المتحدث باسم «الجنائية الدولية» لـ«الشرق الأوسط»: أوامر اعتقال البشير لا تزال سارية منذ 14 عاماً

TT

المتحدث باسم «الجنائية الدولية» لـ«الشرق الأوسط»: أوامر اعتقال البشير لا تزال سارية منذ 14 عاماً

قال فادي العبد الله المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية، إن هناك أوامر بالقبض على الرئيس السوداني السابق عمر البشير، صدرت عن المحكمة، ولا تزال سارية المفعول، كما لا تزال المحكمة تطلب تنفيذها، إلا إذا قرر القضاة سحب هذه الأوامر. وأوضح العبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، من مقر المحكمة في لاهاي بهولندا، أن هذا الإجراء ممكن في حال طلبت الحكومة السودانية من المحكمة سحب أوامر القبض على البشير، واستطاعت الخرطوم أن تدعم مثل هذا الطلب بأدلة تؤكد أن هنالك إجراءات قضائية محلية جدية ضد البشير، مبنية على الوقائع نفسها المدعى بها أمام المحكمة الدولية، وليس على أنواع جرائم أو وقائع مختلفة.
وقال العبد الله إنه في هذه الحالة يكون لقضاة المحكمة الدولية، إذا اقتنعوا بهذا الطلب، أن يسحبوا أوامر الاعتقال، بناءً على مبدأ التكامل الذي يترك الأولوية للقضاء الوطني، ولكن في الوقت الحالي لم نتسلم من حكومة الخرطوم أي طلب في هذا الصدد. وحول آخر اتصال بين الحكومة السودانية والمحكمة الجنائية الدولية في ملف البشير، قال المتحدث إنه لا يستطيع إعطاء أي معلومات دقيقة، لأن هذا الأمر يتعلق بمكتب المدعي العام في المحكمة. وأضاف العبد الله أن الحكومة السودانية لم تتقدم بطلب لقضاة المحكمة لسحب أوامر الاعتقال ضد البشير.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق، رداً على سؤال حول تعليق المحكمة على أنباء متضاربة بشأن إجراء المحكمة الدولية تغييراً على أسماء المطلوبين للمحاكمة في ملف الرئيس السوداني السابق، لتشمل شخصيات جديدة، قال العبد الله: «كل الأسماء هي نفسها المعلن عنها»، مشيراً إلى ما سبق أن صدر عن المحكمة من لائحة الاتهامات في ملف دارفور، وما نشرته المحكمة في هذا الصدد من أنه في 31 مارس (آذار) 2005 اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 1593، بعد القرار القاضي بإحالة الحالة في دارفور منذ 1 يوليو (تموز) 2002 إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. وينص أيضاً قرار مجلس الأمن على إلزام المدعي العام بمخاطبته كل ستة أشهر بشأن الإجراءات المتخذة بخصوص الحالة في دارفور.
والمطلوبون هم عمر حسن أحمد البشير، وأحمد محمد هارون، وعبد الرحيم محمد حسين، وعلي محمد علي عبد الرحمن (المعروف أيضاً باسم علي كوشيب)، وعبد الله أبكر نورين، هاربون من العدالة. وبعد مرور أكثر من 14 سنة على إحالة الملف إلى المحكمة، لا تزال الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة للمجني عليهم في الحالة في دارفور يكبلها عدم تعاون الدول، بما في ذلك الدول الأطراف في المحكمة والدول الأعضاء والسودان نفسه.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».