أوامر توقيف لمدبري انقلاب «الإخوان» في السودان

TT

أوامر توقيف لمدبري انقلاب «الإخوان» في السودان

أصدرت النيابة العامة السودانية أوامر قبض وحظر سفر ضد منفذي انقلاب «الإنقاذ» في يونيو (حزيران) 1989، ووجهت إليهم تهما تصل عقوبتها إلى الإعدام، بينها «تقويض النظام الدستوري، والانقلاب على الحكومة الديمقراطية».
وخاطبت النيابة الجنائية إدارة السجون في السودان لتسليم الرئيس المعزول عمر البشير وعدد من كبار قادة نظامه الموقوفين في سجن كوبر المركزي. وأصدرت أوامر بالقبض على الأحياء من أعضاء قيادة الانقلاب من العسكريين والمدنيين، وحظرت سفرهم إلى خارج البلاد، وبينهم قيادات بارزة في تيار الإسلام السياسي.
ووفقاً لقرار النيابة، يواجه قادة النظام السابق تهماً جنائية تتضمن «تقويض النظام الدستوري» بالوصول للسلطة عبر «انقلاب عسكري» على الحكومة الديمقراطية المنتخبة في 30 يونيو 1989.
ومن أبرز المتهمين في البلاغ البشير، ونائبه الأسبق علي عثمان محمد طه، ومساعده نافع علي نافع، والقيادي السابق النافذ عوض أحمد الجاز، إضافة إلى علي الحاج وإبراهيم السنوسي القياديين في حزب «المؤتمر الشعبي» الذي أسسه الراحل حسن الترابي.
وقالت اللجنة القانونية لتنسيقية قوى «إعلان الحرية والتغيير» في بيان، أمس، إن «النيابة واصلت إجراءات البلاغ المدون ضد مدبري الانقلاب ومنفذيه تحت إشراف وكيل النيابة أحمد النور الحلا، وخاطبت إدارة السجون رسمياً لتسليم كل المطلوبين في البلاغ من بين المسجونين». وبحسب البيان، تشمل أوامر القبض كل أعضاء «مجلس قيادة الثورة» من العسكريين والمدنيين غير المقبوض عليهم، وأن العميد يوسف عبد الفتاح أحد قادة الانقلاب «ألقي القبض عليه، وأودع السجن المركزي في كوبر».
وشغل عبد الفتاح مناصب مهمة في أيام الانقلاب الأولى، واشتهر بتعنته وتسرعه في مواجهة معارضي «الإنقاذ»، وفي عمليات تمكين الإسلاميين من السلطة، وعزل غير المبعدين، ما دفع المواطنين إلى إطلاق لقب «رامبو» عليه. وقال الناطق باسم هيئة الاتهام المحامي المعز حضرة لــ«الشرق الأوسط»، أمس، إن البلاغ بتقويض النظام الدستوري مفتوح ضد كل قادة «الجبهة الإسلامية» الذين شاركوا في الانقلاب على الحكم الديمقراطي. وأكد أن أوامر القبض صدرت ضد المتهمين المذكورين وآخرين لم يتم القبض عليهم بعد، و«النيابة أصدرت بالفعل حظر سفر لكل المشاركين في الانقلاب».
واستمعت النيابة العامة في يونيو الماضي، إلى شهادة رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي، ووزير الدفاع في الديمقراطية الثالثة اللواء فضل برمة ناصر، في البلاغ الموجه ضد الرئيس المعزول وآخرين بتهمة «الانقلاب العسكري على السلطة الشرعية». بيد أن النائب العام المعين حديثاً تاج السر الحبر، لمح في حديث سابق إلى تقاعس الشرطة في تنفيذ أوامر القبض.
واستندت النيابة إلى البلاغ الذي قدمه عدد من المحامين في مايو (أيار) الماضي ضد البشير ومخططي انقلاب يونيو 1989، باعتبار الانقلاب العسكري جريمة وفقاً للقوانين والمواثيق الدولية. وأصدر النائب العام الأسبوع الماضي قراراً بتشكيل لجنة للتحقيق والتحري في الانقلاب الذي قاده البشير، على أن تسلم اللجنة تقريرها النهائي بعد 3 أشهر من إجراء التحريات.
ومنح النائب العام لجنة التحري «صلاحيات» النيابة العامة الواردة في القوانين، وسلطة أن تستعين بمن تراه مناسباً، ووجه بتوفير الاحتياجات اللازمة لها لإنجاز مهامها.
ومن أبرز العسكريين في مجلس قيادة الانقلاب العميد الزبير محمد صالح الذي لقي مصرعه في حادث طائرة تسعينات القرن الماضي، والعميد بحري صلاح الدين كرار، والعميد إبراهيم نايل إيدام، والعميد محمد الأمين خليفة، والعميد بيو كوان من جنوب السودان.
ويحاكم البشير الذي يقبع في سجن كوبر حالياً، بتهم تتعلق بالفساد وغسل الأموال وحيازة النقد الأجنبي. ويعتبر زعيم الإسلاميين حسن الترابي الذي توفي بنوبة قلبية في مارس (آذار) 2016 المخطط والمدبر الرئيسي للانقلاب، واستعان فيه بعسكريين محسوبين على الحركة الإسلامية في الجيش والعشرات من أعضاء «الجبهة الإسلامية» من المدنيين.
من جهة أخرى، من المنتظر أن يعود رئيس الوزراء عبد الله حمدوك من العاصمة البلجيكية بعد مشاركته في اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي التي خصصت جلسة لمناقشة الأوضاع في السودان. وبحسب تقارير صحافية، أعلن أعضاء في البرلمان الأوروبي استعدادهم لدعم جهود الحكومة الانتقالية في السودان، فيما أكد حمدوك التزام حكومته سياسة خارجية متوازنة تراعي مصالح البلاد. ودعا في جلسة النقاش بالبرلمان الأوروبي مع لجنتي التنمية والعلاقات الخارجية، أمس، أعضاء الاتحاد في إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأعلنت مفوضة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية نائب رئيس المفوضية الأوروبية فيديريكا موغيريني، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع وزراء خارجية الاتحاد مع حمدوك في بروكسل، تقديم دعم إنساني للسودان قدره 55 مليون يورو.
وتعهدت موغيريني دعم الاتحاد الأوروبي للمرحلة الانتقالية في السودان على الصعيدين السياسي والاقتصادي، بينما تبادل وزراء خارجية الاتحاد وجهات النظر مع حمدوك بشأن احتياجات حكومته الانتقالية التي تتطلب دعماً. وقال حمدوك إن بلاده تتطلع لشراكة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».