استقالة جماعية تعصف بـ «سيزار» الفرنسية للسينما

بعد حملة استنكار لترشيح المخرج «المُغتصب» بولانسكي لنيل 12 جائزة

رومان بولانسكي
رومان بولانسكي
TT

استقالة جماعية تعصف بـ «سيزار» الفرنسية للسينما

رومان بولانسكي
رومان بولانسكي

بعد انتقادات عنيفة، طالت طريقة إدارتها وغموض حساباتها، لم تتوقف طيلة الأسبوعين الماضيين، تقدمت لجنة جوائز «سيزار» للسينما الفرنسية باستقالة جماعية مساء أول من أمس. ومن المنتظر اختيار رئاسة جديدة عند الاجتماع المقبل للهيئة العامة للجائزة. وتأتي الاستقالة قبل أيام من الدورة الـ45 للجائزة التي تعد المعادل الفرنسي لـ«الأوسكار» الذي تقدمه أكاديمية السينما في هوليوود.
القشة التي قصمت ظهر البعير كانت كشف اللجنة عن ترشيحاتها لجوائز دورتها المقبلة المقررة في 28 من الشهر الحالي، حيث حصل فيلم «إني أتهم» للمخرج رومان بولانسكي على 12 ترشيحاً. وحال الإعلان، تجدد الجدل حول أهلية بولانسكي في البقاء قيد المنافسة، في حين أنه ما زال متهماً ومطلوباً من القضاء الأميركي في قضية اغتصاب لفتاة قاصر، وهي القضية التي مضى عليها 40 عاماً دون أن ينشف حبر الكتابة عنها، وساهمت في تأجيجها حملة «مي تو» الدولية لفضح المتحرشين، لا سيما في الوسط السينمائي.
ويستعيد فيلم «إني أتهم» قضية ضابط المدفعية اليهودي دريفوس الذي جرى اتهامه، زوراً ولأسباب عنصرية، بالخيانة وتسريب أسرار عسكرية إلى السفارة الألمانية في باريس. وهي القضية التي أثارت صراعاً اجتماعياً وسياسياً أواخر القرن التاسع عشر، ودفعت الكاتب إميل زولا إلى نشر رسالة شهيرة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية آنذاك، فليكس فور، حملت عنوان الفيلم. فهل أراد المخرج اليهودي البولوني المولد الفرنسي الجنسية التماهي مع دريفوس والظلم الذي وقع عليه بصفته ضحية؟
يبلغ بولانسكي من العمر 86 عاماً. ورغم الاعتراف بموهبته كمخرج كبير حاز عدة جوائز، فإن تهمة الاغتصاب ظلت تثير جدلاً حول التفريق بين موهبة الفنان وسلوكه الأخلاقي. وكانت السلطات الأميركية قد اعتقلت المخرج في عام 1977 بتهمة الاعتداء الجنسي على قاصر تبلغ من العمر 13 عاماً. وقبل صدور الحكم في حقه، هرب إلى فرنسا واحتمى بها دون أن يغلق ملف القضية. وفي صيف 2009، تم اعتقاله لدى محاولته دخول سويسرا بدعوة من مهرجان زيوريخ السينمائي الذي أراد تكريمه على مجمل أعماله، وتم وضعه قيد الإقامة الإجبارية، وبعدها أفرج عنه بكفالة.
وبالإضافة إلى رئيسها الذي توجهت نحوه أصابع الاتهام، تضم اللجنة عدداً من أبرز السينمائيين الفرنسيين، أمثال المخرجين كلود لولوش وبرتران بلييه وكوستا غافراس وجان جاك آنو ودانييل تومسون. كما تضم بولانسكي نفسه. وهددت الانتقادات التي توجهت إلى رئاسة اللجنة بإلغاء الدورة الحالية من الجائزة، لكن استقالتها الجماعية أنقذت الحفل الذي اختيرت لرئاسته الممثلة ساندرين كيبرلان. وكانت كيبرلان قد حصلت على لقب أفضل ممثلة فرنسية في عام 2014، وستتيح الاستقالة إجراء تعديلات على القانون الأساسي للجمعية المكلفة بتطوير السينما الفرنسية، وتحديث بنوده.
وكانت عدة جمعيات نسائية قد دعت إلى التظاهر والاحتجاج أمام صالة «بلييل» في باريس التي تستضيف الحفل. ودعت الناشطات النسويات إلى عدم التصويت لفيلم «إني أتهم»، كما أطلقن شعاراً يقول: «إذا كان الاغتصاب فناً، فإن بولانسكي يستحق كل الجوائز». وفي حين تضامن عموم الوسط السينمائي مع المخرج، باعتبار أن القضية باتت من الماضي، وأن صاحبة الدعوى نفسها تنازلت عن حقها، فإن فنانين آخرين وقفوا ضد بولانسكي. ونشرت صحيفة «لوموند»، الاثنين الماضي، بياناً ينتقد ترشيحات فيله لعدة جوائز «سيزار»، حمل تواقيع 400 شخصية من العاملين في حقل السينما.
ومن الموقعين على البيان الممثل عمر سي، وكل من المخرجين برتران تافرنييه وجاك أوديار وآنييس جاوي. وتركزت الانتقادات على رئيس اللجنة المنتج ألان ترزيان الذي يشغل الموقع منذ 17 عاماً، ويتمتع بسلطات واسعة. ومن جهته، شدّد فرانك ريستر، وزير الثقافة، على ضرورة استقلالية اللجنة، واعتمادها الأسلوب الديمقراطي والشفافية والتنوع والانفتاح في إدارتها.


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.