دي ميستورا بعد اجتماعه بـ«حزب الله»: المجتمع الدولي قلق إزاء أمن لبنان

مصادر وزارية لـ {الشرق الأوسط}: نتوقع استمرار الهزات الأمنية دون تطورها إلى حرب

مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا خلال لقائه نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم في بيروت أمس (أ.ف.ب)
مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا خلال لقائه نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

دي ميستورا بعد اجتماعه بـ«حزب الله»: المجتمع الدولي قلق إزاء أمن لبنان

مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا خلال لقائه نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم في بيروت أمس (أ.ف.ب)
مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا خلال لقائه نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم في بيروت أمس (أ.ف.ب)

في تطور غير مسبوق منذ بدء الحراك الدولي الساعي للتوصل لحل سياسي للأزمة في سوريا، اجتمع المبعوث الأممي الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا بنائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم من منطلق أن الحزب «أحد الأطراف التي يمكن أن تساعد على الحل في المنطقة وخاصة في سوريا»، وتحدث دي ميستورا بعد اللقاء عن وجهات نظر «متوافقة» على أن الحل في سوريا يستند إلى الحل السياسي.
وعد قاسم أن «الدول الكبرى والإقليمية أضاعت 3 سنوات ونصفا من الوقت الذي كان مليئا بالأخطار والقتل والتشريد في الخيار الحربي والإقصائي»، مشددا على أن «الحل الوحيد المتاح في سوريا هو الحل السياسي بعيدا عن الشروط المسبقة وتجاوز الأطراف الفاعلين والمؤثرين في مثل هذا الحل». وأضاف: «على الجميع أن يتوقعوا تنازلات مؤلمة في هذا الإطار، لكنه الحل الوحيد المتاح ولا حل غيره».
ويشارك «حزب الله» بالقتال في الداخل السوري إلى جانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد منذ عام 2012. بحجة محاربة التكفيريين ومنع وصولهم إلى لبنان.
ونقل دي ميستورا إلى رئيس الحكومة تمام سلام قلق المجتمع الدولي من تدهور الأوضاع الأمنية في لبنان نتيجة استمرار الصراع في سوريا، فيما طمأنت مصادر وزارية إلى عدم وجود معطيات تفيد بانفجار أمني كبير في البلاد على غرار ما هو حاصل في سوريا والعراق.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «الهزات الأمنية مستمرة وخاصة على الحدود الشرقية، إلا أنها لن تتطور إلى حرب، فجهود وحشود التنظيمات المتطرفة منشغلة حاليا بكوباني والمحيط»، لافتة إلى أن «افتقار هذه المجموعات للغطاء السني في لبنان يشل حركتها».
وقال دي ميستورا بعد لقائه سلام في السراي الحكومي في وسط بيروت «نحن نحاول تسريع مسار فهمنا للمتغيرات في المنطقة في إطار متابعتنا للمسار السياسي للأزمة السورية نتيجة عوامل جديدة طرأت على المنطقة خصوصا ظهور (داعش)»، موضحا أنّه سيزور طهران وتركيا وموسكو ودولا أخرى بعد لبنان على أن تكون محطته الأخيرة في نيويورك.
وأشار دي ميستورا إلى أن المجتمع الدولي «قلق جدا حول استقرار لبنان الذي يدفع ثمنا باهظا على حدوده نتيجة الصراع المستمر في سوريا»، مضيفا: «نحن نعي بشكل كامل الأعباء التي يتحملها لبنان والشعب اللبناني في هذه المرحلة وننظر بقلق إلى ما حصل مؤخرا على الحدود وفي الوقت عينه نحن واثقون أن لبنان سيستطيع تجاوز هذه المرحلة». وشدّد على أن استقرار لبنان مهم جدا للمنطقة والمجتمع الدولي: «وطبعا هذا يعني أن المحيط السياسي في لبنان يجب أن يكون مستقرا في أسرع وقت ممكن من أجل لبنان قوي، والامتحان في مواجهة مرحلة مصيرية نأمل أن تؤدي إلى حل سياسي في سوريا».
وكان لبنان شهد منذ أغسطس (آب) الماضي أكثر من مواجهة بين الجيش اللبناني وعناصر تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» اللذين يختطفان 27 جنديا ويحتجزونهم في جرود بلدة عرسال شرقي البلاد.
وشهدت سلسلة جبال لبنان الشرقية وبالتحديد جرود بلدة بريتال مطلع الشهر الحالي اشتباكات عنيفة بين عناصر «النصرة» و«حزب الله» أدّت لمقتل 8 من عناصره.
وقرر أهالي العسكريين المختطفين الذين يعتصمون في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت منذ أكثر من أسبوع، بعد اجتماع عقدوه مع رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير تأجيل تصعيد تحركاتهم، علما بأنهم كانوا قد هددوا بأن يكون اليوم الجمعة «يوما أسود».
وأشار الأهالي إلى أنّهم لمسوا «جدية وإرادة وتصميما من الحكومة بمتابعة الملف رغم كل الشوائب التي تحصل وتؤثر سلبا عليه»، وقالوا إن «موضوع تصعيد التحرك مؤجل وسيبقى قائما بحسب الظروف.. ففي أي لحظة نتفاجأ فيها بتعثر المفاوضات، سيكون التصعيد سيد الموقف».
وبثت «جبهة النصرة» عبر موقع «تويتر» يوم أمس فيلما يظهر فيه الجندي عبد الله شحادة الذي أعلن انشقاقه عن الجيش قبل 5 أيام وهو بجانب سيارة هامفي عسكرية كان قد هرب بها وبداخلها رشاش دوشكا مع 4 آلاف طلقة إضافة إلى بندقية رشاشة وأعتدة عسكرية أخرى من بينها مناظير ليلية.
ودعا الجندي المنشق أمير «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني للدخول إلى لبنان لـ«مواجهة حزب الله والجيش التابع له»، وحثّ العسكريين السنة على الانشقاق بعتادهم وشددّ على وجوب التزام المواطنين اللبنانيين الدروز والمسيحيين بسياسة النأي بالنفس. وكان 5 جنود أعلنوا انشقاقهم عن الجيش في الأيام الماضية، انضم 2 منهم لـ«داعش» و3 لـ«جبهة النصرة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.