دراسة لخبراء الأمن الإسرائيلي تحذّر من عواقب «صفقة القرن»

TT

دراسة لخبراء الأمن الإسرائيلي تحذّر من عواقب «صفقة القرن»

في الوقت الذي أُعلن عن تنظيم مظاهرة أمام مبنى السفارة الأميركية القديم في تل أبيب، احتجاجاً على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب المعروفة باسم «صفقة القرن»، خرج الباحثون في معهد دراسات الأمن القومي بتحذير شديد اللهجة ضدها وقال في خلاصة دراسة إن «الصفقة تنطوي على مخاطر كثيرة في جميع المجالات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، كما أنها من الناحية العملية تشكل خطر الاندفاع السريع نحو واقع الدولة الواحدة».
وجاء في الدراسة أيضاً أن «الخطة تمنح إسرائيل رداً شاملاً لمطالبها الأمنية، لكنها في الوقت ذاته ترسم لها حدودا طويلة وملتوية، وجيوبا استيطانية معزولة، وخلطا سكانيا يخلق صعوبة أمام الجيش الإسرائيلي في تطبيق الترتيبات الأمنية مما سيزيد الاحتكاك مع السكان وأجهزة الأمن الفلسطينية على طول المحاور». وتشكك الدراسة في جدوى الفصل الاقتصادي، كما طرح خلال ورشة البحرين في العام الماضي، والتي تقضي برصد 50 مليار دولار، بينها 28 ملياراً تستثمر في مناطق السلطة الفلسطينية على مدار 10 سنوات، أي 2.8 مليار دولار سنويا. وقالت إن الفرق بين هذا المبلغ وبين مجمل التبرعات السنوية للسلطة الفلسطينية من الدول المانحة، سوية مع ميزانية الأونروا، ليس كبيرا. والتمويل الذي تقترحه الصفقة ليس واضحاً، والجداول الزمنية لتنفيذ المشاريع ليست معقولة.
وأكدت الدراسة أن «صعوبات جوهرية ستنشأ من جراء رفض الفلسطينيين للخطة. وهي تشكل ترجمة عملية للفكرة الأميركية الإسرائيلية بأن الفلسطينيين مهزومون وهذه الخطة تعبير عن الهزيمة. كما أن تبعاتها تشكل تهديدا وجوديا حقيقيا على إنجازاتهم حتى الآن وعلى حلم الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة الكاملة». وعليه، يضيف الباحثون الإسرائيليون: «تصعب الإشارة إلى قائد فلسطيني في الحاضر والمستقبل، يوافق على خطة كهذه، تقيم دولة فلسطينية قزمة مقطعة محاطة بأراض إسرائيلية، وعاصمتها في ضاحية في أطراف القدس الشرقية».
وتطرقت الدراسة أيضاً إلى مواقف الدول العربية من الخطة وقالت إن مصر تعتبرها خطة أحادية الجانب والمصلحة، والأردن يرفضها، ودول الخليج التي بنى واضعو الخطة توقعاتهم على أن تعمل هذه الدول على إقناع الفلسطينيين بالتعامل إيجابياً مع الخطة، خيبوا آمالهم ووقفت دول الخليج علناً إلى جانب الفلسطينيين وأيدت معارضتها للخطة. وأضافت الدراسة قولها: «بل حتى المجتمع الدولي لم يكن شريكاً في الحماس الإسرائيلي الأميركي مع الخطة، إذ تحفظت عليها عدة دول وهيئات مهمة، مثل روسيا والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن تعالي أصوات في الكونغرس الأميركي ذاته ضد الخطة».
من جهة أخرى، دعت لجنة المتابعة العليا للجمهور العربي في إسرائيل (فلسطينيي 48)، إلى المشاركة في مظاهرة تقيمها أمام مقر السفارة الأميركية في مدينة تل أبيب يوم الثلاثاء المقبل، رفضا للصفقة. كما دعت اللجنة قوى السلام اليهودية للمشاركة في المظاهرة. وفي المقابل قام رؤساء عدد من المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية بالاجتماع مع السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، الذي عينه ترمب مركزاً للجنة التنسيق الإسرائيلية الأميركية لمتابعة تطبيق الصفقة. وقالوا إنهم جاؤوا لتشجيعه على المضي قدما في تنفيذ صفقة القرن، مؤكدين أنهم رغم معارضتهم المبدئية على إقامة دولة فلسطينية، فإنهم يرون هذه الصفقة أفضل الحلول، لذلك هم يؤيدون السفير ويقفون إلى جانبه. وقالوا إنهم اتخذوا هذه الخطوة لكي يؤكدوا أن المستوطنين ليسوا موحدين ضد الصفقة كما يحلو لبعض قادتهم أن يظهروا الأمر.
وضم اللقاء رئيس بلدية مدينة آرئيل الاستيطانية، إيلي شبيرو، ورؤساء المستوطنات: عوديد رفيفي (أفرات)، إساف منتسر (مستوطنة القنا)، يجئال لاهف (كرني شومرون)، شاي روزنتسويغ (ألفي منشة) ونير برطيل (أوريت). وقال رفيفي إنه يرى في هذا اللقاء تأكيداً على رؤية إبداعية لضمان المستوطنات وبقائها في مكانها. ورد عليهم فريدمان بأنه يقدر بشدة زيارتهم وتشجيعهم، مؤكداً أنه سيكمل تطبيق الخطة بالتنسيق معهم.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».