التراسل النصّي أو البريد الإلكتروني: أيهما أكثر أماناً؟

رسائل إلكترونية يمكن اعتراضها وتطبيقات هاتفية مشفرة

التراسل النصّي أو البريد الإلكتروني: أيهما أكثر أماناً؟
TT

التراسل النصّي أو البريد الإلكتروني: أيهما أكثر أماناً؟

التراسل النصّي أو البريد الإلكتروني: أيهما أكثر أماناً؟

«واتساب»، رسالة نصيّة، أو بريد إلكتروني... أي من هذه الوسائل هي الخيار الأكثر أمانا للمحادثات الحسّاسة؟
تختلف درجات الخصوصية أو الحماية بين منصّات المحادثة والتواصل، وهناك بعض الإجراءات الوقائية التي يمكنكم تطبيقها. وتقول أبل مثلا على موقعها الإلكتروني إنّ التشفير يستخدم لحماية تريليونات التحويلات الإلكترونية يومياً للتبضّع، وتسديد الفواتير، والتواصل عبر برامج كخاصّتها «آي مسج» أو «فيس تايم»، أو «واتساب» الذي تملكه «فيسبوك». وتضيف أبل أنّ التشفير «يحوّل بياناتكم إلى نصوص غير مفهومة».
- البريد الإلكتروني
كيف تشفّرون اتصالاتكم؟ في البداية لندقق في البريد الإلكتروني.
> مراسلات مكشوفة. إنّ الرسائل التي تُكتب بواسطة برامج إلكترونية شعبية كـ«جي ميل» من غوغل والنسخة المجّانية من «آوتلوك» أو «ياهو ميل» لا تتعرّض للتشفير غيابياً، والأمر نفسه يسري على الرسائل الحكومية وتلك المنصوصة في الشركات. لإرسال بريد إلكتروني مشفّر عبر «جي ميل»، توجد وسيلتان ولكنهما تتيحان لكم التواصل مع مستخدمي «جي ميل» أو برنامج مساعد يتبع لطرف ثالث فقط.
يقول ميكا لي، مدير أمن المعلومات في موقع «إنترسبت» إنّ «برنامجي التراسل الإلكتروني المجّانيين يتسمان بسهولة التعقّب من قبل الأجهزة القضائية أو الشركات التي توفّر هذه الأدوات، لا سيما أن وسيلة البريد الإلكتروني هي الأسهل للتجسّس».
يقول لي إنّ «على الناس ألّا يستخدموا جهازاً يعود إلى شركة، لأنّ الكثير منها يملك برامج تجسس قادرة على التقاط صور لما تقومون به على شاشة جهازكم. يجب استخدام الهاتف الشخصي فقط».
> مراسلات مشفرة. لهذا السبب، تعمد شركات ناشئة كثيرة اليوم إلى تقديم خدمات بريد إلكتروني مشفّرة، ومنها «بروتون» Proton في سويسرا، بينما تتيح شركة مايكروسوفت إمكانية تشفير «آوتلوك» (مقابل خدمة اشتراك)، ولكنّ الأمر معقّد، إذ يتطلّب منكم تحويل الرسالة إلى كلام غير مفهوم ومن ثم إن ترسلوا «مفتاحاً رقمياً» للمتلقّي لفكّ قفل الرسالة وجعلها مقروءة، أي أنّكم يجب أن تعودوا إلى الهاتف وتؤمّنوا نصوص الرسائل المتبادلة.
- تشفير هاتفي
> جوالات سامسونغ. في حال كنتم تستخدمون هاتفا من سامسونغ، تقدّم لكم الشركة ميزة لتشفير البيانات بعد إنتاجها وتخزينها على بطاقة SD خارجية تستخدم مع هواتف غالاكسي. لاستخدام هذه الميزة في الرسائل النصية، حمّلوا تطبيق «الرسائل» Messages app من آندرويد وانقلوها إليه. ولكن يجب أن تعلموا أنّكم وفور تشفير هذه البيانات، ستكونون قادرين على فكّ تشفير البيانات على الجهاز نفسه فقط، وأنّكم، بحسب سامسونغ، لن تستطيعوا قراءتها على جهاز آخر.
> آيفون يحتوي أيضاً على ميزة تمنع القوى الخارجية كجهات إنفاذ القانون أو الحكومة من استخدام أدوات USB للوصول إلى محتوى هاتفكم ووضع يدها على بياناتكم غير المشفّرة. لاستخدامها، اذهبوا إلى «إعدادات»، انقروا على «هويّة اللمس ورمز المرور» وابحثوا عن «إكسسوارات USB A» في أسفل اللائحة، لتعطيلها ومنع إكسسوارات USB من الاتصال بالآيفون عندما يكون مقفلاً لأكثر من ساعة.
