الحوثيون يدفعون بمئات الأطفال إلى جبهات القتال في مأرب والجوف

طفل يحمل سلاحاً أثناء تجمع للحوثيين في صنعاء (رويترز)
طفل يحمل سلاحاً أثناء تجمع للحوثيين في صنعاء (رويترز)
TT

الحوثيون يدفعون بمئات الأطفال إلى جبهات القتال في مأرب والجوف

طفل يحمل سلاحاً أثناء تجمع للحوثيين في صنعاء (رويترز)
طفل يحمل سلاحاً أثناء تجمع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

صعّدت الجماعة الحوثية من عملياتها العسكرية خلال الأسابيع الماضية على جبهتي الجوف ومأرب، ولجأت إلى الاستعانة بمئات الأطفال الذين اقتادتهم من القرى والمدن الخاصعة لها من أجل المشاركة في القتال.
هذا ما أكدته مصادر عسكرية يمنية لـ«الشرق الأوسط»، مضيفة أن قوات الجيش في جبهتي الجوف ومأرب تمكنت خلال الأسابيع الأربعة الماضية من أسر المئات من عناصر الجماعة، بينهم العشرات من الأطفال والمراهقين تحت سن الثامنة عشرة.
وأظهرت مقاطع فيديو للإعلام العسكري في الجيش اليمني العديد من القصص التي تحدث فيها الأطفال عن كيفية استدراجهم من قبل الجماعة الحوثية من مناطق صنعاء وذمار وتعز إلى صفوف الجماعة بعد أن تم إغراؤهم بالحصول على مبالغ ضئيلة من الأموال وأسلحة شخصية.
وبحسب ما أظهرته المقاطع المصورة التي أدلى فيها الأطفال الأسرى بشهاداتهم، كانت عناصر الجماعة الحوثية يوهمونهم بأنهم سيذهبون للمشاركة في مقاتلة الأميركيين والإسرائيليين الذين يحاولون غزو اليمن بحسب مزاعمهم، كما كشف أطفال آخرون أن مسلحي الجماعة كانوا يجبرونهم على تقدم صفوف القتال ويهددون من يتراجع منهم بالتصفية الجسدية.
وتضمنت شهادات بعض الأطفال أن عناصر الجماعة قاموا باختطافهم من الأسواق والزج بهم في السجون قبل أن يتم تخييرهم بين القتال إلى جانب الميليشيات أو البقاء في السجن، كما كشفت الشهادات عن وسائل حوثية مختلفة لاستدراج صغار السن؛ منها استغلال الأوضاع المادية المتدهورة لأسر هؤلاء الأطفال.
وفي الأغلب يخضع المجندون الأطفال لدورات حوثية عقائدية يتم فيها تلقينهم «الملازم الخمينية» قبل أن يتم إلحاقهم بدورة أخرى قصيرة، يتم تدريبهم فيها على استخدام الأسلحة الشخصية قبل أن تزج بهم الجماعة إلى الخطوط الأمامية.
وكانت مصادر محلية في محافظات حجة والمحويت وذمار وإب أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الآونة الآخيرة شهدت اختفاء العشرات من الأطفال اليمنيين، ما يرجح قيام الجماعة الحوثية باستدراجهم إلى معسكرات التجنيد.
وأبلغ مواطنون في محافظة ذمار في الأسابيع الأخيرة عن اختفاء العشرات من الأطفال تحت سن الثامنة عشرة، حيث خرجوا من منازلهم ولم يعودوا إليها، وهي الواقعة ذاتها التي تحدث عنها ناشطون في محافظتي حجة والمحويت.
ويرجح السكان المحليون أن عمليات التعبئة القتالية والمحاضرات الحوثية في المدارس والمساجد، أدت إلى دفع المئات من الأطفال إلى اعتناق أفكار الجماعة بخصوص الدعوة إلى الموت والذهاب إلى جبهات القتال.
وأمام هذه الانتهاكات المستمرة من قبل الجماعة بحق أطفال اليمن في مناطق سيطرتها، نددت الحكومة اليمنية بما تقوم به الميليشيات من استغلال للأطفال.
وقال وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني في تصريحات رسمية إن ما يقوم به مرتزقة طهران بحق الأطفال - في إشارة إلى الحوثيين - يعد «جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني الذي يجرم تجنيد الأطفال إلزامياً أو طوعياً واستخدامهم في الأعمال الحربية».
