معضلة ألمانية: قفزة بالإنتاج الصناعي وتراجع للطلب والصادرات

شكوك حول قدرة الحكومة على التحول الرقمي

يواجه الاقتصاد الألماني معضلة صناعية كبرى مع تراجع الطلب والصادرات إثر النزاعات التجارية (أ.ف.ب)
يواجه الاقتصاد الألماني معضلة صناعية كبرى مع تراجع الطلب والصادرات إثر النزاعات التجارية (أ.ف.ب)
TT

معضلة ألمانية: قفزة بالإنتاج الصناعي وتراجع للطلب والصادرات

يواجه الاقتصاد الألماني معضلة صناعية كبرى مع تراجع الطلب والصادرات إثر النزاعات التجارية (أ.ف.ب)
يواجه الاقتصاد الألماني معضلة صناعية كبرى مع تراجع الطلب والصادرات إثر النزاعات التجارية (أ.ف.ب)

ساعدت متانة الاقتصاد الألماني على تحقيقه أكبر زيادة في الإنتاج الصناعي خلال عام ونصف العام في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بيد أن الصادرات تراجعت، مما يعطي مؤشرات متضاربة بشأن أكبر اقتصاد أوروبي.
وكشفت بيانات من مكتب الإحصاءات أن الإنتاج الصناعي قفز 1.1 في المائة على أساس شهري، متجاوزا توقعات بارتفاعه 0.7 في المائة، ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى نمو التصنيع وانتعاش التشييد. وجرى تعديل قراءة شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بالرفع إلى انخفاض بنسبة واحد في المائة فقط من تراجع بنسبة 1.7 في المائة في قراءة سابقة.
في الوقت نفسه سجل الناتج الصناعي خلال نوفمبر الماضي انكماشا بمعدل 2.6 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، بعد تراجعه بنسبة 4.6 في المائة خلال أكتوبر الماضي. كان المحللون يتوقعون تراجع الناتج الصناعي بنسبة 3.7 في المائة سنويا.
ومع استبعاد قطاعي الطاقة والتشييد، سجل الناتج الصناعي نموا بمعدل 1 في المائة خلال نوفمبر الماضي، في حين زاد إنتاج السلع الرأسمالية بنسبة 2.4 في المائة، والسلع الاستهلاكية بنسبة 0.5 في المائة. في الوقت نفسه تراجع إنتاج السلع الوسيطة بنسبة 0.5 في المائة خلال نوفمبر الماضي. في المقابل تراجع إنتاج الطاقة بنسبة 0.8 في المائة، في حين زاد إنتاج قطاع التشييد بنسبة 2.6 في المائة.
وتكافح شركات التصنيع الألمانية التي تعتمد على التصدير جراء تعثر الطلب من الخارج إضافة إلى الضبابية التي تسود النشاط والمرتبطة بالخلافات التجارية وانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي. كما يواجه قطاع السيارات صعوبات للتكيف مع قواعد أكثر صرامة للانبعاثات والتحول نحو السيارات الكهربائية.
كما أعلنت رابطة شركات صناعة الآلات في ألمانيا (في دي إم إيه) الخميس تراجع حجم الطلب على الآلات الألمانية في نهاية عام 2019. وأوضحت الرابطة أن الطلبيات الواردة لهذا القطاع انخفضت بنسبة 15 في المائة خلال شهر نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر ذاته من عام 2018.
وقال كبير الاقتصاديين بالرابطة رالف فيشرس: «بذلك يستمر الاتجاه السلبي للأشهر الماضية»، موضحا أن الطلبات من الداخل تراجعت بنسبة 15 في المائة، كما تراجع طلب العملاء الأجانب على الآلات التي تحمل علامة «صُنع في ألمانيا» بنسبة 14 في المائة، مقارنة بما كانت عليه في نوفمبر عام 2018.
وبذلك تعاني الصناعة الألمانية الرئيسية الموجهة نحو التصدير من تباطؤ الاقتصاد العالمي ومن النزاعات التجارية العالمية، التي تثير مخاوف العملاء، فضلا عن التحول الهيكلي في صناعة السيارات - التي تعد عميلا مهما لمصانع الآلات.
وبحسب أحدث البيانات، تراجع الإنتاج في صناعة الآلات خلال الأحد عشر شهرا الأولى من عام 2019 بقيمة حقيقية، أي بعد حساب التغيرات الموسمية وتغيرات الأسعار، بنسبة 2.4 في المائة، وذلك مقارنة بالفترة الزمنية ذاتها من عام 2018... وبعد الكساد الذي شهده عام 2019، لا يتوقع صانعو الآلات في ألمانيا تحسنا جذريا هذا العام.
وتبرز أرقام التجارة المنشورة الخميس الآفاق الصعبة، إذ تظهر بيانات من مكتب الإحصاءات انخفاض صادرات نوفمبر الماضي بنسبة 2.3 في المائة على أساس شهري، بينما تراجعت الواردات 0.5 في المائة، لينكمش بذلك الفائض التجاري إلى 18.3 مليار يورو (20.3 مليون دولار).
وفي الأحد عشر شهرا الأولى من 2019 تمكنت ألمانيا من تحقيق ارتفاع طفيف في الصادرات بنسبة 0.7 في المائة لتصل إلى 1229.6 مليار يورو، وهو معدل نمو أقل بكثير بالمقارنة بما تم تسجيله في السنوات القليلة الماضية.
وتكشف بيانات صدرت الأربعاء تراجعا غير متوقع في الطلبيات الصناعية في نوفمبر بفعل ضعف الطلب الخارجي وغياب العقود الكبيرة، مما يشير إلى تعثر قطاع التصنيع سيواصل كبح النمو.
وتعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة من أبرز أسباب هذا التراجع. وقد أثرت هذه الحرب بالفعل على الأداء الاقتصادي حول العالم، بما في ذلك الصين.
وذكر معهد إيفو للأبحاث الاقتصادية في الشهر الماضي أن الطلب المحلي أسهم على الأرجح في نمو الاقتصاد بنسبة 0.2 في المائة في الربع الأخير من العام، مقارنة مع زيادة 0.1 في المائة في الشهور الثلاثة السابقة. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يحقق الاقتصاد الألماني نموا بنسبة 0.5 في المائة في العام الماضي، انخفاضا من 1.5 في المائة في 2018.
ومن جهة أخرى، أكد استطلاع للرأي في ألمانيا أن معظم المواطنين يرون أن حكومة بلادهم تفتقد الرؤية الثاقبة فيما يتعلق بالتحول للرقمنة.
وحسب الاستطلاع الذي أجراه معهد ألينسباخ المتخصص، فإن 2 في المائة فقط من سكان ألمانيا هم الذين يرون أن الحكومة مؤهلة جدا في هذا المجال، في حين يرى 47 في المائة ممن شملهم الاستطلاع أنها «أقل كفاءة» و10 في المائة يعتقدون أنها «غير مؤهلة إطلاقا» لهذا التحول.
وتبين من خلال الاستطلاع أن سكان ألمانيا غير راضين عما يعتقدون أنه افتقاد حكومتهم للكفاءة في التعامل مع الرقمنة، حيث أوضح 90 في المائة من المشاركين في هذا الاستطلاع، الذي أجري بتكليف من كلية «إي إس سي بي» للتجارة في برلين، أنه من المهم، بل والمهم جدا، أن يكون صناع القرار السياسي قادرين على معرفة ما يجب القيام به فيما يتعلق بقضية الرقمنة.
وحصل وزير الاقتصاد الألماني، بيتر ألتماير، على أفضل درجة من جانب المستطلعة آراؤهم، من بين أعضاء مجلس الوزراء الألماني الخمسة المكلفين بمتابعة ملف الرقمنة، حيث اعتبره 18 في المائة من المشاركين في الاستطلاع «الوزير الأكثر قدرة» على القيام بهذه المهمة، وذلك ردا على سؤال من جانب معدي الاستطلاع بشأن الوزير الذي يحظى بأكبر قدر من الثقة في هذا الجانب.
أما وزيرة الدولة للرقمنة، دوروتيه بير، فقد نالت إشادة 5 في المائة فقط من جانب من شملهم الاستطلاع، وحصل كل من وزير المواصلات، أندرياس شوير، ووزير الدولة لشؤون المستشارية، هيلجه براون، على تقدير 4 في المائة فقط لكل منهما.