> الرسائل النصيّة التقليدية. تفيد أبل بأنّ الرسائل النصيّة التي ترسل من هاتف آيفون (الأكثر استخداماً في الولايات المتحدة)، إلى آيفون آخر تخضع للتشفير، أي أنّها غير قابلة للقراءة دون فكّ رموزها. وتضيف الشركة أنّ الرسائل النصية المخزّنة في خدماتها السحابية ستكون مشفّرة أيضاً طالما أنّ المستخدم اعتمد على المصادقة الثنائية العوامل في تسجيل دخوله. ولكن تجدر الإشارة إلى أنّ عدم امتلاك الطرف الآخر لهاتف آيفون يعني أنّ الرسالة لم تعد مشفّرة. (يلفت لي إلى أنّ هواتف آندرويد لا تشفّر الرسائل النصيّة بشكل غيابي، ولكنّها كما سبق وقال، تدعمها عبر نسخها في بطاقة خارجية وتعمل على تشفير البيانات يدوياً).
- تطبيقات مشفرة
تطبيقات المحادثة المشفّرة. «سيغنال Signal»: «واير Wire»: «راكوتن فايبر Rakuten Viber»، وواتساب هي تطبيقات شعبية يمكنكم استخدامها في حال كنتم تبحثون عن محادثات مكتوبة ومحكية آمنة. ونعم،. واتساب نفسه المملوك من شركة «فيسبوك» التي اعتذرت مرات كثيرة عن اختراقات أمنية متكرّرة.
> واتساب هو برنامج المحادثة الأكثر شعبية في العالم، حيث إنه مستخدم من قبل أكثر من مليار شخص، فإن احتمال استعماله من قبل الطرف الآخر سيكون مرتفعا جداً. ويعتبر لي هذا الأمر بمثابة المكافأة الكبيرة كونكم ستتمكنون من التواصل بحريّة وخصوصية، مما يدفع الشركة إلى التباهي على موقعها بكيفية تشفير الرسائل على هذا التطبيق وعدم قدرة موظّفي الشركة على قراءتها.
ولكنّ الخبير لي يؤكّد أنّ شركة «فيسبوك» تصل فعلاً إلى بياناتكم الوصفية وتستطيع تحديد هوية الأشخاص الذين تتواصلون معهم، ووقت المحادثات.
> إما «سيغنال»، فإنه لا يعاني من مشاكل ملكيّة «فيسبوك» ويعتبر التطبيق الأمثل لمن يبحثون عن أكثر أشكال الاتصال أماناً. هذا الأمر دفع بإدوارد سنودن، كاشف الفساد الأميركي السابق والذي يختبئ في روسيا منذ عام 2013 يقدّم توصية على الصفحة الأساسية لـ«سيغنال».
تقول الشركة المالكة للتطبيق إنّ «رسائل سيغنال واتصالاته مشفّرة دائماً ومهندَسة بدقّة للحفاظ على أمن اتصالاته. لا يمكننا الاطلاع على رسائلكم أو اتصالاتكم، ولا أحد يقدر». وتقول الشركة أيضاً إنّها لا تقبل الإعلانات وإنّها مدعومة بمنح وتبرّعات.
> «واير». من جهتها، تقول الشركة الألمانية المطوّرة لـ«واير» إنّها تؤمّن «الأمن الأقوى» لكياناتها وموظفيها، ولكنّ تطبيقها ليس مجّانياً، ويبدأ اشتراكه من 6.50 دولار في الشهر. وتضيف أنّ «التشفير الكامل يمنح المستخدم الثقة ليتكلّم، ويرسل الرسائل، ويشارك المحتوى ضمن فريق ومع عملاء، عبر تطبيق واحد متوفّر لجميع الأجهزة».
> فايبر. وأخيراً، تشير الشركة المطوّرة لتطبيق «راكوتن فايبر» على موقعها إلى أنّها تقدّم ميزة «المحادثة السرية» التي تزوّد المستخدمين بمؤقّت للتدمير الذاتي، أي أنّه كما في فيلم «مهمّة مستحيلة» وتطبيق سنابتشات، يعمد إلى حذف الرسائل منه أوتوماتيكياً بعد قراءتها.
> «مسنجر» من «فيسبوك». لا تتعرّض الرسائل في هذا التطبيق للتشفير الغيابي، ولكنّها يمكن أن تصبح كذلك. تقدّم شركة «فيسبوك» ميزة اسمها «محادثة سريّة» للتراسل السرّي، ولكنّ فعاليتها تتطلّب تشغيلها من قبل أطراف الحديث. (انقروا على كلمة «سرّ» في أعلى يمين الشاشة في هاتف آيفون أو على رمز القفل في آندرويد).
يمكن لطرفي الحديث أن يتحقّقا من موثوقية التطبيق خلال المحادثة من خلال مفاتيح الهويّة الرقمية (المخزّنة باسم الشخص) والتأكّد من أنّها متطابقة.
ولكن تبقى الخصوصية خاضعة لمستخدم الهاتف، حيث إن الطرف الآخر للمحادثة المشفّرة يستطيع بسهولة تصوير الرسائل ونشرها. من جهتها، تؤكّد شركة «فيسبوك» أنّ الرسائل خاصّة «بكم وبالشخص الآخر، وليس بأي طرف ثالث، والأمر يشمل الشركة وموظفيها».
في الوقت الحالي، يكشف الخبير لي أنّه يتفهّم السبب الكامن خلف استخدام الدبلوماسيين للتراسل النصي «لأنّه أسرع وأكثر فعالية. فمن قد يودّ انتظار وصول البريد الإلكتروني؟»
- خدمة «يو إس إيه توداي».