وطالب الوزير اليمني الأمين العام للأمم المتحدة ومنظمات حماية الطفل بتحرك فوري وحازم لوقف استغلال الميليشيات الحوثية للأطفال في الأعمال الحربية والقتالية بالإغراء والإكراه، وأوضح أن ذلك «تسبب في مقتل وجرح الآلاف وإصابة كثير منهم بإعاقات نفسية وجسدية».
وأكد الإرياني أن الجماعة الحوثية من خلال هذا السعي تبحث فقط عن تحقيق انتصارات إعلامية، في الوقت الذي يستمر فيه كثير من المخدوعين بإلقاء أنفسهم في المحرقة إرضاء لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وخدمة لمشروع إيران في اليمن.
وأشار وزير الإعلام اليمني إلى الإحصائية الأخيرة التي نشرها الجيش بأسماء أكثر من 800 عنصر حوثي في جبهات نهم والجوف خلال أقل من شهر، أغلبهم من صغار السن، داعياً الآباء والأمهات في مناطق سيطرة الجماعة لحماية أبنائهم وعدم إلقائهم وقوداً لمعارك الميليشيات العبثية.
في السياق نفسه، اتهم مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي الميليشيات الحوثية بالاستمرار في تجنيد الأطفال في صفوفها، مؤكداً أن عدد من جندتهم الجماعة يزيد على 30 ألف طفل، حيث يواجهون مخاطر الموت وانتهاك حقوقهم.
ووردت هذه الاتهامات للميليشيات في خطاب للسعدي كان ألقاه في الدورة الأولى للمجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، داعياً فيه إلى مراجعة آليات الرصد والمراقبة الخاصة بالانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي.
وفي حين أكد المندوب اليمني أن الإحصائيات التي تقدمها الآليات الحالية عن تجنيد الأطفال من قبل الميليشيات بعيدة عن الواقع، أشار إلى ممارسات الجماعة الحوثية واستغلالها للظروف الاقتصادية والإنسانية للأسر وإجبارها على تجنيد أطفالها «والزج بهم في محارقها العبثية»، بحسب تعبيره.
وتشير تقارير حقوقية ودولية إلى استمرار الميليشيات الحوثية في استقطاب الأطفال إلى صفوفها عن طريق تلقينهم أفكار الجماعة في المدارس والمساجد والأماكن العامة.
وكانت الجماعة أقامت دورات طائفية فكرية خلال العام الماضي من خلال إنشاء أكثر من 3 آلاف مركز صيفي في صنعاء ومختلف مناطق سيطرتها، لغرض الاستقطاب والتجنيد.
ودائماً ما تحول الجماعة الموالية لإيران جدران المدارس إلى معارض تعلق عليها صور القتلى من عناصرها في سياق سعيها لتحريض الطلبة على الالتحاق بجبهات القتال.
من جهتها، كانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، رصدت بالتعاون مع 13 منظمة دولية، أكثر من 65 ألف واقعة انتهاك حوثية بحق الطفولة في اليمن، في 17 محافظة يمنية منذ 1 يناير (كانون الثاني) 2015 وحتى 30 أغسطس (آب) 2019.
وبين تقرير الشبكة أن الميليشيات قتلت خلال الفترة نفسها 3 آلاف و888 طفلاً بشكل مباشر، وأصابت 5 آلاف و357 طفلاً، وتسببت في إعاقة 164 طفلاً إعاقة دائمة جراء المقذوفات العشوائية على الأحياء السكنية المكتظة بالأطفال.
وأوضح تقرير الشبكة أن هناك نحو 456 طفلاً تعرضوا للاختطاف من قبل الحوثيين وما زالوا خلف قضبان الميليشيات الحوثية، فيما تسببت الجماعة في تهجير 43 ألف طفل و608 آخرين، والدفع بنحو 12 ألفاً و341 طفلاً إلى مختلف جبهات القتال.


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».