ضوابط التقاضي وإرساء قواعد خاصة به. وذكر بنعبد القادر، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية أمس الأحد، إن «اعتماد تقنية التقاضي الإلكتروني إن كان في الظرفية الراهنة يبقى محكوماً بشرط استثنائية القوة القاهرة، فإنه مستقبلا يتطلب تدخلاً تشريعياً، أولاً لتأكيد مبدأ الشرعية الذي يشمل حتى الإجراءات المسطرية، ثم لوضع ضوابط التقاضي الإلكتروني وإرساء قواعد خاصة به».
وكان إعلان الوزارة عن الاستعدادات الجارية للشروع في تطبيق نظام «المحاكمة عن بعد» باستخدام تكنولوجيا التواصل بين المتهمين نزلاء المؤسسات السجنية من جهة، والقضاة والمحامين في المحاكم من جهة ثانية، أثار بعض المخاوف القانونية والحقوقية خاصة ما يتعلق بالحق في المحاكمة العلنية، وضرورة استماع المتهمين للقضاة والمدعين من دون حواجز، في الوقت الذي اعتبر العديد من الفاعلين في منظومة العدالة أن الإكراهات التي تفرضها جائحة فيروس كورونا تمثل فرصة سانحة لتعبئة كل الطاقات من أجل أن القيام بالخطوة الحاسمة التي طالما تم التردد فيها، وهي الخطوة نحو تحديث قطاع العدالة بتسريع وتيرة التحول الرقمي في العملية القضائية.
وكشف الوزير المغربي أن هذا الأمر هو «ما ستقترحه الوزارة على الحكومة في المشروع الذي انتهت من إعداده هذا الأسبوع، والذي يضع القاعدة القانونية للمحاكمة عن بعد، بما يحفظ جميع الضمانات المطلوبة في المحاكمة العادلة».
ولفت الوزير بنعبد القادر أيضاً إلى أنه بمجرد ما حصل توافق بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والمندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج حول المبدأ العام بخصوص اعتماد تقنية (فيديو كونفرنس) لتنظيم جلسات التقاضي عن بعد في إطار تنفيذ التدابير الاحترازية وتعزيز الأمن الصحي للسجناء ومكونات أسرة القضاء، انطلقت اجتماعات اللجان الثلاثية في كل الدوائر الاستئنافية بحضور النقباء والرؤساء الأولين بمحاكم الاستئناف والوكلاء العامين بها. وقد شكلت تلك الاجتماعات، بحسب الوزير، لحظة متميزة للتشاور والحوار حول أفضل السبل لتفعيل القرار الاحترازي المؤقت بما يضمن في الآن نفسه الأمن الصحي للجميع والأمن القضائي القائم على مبادئ المحاكمة العادلة وحق الدفاع.
وخلص الوزير المغربي إلى أن مخرجات اللجان الثلاثية استطاعت أن تؤسس لمقاربات ميدانية عقلانية وتشاركية لتنزيل الفكرة إلى أرض الواقع في نطاق مبادئ العدالة والمصلحة العامة، حيث أعلن النقباء ترحيبهم بهذه المبادرة وقدموا اقتراحات مهمة لإغنائها وتحصينها، وذهب جلهم إلى أنه ليس هناك ما يمنع في القواعد العامة للمسطرة الجنائية من اعتماد المحاكمة عن بعد.
يذكر أن أفق المحكمة الرقمية يندرج ضمن المشاريع الاستراتيجية التي تشتغل عليها الوزارة في سياق تنفيذ خطة الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».