مقالات ذات صلة

لصلتها بأوكرانيا... قراصنة روس يستهدفون شركة هندسة أميركية

أوروبا النتائج تعكس الأدوات والتكتيكات المتطورة للحرب الإلكترونية الروسية (رويترز)

لصلتها بأوكرانيا... قراصنة روس يستهدفون شركة هندسة أميركية

كشف محققون في شركة أميركية للأمن السيبراني، اليوم الثلاثاء، عن أن قراصنة إنترنت يعملون لصالح الاستخبارات الروسية هاجموا شركة هندسة أميركية هذا الخريف.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا شعار شركة «ستارلينك» للاتصال المباشر عبر الأقمار الصناعية (أ.ف.ب)

«ستارلينك» تطلق الاتصال المباشر للهواتف في أوكرانيا ولأول مرة في أوروبا

قالت شركة «كييف ستار»، أكبر مشغل للهواتف المحمولة في أوكرانيا، إنها أصبحت أول شركة في أوروبا تطلق تقنية «ستارلينك» للاتصال المباشر عبر الأقمار الصناعية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
تكنولوجيا شعار "إكس" (أرشيفية)

نت بلوكس: منصة «إكس» تواجه انقطاعات على مستوى العالم

قالت منظمة مراقبة الإنترنت (نت بلوكس) اليوم الأحد إن منصة إكس للتواصل الاجتماعي تشهد في الوقت الحالي انقطاعات على مستوى العالم.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
تكنولوجيا شعار شركة «كلاود فلير» (رويترز)

ما هي «كلاود فلير»؟ الخدمة الخفية وراء تعطل مواقع ومنصات عالمية اليوم

تُعرف «كلاود فلير» بأنها الشركة التي تُسيطر على جزء كبير من الإنترنت بشكل غير مرئي، وازدادت شهرتها بشكل ملحوظ صباح اليوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا للحفاظ على سلامتك تنصح «غوغل» بتجنب شبكات «واي فاي» العامة إلا للضرورة القصوى (الشرق الأوسط)

لماذا أصدرت غوغل تحذيراً بشأن استخدام شبكات «الواي فاي» العامة؟

بعد إصدار غوغل تحذيراً لمستخدمي شبكات «الواي فاي» العامة، أشارت الشركة إلى أن هذه الشبكات المجانية غالباً ما تكون غير آمنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ماسك ينفي تقارير عن تقييم «سبيس إكس» بمبلغ 800 مليار دولار

ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
TT

ماسك ينفي تقارير عن تقييم «سبيس إكس» بمبلغ 800 مليار دولار

ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)

نفى الملياردير ورائد الأعمال الأميركي إيلون ماسك، السبت، صحة تقارير إعلامية أفادت بأن شركة «سبيس إكس» للفضاء ستبدأ بيع أسهم ثانوية من شأنها أن تقدر قيمة الشركة بنحو 800 مليار دولار، واصفاً إياها بأنها غير دقيقة.