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

معنويات متأرجحة للشركات اليابانية تصعب من مهمة «المركزي»

مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

معنويات متأرجحة للشركات اليابانية تصعب من مهمة «المركزي»

مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أظهر مسح ربع سنوي أجراه البنك المركزي الياباني تحسناً طفيفاً في توقعات الشركات، لا سيما في الصناعات الثقيلة الرئيسية، مثل صناعة السيارات والوقود الأحفوري والآلات، بينما تراجعت في صناعة الخدمات.

ومن شأن نتائج استطلاع «تانكان» التي أصدرها بنك اليابان يوم الجمعة، وهو المسح الاقتصادي القصير الأجل للشركات، أن يؤثر على قرار البنك بشأن رفع سعر الفائدة الرئيسي، الأسبوع المقبل.

ويظهر الاستطلاع الفارق بين الشركات التي تقول إنها متفائلة حيال أوضاع الأعمال وتلك المتشائمة. وقوضت نتيجة الاستطلاع الأحدث توقعات زيادة سعر الفائدة، كما تأرجح الين الياباني خلال الأسبوع؛ حيث بلغ معدل تداول الدولار الأميركي أمام الين 152.9 ين يوم الأربعاء، وهو معدل قريب لأعلى مستوى خلال أسبوعين. ونما اقتصاد اليابان بوتيرة سنوية معدلة بلغت 1.2 في المائة في الربع السابق، مدفوعاً بإنفاق استهلاكي مستدام.

