الأردن: جلسة نيابية حاسمة اليوم لمناقشة قانون ضد الغاز الإسرائيلي

TT

الأردن: جلسة نيابية حاسمة اليوم لمناقشة قانون ضد الغاز الإسرائيلي

يشهد البرلمان الأردني اليوم الأحد مناورته الأخيرة حيال اتفاقية الغاز الإسرائيلي التي دخلت حيز التنفيذ مطلع العام الحالي، ويعتقد مراقبون أنها الفرصة الوحيدة أمام تمسك الحكومة باتفاقية مرفوضة شعبياً. ويعتبر طرح مشروع قانون أردني جديد، يمنع استيراد الغاز الإسرائيلي، المخرج التشريعي الأهم برلمانيا، بعد عدة إخفاقات لم ينجح فيها البرلمان في إجهاض الاتفاقية، من بينها محاولة طرح الثقة في الحكومة واستفتاء المحكمة الدستورية بجوازية نفاذها دون موافقة البرلمان.
وتحبس الأوساط السياسية والشعبية أنفاسها قبيل ساعات من جلسة حددت قبل أسبوعين لمناقشة اتفاقيات الطاقة المحلية بناء على طلب رئيس الحكومة، عمر الرزاز، إلا أنها تحولت بضغط نيابي إلى مناقشة مشروع قانون قدم للجنة القانونية بطلب من أكثر من 60 نائباً.
وتأتي الجلسة اليوم، بعد مسيرات غضب شعبية خرجت الأسابيع الماضية في العاصمة عمان والمحافظات، كان آخرها مسيرة مركزية أول من أمس الجمعة، انطلقت من أمام الجامع الحسيني في وسط عمان، رفضاً لاتفاقية الغاز الإسرائيلي التي أعلنت شركة الكهرباء الأردنية بدء ضخه تجريبياً للبلاد، وسط هتافات طالبت بإلغاء الاتفاقية ومحاسبة المسؤولين عن إبرامها.
ووسط هتافات حملت حكومة عمر الرزاز مسؤولية «تسليم قرار الطاقة الوطني للعدو الإسرائيلي، واتهام المسؤولين عن الاتفاقية بالخيانة»، طالب المشاركون من البرلمان إسقاط الحكومة على خلفية إصرارها على عدم الاستجابة للمطالب الشعبية. وزادت المسيرات وتيرة المطالبة بإلغاء الاتفاقية من الضغط على مجلس النواب، الذي دفعت به كتل وتيارات داخل المجلس لقطع الطريق على مذكرة نيابية لطرح الثقة بحكومة الرزاز قادتها كتلة «الإصلاح» المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة في البلاد. ويقطع قانون منع استيراد الغاز من إسرائيل في حال إقراره الطريق على نفاذ اتفاقية الغاز مع إسرائيل التي تسببت بموجة احتجاجات شعبية واسعة منذ الجمعة قبل الماضية، سرعان ما انتقلت إلى جلسة مجلس النواب الأسبوع الماضي.
وكان نحو 30 نائباً وقعوا الأسبوع على مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة على خلفية وصول الغاز الإسرائيلي للأردن، وسط التزام من رئيس الحكومة بتقديم ملخص عن ملف الطاقة في بداية الجلسة، ما يفتح الباب على احتمالات إصرار المجلس على موقفه بالتصويت على طرح الثقة.
وشهدت ردهات المجلس سجالاً حاداً بين فريقين نيابيين؛ الأول تمثله كتلة «الإصلاح» النيابية الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين يتبنى مذكرة طرح الثقة عن الحكومة، وتيار مناهض يطالب بإقرار تشريع يمنع استيراد الغاز من إسرائيل ما يقطع الطريق على اتفاقية الغاز المبرمة بين شركة الكهرباء الوطنية وشركة «نوبل إنيرجي» لتأمين احتياجات المملكة من الغاز الطبيعي من إسرائيل.
ويتضمن نص مشروع القانون المقترح المحول إلى اللجنة القانونية الذي اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، 3 بنود، أهمها البند الثاني الذي ينص على أنه على الرغم مما ينص عليه أي قانون آخر، فإنه يحظر على أي من وزارات ومؤسسات الدولة أو الشركات المملوكة لها، أن تقوم باستيراد الغاز أو أي من المشتقات البترولية من الكيان الصهيوني.
ويجد مجلس النواب الأردني نفسه أمام مجهر الشارع مجدداً بعد موافقته بالأغلبية الأربعاء الماضي على قانون الموازنة العامة للبلاد، بعد ماراثون خطابي استمر أربعة أيام تحدث خلالها 108 نواب بخطابات ناقدة للأداء الاقتصادي الحكومي الذي زاد من عجز الموازنة ورفع أرقام الدين، من دون أن يؤثر ذلك على منحهم الثقة للموازنة الحكومية.
وشهدت الخطابات النيابية التي اتجه بعضها لنقد أداء الحكومة سياسيا والذي طال اتفاقية الغاز المبرمة بين شركتي الكهرباء الوطنية وشركة «نوبل إنيرجي» لاستيراد الغاز من إسرائيل، لتتصدر مذكرة حجب الثقة عن الحكومة، جانبا من مداخلات نواب كتلة «الإصلاح» النيابية. ولا يجد مراقبون فرصاً لتخفيف انتقادات الشارع حتى بعد إعلان الحكومة عن التزامها بعدم رفع أي أسعار للرسوم والضرائب خلال العام الجديد، وتوجها بتخفيض ضريبة المبيعات على سلع ومواد أساسية تستهدف أصحاب الدخل المتدني، وإقرار بند زيادة رواتب موظفي القطاع العام ومعالجة تشوهات بند العلاوات المهنية التي تطالب بها النقابات.
ويذهب مراقبون إلى اعتبار أن جلسة اليوم ستشهد تصعيداً نيابياً ضد الحكومة، خصوصاً بعد موجة الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي التي وصفت خطابات النواب بـ«الاستعراضية» أمام موافقتهم بالأغلبية على قانون الموازنة. كما أن زيادة الإشاعات عن قرب حل البرلمان سترفع من سقف النقد النيابي تمهيداً للتحضير للانتخابات المزمع إجراؤها خلال أشهر الصيف.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.