وأضاف ماسك على منصة «إكس»: «لقد كانت تدفقات (سبيس إكس) النقدية إيجابية لسنوات عديدة وتقوم بعمليات إعادة شراء أسهم دورية مرتين في السنة لتوفير السيولة للموظفين والمستثمرين».


بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
TT

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)

اختُتمت في ملهم شمال الرياض، الخميس، فعاليات «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025»، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة «تحالف»، عقب 3 أيام شهدت حضوراً واسعاً، عزّز مكانة السعودية مركزاً عالمياً لصناعة الأمن السيبراني.

وسجّلت نسخة هذا العام مشاركة مكثفة جعلت «بلاك هات 2025» من أبرز الفعاليات السيبرانية عالمياً؛ حيث استقطب نحو 40 ألف زائر من 160 دولة، داخل مساحة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة، إلى جانب 300 متحدث دولي، وأكثر من 200 ساعة محتوى تقني، ونحو 270 ورشة عمل، فضلاً عن مشاركة 500 متسابق في منافسات «التقط العلم».

كما سجّل المؤتمر حضوراً لافتاً للمستثمرين هذا العام؛ حيث بلغت قيمة الأصول المُدارة للمستثمرين المشاركين نحو 13.9 مليار ريال، الأمر الذي يعكس جاذبية المملكة بوصفها بيئة محفّزة للاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني، ويؤكد تنامي الثقة الدولية بالسوق الرقمية السعودية.

وأظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين 4100 متسابق، و1300 شركة عالمية، و1300 متخصص في الأمن السيبراني، في مؤشر يعكس اتساع التعاون الدولي في هذا القطاع داخل المملكة.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، بما يُسهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي، وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة.

وقال خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز لـ«الشرق الأوسط»: «إن (بلاك هات) يُحقق تطوّراً في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات».

أظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية (بلاك هات)

وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد بنحو 27 في المائة على العام الماضي».

وسجّل «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا» بنهاية نسخته الرابعة، دوره بوصفه منصة دولية تجمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني، وتتيح تبادل المعرفة وتطوير الأدوات الحديثة، في إطار ينسجم مع مسار السعودية نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».


دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
TT

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة «كاسبرسكي» في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، ونُشرت نتائجها خلال معرض «بلاك هات 2025» في الرياض، واقعاً جديداً في بيئات العمل السعودية.

فقد كشف الاستطلاع، الذي حمل عنوان «الأمن السيبراني في أماكن العمل: سلوكيات الموظفين ومعارفهم»، أن نصف الموظفين فقط في المملكة تلقّوا أي نوع من التدريب المتعلق بالتهديدات الرقمية، على الرغم من أن الأخطاء البشرية ما زالت تمثل المدخل الأبرز لمعظم الحوادث السيبرانية.

وتشير هذه النتائج بوضوح إلى اتساع فجوة الوعي الأمني، وحاجة المؤسسات إلى بناء منظومة تدريبية أكثر صرامة وشمولاً لمختلف مستويات الموظفين.

تكتيكات تتجاوز الدفاعات التقنية

تُظهر البيانات أن المهاجمين باتوا يعتمدون بشكل متزايد على الأساليب المستهدفة التي تستغل الجانب النفسي للأفراد، وعلى رأسها «الهندسة الاجتماعية».

فعمليات التصيّد الاحتيالي ورسائل الانتحال المصممة بعناية قادرة على خداع الموظفين ودفعهم للإفصاح عن معلومات حساسة أو تنفيذ إجراءات مالية مشبوهة.

وقد أفاد 45.5 في المائة من المشاركين بأنهم تلقوا رسائل احتيالية من جهات تنتحل صفة مؤسساتهم أو شركائهم خلال العام الماضي، فيما تعرّض 16 في المائة منهم لتبعات مباشرة جراء هذه الرسائل.

وتشمل صور المخاطر الأخرى المرتبطة بالعنصر البشري كلمات المرور المخترقة، وتسريب البيانات الحساسة، وعدم تحديث الأنظمة والتطبيقات، واستخدام أجهزة غير مؤمنة أو غير مُشفّرة.

