نتنياهو يدعو غانتس إلى لقاء عاجل لتشكيل حكومة وحدة

في محاولة أخيرة لمنع التغييرات برئاسة الكنيست ولجانه

مؤيدون لنتنياهو تجمعوا أمس رداً على مظاهرة مناهضة له أمام الكنيست (أ.ف.ب)
مؤيدون لنتنياهو تجمعوا أمس رداً على مظاهرة مناهضة له أمام الكنيست (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يدعو غانتس إلى لقاء عاجل لتشكيل حكومة وحدة

مؤيدون لنتنياهو تجمعوا أمس رداً على مظاهرة مناهضة له أمام الكنيست (أ.ف.ب)
مؤيدون لنتنياهو تجمعوا أمس رداً على مظاهرة مناهضة له أمام الكنيست (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تتواصل فيه المظاهرات بمختلف الأشكال ضد تمسك قوى اليمين بزمام الحكم، ومع صدور قرار حاد من المحكمة العليا يلزم رئيس الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) بالاستقالة، وانتخاب رئيس جديد، توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس الثلاثاء، بنداء علني إلى رئيس كتلة «كحول لفان»، بيني غانتس، يدعوه فيه إلى الاجتماع به فوراً للتفاوض حول تشكيل حكومة وحدة بين حزبيهما أو معسكريهما، وحذره من دفع إسرائيل إلى انتخابات رابعة. ورد غانتس بالقول إنه يريد حكومة وحدة ولكن برئاسته هو وليس برئاسة نتنياهو.
واعتبر المراقبون نداء اللحظة الأخيرة من نتنياهو بمثابة محاولة أخيرة لمنع الكنيست من انتخاب رئيس جديد ولجان جديدة تمنح معسكر غانتس أكثرية ضامنة للسلطة، لأن ذلك يعني تنفيذ إجراءات محاكمته بتهم الفساد. وأكدت مصادر مقربة من «كحول لفان»، أن غانتس اضطر، بضغط من حلفائه في المعسكر ورفاقه في الحزب، إلى التراجع عن نيته تشكيل حكومة وحدة برئاسة نتنياهو، يتناوب معه على رئاستها بعد سنة ونصف السنة. ويسعى إلى السيطرة على المؤسسة البرلمانية أولا، حتى يفاوض نتنياهو من مركز قوة أكبر.
وكان اليمين قد خسر المعركة على رئاسة الكنيست ولجانه في المحكمة العليا. فقد تحدى رئيس الكنيست، يولي أدلشتاين، المحكمة وأبلغها بأنه يرفض تدخلها في الشؤون الداخلية للكنيست وأنه سيختار الوقت المناسب لعقد جلسة الانتخاب، وأنه يعتقد أن الوقت المناسب هو بعد التوصل إلى اتفاق حول تشكيل الحكومة. وردت المحكمة بقرار صارم تلزمه فيه بإجراء تصويت على انتخاب رئيس جديد للكنيست، في موعد أقصاه مساء اليوم الأربعاء. وقال قضاة المحكمة الخمسة، برئاسة رئيسة المحكمة، استر حايوت، إنهم قرروا التدخل في شؤون الكنيست بشكل استثنائي، لأن هناك تعديا على جوهرها كسلطة تشريعية مراقبة لعمل الحكومة وليست أداة بيد الحكومة. وانتقدوا تمسكه بالمنصب بشدة، واعتبروه تصرفا مخالفا للأسس الديمقراطية.
ورد قادة الليكود وحلفاؤه في اليمين بهجوم شديد على المحكمة. فقالت وزيرة الرياضة والثقافة، ميري ريجف، إن المحكمة منقطعة عن الجمهور ومعاناته وتتجاهل أن نتنياهو يدير شؤون الدولة بشكل رائع لتنتصر على فيروس كورونا. وقال وزير السياحة، ياريف ليفين، إن «المحكمة العليا تقود إسرائيل إلى حالة فوضى وإنها تتصرف كأن الدولة ملك لها، وإن المحكمة تستهدف أساس الديمقراطية، وهو مبدأ فصل السلطات، عندما استولت على الكنيست وتولت إدارة الهيئة العامة للكنيست». وقال حزب الليكود في بيان له، إن «تحالف كحول لفان وأفيغدور ليبرمان والقائمة المشتركة، سلبوا من الكنيست 2.5 مليون من ناخبي اليمين. وبهمجية غير مسبوقة، قرروا تشكيل 6 لجان مؤقتة، وقرروا أن في جميعها توجد أغلبية لأنفسهم ومندوب عنهم برئاستها، خلافاً لتقاسم المقاعد والقواعد المتبعة. ومعسكر اليمين لن يشارك في هذه المداولات والتصويت غير الديمقراطية». ولكن وزير الطاقة المقرب من نتنياهو، يوفال شطاينتس، قال: «سوف ننفذ قرار المحكمة العليا، رغم أننا نعتقد أنها أخطأت بقرارها، ولن نصل إلى حالة فوضى».
