انتصار جمهوري في الكونغرس يضعف صورة اوباما على المسرح الدولي

توافق نادر بين الحزبين للضغط على البيت الأبيض حول إيران

الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

انتصار جمهوري في الكونغرس يضعف صورة اوباما على المسرح الدولي

الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)

رغم أن النظام السياسي الأميركي لا يعطي مجلسي النواب والشيوخ صلاحيات واسعة في السياسة الخارجية، فإن الواقع السياسي يعني أن نتائج الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي ستؤثر على قدرة الرئيس الأميركي باراك أوباما على قيادة بلاده داخليا وخارجيا. وهناك تساؤلات حول العلاقات داخل العاصمة الأميركية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وتأثير الخلافات بين البيت الأبيض والكونغرس على العالم، خصوصا فيما يخص ملفات الشرق الأوسط. ورغم تصريحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في باريس، أمس، فإن «الولايات المتحدة تبقى متحدة بصوت قوي فيما يخص سياستنا الخارجية.. أحيانا هناك وجهة نظر مختلفة حول شأن معين ولكننا نحمي بلادنا». وهناك توافق بين الحزبين على مواجهة تنظيم «داعش»، ولكن هناك اختلافات بين أعضاء من الحزبين في الكونغرس على كيفية مواجهة ذلك التهديد.
وتعهد أوباما، أمس، بـ«إعلام الكونغرس كليا بإستراتيجيتنا في مكافحة (داعش)»، مضيفا أنه سيسعى إلى موافقة من الكونغرس على العمليات العسكرية الحالية ضد «داعش»، حيث عبر عن «الثقة بأننا سنحصل» على الموافقة المطلوبة، وتابع: «إنه من المبكر القول بأننا نفوز في حربنا ضد (داعش)»، مشددا على أهمية دور الجيش العراقي في مواجهة التنظيم.
وقد يظهر ضعف أوباما، وتأثير الكونغرس على السياسة الأميركية، بشكل خاص في الملف الإيراني، ويؤكد مسؤولون من البيت الأبيض أن أوباما لا ينوي مطالبة الكونغرس بالموافقة على أي اتفاق يصل إليه، ولكن من الممكن أن يقرر الكونغرس فرض المزيد من العقوبات على طهران لإحراج الإدارة الأميركية. وقال أوباما، أمس: «خلال الأسابيع الـ3 أو الـ4 المقبلة سنعرف إذا كان بإمكاننا إبرام اتفاق» مع إيران، مشددا على أن «إذا كان حقيقيا أنهم يريدون برنامجا نوويا سلميا سيكون عليهم إثبات ذلك».
وهناك أصوات جمهورية وديمقراطية ترفض أن يرفع أوباما عقوبات عن إيران لإبرام اتفاق معها حول برنامجها النووي، ولوح أوباما بإمكانية رفع بعض العقوبات من دون موافقة الكونغرس. ولكنه قال أمس: «إذا حصلنا على اتفاق جيد، لن يحصل ذلك.. لا نريد أن نعلق عقوبات تعطي إيران المزيد من الشرعية من دون برهنة سلمية برنامجها».
وأوضحت مديرة «مركز سياسات الشرق الأوسط» التابع لمعهد «بروكينغز»، تمارا ويتيس: «لم تعد هناك انتخابات على أوباما أن يقلق عليها، وهذا أمر يمكن أن يحرر الرئيس بدلا من تحديد قدراته»، وأوضحت ويتيس لـ«الشرق الأوسط»: «لدى الجهاز التنفيذي الكثير من الاستقلال، وهناك تجارب تاريخية عندما يكون الرؤساء في ولايتهم الثانية أكثر تركيزا على الشؤون الخارجية، خصوصا عندما تجعل السياسات الصعبة داخليا الرئيس يبحث عن إنجازات خارجية».
ولكنها أشارت إلى أن «الملف الإيراني سيكون القضية الأساسية لدى أعضاء الكونغرس من الحزبين الذي يمثل آراء مختلفة من إدارة أوباما، ومن الممكن أن نرى تحركا من الكونغرس في هذا المجال».
ومن الممكن أن يقرر أعضاء الكونغرس فرض عقوبات جديدة على إيران في حال فشلت الإدارة في التوصل إلى اتفاق مع إيران في إطار مفاوضات الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وألمانيا مع طهران بحلول الموعد النهائي لتلك المفاوضات يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. ولفتت ويتيس أن «الرئيس نفسه قال العام الماضي إنه في حال فشل في التوصل إلى اتفاق سيعود إلى الكونغرس لفرض المزيد من العقوبات، ولكن هذا الأمر لا يظهر خلافات بين الديمقراطيين والجمهوريين، بل كلا الحزبين أكثر تشددا من أوباما فيما يخص إيران».