الأخطاء البشرية مثل كلمات المرور الضعيفة وتسريب البيانات وعدم تحديث الأنظمة تشكل أبرز أسباب الاختراقات (شاترستوك)

التدريب... خط الدفاع الأول

ورغم خطورة هذه السلوكيات، يؤكد الاستطلاع أن الحد منها ممكن بدرجة كبيرة عبر برامج تدريب موجهة ومستمرة.

فقد اعترف 14 في المائة من المشاركين بأنهم ارتكبوا أخطاء تقنية نتيجة نقص الوعي الأمني، بينما أشار 62 في المائة من الموظفين غير المتخصصين إلى أن التدريب يعدّ الوسيلة الأكثر فاعلية لتعزيز وعيهم، مقارنة بوسائل أخرى مثل القصص الإرشادية أو التذكير بالمسؤولية القانونية.

ويبرز هذا التوجه أهمية بناء برامج تدريبية متكاملة تشكل جزءاً أساسياً من الدفاع المؤسسي ضد الهجمات.

وعند سؤال الموظفين عن المجالات التدريبية الأكثر أهمية لهم، جاءت حماية البيانات السرية في صدارة الاهتمامات بنسبة 43.5 في المائة، تلتها إدارة الحسابات وكلمات المرور (38 في المائة)، وأمن المواقع الإلكترونية (36.5 في المائة).

كما برزت موضوعات أخرى مثل أمن استخدام الشبكات الاجتماعية وتطبيقات المراسلة، وأمن الأجهزة المحمولة، والبريد الإلكتروني، والعمل عن بُعد، وحتى أمن استخدام خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

واللافت أن ربع المشاركين تقريباً أبدوا رغبتهم في تلقي جميع أنواع التدريب المتاحة، ما يعكس حاجة ملحة إلى تعليم شامل في الأمن السيبراني.

«كاسبرسكي»: المؤسسات بحاجة لنهج متكامل يجمع بين حلول الحماية التقنية وبناء ثقافة أمنية تُحوّل الموظفين إلى خط دفاع فعّال (شاترستوك)

تدريب عملي ومتجدد

توضح النتائج أن الموظفين مستعدون لاكتساب المهارات الأمنية، لكن يُشترط أن تكون البرامج التدريبية ذات طابع عملي وتفاعلي، وأن تُصمَّم بما يتناسب مع أدوار الموظفين ومستوى خبراتهم الرقمية. كما ينبغي تحديث المحتوى بانتظام ليتوافق مع تطور التهديدات.

ويؤدي تبني هذا النهج إلى ترسيخ ممارسات يومية مسؤولة لدى الموظفين، وتحويلهم من نقطة ضعف محتملة إلى عنصر دفاعي فاعل داخل المؤسسة، قادر على اتخاذ قرارات أمنية واعية وصد محاولات الاحتيال قبل تصعيدها.

وفي هذا السياق، يؤكد محمد هاشم، المدير العام لـ«كاسبرسكي» في السعودية والبحرين، أن الأمن السيبراني «مسؤولية مشتركة تتجاوز حدود أقسام تقنية المعلومات».

ويشير إلى أن بناء مؤسسة قوية يتطلب تمكين جميع الموظفين من الإدارة العليا إلى المتدربين من فهم المخاطر الرقمية والتصرف بوعي عند مواجهتها، وتحويلهم إلى شركاء حقيقيين في حماية البيانات.

تقوية دفاعات المؤسسات

ولتقوية دفاعاتها، تنصح «كاسبرسكي» أن تعتمد المؤسسات نهجاً متكاملاً يجمع بين التكنولوجيا والمهارات البشرية واستخدام حلول مراقبة وحماية متقدمة مثل سلسلة «Kaspersky Next» وتوفير برامج تدريبية مستمرة مثل منصة «كاسبرسكي» للتوعية الأمنية الآلية، إضافة إلى وضع سياسات واضحة تغطي كلمات المرور وتثبيت البرمجيات وتجزئة الشبكات.

وفي الوقت نفسه، يساعد تعزيز ثقافة الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة ومكافأة السلوكيات الأمنية الجيدة في خلق بيئة عمل أكثر يقظة واستعداداً.

يذكر أن هذا الاستطلاع أُجري في عام 2025 بواسطة وكالة «Toluna»، وشمل 2,800 موظف وصاحب عمل في سبع دول، بينها السعودية والإمارات ومصر، ما يقدم صورة إقليمية شاملة حول مستوى الوعي والتحديات المرتبطة بالأمن السيبراني في أماكن العمل.