ومن جهتها، عقبت كتلة «كاحول لفان» بأنه «ثمة أهمية في هذه الفترة أن يكون الكنيست فاعلا من أجل مساعدة الدولة في مواجهة أزمة كورونا. والآن، بعد أن حققنا ذلك، ما زلنا ندعو ياريف ليفين والليكود إلى وقف السياسة الصغيرة، والتوقف عن التحريض والمس بمؤسسات الدولة والمجيء إلى حكومة وحدة معنا».
وكانت أغلبية المعسكر المعارض لنتنياهو، المؤلفة من 61 نائبا، قد باشرت عملها للإطاحة بسلطة معسكر اليمين على الكنيست. وفي جلسة قاطعها نواب اليمين وامتنع فيها أدلشتاين عن التصويت، مساء الأول من أمس الاثنين، صادقت على تشكيل اللجنة المنظمة المسؤولة عن تشكيل اللجان البرلمانية مثل لجنة الخارجية والأمن واللجنة المالية ولجنة خاصة بمتابعة أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد، وبذلك بدأ رسمياً عمل الكنيست الـ23، بعد تعطيل دام لمدة أسبوع.
وبموجب اتفاق كتل المعسكر، تقرر انتخاب مندوب عن «كحول لفان» لرئاسة الكنيست وآخر لرئاسة لجنة الخارجية والأمن، فيما تولى مندوب عن ليبرمان لجنة المالية، وتولى مندوبان عن القائمة المشتركة رئاسة لجنة الشؤون الاجتماعية ولجنة مكافحة العنف والجريمة. وقد هاجم اليمين تسليم القائمة المشتركة رئاسة لجنة الشؤون الخارجية، بدعوى أنه يعني «توكيل ممثل عن حزب يدعم الإرهاب مسؤولية مشوهي الحرب والعائلات الثكلى من ضحايا الإرهاب». فاعتبرها نتنياهو «عارا وشنارا». وقالت وزيرة القضاء السابقة، أييلت شكيد، إن «هذا القرار يدل على إفلاس حزب (كحول لفان) قيميا وأخلاقيا».
يذكر أن العديد من الهيئات والحركات الشعبية تنظم مظاهرات في الشبكات الاجتماعية وفي الشوارع ضد «اعتداء اليمين الحاكم على الديمقراطية». وأقيمت مظاهرات شعبية أمام بيوت عدد من النواب والوزراء «الذين يعطلون عمل الكنيست»، بحسب المبادرين. وبعث 300 طبيب، بينهم مديرو أقسام في المستشفيات ومسؤولون في الجهاز الصحي، بعريضة إلى الرئيس الإسرائيلي، رؤوبين رفلين، أمس الثلاثاء، عبروا فيها عن تخوفهم من تعطيل الكنيست. واتهمت المبادِرة إلى تنظيم العريضة، الدكتورة ياعيل فارين، المتخصصة في الأمراض المعدية والأوبئة، نتنياهو، باستغلال أزمة كورونا لغايات سياسية حزبية وشخصية، وأنه يكرر عبارة: «أنا، أنا أنا، سأحميكم». وجاء في العريضة: «إننا قلقون من تعطيل جهاز القضاء، والتعطيل المقصود لعمل السلطة التشريعية. وينبغي التشديد على أنه لم يتم تعطيل عمل البرلمان في أي دولة أصابها الوباء، لا في الصين ولا في إيطاليا. ونحن مؤمنون بأن هذه الخطوات متشددة وخطيرة ليس أقل من الوباء نفسه. ولا توجد طريقة أخرى لقول ذلك: نحن موجودون في حالة تفتت الديمقراطية. كما إننا مذعورون من رياح العنصرية التي تهب في أوساط الجمهور ومن محاولتهم أن يخرجوا من اللعبة الديمقراطية جمهورا كاملا يعيش بيننا. وهم أناس يصابون بالمرض مثلنا ويتحملون العبء مثلنا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.