تفوَّقت أخبار «لولو» على تلك السياسية التي ينشغل بها لبنان، المتعلقة بالحكومة العتيدة المنتظر تأليفها. وشغلت العاصفة التي تحمل هذا الاسم، بنتائجها على الأرض، أحاديث اللبنانيين، وتصدرت المراتب الأولى على وسائل التواصل الاجتماعي لتتحول إلى «الترند» الأول على موقع «تويتر». وتناول اللبنانيون العاصفة بسخرية حيناً، وبحزن حيناً آخر نظراً للأضرار التي تسببت بها على الأرض. وتحت عنوان «لولو» و«لبنان يغرق» و«(لولو) تضرب لبنان» تكثفت التعليقات حول هذه العاصفة التي تُعدّ الأولى من نوعها في موسم الشتاء لهذا العام. وتصدرت بأخبارها نشرات الأخبار على محطات التلفزة. وقد اضطرت المحطات أحياناً كثيرة إلى قطع برامجها، والانتقال إلى بثّ مباشر، لتزويد المشاهد بآخر تطورات «لولو» على الأرض، لا سيما أن فيضانات وسيولاً وانجرافات بالتربة تسببت بها بصورة كبيرة. ويستمرّ تأثير العاصفة على الحوض الشرقي للمتوسّط بعد استراحة قصيرة لها تخللتها انفراجات قليلة بعد ظهر أمس (الجمعة). ولتعود «لولو»، مساء اليوم، في جزئها الثاني، وتضرب لبنان بجولة جديدة ولكن أخف وطأة من جزئها الأول. «هذه العاصفة تندرج على لائحة أحوال الطقس المعتادة، التي يشهدها لبنان في فصل الشتاء»، يقول مارك وهيبة رئيس مركز «الرصد الجوي» في مطار بيروت. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن القسم الثاني من (لولو) يشهد انحساراً لقوة الرياح بحيث لا تتجاوز سرعتها 60 كيلومتراً بالساعة، مقابل 100 كيلومتر بالساعة، وهي السرعة التي بلغتها مع بداياتها مساء الثلاثاء 24 من الشهر الحالي. كما سنشهد تساقط الثلوج على علو 1000 متر، مما يبشّر بموسم تزلج قريب». وتزامن وصول «لولو» مع عطلة الأعياد، مما دفع بغالبية اللبنانيين إلى التزام أماكن سكنهم، خصوصاً أن طرقات كثيرة قُطِعت بسبب السيول والفيضانات. فكمية المياه التي تساقطت في العاصمة من جراء العاصفة بلغت 404 ملليمترات، متجاوزة المعدل العام بـ100 ملليمتر.
وراح اللبنانيون يقارنون ما بين «لولو» العاصفة، والأحوال السياسية المتأزمة في لبنان، فوصفها أحدهم بأنها «أقوى من دولتنا». فيما غرّد آخر: «هذه المرة الطرقات مقطوعة بفضل ضيفتنا (لولو)، وليس بسبب الثورة». وارتبطت تعليقات اللبنانيين حول «لولو» بمقاطع أغانٍ لفيروز حيناً «هيلا يا واسع» و«القدود الحلبية»، وحيناً آخر بـ«لولو بلولو شلة حبيبي». فيما تساءلت شريحة أخرى: «إذا (لولو) عملت هيك بالبلد، فماذا لو حلّ علينا طبوش بدلاً عنها؟»، غامزة من قناة قصص الرسوم المتحركة الشهيرة، «لولو وطبوش». وربطت نسبة من اللبنانيين ما يحصل على الأرض بسبب هذه العاصفة بالفساد المستشري في الوزارات المسؤولة عن فتح الطرقات الغارقة في المياه.
وعلَّق أحدهم، عبر صفحة «فيسبوك» الإلكترونية: «جاءت (لولو) تساند الثورة، ولتستكشف المزيد من قضايا الفساد في بلدنا».
وفاضت الطرق الرئيسية في البلاد بمياه الأمطار والصرف الصحي، مما أدى إلى زحمة سير خانقة في كل من خلدة جنوب بيروت وطريق المطار، وفي الضبية والدورة وجونيه شمال العاصمة. وفي منطقة السانسيمون في الجناح جنوب بيروت، أدت الأمطار الغزيرة وارتفاع الموج (4 أمتار) إلى إغراق البيوت فيها، وناشد السكان الأجهزة الرسمية طوال الليل المساعدة، بعد دخول المياه إلى بيوتهم وانتقالهم إلى المساجد القريبة منهم للمبيت فيها.
ووسط الأمطار الغزيرة، وتشكُّل السيول، وتساقط الثلوج على ارتفاع 1500 متر، صبَّ اللبنانيون غضبهم على المسؤولين، في ظل هشاشة البنى التحتية. وكانت كمية المياه المتساقطة تسببت بغرق المنازل وانهيارات مختلفة على الطرقات، وصلت إلى مدافن الموتى، في منطقة السوديكو. وليعلق أحدهم في تغريدة على «تويتر»: «اللبنانيون يموتون مرات متتالية حتى وهم تحت التراب». فيما غرّدت أخرى: «الحق مش على (لولو)، الحق على السياسيين المهملين اليوم اكتشفت انو حتى الميت في لبنان يتعذب». وتحت هاشتاغ «لبنان يغرق»، ربط اللبنانيون في تعليقاتهم ما بين العاصفة وموجة حراك «لبنان ينتفض». وكتب أحدهم: «وغرقان لتحت سابع محيط بحكومة كل شيء فيها معلب من دون تاريخ انتهاء الصلاحية»، فيما غرّد آخر تحت العنوان نفسه: «لبنان يغرق بالشتي وبالفساد وبالعمالة... لبنان ينتفض». العاصفة «لولو» التي وصلت إلى لبنان بسبب منخفض جوي يسود أوروبا ألقى بثقله أيضاً على بلدان أخرى مجاورة للبنان، كتركيا وسوريا والأردن. أما الجزء الثاني من هذه العاصفة «لولو2»، الذي تبدأ مفاعيله على الأرض، بعد ظهر اليوم، يترافق مع عواصف رعدية ورياح ناشطة خاصة خلال الفترة المسائية، مع تساقط زخات من البرد وثلوج على ارتفاع 1000 متر وما فوق. ويحذّر مركز الرصد الجوي في مطار بيروت من السيول وانجراف التربة.
موجة جديدة من العاصفة «لولو» تضرب لبنان
تتفوق بأخبارها على السياسة
موجة جديدة من العاصفة «لولو» تضرب لبنان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة