تفاقمت أزمة فيروس كورونا المستجد في الصين، أمس، مع ارتفاع حصيلته إلى 563 وفاة، فيما يحتجز الآلاف في حجر صحي على سفن سياحية، ما يضيف إلى المخاوف العالمية من انتشار المرض.
وبلغ عدد المصابين بالفيروس في أرجاء الصين أكثر من 28 ألف إصابة، فيما تجهد السلطات لاحتواء المرض الذي ينتشر رغم إجبارها الملايين على البقاء في منازلهم في عدد متزايد من المدن، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت منظمة الصحة العالمية، في مؤتمر صحافي أمس، إنه من السابق لأوانه القول إن انتشار فيروس كورونا في الصين بلغ ذروته، لكنها أوضحت أن الأربعاء كان أول يوم يتراجع فيه العدد الإجمالي لحالات الإصابة الجديدة في الصين. وقال مايك ريان، المسؤول بمنظمة الصحة العالمية، إن هناك زيادة مستمرة في الحالات في إقليم هوبي، بؤرة تفشي المرض، لكنه أوضح أن هذه الزيادة لم تحدث في الأقاليم الأخرى، كما نقلت عنه «رويترز».
وأكدت 25 دولة وجود حالات إصابة على أراضيها بالفيروس الذي ظهر أولا في سوق لبيع الحيوانات البرية في ووهان بمقاطعة هوباي وسط الصين، أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. كما وجد آلاف الأشخاص أنفسهم عالقين على متن سفينتين سياحيتين في آسيا، فيما أظهرت الفحوص إصابة 20 شخصا بالفيروس على واحدة منهما.
وفي هونغ كونغ، أمضى 3600 شخص من الركاب وأفراد الطاقم ليلة ثانية على متن السفينة السياحية «ورلد دريم»، في وقت تجري السلطات فحوصا طبية بعد رصد ثماني إصابات لركاب سابقين بالفيروس.
وذكر مسؤولون صحيون في هونغ كونغ أنهم طلبوا من نحو 5000 شخص كانوا في رحلات على متن السفن منذ منتصف يناير (كانون الثاني)، الاتصال بهم. ويعيد انتشار فيروس كورونا ذكريات مخيفة في المدينة التي شهدت وفاة نحو 300 شخص بفيروس سارس (متلازمة الالتهاب التنفسي الحادّ) الذي ينتمي لنفس سلالة كورونا.
وأدى الذعر في هونغ كونغ، التي توفي أحد مواطنيها بالفيروس، إلى فراغ المتاجر من بعض المستلزمات اليومية بعد مزاعم غير صحيحة عن نقص فيها، ما دفع السلطات إلى الدعوة إلى الهدوء.
ومع استمرار ارتفاع حصيلة الوفيات التي باتت الآن تشمل شخصين خارج الصين القارية، يقول خبراء الصحة إن نسبة الوفيات بكورونا المستجد والبالغة 2 في المائة، تعد أقل خطورة بكثير من فيروس سارس الذي أودى بنحو 10 في المائة من المصابين خلال فترة تفشيه بين 2002 و2003، غير أن الذعر تفاقم في أنحاء العالم مع حظر عدد من الدول الرحلات القادمة من الصين، وتحذير الحكومات من السفر إلى هذا البلد فيما أوقفت شركات طيران رحلاتها إليها.
وطبّقت الصين إجراءات غير مسبوقة في مسعى لاحتواء الفيروس الذي انتشر في أنحاء البلاد خلال عطلة العام الجديد في أواخر يناير. ولكن أعداد الوفيات والإصابات تستمر في الارتفاع، خاصة في مقاطعة هوباي وسط الصين التي خرج منها المرض، وتم إغلاق 18 مدينة تأوي 56 مليون شخص على الأقل منذ الشهر الماضي.
