الأمم المتحدة ترصد زيادة كبيرة في النشاط الاستيطاني

TT

الأمم المتحدة ترصد زيادة كبيرة في النشاط الاستيطاني

قالت الأمم المتحدة في تقرير قُدم أمام جلسة لمجلس الأمن، أمس، إن عدد الوحدات الاستيطانية التي قُدمت خطط لبنائها في الأراضي الفلسطينية، أو تمت الموافقة عليها خلال العام الحالي بلغ 10 آلاف وحدة مقارنة بنحو 6800 في كل من العامين الماضيين.
وأضافت أنه «منذ 2016 جرى التخطيط أو تمت المصادقة على مخططات لإقامة أكثر من 22 ألف وحدة استيطانية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وصدرت مناقصات لإقامة 6 آلاف وحدة».
وناقش مجلس الأمن تقرير الأمين العام الثاني عشر المتعلق بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2334، الذي يغطي الفترة الواقعة بين 12 سبتمبر (أيلول) الماضي و6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وينص القرار على أن المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليست لها أي شرعية قانونية، وتُعتبر انتهاكاً صارخاً وفق القانون الدولي، وعقبة أساسية أمام تحقيق حل الدولتين والسلام العادل والشامل والدائم.
لكن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعلن الشهر الماضي أن المستوطنات في الأراضي المحتلة لا تنافي القانون الدولي، في خطوة مثيرة للجدل، لاقت غضباً فلسطينياً ورفضاً عربياً ودولياً. ويصر الفلسطينيون على إزالة المستوطنات بصفتها غير شرعية، لكن إسرائيل ترفض ذلك. ويوجد صراع كبير بين السلطة وإسرائيل حول هذه المستوطنات على الأرض وسياسيا وفي دول العالم. ونجح الفلسطينيون في حمل الاتحاد الأوروبي على وسم بضائع المستوطنات واستصدار مواقف منددة بالاستيطان.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، استدعت وزارة الخارجية الفلسطينية سفير البرازيل لديها فرانسيسكو ماورو أولند، لجلسة استيضاح لدى مساعدة وزير الخارجية، احتجاجاً على زيارة النائب البرازيلي إدواردو بولسونارو، نجل الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، لمستوطنة «بساجوت» الإسرائيلية في الضفة الغربية، محذّرة إياه من تأثير الزيارة «على العلاقة الطيبة التي تجمع البلدين». وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، بأن مساعدة الوزير أكدت في الجلسة أن «المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية، غير شرعية وغير قانونية، وزيارتها ما هي إلا خرق واضح للقانون الدولي، ولقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة».
وفي خطوة إسرائيلية مضادة، زار نحو 20 مندوباً من دول من جميع أنحاء العالم لدى الأمم المتحدة، المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، هذا الأسبوع للمرة الأولى. والجولة من ثمار التعاون بين «وحدة العلاقات الخارجية» لمجلس المستوطنات، ومندوب إسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون. والتقى السفراء رئيس مجلس المستوطنات يوسي دغان، ومن ثم تجولوا في مناطق متفرقة، إحداها كانت مصنعاً يقع في المنطقة الصناعية «بركان» قرب سلفيت، والتقوا مع عمال فلسطينيين يعملون هناك.
وانتقد مندوب مالاوي في الأمم المتحدة فراكس ماستر كلمسي ليجويا، بشدة قرار الاتحاد الأوروبي بوسم المنتجات المُصنّعة في مصانع تقع في المستوطنات الإسرائيلية. ومن بين المندوبين برز مندوب البوسنة والهرسك وبوروندي. وقال رئيس مجلس المستوطنات إن «معظم السياسيين لم يزوروا المنطقة. ومعظم الذين يأتون إلى هنا يغيرون آراءهم السلبية عن إسرائيل بعدما رأوا الحقيقة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».