تعلم «الهيروغليفية» يجذب المصريين لفك رموز تاريخ أجدادهم

عبر دورات تنظمها مكتبة الإسكندرية

جانب من أحدث دورة لتعلم اللغة الهيروغليفية في مكتبة الإسكندرية  -  نقوش ورسومات معبد الأقصر
جانب من أحدث دورة لتعلم اللغة الهيروغليفية في مكتبة الإسكندرية - نقوش ورسومات معبد الأقصر
TT

تعلم «الهيروغليفية» يجذب المصريين لفك رموز تاريخ أجدادهم

جانب من أحدث دورة لتعلم اللغة الهيروغليفية في مكتبة الإسكندرية  -  نقوش ورسومات معبد الأقصر
جانب من أحدث دورة لتعلم اللغة الهيروغليفية في مكتبة الإسكندرية - نقوش ورسومات معبد الأقصر

أمام جدران أحد المعابد الفرعونية في الأقصر (جنوب مصر)، شعرت السيدة المصرية حنان عمار، بالدهشة والصدمة، وهي تشاهد سائحة أجنبية تحمل قاموساً لترجمة اللغة الهيروغليفية (لغة الفراعنة)، بينما وقفت هي عاجزة عن فهم لغة أجدادها. هذا الموقف دفع حنان عقب عودتها من الأقصر، لتعلم اللغة المصرية القديمة، لفك رموز تاريخ أجدادها بنفسها، ورغم أن رحلة البحث عن ورشة لتعلم اللغة الهيروغليفية لم تكن سهلة، باعتبارها لغة غير مستخدمة؛ فإنها وجدت ضالتها في مكتبة الإسكندرية، التي تقدم دورات منتظمة في تعلم اللغات القديمة، أبرزها الهيروغليفية.
ومنذ عام 2004، يقدم «مركز دراسات الخطوط»، التابع لقطاع البحث في مكتبة الإسكندرية، دورتين سنوياً لدراسة اللغة المصرية القديمة، شارك فيها نحو ألف شخص، وفقاً للدكتور أحمد منصور، مدير مركز الخطوط في المكتبة.
ويقول منصور لـ«الشرق الأوسط»، إن «المركز يقدم دعماً إضافياً للدارسين والجمهور، من خلال موقع (تعلم الهيروغليفية خطوة بخطوة)، وهو موقع تعليمي إلكتروني يحتوي على تطبيق لقاموس الهيروغليفية، لأول مرة في العالم، حيث يمكن للمستخدم الحصول على معاني الكلمات بالهيروغليفية والعربية والإنجليزية».
من داخل قاعة تعلم اللغة الهيروغليفية في مكتبة الإسكندرية، تروي حنان عمار لـ«الشرق الأوسط»، تجربتها في دراسة اللغة المصرية القديمة قائلة: «في الوقت الذي يتباهى فيه المصريون بأنهم أحفاد الفراعنة، فإنهم لا يعرفون عن لغتهم شيئاً، ويظنون أنها مقتصرة على الباحثين والمتخصصين فقط، لكن الآن يمكن تغيير الوضع».
وأوضحت أنها تشارك في دورة تعلم الهيروغليفية مع نجلها «لأنه شغوف مثلي بهذه اللغة وبالحضارة المصرية القديمة»، ولفتت إلى أنها «تشعر بالسعادة لأن نجلها تمكّن من قراءة بعض الكلمات خلال رحلة قام بها لمنطقة أثرية في منطقة سقارة بالجيزة».
وتسعى عمار حالياً إلى توظيف عملها أستاذة في كلية الفنون الجميلة، لإحياء اللغة الهيروغليفية، وتشجيع زملائها وطلابها على دراستها، خصوصاً أن حروف اللغة القديمة تعتمد على رسومات منقوشة، وهو ما يتناسب مع دراسة الطلاب الفنية.
دورة تعلم اللغة الهيروغليفية تُقدّم لمدة 24 ساعة مقسمة على 10 محاضرات نظرية داخل مكتبة الإسكندرية، بينما تأتي المحاضرة الأخيرة لتكون بمثابة التدريب العملي، حيث تتدرب المجموعة على قراءة النصوص الهيروغليفية على الآثار داخل متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية.
سالي فايد، باحثة دكتوراه في كلية الفنون الجميلة، وإحدى المستفيدات من الدورة، تقول إنها بعد انتهائها من دراسة المستوى الأول، زارت المتحف القومي في الإسكندرية، وتمكّنت من فك بعض الرموز والنقوش، لأول مرة في حياتها، مشيرة إلى دهشتها بعد اكتشافها تكامل اللغة الهيروغليفية، وليس، كما يظن البعض، مجرد رسومات فقط، لذلك فإنها تحتاج إلى مجهود كبير حتى تتمكن من إتقان كل ذلك.
أما أسماء محمد، فحضرت الورشة لكي تطور من إمكاناتها في مجال دراستها كباحثة في الآثار المصرية قائلة: «جئتُ لكي أطوّر من نفسي وأحصل على المعلومات بشكل معمق عن الدراسة الجامعية، وهو ما وجدته خلال الورشة بالفعل»، مضيفة: «آمل أن تمنحني هذه الورشة ميزة إضافية تساعدني مستقبلاً في عملي بمجال التنقيب الأثري».
واستخدمت الهيروغليفية، كنمط كتابة رسمي، لتسجيل الأحداث على المعالم والنصوص الدينية على جدران المعابد والمقابر وأسطح التماثيل والألواح الحجرية المنقوشة والألواح الخشبية الملونة، وبسبب طبيعتها، كانت تُعدّ منذ القدم نظاماً للكتابة وفناً جميلاً في آن واحد، على غرار الخط العربي، وتُعدّ كتابة الأسماء من أهم الكتابات عند المصريين القدماء، لأنهم كانوا يعتقدون أنه للبعث في الحياة الآخرة لا بد من المحافظة على اسم الشخص، إلى جانب المحافظة على جثمانه، وضياع الاسم يعتبر الفناء الكامل. وكانوا يكتبون كذلك وظائفهم بجانب أسمائهم على الجدران والمقابر والتوابيت والألواح.
من جانبه، يقول محاضر اللغة الهيروغليفية ومقدم الدورة الدكتور أحمد حمدي عبد المنعم، أستاذ الحضارة المصرية القديمة في كلية الآداب، جامعة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدورات تهدف إلى تعريف الناس باللغة المصرية القديمة، مع التركيز على تدريس الخط الهيروغليفي لأنه الخط الأقدم الذي انبثقت منه باقي الخطوط المصرية الأخرى، فضلاً عن كونه الخط الذي كُتب به على جدران المعابد»، مبيناً أن مدة الورشة المتكاملة ثلاثة أشهر مقسمة على ثلاثة مستويات، يتمكن بعدها الدارس من قراءة بعض النصوص على الجدران في المعابد المصرية القديمة»، موضحاً أن أغلب المتدربين الذين يقصدون الدورة من غير المتخصصين، وهو ما يجعله يشعر بالسعادة لوجود شغف لدى البعض للتعرف على لغتهم القديمة: «استيعاب المتدربين جيد لأن لديهم شغفاً بالتعلم، ودافعاً لكي لا يروا لغتهم القديمة مجرد نقوش وألغاز».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.