ولفت مدير برنامج الشرق الأوسط لدى «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، جون الترمان، إلى أن «الكونغرس أظهر ترددا في التدخل في الشؤون الخارجية خلال الفترة الماضية.. ولا يوجد إجماع لدى كل حزب حول ما يمكن فعله لمعالجة مشاكل شائكة متعددة، على عكس أيام الحرب الباردة؛ حيث كانت هناك خطوط عريضة معروفة لدى كل من الحزبين»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس أوباما واجه مشاكل في الحصول على دعم سياساته الخارجية منذ أول يوم له في البيت الأبيض.. الأمر الأهم من هذه النتائج أنها تبرز مشاكل عدة لأوباما، فسيكون عليه أن يظهر بأنه قادر على القيادة، كما أن جلسات الكونغرس لاستجواب مسؤولي إدارة أوباما ستصبح أصعب عليهم مع سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ».
ومع سيطرة الجمهوريين على المجلسين، وبذلك قيادة لجان العلاقات الخارجية والقوات المسلحة، سيكون استجواب مسؤولي الإدارة الأميركية مثل وزير الخارجية كيري، من المصاعب التي تواجه أوباما في إقناع الشعب الأميركي بسياساته.
ومن الوجوه الجمهورية التي ستبرز على الساحة السياسية في واشنطن خلال الأشهر المقبلة السيناتور الجمهوري، جون مكين، وهو من أشد منتقدي أوباما وأعلاهم صوتا؛ إذ من المرتقب أن يترأس لجنة القوات المسلحة المهمة في مجلس الشيوخ الذي هيمن عليه الجمهوريون بعد انتخابات أول من أمس.
كما انتقد مكين الذي خسر أمام أوباما في انتخابات الرئاسة عام 2008، كل خطوات الإدارة من محاربة متشددي «داعش» إلى تسليح المعارضة السورية، كما سعى لرد أميركي أشد على موقف روسيا من الأزمة الأوكرانية، وحين يتولى رئاسة لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ يمكن أن يستدعي المسؤولين في وزارة الدفاع في جلسات عامة لشرح إستراتيجية الإدارة تجاه سوريا.
وقال السفير الأميركي المتقاعد، فريد هوف، الذي كان من أبرز العاملين على الملف السوري في ولاية أوباما الأولى: «حتى اليوم، التوجهات داخل الكونغرس تجاه سوريا وإيران لم تكن منسجمة بالتوجهات الحزبية، فهناك جمهوريون مثل السيناتور ماكين من أريزونا الذي يريد سياسات أكثر شدة تجاه البلدين، وهناك السيناتور الجمهوري راند بول من ولاية كنتاكي الذي يريد تواجدا أميركيا أقل ظهورا في الشرق الأوسط، وهناك ديمقراطيون، مثل السيناتور كارل ليفن من ولاية ميشيغان الذي يستعد للتقاعد، لديهم آراء أقرب إلى ماكين، بينما هناك ديمقراطيون مثل السناتور الديمقراطي من ولاية كونيتيكات كريس مورفي الذي يدافع عن سياسات الرئيس أوباما فيما يخص سوريا».
وأضاف هوف، وهو الآن زميل في معهد «المجلس الأطلسي» في واشنطن لـ«الشرق الأوسط»: «إذا قرر الرئيس أوباما أن تكون لديه سياسة سوريا بخطوات فعلية بنفس شدة التصريحات، سيكون عليه أن يتعرف على أعضاء في الكونغرس من الحزبين لديهم نفوذ في هذا المجال، وأن يحصل على دعمهم». وبناء الجسور مع أعضاء في الكونغرس من الحزبين؛ الجمهوري والديمقراطي، لدفع أجندته الخارجية، والداخلية، من أبرز العقبات أمام أوباما والسنتين المتبقيتين له في البيت الأبيض. وأكد زعيم الأغلبية الجمهورية في الكونغرس المقبل السيناتور ميتش ماكونيل، أمس، أن سوريا «ستكون على أجندة الأعمال خلال اجتماعه مع أوباما في البيت الأبيض مع قادة الكونغرس من الحزبين غدا».
ومن جهة أخرى، كانت انتخابات أول من أمس، الأخيرة التي تجري على المستوى الوطني في الولايات المتحدة وأوباما في البيت الأبيض.
وينعقد الكونغرس بتشكيله الجديد في يناير (كانون الثاني)؛ مما يعطي شهرين لأوباما لدفع الاتفاق النووي الإيراني والحصول على موافقة مجلس الشيوخ على مرشحيه لمناصب حساسة وعدد من السفراء. وصرح كيري، أمس، بأن أكثر من 60 مرشحا ينتظرون موافقة الكونغرس.
ومن اللافت، قبل 10 أعوام كان على وزير الخارجية الأميركي الحالي، جون كيري، المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية، الاعتراف بهزيمته أمام الجمهوريين، واليوم، عليه أن يعمل على عدم السماح للجمهوريين بعرقلة خططه للعامين المتبقيين له ولرئيسه، ولكن ربما نتائج الانتخابات ستساعد وزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، في الفوز بالبيت الأبيض. ويشرح الترمان أن هزيمة الديمقراطيين «تجعل من الأسهل على كلينتون أن تطلق حملة انتخابية ضد سياسات أوباما، قائلة إنها تستجيب للناخبين».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».