وارتفعت المعنويات الإجمالية للشركات، للمصنعين وغير المصنعين إلى 15 نقطة من 14 نقطة في مسح سابق. وارتفع مؤشر معنويات كبرى الشركات الصناعية إلى 14 نقطة في ديسمبر (كانون الأول)، من 13 نقطة في سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك جزئياً إلى استئناف مصنعي السيارات الإنتاج عقب فضائح شهادات اختبارات السيارات في الصناعة. كما تحسّنت شركات الإنشاءات والعقارات.

وفي حين أن شركات تصنيع السيارات وغيرها من الصناعات الأخرى الكبيرة أحرزت تقدماً، تراجعت المعنويات بين تجار التجزئة وغيرهم في صناعة الخدمات؛ حيث انخفضت إلى 33 نقطة من 34 نقطة رغم أنها ما زالت في منطقة إيجابية. وتراجع مؤشر تجار التجزئة بشكل حاد إلى 13 نقطة من 28 نقطة.

وفي الأسواق، تراجعت عائدات السندات الحكومية اليابانية متوسطة وطويلة الأجل يوم الجمعة مع تراجع احتمالات قيام بنك اليابان المركزي برفع أسعار الفائدة في اجتماعه للسياسة النقدية الأسبوع المقبل.

وانخفض العائد على السندات الحكومية اليابانية لأجل عامين نقطة أساس واحدة إلى 0.565 في المائة، والعائد على السندات لأجل خمس سنوات نقطتين أساس إلى 0.69 في المائة.

وقال ميكي دين، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة في اليابان لدى «إس إم بي سي نيكو» للأوراق المالية: «تراجعت رهانات رفع أسعار الفائدة من جانب بنك اليابان المركزي، في حين دعمت عمليات شراء السندات التي يقوم بها بنك اليابان أيضاً المعنويات».

وأفادت «رويترز»، يوم الخميس، بأن بنك اليابان المركزي يميل إلى إبقاء أسعار الفائدة ثابتة مع تفضيل صناع السياسات قضاء المزيد من الوقت في التدقيق في المخاطر الخارجية والمؤشرات بشأن توقعات الأجور في العام المقبل. وجاء ذلك في أعقاب تقرير لوكالة «بلومبرغ» نيوز يوم الأربعاء أن بنك اليابان يرى «تكلفة ضئيلة» في الانتظار لرفع أسعار الفائدة.

وأشارت التوقعات إلى احتمال بنسبة 22.86 في المائة لرفع بنك اليابان أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 0.5 في المائة هذا الشهر، واحتمال بنسبة 65.5 في المائة لهذه الخطوة في اجتماعه في يناير (كانون الثاني).

من جانبه، أغلق المؤشر «نيكي» الياباني منخفضاً يوم الجمعة مع اتجاه المتعاملين لجني الأرباح عقب صعود استمر 4 جلسات بعد أن رفعت البيانات الاقتصادية الأميركية الرهانات على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) أسعار الفائدة الأسبوع المقبل.

وهبط المؤشر «نيكي» 0.95 في المائة إلى 39470.44 نقطة، لكنه كسب 1.94 في المائة خلال الأسبوع. ودفعت مكاسب يوم الخميس المؤشر القياسي إلى أعلى مستوى في شهرين. وتراجع المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 0.95 في المائة إلى 2746.56 نقطة، لكنه ارتفع 1.68 في المائة خلال الأسبوع.

وقال تاكيهيكو ماسوزاوا، رئيس التداول في «فيليب سيكيوريتيز اليابان»: «أدى ضعف إغلاق الأسواق الخارجية خلال ساعات الليل إلى انخفاض المعنويات، ما دفع المستثمرين إلى بيع الأسهم لجني الأرباح». وأضاف: «أرادت السوق تعديل مراكزها قبل عطلة نهاية الأسبوع».

وتجاوز المؤشر «نيكي» يوم الخميس مستوى 40 ألف نقطة الرئيسي للمرة الأولى منذ 15 أكتوبر (تشرين الأول). وتراجعت مؤشرات وول ستريت الليلة السابقة، إذ قيم المتعاملون المؤشرات الاقتصادية الرئيسية قبل اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل.

وأظهر تقرير وزارة العمل الأميركية، يوم الخميس، أن أسعار المنتجين ارتفعت 0.4 في المائة على أساس شهري في نوفمبر (تشرين الثاني)، مقارنة بتقديرات ارتفاع 0.2 في المائة، وفقاً لخبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم.

وتراجعت جميع مؤشرات القطاعات الفرعية في بورصة طوكيو للأوراق المالية البالغ عددها 33 باستثناء ثلاثة. ومن بين 1644 سهماً في السوق الرئيسية في بورصة طوكيو، ارتفع 32 في المائة وانخفض 64 في المائة، بينما استقر 3 في المائة.