وكان رضيع مولود حديثا من بين المصابين في ووهان، ما يشير إلى أنه أصيب أثناء الحمل به، أو بعد ولادته مباشرة. ومن المتوقع أن يُفتتح مستشفى ميداني ثان يتسع لـ1600 سرير في مدينة ووهان، التي فرضت عليها إجراءات عزل، بعد افتتاح مستشفى أول يتّسع لألف سرير في وقت سابق هذا الأسبوع. وقالت السلطات إنها بصدد تحويل مبان عامة إلى منشآت طبية لاستقبال المصابين. وتعاني المدينة البالغ عدد سكانها 11 مليون نسمة نقصا «حادا» في الأسرّة، وفق المسؤول الكبير في ووهان لو ليشان، مشيرا إلى أن 8182 مريضا أُدخلوا إلى 28 مستشفى تتسع جميعها لـ8254 سريرا. وقال المسؤول للصحافيين إن هناك نقصا في المعدات والمستلزمات.
وأعلنت الحكومة المركزية إجراءات لتأمين الإمدادات الطبية الحيوية، مع اقتطاعات ضريبية لمصنّعي المواد الضرورية لمحاربة الوباء. وقال رئيس الوزراء لي كه تشيانغ: «يتعيّن علينا جميعا بذل كافة الجهود في أنحاء البلاد لتوفير مستلزمات الإمدادات الطبية الضرورية والخبراء الطبيين في مقاطعة هوباي»، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية.
وقالت مجموعة «بي جي آي»، المتخصصة في تسلسل الجينوم ومقرها جنوب الصين، إنها فتحت مختبرا في ووهان يسمح بفحص ما يصل إلى ألف شخص يوميا لرصد الفيروس. في غضون ذلك، ارتفع عدد المدن التي تطلب من سكانها عدم الخروج من منازلهم.
ومن المناطق الخاضعة للقيود على التنقل مدينة هانغتشو التي تبعد 175 كلم عن شنغهاي، حيث قطعت الطرق بأسيجة، وتُبثّ دعوات إلى السكان عبر مكبرات الصوت بـ«عدم الخروج». وفي بعض المدن وصولا حتى إلى أقصى شمال البلاد، عرضت على الأهالي حوافز مالية للإبلاغ عن الأشخاص الذين يأتون من هوباي.
وفي بكين حيث يسود هدوء حذر الشوارع فيما المتاجر مغلقة، حظر على المطاعم قبول حجوزات لحفلات.
وفي ننشانغ، عاصمة مقاطعة جيانغشي المحاذية لهوباي، يتعين على الصيادلة إرسال تقارير للسلطات حول كل من يقوم بشراء أدوية لعلاج الحرارة أو السعال. وتخضع المدينة لقيود على عدد الأشخاص الذين يسمح لهم بالخروج من المنزل. كما حددت السلطات عدد مرات الخروج لكل عائلة.
وسيتم الحجر الصحي على العاملين في مصنع شركة «فوكسكون» العملاقة للتكنولوجيا والتي تصنع هواتف آيفون، في مقاطعة هينان لمقاطعة هوباي، لمدة أسبوعين، بحسب ما أعلنت الشركة.
في سياق آخر، تضاربت تقارير إعلامية حول حالة طبيب عيون صيني كان سباقا في تحذير سلطات بلاده من فيروس كورونا الجديد، قبل أسابيع من انتشاره. وذكر تقرير صيني صباح أمس أن الطبيب لي وين ليانغ، الذي أُصيب بالفيروس، توفي في مستشفى بووهان، قبل أن تشير صحف صينية أخرى إلى أنه في حالة حرجة وأن زملاءه يحاولون إنقاذ حياته. وقال طبيب العيون الصيني إنه علم بتفشي فيروس جديد في البلاد منذ نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وإنه حذر زملاءه منه، قبل أن يقوم بعض المسؤولين بزيارته وأن يأمروه بعدم التحدث مجددا عن أي شيء يخص الفيروس متهمين إياه بنشر الإشاعات.
تزايد المخاوف العالمية من انتشار «كورونا» رغم الإجراءات الصينية الصارمة
الصحة العالمية: من المبكر الحديث عن بلوغ الفيروس ذروته
تزايد المخاوف العالمية من انتشار «كورونا» رغم الإجراءات الصينية الصارمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة