أوروبا والكنيسة تحذران من «خروج الوضع عن السيطرة» في بوليفيا

موراليس يعلن تأييده عقد طاولة حوار والحكومة المؤقتة تلتزم الصمت

الأصابع على الزناد في الأزمة البوليفية... والمفوّضية الأوروبية تشكّل «خلية أزمة» لمتابعة الوضع قبل فوات الأوان (أ.ف.ب)
الأصابع على الزناد في الأزمة البوليفية... والمفوّضية الأوروبية تشكّل «خلية أزمة» لمتابعة الوضع قبل فوات الأوان (أ.ف.ب)
TT

أوروبا والكنيسة تحذران من «خروج الوضع عن السيطرة» في بوليفيا

الأصابع على الزناد في الأزمة البوليفية... والمفوّضية الأوروبية تشكّل «خلية أزمة» لمتابعة الوضع قبل فوات الأوان (أ.ف.ب)
الأصابع على الزناد في الأزمة البوليفية... والمفوّضية الأوروبية تشكّل «خلية أزمة» لمتابعة الوضع قبل فوات الأوان (أ.ف.ب)

بعد النداء الذي وجّهه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرّيش إلى الحكومة البوليفية الجديدة والقوى المؤيدة للرئيس المستقيل إيفو موراليس من أجل التهدئة والحوار لحل الأزمة التي تدفع بالبلاد نحو صدام أهلي مفتوح، دخل الاتحاد الأوروبي على خط المعالجة بالتعاون مع الكنيسة الكاثوليكية التي دعت طرفي النزاع إلى الجلوس حول طاولة الحوار في أسرع فرصة «قبل أن يخرج الوضع عن السيطرة» كما جاء في بيان صادر عن مؤتمر الأساقفة البوليفيين في العاصمة لاباز.
وكانت المفوّضية الأوروبية قد شكّلت «خلية أزمة» لمتابعة الوضع في بوليفيا، ودعت ممثلين عن الحكومة المؤقتة وعن حزب «التيّار نحو الاشتراكية» المؤيد لموراليس وعن عدد من منظمات المجتمع المدني، إلى اجتماع من أجل الاتفاق على تجديد أعضاء المحكمة الانتخابية العليا وتحديد موعد لإجراء الانتخابات، وذلك بعد أسابيع من الاضطرابات وأعمال العنف التي أوقعت ما يزيد على 24 قتيلاً.
وتظاهر أنصار موراليس وأغلقوا الشوارع للمطالبة برحيل الرئيسة الموقتة. وأعلنت الشرطة وفاة أحد عناصرها بعدما هاجمه حشد خلال اقتحام مركز للشرطة، ما يرفع إلى 24 عدد القتلى خلال نحو شهر من النزاع. ورفع كثير من المتظاهرين، ومعظمهم من السكان الأصليين مثل موراليس، علمهم، وهم يرون أن استقالته لم تكن سوى «انقلاب». وكتب على لافتة رفعها المحتجون: «احترموا الحياة. لا للرصاص»، مشيرين بذلك إلى مقتل 9 من مزارعي الكوكا في ساكابا بالقرب من كوتشابامبا معقل موراليس، في صدامات مع الشرطة والجيش. وغذى غضب المتظاهرين مرسوم أصدرته الرئيسة جانين آنييز ينص على إعفاء قوات الأمن من الملاحقات الجزائية خلال ممارستها مهامها. ورأى بعض البوليفيين أن هذا النص يشبه «تصريحاً بالقتل»، بينما طالبت منظمة العفو الدولية الاثنين بإلغائه.
وعبر موراليس في تغريدة على «تويتر» عن استيائه الشديد. وقال: «بدلاً من العمل على إحلال السلم» تقوم السلطات الجديدة «بإصدار أوامر لإهانة وقمع إخوتنا الذين يدينون انقلاباً».
وفي حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط» قال جان آرنو، المستشار الدبلوماسي للأمين العام للأمم المتحدة: «بوليفيا تقف على حافة الهاوية بسبب الأزمة المستعصية بين المؤسسات، والاحتجاجات التي تتفاقم خطورتها، والقمع الذي تمارسه الأجهزة الأمنية، وأعمال العنف والتخريب التي عمّت مناطق كثيرة من البلاد». وأضاف آرنو، الذي يملك خبرة واسعة في معالجة الأزمات السياسية في أميركا اللاتينية والكاريبي: «ننسّق مع الاتحاد الأوروبي والكنيسة البوليفية لعقد طاولة حوار قبل خروج الوضع عن السيطرة، لأن التقارب بين الأطراف المتنازعة والحوار هما السبيل الوحيد لحل الأزمة». وجاء في بيان صدر عن مؤتمر الأساقفة البوليفيين: «لا مفرّ من الحوار لتجاوز الخلافات والتجاوب مع الدعوة إلى عقده في أقرب فرصة ممكنة. والانتخابات الشفّافة والنزيهة هي السبيل الوحيد للخروج من الأزمة بالطرق السلمية والديمقراطية». وفيما أعلن الرئيس السابق إيفو موراليس من المكسيك حيث لجأ مطلع الأسبوع الماضي عن تأييده الحوار الذي كان قد ناشد الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والكنيسة الكاثوليكية المساعدة على تنظيمه، لم يصدر بعد عن الحكومة المؤقتة أي موقف واضح بشأنه.
يذكر أن الحكومة، التي وضعت الدعوة لإجراء انتخابات جديدة على رأس أولوياتها، لم تعلن عن موعد لهذه الانتخابات بحجّة عدم التمكّن من تجديد أعضاء المحكمة الانتخابية في البرلمان الذي تسيطر على أغلبية مقاعده القوى المؤيدة لموراليس.
وأمهلت 6 نقابات لمزارعي الكوكا في شاباري بالقرب من معقل موراليس، الرئيسة آنييز مساء السبت 48 ساعة للاستقالة، وطالبوا السلطة التشريعية بالموافقة على قانون «يضمن إجراء انتخابات وطنية خلال 90 يوماً». ولإسماع صوتهم، يغلق بعض المتظاهرين الطرق المؤدية إلى لاباز التي يبلغ عدد سكانها 80 ألف نسمة وتضم المناطق الزراعية التي تغذي العاصمة الإدارية.
من جهته، دعا كارلوس ميسا، المرشّح الذي نافس موراليس على الرئاسة في الانتخابات الأخيرة، الحكومة إلى إصدار مرسوم تشريعي بتجديد أعضاء المحكمة وتحديد موعد للانتخابات الرئاسية والعامة.
ومن التطورات السياسية التي زادت من تعقيد الأزمة المؤسسية، أن حزب «التيّار نحو الاشتراكية» الذي يسيطر على ثلثي أعضاء البرلمان، ما زال يصرّ على أن ما حصل كان انقلاباً على الشرعيّة، فيما يدلي موراليس من المكسيك بتصريحات يدعو فيها إلى الحوار ويعرب عن استعداده للعودة ويتعهد بعدم الترشّح للرئاسة مجدداً. وكانت جهات الوساطة الثلاث؛ الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والكنيسة الكاثوليكية، قد ناشدت وسائل الإعلام والشخصيات النافذة في أوساط الرأي العام «خفض نبرة المواقف والتصريحات لتسهيل الحوار والتفاهم بين الجميع»، بعد التصعيد الذي تميّزت به مواقف أنصار موراليس والخطوات الأولى للحكومة في الأيام الأخيرة.
يذكر أن الحكومة المؤقتة قد أقدمت على خطوات سياسية بعيدة المدى، مثل قطع العلاقات مع نظام مادورو في فنزويلا والاعتراف بخوان غوايدو. كما أعلن وزير الداخلية آرتورو موريّو، الرجل القوي في الحكومة الجديدة، عزمه على ملاحقة سلفه الذي اتهمه بتدبير اغتيالات والقيام بأعمال إجرامية. وزاد في حدّة التوتر ما أعلنه أمس موريّو عن مخطط لاغتيال الرئيسة الجديدة جانين آنييز عندما قال: «قرّرنا إلغاء الزيارة التي كانت الرئيسة تستعد للقيام بها إلى مسقط رأسها، بعد الكشف عن مجموعة إجرامية كانت تخطط لاغتيالها».
وقد علمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية أوروبية أن الاتحاد الأوروبي يسعى منذ أيام، بالتنسيق مع الحكومة المكسيكية والأمم المتحدة، إلى إقناع الحكومة البوليفية المؤقتة بعدم ملاحقة الرئيس المستقيل إيفو موراليس في حال عودته إلى البلاد، لاعتبارها أن عودته من شأنها أن تساهم في تهدئة الأجواء بين صفوف أنصاره الذين يرفضون التطورات التي أدت إلى استقالته وتنصيب الحكومة الجديدة. وكانت الرئيسة المؤقتة قد صرّحت أنه بإمكان موراليس العودة إلى بوليفيا، لكن عليه أن يمثل أمام القضاء في تهم موجّهة ضده بالفساد المالي وتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية. وكان موراليس قد أعلن أنه مستعد للعودة، متعهداً بعدم الترشح مجدداً لرئاسة الجمهورية التي تولّاها 3 مرات متتالية.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».