العلاقات السودانية ـ الإسرائيلية من بدايات سرية إلى نهاية علنية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان
TT

العلاقات السودانية ـ الإسرائيلية من بدايات سرية إلى نهاية علنية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان

أخرج لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأوغندا أول من أمس، العلاقات بين البلدين من أضابير اللقاءات السرية إلى الفضاء المفتوح، لينضم السودان لقائمة الدول التي تجري حوارات مع إسرائيل.
تعود العلاقات السرية بين السودان وإسرائيل، إلى مطلع ثمانينات القرن المنصرم، عندما تمت لقاءات سرية بين الرئيس السوداني الأسبق، جعفر محمد نميري، ووزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون، عبر وسيط عربي، مهدت لاحقا لصفقة ترحيل اليهود الفلاشا (الإثيوبيين) إلى تل أبيب.
وبعد أن كشفت الصحافة العالمية اللقاء، طلب الرئيس نميري من إسرائيل وأميركا إيقاف العملية، وعدم كشف دوره في تهريب اليهود الفلاشا. غير أن الولايات المتحدة الأميركية عادت في عام 1985 ومارست ضغوطا كثيفة على النميري، خلال زيارة قام بها نائب الرئيس الأميركي آنذاك، جورج بوش، إلى الخرطوم، لاستئناف عمليات ترحيل الفلاشا التي عرفت باسم عملية (سبأ) الشهيرة. ورضخ الرئيس نميري للضغوط الأميركية، بيد أنه اشترط أن يتم نقل الفلاشا إلى دول أوروبية ومنها إلى إسرائيل.
وذكر شارون في مذكراته، أن اللقاء الأول، مع الرئيس جعفر نميري، تم في مراسم تشييع، الرئيس المصري، محمد أنور السادات، بالقاهرة، ضمن الوفد الإسرائيلي لتقديم العزاء. يقول شارون: «اجتمعت بالنميري في لقاء ثان، في عام 1982 للتباحث معه في قضايا استراتيجية تخص القارة الأفريقية. تم ترتيب اللقاء عبر ضابط سابق بالمخابرات الإسرائيلية يعقوب نمرود، ورجل أعمال عربي». ويضيف شارون: «بحثت مع النميري في ذلك اللقاء موضوع آخر يهم السودان وإسرائيل بدرجة وثيقة، في إشارة منه إلى ترحيل اليهود الفلاشا (الإثيوبيين) إلى إسرائيل. وانقطعت الاتصالات السرية بين إسرائيل والسودان، بعد سقوط نظام الرئيس جعفر نميري بثورة شعبية في عام 1985، وجرت محاكمات لمسؤولين سودانيين في الأجهزة الأمنية والنظام لمشاركتهم في ترحيل الفلاشا.
من جهته، ناصب نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، منذ مجيئه بانقلاب عسكري في عام 1989، العداء الظاهر لإسرائيل، لتوجهاته الآيديولوجية الإسلامية المتشددة، وانخرط في معسكر الدول المعادية للوجود الإسرائيلي في المنطقة.
وظل ملف تطبيع العلاقات مع إسرائيل حاضرا خلال المفاوضات الماراثونية التي جرت بين نظام الرئيس المعزول، والمخابرات الأميركية (CIA) في ملف مكافحة الإرهاب، بعد أحداث11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وتفيد معلومات موثوقة بأن من بين الشروط التي ظلت تضعها الولايات المتحدة الأميركية على طاولة التفاوض مع الجانب السوداني، لرفع اسمه من قائمة الإرهاب وإنهاء العقوبات الاقتصادية، اتخاذ موقف إيجابي من إسرائيل، الذي لم يقابل بالرفض من المفاوضين السودانيين.
وإزاء الضغوط الأميركية المكثفة على النظام المعزول، وتزايد العزلة الدولية عليه، استجاب بقطع علاقاته مع إيران ووقف دعم حركة حماس، وهو موقف يصب في مصلحة إسرائيل. ويرى مراقبون أن النظام المعزول أرسل خلال السنوات الماضية، إشارات إيجابية تجاه إسرائيل، عبّر عنها، وزير الخارجية الأسبق، إبراهيم غندور، الذي لم يستبعد مناقشة تطبيع العلاقات مع إسرائيل خلال الحوار مع الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات.
وسرب موقع {ويكيليكس} حديثا لمستشار الرئيس المعزول، مصطفى عثمان إسماعيل، أنه دفع باقتراح للولايات المتحدة، أن «تتضمن عودة العلاقات مع واشنطن تطبيع العلاقات مع تل أبيب». وأثير موضوع تطبيع العلاقات مع إسرائيل بكثافة، خلال مجريات الحوار الوطني، بين حزب النظام المعزول، وبعض الأحزاب السياسية، في عام 2015، وجرى التداول حوله في أجواء مفتوحة لأول مرة في السودان.
وصرح مبارك الفاضل المهدي، وزير الاستثمار، في التشكيل الوزاري الأخير لحكومة البشير قبل سقوطها، علناً، بدعمه لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والسودان، وقال: «السودانيون لا يعتقدون أن هناك مشكلة في العلاقات مع إسرائيل».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.